يا ويلنا يوم نسأل عن الاطفال.. ماذا قدمنا لهم؟ أي حياة جعلناهم ينعمون بها.. نسأل كلنا زعماء وشعوبا. بالامس وانا انتبه الى مرور عشرة أعوام على المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في نيويورك عام 2002.. استعرضت خطاب الامين العام للأمم المتحدة في تلك الدورة، وتنبهت الى ان الباقي اربعة أعوام من العام 5102 الذي قطعه الرؤساء والزعماء وحددوا بأنه سيشهد تقدماً في حال الاطفال البؤساء على نطاق العالم.. وقارنت مما جعلني اغرق في محيطات اللوم لهذه المنظمة التي تخرج من اخفاق لتقع في اخقاق اكبر.. رددت مع نفسي في حيرة سببها ما يجري اليوم في العالم العربي وغير العربي وانشغال الكل بوجود معظم شعوب العالم الشرق اوسطي في الشارع تحت شعار واحد (الشعب يريد تغيير النظام). درجت المنظمات المنبثقة من الأممالمتحدة على ان تخصص اياماً بعينها وتكرسها للوقوف على بعض المسائل مثل يوم الطفل العالمي ويوم الطفل العربي ويوم الطفل الافريقي.. ويوم لمحاربة التدخين وآخر لتحسين البيئة.. هذه الايام التي تتحول الى اسواق كلام تمتد الى ايام في الشهر المعين وتسير الحياة سيرها الطبيعي الى ان تدور الايام دورتها ويأتي اليوم في العام القادم وهكذا دواليك. طافت بذهني هذه الخواطر.. بل واستقرت وانا اعيد قراءة خطاب الامين العام للأمم المتحدة قبل عشر سنوات الذي تحدث فيه عن شقاء الطفل في معظم انحاء العالم. الطفل الذي يعاني من كل انواع منغصات الحياة.. لا علاج ولا تعليم ولا حتى طفولة بريئة.. فكل يوم تغتال الطفولة على أعتاب الحاجة.. اطفال يعملون.. اطفال مشردون.. اطفال مقهورون.. اطفال بلا آباء.. بلا أمهات.. اطفال كهول.. كل هذا واقع امامنا.. ولكن هل تشخيص الداء يغني عن الدواء؟. نعم عقدت الأممالمتحدة دورتها الاستثنائية عام 2002 بنيويورك وقال الامين العام حديثاً جميلاً ومليئا بالتفاؤل.. وكتبت تذاكر الدواء.. وظلت هذه التذاكر أو الروشتات في الايدي فجميع الصيدليات تعاني من شُح في الدواء.. وظل العالم يحتفل بيوم الطفل العالمي والطفل العربي والطفل الافريقي.. يحتفلون وينظمون الزيارات للملاجيء والمستشفيات وتربت ايادي المسؤولين على اكتاف الاطفال في افريقيا وفي العالم العربي، ويطلبون منهم ان يناموا.. يناموا في احضان الشقاء والبؤس والفاقة والمرض والجوع حتى العام المقبل.. الطفل في افريقيا.. كل افريقيا.. الطفل طفل ضائع لا تنقصه مثل هذه المهرجانات ولا الاجتماعات الموسمية وإنما الذي ينقصه شيء آخر في يد الساسة.. ان ينظروا الى الذي يسود حياة الاطفال في بلادهم بعين انسانية، وان لا يكتفوا بالتعهد امام الدورة الاستثنائية التي لم تغير في الخارطة شيئا. أما الطفل في السودان فيا وجعي والمي على حاله فهو مثله مثل باقي اطفال افريقيا ولكن من رأى ليس كمن سمع.. أنا اسمع من خلال الراديو واقرأ من خلال المجلات والصحف عن حال الطفولة المعذبة بفعل الحروبات.. ولكن عندما ارى بعيني اتمزق.. الطفل في السودان يعاني من ويلات الحرب ومن ويلات السياسات وعندما تجتمع اسقاطات الحرب مع اسقاطات السياسات الاقتصادية يتحول واقع الطفل السوداني الى جحيم اسود.. مشهد واحد تأملوه في شوارع المدن.. اطفال يسوقون سلعاً عجيبة وهى حتماً.. لا تقيهم اودهم.. لا استطيع ان اتخيل مستقبل السودان واطفال اليوم يأكلهم الجوع والضياع والجهل.. اطفال اليوم هم رجال الغد.. قادة الغد.. كيف يكون هذا الغد كيف؟؟ هذا مع تحياتي وشكري