د. أمجد محمد منير الجنباز بحثت كثيراً عن كتاب يتحدث عن سبب الإدمان، وكيف يحدث، وكيف نتخلص منه بشكل علمي دون أن يحوي التعقيدات الطبية. وصلت في النهاية إلى كتابين غيّرا كامل نظرتي للإدمان تماماً. وبسببهما أصبحت أنظر للإدمان بشكل مختلف، كما أن هذين الكتابين أعطياني الأداة التي بإمكاني استخدامها لكي أدمن على عادة مفيدة. سألخص لكم هذا الموضوع لتتمكنوا من فهم الإدمان واستخدامه لمصلحتكم. وسأبدأ هنا بمثال بسيط جداً، لأسقط عليه مفهوم الإدمان: هل رأيت شخصاً مدخناً، تعرض لموقف مزعج، فتوقف وأشعل سيجارة؟ ما الذي حدث حتى تصرف بهذا الشكل؟ الإدمان ببساطة هو عبارة عن ثلاث خطوات في البداية يأتيك التنبيه هذا التنبيه سيبدأ السلسلة حيث إنك بمجرد أن تلاحظ هذا التنبيه فإنك ستقوم تلقائياً بدخول الروتين، وتبدأ بممارسة العادة التي اعتدت على فعلها عند حدوث هذا التنبيه. وبمجرد انتهائك من الروتين، فإنك ستحصل على مكافأة، وتشعر بالسعادة. ويجب التنويه هنا إلى أن سبب السعادة هو انطلاق هرمون في الدماغ يسمى دوبامين، حيث يشعر الإنسان بالسعادة بمجرد إفرازه. الآن لنعود للمدخن فبمجرد تعرضه لموقف مزعج (التنبيه)، فإنه سيبدأ بعمل الروتين أو الفعل الذي اعتاد عمله عندما يتعصب، وهو بأن يشعل السيجارة ويدخنها. التدخين يحوي مواد تحفز دماغ على إفراز الدوبامين (هرمون السعادة) الذي سيجعله يشعر بالسعادة. الآن سأدخل في المراحل بعمق أكثر. التنبيه هو أي إشعار أو حدث يمر عليك. فاستيقاظك من النوم تنبيه. والملل تنبيه، الحزن تنبيه، رؤية الآخرين تنبيه، وكل واحد منهم يجعلنا نبدأ ببعض الممارسات التي سجلت في دماغنا. أما الروتين فهو أفعال تلقائية، قد لا ننتبه أساساً لوجودها. فالبعض عندما يشعر بالارتباك (تنبيه) فإنه يبدأ بهز قدميه، أو الحديث بصوت مرتفع، أو غيره. وقد يكون هذا الروتين مضراً (كالتدخين عند الانزعاج)، أو قد يكون مفيداً (كالذهاب للجري عند الانزعاج). ولتغيير أي روتين، يجب الانتباه له ووضعه في الوعي. (أي أن تعي بأنك تقوم به). قد يكون الروتين هو أن تسب بكلمات بذيئة (يا ابن ال ***) ، أو أن تصرخ. أو أي شيء من هذا القبيل. وبعد فعلك لذلك، فإنك في النهاية ستحصل على المكافأة وهي الشعور الداخلي بالسعادة بسبب إفراز هرمون الدوبامين في الدماغ. المخدرات تحفز إفراز هذا الهرمون، وهذا سبب النشوة التي يشعر بها المدمن عندما يتناول المخدرات، لأنها تحفز إطلاق الهرمون بكميات كبيرة جداً وأكثر من الطبيعي. لكن المخدرات ليست من يطلق هذا الهرمون فقط. فأي فعل تسعد به يساعد بإطلاق الهرمون بنسب معينة. الرياضة بشكل خاص تحفز على إفراز الكثير من هذه المادة. من الأشياء التي تشعرنا بالسعادة أيضاً، الإحساس بالانتهاء. هل فكرت لماذا قد تجلس لساعات وأنت تأكل البزر (الحب) حتى تنهيه؟ هل فكرت لماذا قد تقلب لساعات في يوتيوب دون هدف حتى تنهي المقاطع؟ وهناك الكثير والكثير من الحالات التي تشعرنا بالسعادة. وبالتالي وبكل بساطة، لكي تنهي إدمانك على عادة معينة، فكل ما عليك فعله، هو 1- أن تتخلص من التنبيه وهذا غير ممكن في معظم الحالات، فقد يكون التنبيه هو العصبية، ويستحيل أن نصل لمرحلة بلا عصبية. 2- أن تجد روتيناً جديداً عندما تتعرض للتنبيه كأن تذهب للرياضة عندما تتعصب. أو أن تستخدم دعوات لطيفة (الله يهديك) بدلاً من المسبات (يا ابن ال****). وأما عندما تريد أن تدمن على عادة صحية مفيدة، فكل ما عليك هو ما يلي: 1- أن تجد تنبيهاً ملائماً يجب أن تبحث عن تنبيه ينبهك للقيام بالعادة الجديدة. فإن كنت تحب أن تذهب للجيم (النادي الرياضي)، عليك أن تحدد وقتاً ثابتاً مربوطاً بتنبيه لتذهب إليه. كأن تذهب للجيم بعد انتهاء الدوام فوراً (أثبتت الأبحاث أن الأشخاص الذين يذهبون للجيم بعد الدوام يستمرون عليه أكثر من غيرهم). هنا يكون انتهاء الدوام هو المنبه. بإمكانك أن تذهب للجيم يومياً بعد صلاة العشاء، وهنا تكون صلاة العشاء هي المنبه، وفي هذه الحالة فإن جسمك مع الوقت سيذكرك بالجيم بعد الصلاة. 2- أن تحدد الروتين والأفعال المناسبة التي تريدها. كالرياضة، الأكل الصحي، أو غيرها من الأفعال التي تريدها 3- المكافأة يجب أن تجد مكافأة لنفسك عند أداء هذا الروتين فبالرغم من أن الرياضة ستجعلك تشعر بالسعادة بسبب تحفيزها لهرمون الدوبامين، إلا أن هذا لن تشعر به إلا بعد مراحل متقدمة. أما في البداية فانزعاجك من التمارين سيغطي تلك السعادة. وهنا عليك أن تكافئ نفسك. كأن تتناول وجبة لذيذة بعد التمارين. أو تسمح لنفسك بأن تشاهد يوتيوب دون تأنيب ضمير أو غيرها. هذه الحلقة على بساطتها، إلا أنها تفسر كثيراً الإدمان الذي نصاب به. كما أنها تفسر كيف سنتمكن من إدمان عادة جديدة. مصدر نموذج الإدمان، هو كتاب: The Power of Habit – Charles Duhigg