اشكال التعامل مع النبى صلى الله عليه وسلم ليس فقط فى تصور ((غير المسلمين)) له وانما ايضا وبشكل اكبر فى تصور ((المسلمين)) انفسهم للنبي فهم يظنون ان هذا النبى الاكرم هو ((رسول المسلمين)) وبذلك هو ((حقهم)) هم فقط وليس للاخرين اى ((حق)) فى هذا النبي. مع انه هو نفسه قد بين مداه الممتد للبشرية جميعا من خلال البعث الالهى له ((قل يا ايها الناس انى رسول الله اليكم جميعا)) ثم يطلب بعد ذلك الايمان به ((الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)). فمن يؤمن به ويتبعه يهتدى ومن لا يؤمن به ولا يتبعه يضل. اذن فى الاصل هو نبي ((انا)) ونبيك انت ونبى جميع المسلمين وكذلك نبي ((جميع الذين لا يخضعون للايمان به ولا برسالته)). فانت امنت به واصبحت مسلما مؤمنا بهذا الدين الذى جاء به .. والاخر لم يؤمن به ولم يخضع لهذا الدين الذى جاء به. فالرسول عليه السلام ليس (احتكارا)) خاصا للمسلمين … والاسلام نفسه ليس دينا محتكرا للمسلمي. وانما هو ((رسول لكل الناس)) فمن يسيئ لهذا الرسول الكريم لا يسيئ ((لرسولى انا)) ولا لرسول المسلمين فحسب وانما ايضا يسيئ ((لرسوله هو)) ومن لا يرتضى هذا الاسلام لا يرفض دينى انا وانما يرفض الدين ((المفترض عليه ان يتبعه)). لذلك حالات التشنج التى تعترى المسلمين عند ادنى اساءة للنبى تتولد من هذا الفهم القاصر المحتكر للنبي بوصفه نبيا ((خاصا)) ولذا يصرخون ((يسيئون لنبينا)) بينما الاصل انهم يسيئون ((لنبيهم هم ويكفرون به)). وفى ذات الاتجاه لنا ان نوقره طالما امنا به ولهم ان لا يوقروه ولا يحترموه وان يسخروا منه طالما ((لم يؤمنوا به)) ومن حقهم ان يرسموا اى صورة كاريكاتورية خيالية لفظية او ورقية مكتوبة ((هو اذن)) ((ابتر)) (يأكل الطعام ويمشى فى الاسواق)) ((ساحر كذاب)) ولا يستوجب ذلك قتلا او تفجيرا وتدمير وانما ابانة قولا بقول وفهما بفهم. وفى هذا الصدد المطلوب منا ليس الدفاع عن ((نبينا)) وانما توضيح حقيقة ((النبوة)) كما هى للناس اجمعين حقيقة البعد الانسانى الضخم فى هذه الرسالة ومدى الرحمة التى تحملها ومدى قبولها بالحريات للاخرين لابعد مدى ولا عدوان فيه الا على ((الظالمين)) الذين يعتدون ((عينا وفعلا)) على الاخرين. نحتاج ان نخرج النبى من هذا الحصار المفاهيمى الذى ضربناه حوله ومن خلاله اصبح الارتباط لازما بين النبي وبين ((المسلمين فى واقعهم الكالح المخزى والمتردى)) حتى اصبح من الطبيعى الربط بين الرسول وبين الاسلام والواقع المتخلف كأن اتباع النبى والاسلام هو الذى انتج هذا البؤس. وهذا ليس صحيح اصلا .. لان حتى المسلمين ((كمسمى)) لا يتبعون حقيقة النبى ولا يعون رسالته ولا يعون دينهم وانما يتبعون ((التصورات الذهنية)) السيئة والمتخلفة للاسلام والنبي عليه السلام . علينا ابراز الاسلام كما هو دين الجمال وابراز النبى كما هو نبي الجمال والقيم الراقية والزينة ((عند كل مسجد)) ((لتركبوها وزينه)) ولكم فيها ((جمال)) البحث عن دين الوعى والبصيره ((الطير فى جوف السماء والفلك مواخر فى البحر والشمس تجرى لمستقر لها .. والقمر قدره منازل وعودته كالعرجون القديم)) دين الانتاج والعمل ((النحل ودأبها لانتاج العسل والسكنى فى الجبال والشجر وما يعرشون)) والنبات فى احواله .. والحصاد والتخزين ((سبع سنين دأبا)) والتجارة والرزق والاسرة والتراحم والابوة والبنوة والحدب والحنو والاهتمام والسلام والانسانية والمواثيق والعهود .. دين لا يقاتل الاخر الا اضطرارا ودفاع .. لا يعتدى ولا يقاتل صاحب رأى وانما يدافع عن ((المستضعفين)) ايا كان هؤلاء المستضعفي. ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فقط عليه ان يكف يديه عن ((حرمات الاخر)) عينا وله ان يصور الله كما يشاء فهذا ((الهه)) الذى رفض ان يعبده وان يخضع له … وله ان يصور النبي كما يشاء فهذا ((نبيه)) الذى رفض ان يؤمن به. ولكن قبل ان يكفر او يستهزأ علينا ان نبين له عظمة هذا النبي .. علينا ان نبين له ((لطف النبى ورقة النبى و رقى النبى)) وليس ((جهلنا وتخلفنا)) وعنفنا الذى يظنونه من ((النبي)).