بنك السودان وفساد بعض البنوك محجوب عروة ان أكبر مشكلة تواجه البنوك في السودان والتي يبلغ عددها حوالي سبعة وثلاثين بنكا تجاريا هي ضعف رؤوس أموالها كما ذكرت سابقا حيث قلت أن مجموع رؤوس أموالها اثنين مليار دولار ولكن صححني أحد أصدقائي بأنها أقل من ذلك فهي في حدود مليار وثمانمائة مليون دولار فقط.. وهذا لعمري حجم متواضع جدا ورغم ذلك فتذهب منها نسبة غير قليلة لعمليات السوق المفتوحة عبر الشهادات التي تصدرها وزارة المالية مثل شهامة وغيرها أو التي يصدرها البنك المركزي مثل صرح وغيرها والمشكلة أن أموال تلك الشهادات لا تذهب للتنمية بل للانفاق على الحسابات الجارية وتغطية العجز وفي كثير من الأحيان لا ترجع تلك الأموال كما ينبغي حسب الموعد المحدد الأمر الذي يضعف تمويل الاستثمارات للقطاع الخاص الذي يفترض أن يساهم في التنمية الاقتصادية والأسوأ من ذلك غالبا ما يكون التمويل قصير الأجل نسبة لضعف رؤوس أموال البنوك وضعف المدخرات والودائع التي في حدود تسعة مليار دولار فقط في حين يتهامس العليمون ببواطن أمور الاقتصاد أن مايملكه قطاع من أهل المال في السوق الموازي داخل البلاد يقارب ودائع تلك البنوك جميعا بل هي أكبر من احتياطي البنك المركزى نفسه، أما ما يملكه السودانيون في الخارج سواء كانوا مغتربين أو رجال أعمال أو أشخاص عاديين باعوا كل أو جل أو بعض عقاراتهم وحولوها للخارج أو (بعض الذين هبروا من المال العام عبر النهب المصلح وضعوها في بنوك خليجية أو ماليزيا) في شكل أموال سائلة بالعملات الحرة نقدا أو في شكل أصول أو استثمارات لا تقل عن خمسين مليار دولار كما أخبرني وزير مالية سابق يعمل حاليا في أحد المؤسسات المالية التابعة للأمم المتحدة.. والأسوأ أن بنك السودان يحتجز ما لايقل عن اثنين مليار دولار تخص عددا من البنوك السودانية وهي في معظم الحالات هي أموال مودعين فيما يطلق عليه الدولار الحسابي) اسم الدلع للدولار الفطيس) يتعذر أن تلتزم بسدادها البنوك لأصحابها بنفس العملة الحرة التي أودعوها إلا في حدود ضيقة جدا أو بعلاقات خاصة اللهم إلا اذا رغبوا فيها بالعملة السودانية وبالسعر الرسمي وذلك أمر لا يقبله المودع بالطبع حيث سعر السوق ضعف ذلك تقريبا كما يعلم الجميع. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هناك الفساد الذى ضرب بعض البنوك ويعجز بنك السودان عن مواجهتها بالحزم اللازم مثل أحد البنوك الشهيرة يتاهمس كثيرون بل فاح فساده (وذاع وعم القرى والحضر) اذ يتحدثون عن تحكم رئيس مجلس ادراة لبنك شهير جدا يتحكم في ادارة البنك لدرجة أن البنك يواجه مشاكل في عملات حرة بحجم كبير تتبع لجهات معروفة وحساسة ولا يحق له التعامل فيها فهل يدرك بنك السودان ذلك ويحقق فيها بالشفافية الكاملة أم يصمت حتى تقع الكارثة في ذلك البنك؟ هذا على سبيل المثال لا الحصر. أما الحديث عن تعثر شخصيات كبيرة أخذت تمويلات بالمليارت لاتساءل فحدث ولا حرج في حين يقبض على صغار المتمولين ببضعة آلاف من الجنيهات. لقد طفح الكيل في مثل هذه البنوك، وحتى لا نغمط البنوك الأخرى فهناك بنوك اداراتها في غاية الانضباط والمهنية والشفافية.. ولعل هذاه الواقعة مع ذلك البنك المشهور –وهناك بنوك أخرى– تكشف تدخل أعضاء مجالس الادارة لهم مصالح في أعمال الادارات التنفيذية للبنوك الأمر الذي لا يخول لها ذلك مما يجعل الفساد يستشري ويضعف دورها.. ان أسوأ شيء في النظام المصرفي ان تهتز ثقة الجمهور فيه فتلك الطامة الكبرى..