مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لجنة الدفاع عن القسيسين تستأنف الحكم بإدانتهما
نشر في حريات يوم 05 - 01 - 2016

قامت لجنة الدفاع عن القسيسين اللذين اتهما بالتجسس العام الماضي بتقديم طعن ضد قرار محكمة الاستئناف بإدانتهما وإيداع الطعن لدى المحكمة العليا أمس الاثنين.
وقال رئيس لجنة الدفاع الأستاذ عثمان المبارك المحامي ل(حريات) في اتصال هاتفي صباح اليوم إن جهاز الأمن كان قد استأنف ضد الحكم الذي صدر بإدانة القسيسَيْن تحت طائلة المادة (65) من القانون الجنائي لسنة 1991م مع إدانة أحدهما بالمادة (69) من ذات القانون مكتفية بالمدة التي قضياها بالحبس وبرأتهما من التهم العديدة الموجهة إليهما إضافة لتلك المادتين. وأن محكمة الاستئناف ألغت قرار المحكمة ببراءة المتهمين وقال إنه انعقدت أربع جلسات في الآونة الأخيرة تم فيها صدور أوامر قبض بحق القسيسين.
ولدى سؤال (حريات) حول مكان وجودهما أكد مبارك أنهما خارج البلاد فقد سافرا بعد صدور الحكم ببراءتهما ولكنه استدرك قائلاً: (نحن يهمنا في المقام الأول نقض هذا القرار وتأكيد براءتهما، فعلاوة على أن هناك اتفاقيات بتسليم المجرمين دولياً، يهمنا إثبات أن البينة التي استندت عليها محكمة الاستنئناف بينة غير مقبولة فلم تؤخذ تحت رقابة الشرطة بل تحت إشراف الشاكي وهو جهاز الأمن، ولا ينبغي أن يؤخذ بها لدى القضاء فهذا مناقض لحقوق الإنسان المثبتة دستورياً)، وقال مبارك إن لجنة الدفاع التي تتكون علاوة على شخصه من كل من الأساتذة مهند النور، ثابت الزبير، أحمد صبير، وسمير مكين لا تحضر جلسات الاستئناف ولكنهم علموا أن أوامر قبض بحق القسيسين تصدر إثر كل جلسة، كما قال إن الطعن المقدم من قبلهم لن يتم نظره في جلسات، قائلاً: (لن يكون هناك ظهور للجنة الدفاع في جلسة وهذا الطعن سوف تنظره دائرة في المحكمة العليا) وتوقع مبارك أن يخرج قرار المحكمة العليا بعد فترة قد تبلغ الشهرين.
نص مذكرة الطعن أدناه:
لدى المحكمة القومية العليا – الدائرة الجنائية
محاكمة: يات مايكل دوت قوك وآخر ضد جهاز الأمن والمخابرات الوطني
م أ/ ا س ج/ 535/2015م تعازير
دعوى جنائية رقم: 41/2015م
الموضوع: مذكرة طعن بالنقض
السادة/ رئيس وأعضاء الدائرة الجنائية
الموقرون،،،،،،،،،،
بوافر التقدير والإحترام، ونيابة عن الطاعنَيْن أعلاه، نتقدم لسيادتكم بمذكرة طعن بالنقض ضد قرار محكمة الاستئناف بحري وشرق النيل القاضي بإلغاء قرار محكمة الموضوع بشأن براءة الطاعنين وإعادة النظر فيها وفق ما جاء بالمذكرة، ونورد مذكرة الطعن على النحو التالي:
أولاً: من حيث الشكل
صدر قرار محكمة الإستئناف بحري وشرق النيل بتاريخ 8/10/2015م ، واستلمنا صورة من القرار بتاريخ 21/12/2015م. ونتقدم لسيادتكم بهذا الطعن بتاريخ 4/1/2016م داخل القيد الزمني المقرر بموجب قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، عليه نلتمس قبوله شكلاً.
ثانياً: ملخص الوقائع
وجيز الوقائع أن المطعون ضده، جهاز الأمن والمخابرات الوطني، إعتقل الطاعن الأول بتاريخ 14/12/2014م من داخل كنيسة بحري الإنجيلية عقب أدائه للوعظ الديني للمصلين. وبتاريخ 11/1/2015م تم إعتقال الطاعن الثاني لإتهامه بالمشاركة فيما أُتهم به الطاعن الأول من جرائم. وبتاريخ 22/2/2015م قام الشاكي، جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بإحالة المعتقلَيْن إلى نيابة أمن الدولة، حيث تم فتحت دعوى جنائية في مواجهة المعتقَلَين تحت طائلة المواد 21 (الإشتراك تنفيذاً لإتفاق جنائي)، 50 (تقويض النظام الدستوري)، 53 (التجسس)، 55 ( إفشاء أو إستلام معلومات أو مستندات رسمية)، 64 (إثارة الكراهية ضد الطوائف أو بينها) و69 (الإخلال بالسلام العام)، 125 (إهانة العقائد الدينية) من القانون الجنائي لسنة 1991م. بعد إكتمال التحرى لدى نيابة أمن الدولة أُحيل المتهمان للمحكمة حيث استمعت المحكمة لأقوال المتحري والمبلغ وثلاثة من شهود الإتهام، أحدهم خبير أمني. وبعد استجواب المتهمين وجهت لهما المحكمة جميع التهم المذكورة باستثناء المادة 55، كما أضافت اليها تهمة أخرى تحت المادة 25 ( التحريض)، وأنكرها الدفاع إنكاراً مطلقاً ثم قدم شاهدي خبرة أحدهما خبير كمبيوتر وشبكات والآخر خبير عسكري. بعد قفل قضيتي الإتهام والدفاع، أصدرت محكمة الموضوع قرارها بإدانة المتهمَين تحت طائلة المادة (65) من القانون الجنائي لسنة 1991م كما أدانت المتهم الأول تحت طائلة المادة (69) من ذات القانون واكتفت المحكمة بالمدة التي قضياها بالحبس وبرأتهما من بقية التهم الموجهة إليهما. لم يرضَ الشاكي بهذا الحكم فتقدم بطعن عن طريق الإستئناف أمام محكمة الإستئناف بحري وشرق النيل التي أصدرت قرارها بإلغاء قرارات محكمة الموضوع بشأن براءة المتهمين وإعادة النظر فيها وفق ما جاء بالمذكرة. ومن ثم نتقدم لسيادتكم بهذا الطعن بالنقض.
وقبل الخوض في في مذكرة الطعن، نود أن نشيد بالجهد المقدر الذي بذلته محكمة الموضوع من خلال إتاحة الفرصة للطرفين لتقديم قضيتهما على قدم المساواة، والتحليل العميق للبينات التي قدمها طرفا الدعوى الجنائية والتسبيب الجيد والاستشهاد بالإرث القضائي في هذا الصدد.
ثالثاً: أسباب الطعن
يرتكز هذا الطعن على سبب واحد فقط، وهو مدى مقبولية البينة المتحصل عليها بموجب قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطنى لسنة 2010م بعيداً عن إشراف النيابة والقضاء. ونرى – مع أكيد الإحترام والتقدير – أن محكمة الموضوع قد أصابت حين استبعدت مجمل البينات التي تم تحصيلها بعيداً عن إشراف النيابة والقضاء، وننعى على حكم محكمة الإستئناف التعويل على هذا النوع من البينات كأساس لإدانة المتهمَيْن.
وقبل الخوض في تفاصيل هذا الطعن، نود أن نؤكد تمسكنا بأن ما قدمه الدفاع من بينات أقوى وأكثر تماسكاً من تلك التي قدمها الدفاع، وأن بينات الإتهام – برأينا – لا ترقى لإدانة المتهمَيْن. ولكننا نعلم يقيناً ألا مجال لمناقشة وزن البينة في هذه المرحلة من مراحل التقاضي، وبالتالي فإن طعننا في قرار محكمة الإستئناف بقبولها لبينة الإتهام على علاتها، لا يعنى تسليمنا بقوتها أوصحتها.
تقديم
يعمل جهاز الأمن والمخابرات الوطنى وفقاً لصلاحيات وسلطات واسعة منحها إياه قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني لسنة 2010م لدوافع سياسية في المقام الأول. وقد ظل جهاز الأمن والمخابرات الوطني يستخدم هذه الصلاحيات والسلطات على نطاق واسع، كما هو الحال في هذه القضية التي بين يدي عدالتكم. أمّا وقد تنازل المطعون ضده عن هذه الصلاحيات الواسعة وقدِم إلى ساحة القضاء، واضعاً نفسه على إحدى كفتي ميزان العدالة ومتجرداً من كل الصلاحيات والسلطات التي أوتيها، فلا بد لنا، ونحن نوازيه على كفة الميزان الأخرى، من أن نرمي بسهامنا صوب تلك الصلاحيات والسلطات التي سبق أن استخدمها الشاكي (المطعون ضده) في مواجهة موكلَيْنا قبل أن ترى القضية النور أمام النيابة والمحكمة. وقد جرت المحاكمة،برأينا، وفق الإجراءات التي رسمها القانون، غير أن ما سبقها من إجراءات اتخذها الشاكي (المطعون ضده) في مواجهة المتهمين تمثلت في الإعتقال لفترة طويلة من الزمن وما تلا ذلك من إجراءات ضبط وتفتيش وتحريز بالمخالفة لقواعد الإجراءات التي حددها المشرع، إنما هي إجراءات مخالفة للدستور والقانون وثؤثر بالضرورة على حق المتهمين في التوفر على محاكمة عادلة، إذ أن جميع البينات التي قدمها الشاكي (المطعون ضده)، والتي استندت عليها محكمة الإستئناف في قرارها موضوع الطعن، تم تحصيلها خلال الفترة التي كان فيها المتهمان في مكان مجهول حبسهما فيه جهاز الأمن والمخابرات الوطنى وبعيدَيْن عن رقابة الشرطة والنيابة والقاضي والقاضي الأعلى ورئيس الجهاز القضائي طبقاً لأحكام المادة 79 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م كما هو معلوم لعدالتكم.
وأن المشرع حين وضع المتهم تحت إشراف الشرطة ثم النيابة ثم القضاء ممثلاً في أعلى سلطة قضائية بعد إنقضاء أجل محدد في كل مرحلة، إنما قصد صيانة حق المتهم الدستوري في التوفر على محاكمة عادلة، وأن تكون جميع البينات التي يتم تقديمها في مواجهته قد حُصّلت تحت رقابة الشرطة والنيابة والقضاء. وبالتالي فإننا نرى أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني حين حصل على البينات موضوع هذه الدعوى، لم يتقيد بأي من الإجراءات حددها قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، ونلتمس من عدالتكم إلغاء قرار محكمة الإستئناف الذي أضفى قدراً من المشروعية على هذا النوع من البينات. ونحن إذ نلتمس من محكمتكم الموقرة إلغاء حكم محكمة الإستئناف، فإننا لا نسند إلتماسنا على أن هذه البينات قد تم تحصيلها بإجراء غير صحيح وحسب، بل نرى أنها من قبيل البينة المردودة لمخالفتها للشريعة الإسلامية والدستور والنظام العام.
وتفصيل ذلك على النحو التالي:
1/ قام الشاكي بإعتقال المتهمين في تاريخين مختلفين، وضبط أجهزة تخصهما عبارة عن ثلاثة حواسيب محمولة بوصلاتهما الكهربائية وعدد ثلاثة أجهزة "كونيكت" وذاكرة خارجية ماركة "سامسونغ" وثلاثة هواتف محمولة ماركة "آي باد و آي فون" وذاكرتين (فلاشين) وثلاثة دفاتر صكوك مصرفية وحقيبة واحدة، بالاضافة لعدد من المستندات الخاصة بالمتهمَيْن، وقدّم الشاكي بعض هذه المضبوطات كمعروضات إتهام وإحتفظ بأجهزة ال"كونكت" والوصلات الكهربائية والذواكر ودفاتر الشيكات و المستندات والحقيبة في حيازته دون تقديمها للمحكمة، مما يعني أنها أضحت في حرزٍ حريز، ينتهي المطاف بمن يطلبها من أصحابها إلى ما ينتهي إليه مقتفي الأثر عند حافة النهر، هذا، ما لم يتكرم جهاز الأمن والمخابرات الوطني من تلقاء ذاته بتسليمها للمتهمَيْن خارج رواق المحكمة. ووفقاً لأقوال شاهد الإتهام الأول، وهو رئيس شعبة أمن المجتمع بجهاز الأمن والمخابرات الوطني، أنه قام شخصياً بتفتيش أجهزة اللابتوب الخاصة بالمتهم الأول والثاني بدون إذن من النيابة أو المحكمة وبدون حضور شاهدَيْن محايدَيْن من المدنيين، ودون تحريز وفقاً للضوابط القانونية. وأرسلت النيابة بعد ثلاثة أشهر ونيف، هذين الجهازين للمعامل الجنائية، حيث تم وضع الملفات معروض الإتهام في قرص مدمج. وقد أودعت المعامل الجنائية ملفات منتقاة بعناية داخل القرص المدمج دون أن يتم إدخال جميع الملفات الموجودة بأجهزة الحواسيب المحمولة في القرص المدمج خلافاً لما جرى عليه عمل المعامل الجنائية . وفي تقديرنا المتواضع، أن هذا الإجراء لا يخلو من حالين، فإما أن المعامل الجنائية قد تفحصت محتويات الأجهزة وإنتقت منها ما أودعته في القرص المدمج معروض الإتهام، الأمر الذي يضعها موضع المتحري، أو أنها أودعت الملفات التي أملاها عليها الشاكي، وهو ما يضعها موضع الشاكي، وفي كلا الحالين، في تقديرنا، هي بينة مردودة. ولتكييف بينة الإتهام والإجراءات التي اتبعها الشاكي تكييفاً قانونياً، لا بد لنا من التعرض لنصوص قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م وقانون الإثبات لسنة 1994م، حيث تنص المادة 69 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م على أن يكون أمر القبض مكتوباً ويوقع عليه وكيل النيابة أو القاضي. كما نص القانون على أن يتم تنفيذ أمر القبض بواسطة الشرطة. وبالتالي لا مكان لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ولا لرجل الأمن في قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م. كما نصت المواد من 86 إلى 95 من ذات القانون على الضوابط التي تحكم تفتيش الأشخاص والأماكن ومنها أن يصدر أمر التفتيش من قاضٍ أو وكيل نيابة وأن يكون أمر التفتيش موقعاً بواسطة القاضي أو وكيل النيابة بحسب الحال. وأن يتم التفتيش بواسطة الشرطة وفي حضور الشخص المعني واثنين من المدنيين من أقارب المتهم أو المقيمين معه أو الجيران وغير ذلك من الإجراءات. والثابت بالمحضر أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني لم يتبع أياً من هذه الإجراءات، مما يجعل البينة التي تمخضت عن هذا التفتيش بينة باطلة لمخالفتها للدستور والقانون وقواعد العدالة والإجراءات السليمة، وبالتالي ينطبق عليها نص المادة التاسعة من قانون الإثبات لسنة 1994م والتي تقرأ على النحو التالي: (… تعتبر البينة مردودة في أي من الحالات الآتية: أ/ البينة التي تنتهك مبادئ الشريعة الإسلامية أو القانون أو النظام العام…). وقد قضت المحكمة العليا في سابقة حكومة السودان //ضد// حسين عبد اللطيف (مجلة الأحكام القضائية 1986م صفحة 209) بأن: (قيام الشرطي بتفتيش منزل المتهم دون إحضار شاهدين موثوق بهما ودون أن ينص الأمر الصادر من القاضي على خلاف ذلك يعتبر إجراءً باطلاً لمخالفته أحكام المادة 73 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يجوز أن تعتبر بينة الشرطة غير مقبولة في الإثبات. وأن مخالفة الشرطة للمادة 73 من قانون الإجراءات يصطدم مع نص المادة 12 من قانون الإثبات والتي تنص على جواز رفض البينة المقبولة متى رأت أن قبول تلك البينة ينتهك مبادئ الشريعة الإسلامية أو العدالة أو النظام العام). ولا يَعْزِبَنَّ عن بالنا أن القضية التي بين يدي عدالتكم تم فيها التفتيش بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني وليس الشرطة، مما يزيد الأمر إزوراراً. كما قضت محكمة الاستئناف العليا في سابقة: حكومة السودان //ضد// بابكر محمد بابكر، مجلة الأحكام القضائية (1967م) صفحة 15 بأنه: (عندما تكون الجريمة تحت طائلة قانون العقوبات يجب أن يكون التفتيش على ضوء قانون الإجراءات الجنائية، وأن التفتيش الذي تم بواسطة موظفي الصحة العامة دون مراعاة لنصوص قانون الإجراءات الجنائية هو تفتيش غير قانوني وغير ذي أثر في الإجراءات المقامة أمام المحكمة).
2/ قام جهاز الأمن والمخابرات الوطني بإعتقال المتهمَيْن (الطاعنين) وتفتيش أجهزتهما في البدء، ثم قام، لاحقاً، بفتح الدعوى الجنائية في مواجهتهما بعد ثلاثة أشهر ونيف، وهذا ما يجعل البينة المتحصل عليها، في تقديرنا، باطلة وفي حكم العدم، إذ أن المتهمين قد ظلا محبوسين في مكان مجهول وخارج إشراف ورقابة النيابة والقضاء. وقد قضت محكمة الاستئناف في سابقة: حكومة السودان //ضد// أوهاج حسين محمد (مجلة الأحكام القضائية 1974 صفحة 144) بأن: (أمر التفتيش تحت المادة 71 إجراءات جنائية يتطلب أن يُقدم بلاغ ثم يصدر أمر، أما يصدر الأمر ويوقع وينفذ ثم يفتح البلاغ بعد ذلك فهو إجراء غير سليم. وأن التفتيش مسألة كبيرة وخطيرة وتمس حرمات الناس وطمأنينتهم، وعبارة "أي شيئ مخالف للقانون" والتي لا توضح ما يراد التفتيش عنه تعطي البوليس – إن أراد – فرصة ليعثر ويطلع على ما يحرص بعض الناس على سريته، وفي ذلك إنتهاك للخصوصية التي يحرص القانون على حمايتها كجزء من الحرية الشخصية). وكذلك قضت محكمة الاستئناف في سابقة: حكومة السودان //ضد// إبراهيم عيسى أحمد وآخر، مجلة الأحكام القضائية 1981م صفحة 146 بأن التفتيش بدون أمر تفتيش صادر من قاضٍ أو محكمة يعتبر باطلاً وكل ما يترتب على ذلك باطل حتى لو أدى التفتيش إلى إكتشاف جريمة. وأن من أبسط القواعد الأصولية المستقرة فقهاً وقانوناً أن من يطلب من الناس الإلتزام بالقانون وحدوده وضوابطه لحماية المجتمع وقيمه ومثله لا بد أن يكون في المقام الأول ملتزماً بحدود القانون وضوابطه. ولا مجال لمخالفة الضوابط التي نص عليها القانون لأن قصد المشرع هو عدم فتح أي مجال للتحايل عليها).
السادة/ رئيس وأعضاء الدائرة الموقرون
نحن إذ نلتمس من عدالتكم طرح البينات التي قدمها جهاز الأمن والمخابرات الوطني في مواجهة الطاعنَيْن لمخالفتها لصحيح الإجراءات، وإذ نستنكر على الشاكي إعتقال المتهمَيْن لفترة طويلة من الزمن بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية ودستور السوان لسنة 2005م، فإننا لا نتعامى عن السلطة التي منحها قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني لسنة 2010م للشاكي، ولا نتعامى كذلك عن الإزدواجية التي خلقها هذا القانون لكونه يسري بالتوازي مع قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م حتى أضحى أي شخص معرضاً لإجراءات الضبط تارةً بواسطة الشرطة وطوراً بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني. بيد أننا نلتمس من محكمتكم الموقرة القضاء في هذه الطعن طبقاً لأحكام دستور السودان لسنة 2005م.
فنحن نرى، مع أكيد الاحترام، أن المحاكم ملزمة بتطبيق نصوص الدستور، من بعض الجوانب، وأن الأمر ليس حكراً على المحكمة الدستورية، غَيْر أننا لا نلتمس من عدالتكم إرتداء عباءة المحكمة الدستورية وإعلان عدم دستورية قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني لسنة 2010م، بل نلتمس عدم تطبيق أي نص قانوني يتعارض مع نصوص الدستور عموماً ووثيقة الحقوق على وجه الخصوص. وهادينا إلى هذا الإلتماس نص المادة 6/2 من قانون تفسير القوانين لسنة لسنة 1974م والتي تقرأ كالآتي: (إذا تعارض أي نص في أي قانون مع أي حكم من أحكام الدستور، تسود أحكام الدستور بالقدر الذي يزيل ذلك التعارض) كما تنص الفقرة الثالثة من ذات المادة علي أن: (تسود أحكام القانون اللاحق علي القانون السابق بالقدر الذي يزيل التعارض بينهما). ففي تقديرنا أن المعني بتطبيق هذه النصوص هي المحاكم العادية (بخلاف المحكمة الدستورية)، لأن المحكمة الدستورية، بحكم وظيفتها التي حددها الدستور وقانونها الخاص، لا تتقيد بأي قانون آخر متى تعارض هذا القانون مع الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان. بمعنى آخر، فإن المشرع عندما وضع نص المادة السادسة من قانون تفسير القوانين لسنة 1974م، قصد أن يتم تطبيقها بواسطة المحاكم العادية.
كما أن الدستور نفسه قد نص في المادة 48 منه علي أنه لا يجوز الإنتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها في وثيقة الحقوق ، وأن تصون المحكمة الدستورية و المحاكم المختصة الأخرى هذه الوثيقة وتطبقها. وببسيط العبارة فإننا نرى أن المحاكم الأخرى ملزمة بتطبيق نصوص الدستور متى تعارضت نصوص القانون مع الدستور. وقد قضت المحكمة العليا في سابقة حكومة السودان //ضد// م. ر. م. (مجلة الأحكام لقضائية لسنة 2007م صف141حة) بأن: (الدستور يعلو على القانون ويتعين إتباعه). وعلى الرغم من إختلاف وقائع هذه السابقة عن وقائع الطعن الذي بين يدي عدالتكم، إلا أن قرار المحكمة العليا بوجوب تطبيق نص المادة 156 من الدستور الإنتقالي لسنة 2005م، وأن نصوص الدستور يعلو على القانون، يدعم رأينا الذي ذهبنا إليه في هذه النقطة.
وتأسيساً على ما تقدم، فإننا نرى أن قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م وضع الضوابط اللازمة لحماية المتهم في المقام الأول من لحظة القبض عليه وإنتهاءً بمحاكمته، بخلاف قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني لسنة 2010م الذي يمنح أعضاءه سلطات تتعارض في المقام الأول مع وثيقة الحقوق التي نص عليها دستور السودان. وبالنظر إلى وقائع هذه الدعوى، فهناك حلقة مظلمة في الإجراءات بدأت من تاريخ 14/12/2014م وإنتهت بتاريخ 1/3/2015م وهو تاريخ إحالة المتهمَيْن من المعتقل لحراسة النيابة ثم المحكمة. فالفترة التي قضاها المتهمان في المعتقل لم تظهر أثناء المحاكمة، وتبين ذلك من خلال أسئلة الدفاع للمتحري الذي ما انفك يردد أنه يجب ألّا يُسأل عن المرحلة التي سبقت فتح البلاغ، إذ تقتصر معرفته فقط على ما بعد إحالة المتهمَيْن من معتقل جهاز الأمن إلى حراسة الشرطة.
وطبقاً للإجراءات التي حددها القانون، تنشئ الشرطة ملفاً لكل متهم اصطلح عليه القانون مسمى "محضر التحري"، يوضح كل ما تم من إجراءات بتاريخها وساعتها، ويودع هذا الملف في محضر المحكمة عند بدء إجراءات المحاكمة. أما تلك الفترة التي يقضيها المعتقل في معتقله، فليس لها ملف ولا محضر، وإن كان ثمة ملف لدى جهاز الأمن والمخابرات الوطني فإنه لا يُقدم للمحكمة مثله مثل محضر التحري، لتظل هذه المرحلة المعتمة من مراحل الإجراءات سهماً مغروساً في خاصرة المحاكمة العادلة التي نصت عليها المادة 34 من دستور السودان لسنة 2005م. عليه، فإننا نجدد إلتماسنا لسيادتكم بتغليب نصوص الدستور على القانون، وإلغاء قرار محكمة الإستئناف الذي أضفى مشروعية ومقبولية على هذا النوع من البينات.
وختاماً ، نلتمس من سيادتكم إلغاء قرار محكمة الإستئناف بحري وشرق النيل، وإعلان براءة الطاعنين.
وتفضلوا بقبول وافر الإحترام والتقدير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.