ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص كلمة رئيس المؤتمر السوداني عمر يوسف الدقير في الجلسة الختامية للمؤتمر العام للحزب
نشر في حريات يوم 17 - 01 - 2016


حزب المؤتمر السوداني
كلمة رئيس الحزب م. عمر يوسف الدقير
في الجلسة الختامية للمؤتمر العام الخامس
16 يناير 2016
أبدأ بالتحية لوطنٍ سكن الروح والأعماق .. أحيي وطناً في مسلك الدماء وفي الأنفاس يجري .. أحيي أهله السمر الميامين الرافلين في النبل والعزة والشموخ والإباء رغم انتمائهم إلى وطنٍ مثخنٍ بالجراح ينزف على طول الطريق بسبب اضطراب عقلٍ سياسي ما أحسن السياسة وظل منذ الاستقلال يمضي بهم في مسير دائري مفزعٍ ومضني بينما أحلامهم تتوارى خلف جبل الخيبات.
والتحية لشهداء النضال الوطني الذين جادوا بأرواحهم من أجل الحرِّية لينعم بها أولياء الدَّم لكنها في كل مرةٍ تسرق منهم .. في كل مرةٍ يتربص بها من يمتطي صهوات الفولاذ وينقض عليها كما يفعل اللصوص في هزيع الليل البهيم.
التحية لضيوفنا الكرام من أعضاء البعثات الديبلوماسية .. والتحية لرفاقنا الأعزاء قادة الأحزاب السياسية ورموز المجتمع المدني العريض والمثقفين والإعلاميين وكل فرد من الحضور الكريم .. ثم التحية للماجدات والأماجد أعضاء حزب المؤتمر السوداني، في هذه القاعة وخارجها، التحية لهم وهم يسيرون على الدرب الصعب الجميل الذي قد ينعدم فيه الزاد والظل الرفيق .. في هذا الدرب هناك من يعود من أول المسافة إذا شم رائحة زنزانة أو سمع رنين الدنانير وهناك من يعود من منتصف المسافة خوفاً مما حدث لغيره .. لكن أعضاء حزبنا قرروا السير مع السائرين في هذا الدرب حتى نهايته وحتى يبلغوا منابع الظلام ومطالع السواد كي يوقدوا أصابعهم شموعاً تقهر الظلام في منابعه .. التحية لهم وهم عبر مؤتمرهم العام هذا يواصلون جهدهم في تقديم تجربة حزبية راشدة ورائدة قوامها المؤسسية والديموقراطية والتداول الدوري لمواقع القيادة وأن يكون الحزب مكاناً للحوار الحر والسجال الذكي لا أحد فيه يحتكر الحقيقة ولا فضل لأحد على أحد إلا بالبذل والعطاء .. إنهم يريدونه حزباً لا يخضع للترغيب أو الترهيب، سواء كان مصدره استبداد سلطوي أو غوغاء اجتماعية، وإنما يخضع لسلطة المعرفة وينحاز للعقلانية ويمتثل لنداء الضمير الحي ويجادل قضايا الواقع بخطاب وطني حداثي مستنير .. يريدونه حزباً يكون لِقاحاً في زمن الوباء ودفاعاً باسلاً عن البقاء على قيد الضَّمير والانتماء الصادق للوطن وأهله.
التحية لكل الذين تعاقبوا على قيادة حزبنا منذ إعلان تأسيسه في يناير 86 .. نستمطر الرحمة على قبر الراحل المقيم مولانا عبد المجيد إمام ذلك السامق في سماء الوطنية الذي كان أول رئيس للحزب .. ونحيي الرئيسيين الأسبقين المهندس عبد الكبير آدم والمهندس عبد الرحمن يوسف .. والتحية للدكتور الفاتح عمر السيد والأستاذ عبد القيوم عوض السيد التحية لهم ولجميع قادة الحزب وأعضائه الذين سلخوا سنوات من أعمارهم في هذا الحزب وهم يشاركون في حمل أعباء السؤال .. سؤال الوطن وحريته وكريم الحياة لأهله.. ثم مخصوص التحية لرجلٍ أصبح بسيرته النضالية كأنه شامة في الناس .. إنه أخي ورفيق دربي الأستاذ إبراهيم الشيخ .. شريك الهم والحلم والفكرة منذ كنا طلابا أيفاعاً في جامعة الخرطوم وفي قيادة اتحاد طلابها حين أسهمنا بكل تواضع مع جماهير شعبنا في صناعة نصرهم المؤزر المتمثل في انتفاضة مارس أبريل المجيدة. وتلك مرحلة سنظل نعتز بها إلى آخر العمر.
إبراهيم الشيخ من القلة التي تنتمي للمدرسة التي جسّرت المسافة بين المبدأ والموقف… امتلك من الشجاعة والجسارة ووضوح الرؤية والحسِّ الأخلاقي ما جعله علامة فارقة في واقعنا السياسي .. لم يعتذر عن وعيه ولم يرفع راية بيضاء للمساومة على مبادئه ومواقفه، بل كان مثالاً للدأب النضالي وصلابة الموقف في سبيل ما يؤمن به .. وها هو ذا يختار الإنسجام مع ما يدعو له ويترجل وهو في قمة عطائه وألقه السياسي ويقول لا بد أن نضرب المثل للممارسة الديمقراطية التي ننشدها لبلادنا والتي لو عجزنا ان نقدمها في احزابنا فلن نفلح في تقديمها في اي مكان آخر.
واختم تحياتي بتوجيهها لمؤتمر الطلاب المستقلين هذا الفصيل التنويري الثوري المصادم الذي كان لنا حاضنة فيها نشأنا وترعرعنا ولثغنا بحروف السياسة الأولى .. أحيي هذا الجيل من شباب مؤتمر الطلاب المستقلين ورصفاءهم في كل القوى السياسية وكل أطياف المجتمع السوداني، هؤلاء الشباب الذين شاء لهم القدر التاريخي والقضاء الجغرافي أن يولدوا في فوهة الجحيم وأن يقاوموا .. يعيشون أنضر سنوات العمر في ظل واقع غاشم، تمضي بهم الحياة وهم يحصون أيامهم بملاعق الدم والدمع وليس بملاعق القهوة كما يقول الشاعر الإنجليزي إليوت .. لكنهم رغم قسوة الواقع الذي يعيشون يظلون رهاناً رابحاً ومحط أملٍ في العبور إلى سودان المستقبل المُحرَّر من الفقر والجهل والمرض والاحتراب وهشاشة الانتماء.
أيها الحضور الكريم .. اخاطبكم وأخاطب عبركم جماهير شعبنا لأقول:
تعيش بلادنا في هذا الزمان واقعاً مأساوياُ، فقد اندفع هذا الواقع إلى أقصى ما يمكن تخيله من رداءة وتيه وإنعطاب للبوصلة .. وبلغ درجةً غير مسبوقة من التعقيد والهشاشة تهدِّد بانهيار كامل .. حدث هذا بسبب السياسات الخرقاء التي أوصلته إلى انسداد سياسي واحتقان اجتماعي وأزمة اقتصادية طاحنة وسَّعت مساحات الفقر والبطالة والبؤس العام وجعلت السَّواد الأعظم من السودانيين يكابدون شظف العيش والضوائق الحياتية، تثقل كواهلهم الجبايات والإتاوات والغلاء ويواجهون صعوبة بالغة في الحصول على الخدمات الأساسية التي تخلت الدولة عن مسؤولياتها تجاهها .. وصراعٍ مسلحٍ يُهلك الأنفس ويهدر الموارد ويعطل مُمكِنات النهوض والتقدم .. الحرب التي تدور في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور هي مأساة إنسانية بكل المقاييس .. انها حرب ضحيتها ملايين القتلى والجرحى والمشردين وحصادها اليومي حسراتٌ تخرج من صدور أمهاتٍ ثواكل، وزوجاتٍ أرامل، وأطفالٍ يتامى .. ولذلك ظللنا في المؤتمر من موقعنا المستقل أو من خلال المنابر المشتركة ندعم أي جهد يفضي إلي إيقاف هذه الحرب الذميمة .. هذه الحرب لها أسبابها المنغرسة في تربة الواقع وهي نتاج للاختلال الذي لازم هيكلة الدولة منذ الاستقلال وهي حصاد لسياسات الإقصاء والاستعلاء والتهميش .. وبدلاً من أن يبحث النظام في مسببات الحرب ويسعى لمعالجتها نسمعه كل مرة يردد شعاره المكرور دون نتيجة "سيكون هذا العام هو عام القضاء على التمرد" وكأن النظام هنا يستعير الشعار النازي المعروف: إن الحرب الضارية هي أقصر الطرق للسلام" وهذا معناه أن يتم السلام بين منتصر حي ومهزوم ميت !!
إن كل مَن أوتي شيئاً مِن البصيرة يدرك أنَّ الطريق لعبور مستنقع الأزمات تبدأ بتفكيك دولة الحزب لمصلحة دولة الشعب .. الخيار الأسلم والأقل كلفة يبدأ بنبذ النهج القائم على الاقصاء واستبداله بنهج الاعتراف بالآخرين من ساكني الوطن، بكل أطيافهم ومشاربهم، وأي حوار يجب أن يكون صريحاً وجاداً ومتكافئاً ومتجرداً يخاطب جذور الأزمات ومظاهرها ويخاطب مطالب جميع الأطراف والجهات المهمشة ويرد الإعتبار لضحايا عسف الدولة من الجماعات والأفراد الذين عارضوا سطوتها وانتهاكها للحريات والحقوق العامة والفردية، ليُفضي بعد ذلك إلى حل سياسي شامل وعادل وتوافق يضع الوطن على سكَّة الخلاص بإرادة جماعية عبر مرحلة انتقالية يتم فيها إرساء مداميك راسخة لبناء وطني ديموقراطي جديد يدرأ الإنقسام والتشرذم و يستوعب التعدد ويضمن تعايش مُكوِّنات المجتمع ورشد إدارة تنوعها ويجعل المواطنة أساساً للحقوق والواجبات، ويتجاوز عثرات القديم وخيباته ومراراته.
نحن في حزب المؤتمر السوداني لا نرفض الحل السياسي الشامل الذي يوقف الحرب ويرفع المعاناة عن كاهل شعبنا ويحقق أشواق شعبنا في الحرية والرفاه والعدالة وكل شروط الوجود الكريم .. ومن هذه القناعة جاء قبولنا لقراري الإتحاد الإفريقي رقم 456 و539 الذين يدعوان لعملية حل سياسي يستوعب الشروط التي توافقنا عليها مع شركائنا في قوى الإجماع ونداء السودان، وأعلنا قبولنا باجتماع تحضيري تحت رعاية الإتحاد الإفريقي تسبقه لقاءات بين الأطراف المتحاربة للوصول لوقف عاجل للاقتتال و ضمان لتوصيل الإغاثات الإنسانية عبر عملية لا يسيطر عليها طرف من أطراف النزاع و من ثم يقر استحقاقات تهيئة المناخ للحوار و يقود الى الإتفاق حول المسائل الإجرائية كأجندة الحوار ورئاسته ومكانه وزمانه.
لكن الحقيقة الفاقعة والمؤسفة أن النظام غير مستعد لدفع استحاقات الحل السياسي الشامل والعادل فهو يرفع الدعوة للحوار ككلمة حقٍ يراد بها باطل .. إنهم يريدون تسوية شكلية تعيد إنتاج نظامهم بنسخة جديدة، ولا يتغير فيها سوى إرداف بعض المحسوبين على المعارضة في مقاعد السلطة .. فقد رفض النظام دعوة الآلية الأفريقية الرفيعة لإجتماع يضم كل الأطراف تحت مظلة مجلس السلم والأمن الأفريقي في أديس أبابا في مارس 2015م رفض النظام ذلك الإجتماع بحجة تنظيمه للانتخابات العامة و هي الانتخابات التي قوبلت بمقاطعة شبه شاملة وتحولت لمحاكمة شعبية للنظام على سنوات الجمر والرماد.
وقد أحسنت قوى نداء السودان وبرهنت على جديتها في البحث عن الحل السياسي الشامل حين لبت دعوة ذلك الإجتماع الذي قاطعه النظام، و بمواصلتها للتعاطي الإيجابي مع الآلية الأفريقية مما قاد لتمهيد الطريق لإصدار مجلس السلم والأمن الأفريقي قراره رقم 539 والذي كان في مجمله مناقضاً لرؤية النظام ومنتقداً لها.
رفض نظام الإنقاذ القرار 539 وكعادته في لعبة شراء الوقت لجأ إلى فكرة إحياء حوار الوثبة بعد أن شبع موتا وحاول نفخ الروح في جثته الهامدة من خلال ما أسماه الحوار الوطني في قاعة الصداقة في العاشر من أكتوبر 2015 .. والنظرة السليمة لهذا الحوار أنه غير مؤهل لأن يفضي لأي نتيجة إيجابية .. والشواهد على فشله لا يخطئها إلا من في عينيه قذى، وأهمها الآتي:
قاطعته القوى السياسية الرئيسية في البلاد والحركات المسلحة، وحضره شركاء النظام وحلفاؤه الذين لا معنى لحواره معهم.
قاطعه المجتمع الإقليمي الإفريقي ما عدا دولة واحدة.
قاطعه المجتمع الدولي وبالتالي من غير المنظور أن يحقق الفوائد المرجوة من التعاون الدولي مثل إعفاء الديون، ورفع العقوبات الاقتصادية.
الخلاصة أن لقاء العاشر من أكتوبر كان لقاء علاقات عامة بين نظام الإنقاذ ومشايعيه، ولا يرجى أن يحقق أي نفع.
نحن لا نزال عند موقفنا الداعم للمؤتمر التحضيري الذي يضم كل الفرقاء وقد تواثقنا مع رفاقنا في نداء السودان أن نذهب إليه كتلة واحدة بموقفٍ موحد ونرفض استثناء أي طرف منا، وفي هذا الصدد لا بد أن أشير إلى أننا لاحظنا أن البيانات والرسائل التي صدرت مؤخراً من السيد إمبيكي رئيس الآلية الإفريقية الرفيعة تمثل تراجعاً عن موقف مجلس السلم والأمن الإفريقي المعبر عنه في القرار 539 وهو أمرٌ غير مقبول لدينا ولا لشركائنا الآخرين في نداء السودان.
إنَّ حزب المؤتمر السوداني يؤكِّد على تبنيه خيار المقاومة السلمية لإنجاز التغيير المنشود عبر الإنتفاضة الشعبية، ولا مجال للحوار إلا بعد تحقيق المطلوبات التي بحت الحناجر من كثرة ترديدها ليكون الحوار حراً ومتكافئاً لا تمييز فيه لأحد، شاملاً كل القضايا وجامعاً كل أطراف التشكيل السياسي والاجتماعي، بغرض الوصول إلى حل سياسي شامل وعادل .. مع ضرورة التزام الجميع بأن يتم تنفيذ مخرجات الحوار عبر حكومة انتقالية تمثل كل الأطراف.
نحن نعمل وندعو الجميع لتصعيد وسائل المقاومة السلمية واستنهاض الممكنات النضالية الهاجعة .. وندعو أن يتسع مفهوم المقاومة لثقافة شاملة تتأسس على الإرتفاع لمستوى التحديات، ثقافة تغذي الجدلية وتفضح المسكوت عنه، وتحرض الوعي العام على استدعاء كل احتياطياته في مواجهة من لا يرون المستقبل إلا مجرد امتداد كميّ للراهن.
سنواصل دعوتنا لوقف الحرب التي تزهق أرواح أهلنا وتشردهم في معسكرات النزوح في ظروف بالغة القسوة.
سندعم الحراك السلمي لمجموعات المقاومة المطلبية على نسق أهلنا في لقاوة و الجريف والحماداب والمناطق المتأثرة بالسدود وأسر الشهداء ومزارعي مشروع الجزيرة وغيرهم، وسندعم المجموعات الشبابية في حراكها السلمي من أجل التغيير.
ندعو شركاءنا في كل مجموعات المعارضة الحقيقية أن يرتفعوا إلى مستوى التحديات وأن يتساموا فوق الشجون الصغرى والخلافات الهامشية.
ندعو الإخوة في الجبهة الثورية إلى تجاوز الخلاف التنظيمي بروح الفريق الواحد والهدف الواحد.
ندعو رفاقنا في قوى الإجماع إلى مواجهة شجاعة وشفافة وأمينة لمسيرة هذا التحالف وحسم أية تناقضات جوهرية في الرؤى والمواقف لمفارقة حالة السيولة والارتباك التى أقعدت هذا التحالف أو الفراق بإحسان لمن لا يطيب له المقام، ويبقى كامل الاحترام بيننا.
ندعم جهود إخواننا في مبادرة المجتمع المدني أحد الأطراف الموقعة على نداء السودان .. ندعم جهودهم لتوسعة المبادرة بضم كل أطياف المجتمع المدني الطامحة للتغيير, و بادرتهم الشجاعة بكسر طوق تصوير المجتمع المدني كطرف محايد في عملية التغيير السياسي و الإجتماعي.
ندعو كل أطراف نداء السودان للعمل الجاد الدؤوب من أجل تطويره وتفعيله وإكمال ميثاقه وهيكلته وبذل الجهد في مشروع السياسات البديلة .. وتوسيع النداء وفق معايير متفق عليها ليمثل أكبر جبهة ممكنة لقوى المعارضة.
أيها الحضور الكريم:
يتزامن المؤتمر العام الخامس لحزب المؤتمر السوداني مع الذكرى الستين لإستقلال الوطن .. ستون عاماً من الهزيمة والتراجع في كل شئ .. لا نحتاج إلى حذلقة لفظية للحديث عن حصاد هذه الأعوام، يكفي هزيمةً وتراجعاً إنفصال الجنوب كحدث مزلزل وما زال سيف التقسيم مشهراً يتهدد ما تبقى لنا من أرض، حتى لم نعد نمشي في مناكبها واثقي الخطى ولا ندري هل ما نتعثر به حبالٌ أم ثعابين.
ستون عاماً أمدٌ ليس بالقصير في تاريخ الشعوب، ولكنَّ التاريخ لم يكن لدى أي شعبٍ موسوماً بالانتصارات فقط، مثلما يندر في تاريخ الشعوب حدوث هزيمة كاملة وتراجع دائم .. فثمة شعوبٍ كثيرة أقعدتها الهزائم والتراجعات حيناً من الدهر، لكنها ما لبثت أن حوَّلتها إلى روافع للنهوض والتقدم، وذلك بعد تحقيق عدة شروط في مقدمتها الوعي بحيثيات الهزيمة والتراجع ورفض التأقلم السلبي معها.
إننا رغم كل شئ ندعو للتمسك بالأمل ونؤمن بأن الشعب السوداني قادر باذن الله على العبور إلى مستقبل مشرق .. شعبنا مؤهل لتحمل مسؤولية العمل من أجل الأمل .. ومما يشرع نافذة الأمل أن الحركة الجماهيرية في السودان تسند ظهرها إلى ميراث نضالي عريق ورغم الضربات التي تعرضت لها لم تتنازل أبداً عن مطلبها باستعادة الديموقراطية ولم تسمح لأحد أن يثنيها عن التمسك بأملها في الحرِّية والحياة الكريمة ..
مع إشراقات الذكرى الستين للاستقلال، نحلم بغدٍ قريبٍ لا يكرر البارحة ولا يعيد دورة المعاناة المزمنة .. نحلم بوطنٍ بلا حروبٍ ولا طغيان .. نحلم بوطن بلا تمييز أو إقصاء.. نحلم بوطنٍ بلا أطفالٍ جوعى ولا مشردين .. نحلم بوطنٍ للنور لا للظلام، للجمال لا للقبح، نحلم بوطنٍ لقصيدة الحب وأغنية الحياة لا للكراهية والموت وتراجيديا المراثي .. نحلم بأن نتخلص، مرةً وللأبد، من متوالية العجز والفشل إلى رحاب السلام والحرية والعدالة والرفاه.
هذا هو الحلم الذي نعمل من أجله وكلنا ثقة بأنه، في لحظةٍ، سيتحول إلى فجرٍ تحتشد في شفقه كل معاني الوجود الكريم.
شكراً جزيلأ .. والسلام عليكم.
عمر يوسف الدقير
رئيس حزب المؤتمر السوداني
قاعة الصداقة – الخرطوم
16 يناير 2016


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.