جامعة الجزيرة بسم الله الرحمن الرحيم في الأسبوع الماضي جاءنا عبر شبكة تضم مجموعة من أصدقاءنا ، وأغلبهم من الأكاديميين بالمهجر، مقال نشره الكاتب الأردني (فهد الخيطان) وبتعليق من الكاتب المتميز الأستاذ (سيف الدولة حمدنا لله) تحت العنوان أعلاه. كما لم تخلو صحيفة منذ ذلك التاريخ من موضوع بعمود او أكثر تعلق عن ما جاء من ذلك الكاتب الأردني. كما سمعنا أيضا أثناء فترة امتحانات الشهادة السودانية اشاعات تتحدث عن تسريب الامتحانات، خاصة اللغة العربية، وبأن بعض الطلاب (الأجانب) كان لهم يد في ذلك وبعضهم الآن رهن الاعتقال!!! البعض هاجم الكاتب الأردني هجوما شخصيا ولاذعا مع الاستخفاف والاستهزاء بكل ما هو اردني!! والبعض الآخر استغل الأمر وبدأ في تأكيد شماتته في التعليم السوداني الحالي على كل المستويات وأنه نتيجة السياسات الخاطئة (للإنقاذ) منذ تسلمها للحكم. واعتبره جزء من (التدهور العام) في كل شيء منذ قدوم الانقاذ. أما عن رأينا الشخصي فهو معروف لكل من يقرأ لنا وهو موثق في أكثر من صحيفة ورقية أو الكترونية. (التوجيهية) التي يعني بها الكاتب الأردني الشهادة السودانية، هي مصطلح مصري وخاص بالشهادة المصرية والتي عبرها يتوجه الطالب الممتحن الى تخصصات محددة طبقا لما يحرزه من نتائج في المساق الأدبي أو المساق العلمي. التوجيهية مصطلح قديم، ولم يعد يستخدم بمصر منذ ستينيات القرن الماضي. الشهادة السودانية ما قبل الانقاذ كانت تعادل ومصممة على نهج شهادة (كامبردج) البريطانية، أما لمن يجلسون بمدارس كمبوني ومشابهاتها، فهم يجلسون لشهادة (أوكسفورد). الشهادة الحالية شهادة سودانية بحتة لا تنتمي الى أي من الشهادتين السابقتين، نكهتها سودانية خالصة، رغما عن أن من قاموا بوضعها أغلبهم تخرج على أيدي من كانوا يصممون الشهادة السودانية على نمط شهادة كامبردج ببخت الرضا، والنكهة الحالية طغى عليها مبدأ سياسة الانقاذ في اعادة صياغة الانسان السوداني بالشكل الذي تريده حكومات الانقاذ طوال ربع قرن من الزمان. الشهادات الخاصة بنهاية المرحلة الثانوية في كل الدول لا تختلف كثيرا، وتتبع (معايير قياسية) بحيث تؤهل الطالب الناجح بالالتحاق بأي جامعة في العالم ان احرز الدرجات المطلوبة. بالطبع مهما كان راينا في الانقاذ ومناهجها، فالشهادة السودانية لم تفقد قوتها الا في اللغة الانجليزية فقط. أما في الرياضيات والكيمياء والفيزياء والأحياء والجغرافيا والتاريخ واللغة العربية فلا توجد شهادة عربية أقوى من الشهادة السودانية، وهذا هو رأيي كأستاذ جامعي. قد يكون هنالك ضعف في الجزء العملي للكيمياء والفيزياء والأحياء مقارنة بالفترة التي كنا نحن في مرحلتنا الثانوية. هنالك لجان سودانية حكومية قديمكة وذات خبرات متراكمة تقوم بتقييم للشهادات الأخرى (غير السودانية) مقارنة بالشهادة السودانية ودرجة قبول كل منها كنسبة مئوية تخصم منها في القبول بالجامعات السودانية التي وصفها الكاتب بأنها جامعات( نصف كم)!!! كل الشهادات العربية، عدا المصرية، تتعرض للخصم بنسب مئوية تتفاوت على حسب قوتها مقارنة بالسودانية حيث يتم خصم ما بين 7.5% الي 12.5% من الدرجات التي يحرزها الطالب الممتحن بالدول العربية. نقول للكاتب الأردني ومن يؤيدون فكرته أن من يرسب في الشهادة الأردنية (أقل وأضعف من الشهادة السودانية) غير جدير بالجلوس للشهادة السودانية حيث أنها الأقوى، ولن يرضى من يضعون امتحاناتها بأن تكون امتحانات سهلة مقارنة بالإرث والخبرة المتراكمة لوزارة التربية والتعليم (المعارف سابقا). أما عن الجامعات السودانية (نصف الكم) فهي تنتشر بكل ولايات ومدن وقرى السودان. لكل منها تصنيف يحدده عدد الراغبين في الالتحاق بها. فهنالك كليات وجامعات لا يمكن الالتحاق بها بدرجات تقل نسبتها عن 95%، كما أن هنالك كليات قد لا يرغب الطلاب في الالتحاق بها وقد تتدنى نسب القبول بها حتى 50%. لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الدراسة بها سهلة، حيث أنها تخضع لمعايير تضعها لجان قومية تابعة للوزارة، ويدرسها خبراء في التعليم، وتخضع للوائح جامعية تحت اشراف مجالس الكليات ومجلس الأساتذة. وهنالك مقولة معروفة بالجامعات السودانية وهي (أن التميز أو التفوق لا يمنح، لكنه يكتسب)!!! عليه نقول للكاتب الأردني أن طالبكم الذي ينجح في الشهادة السودانية، بالضرورة هو طالب يستحق أن يلتحق بالجامعات السودانية ذات المعايير القوية جدا. فان كان يرغب في الالتحاق بكليات لا تؤهله لها درجاته، فيمكنه أن يلتحق عبر نسبة القبول الخاص، وهي تكون في حدود ضيقة جدا، وان لم يستطع الاستمرار عن طريق الحصول على ما يؤهله بالاستمرارية في الكلية طبقا للقوانين الأكاديمية، فلن يكمل دراسته بها . عليه الحصول على تقدير (جيد) على الأقل للاستمرار بالجامعات السودانية، علما بأنه لا يوجد في جامعات السودان ما يعرف بتقدير (مقبول)، وهو يوجد بكل الجامعات العربية. الجامعات السودانية (نصف الكم) تتميز بنوعية اساتذة لا تتوفر بالجامعات العربية قاطبة، والدليل على ذلك تعيين أكثر من 2600 استاذ منهم في الفترة من 2014 حتى 2016م بالجامعات السعودية والكويتية والقطرية والأماراتيه والليبية وجنوب افريقيا واريتريا وكينيا. بل حتى عهد قريب كانت الجامعات الاردنية تلجأ الى تجنيد الأساتذة السودانيين بالجامعات الخاصة. سؤال برئ للكاتب الأردني: لماذا يفضل الطلاب الأردنيين الدراسة بالجامعات خارج الأردن ان كانت الجامعات الأردنية متميزة؟ عليكم القيام بعمل احصائيات بالجامعات المصرية حكومية وخاصة، والسودانية وغيرها وستجد بها العديد من الطلاب الأردنيين، والقليل منهم متميز في تحصيله، وقد عاصرناهم بجامعة الاسكندرية (1967- 1971)، ثم 1972(-1974م) للحصول على البكالوريوس ثم الماجستير. كما عاصرناهم بالولايات المتحدة (1978-1982م) للحصول على الدكتوراه، وكالعادة كنا نحن ابناء السودان افضل العرب وافضل الأفارقة. يا ترى ما هو السبب؟ السبب ان المواطن السوداني والطالب السوداني والأستاذ السوداني لا يعشق سوى التميز في كل ما يؤديه، ويعشق العلم والتعلم والتعليم. لا يقبل الاستفزاز الذهني والفكري، فقد حباه الله بذكاء فطري يحسده عليه امثالكم، الذين يعتقدون أنهم أكثر ذكاء نظرا للون جلودهم، ناسين أن هذا الوطن هو منبع ومنشأ الحضارات التي تتفاخرون بها كعرب!!! نقول لوزارة التربية والتعليم، ولوزارة التعليم العالي والبحث العلمي عليكم أخذ ما جاء بمقال هذا الأردني مأخذ الجد وتحليله و معالجة نقاط الضعف. كما نقول لوزيرة التعليم العالي والبروفيسر/ أزهري عمر عبدالباقي وكيل الوزارة عليكم بمراجعة مكاتب الجامعات التي انتشرت بالأردن وقطر والأمارات وأساءت للتعليم العالي بالسودان، لدرجة أن يحصل طالب على شهادة من جامعة سودانية دون أن يأتي الى السودان أو أن يعرف أين تقع جامعته داخل خارطة دولة عريقة اسمها السودان. اللهم نسألك اللطف (آمين). [email protected]