كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حريات) تنشر كلمة المهدي في المؤتمر العربي لدعم المقاومة ببيروت
نشر في حريات يوم 15 - 07 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
المؤتمر العربي العام
لدعم المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب
الدورة السابعة
15 تموز/ يوليو 2016م الموافق 10 شوال 1437ه
بيروتلبنان
الإمام الصادق المهدي
أطيب تحياتي الجهادية لقادة وعضوية المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، وهيئة التعبئة الشعبية العربية.
ويطيب لي أن أساهم معكم في تشخيص حالة أمتنا وما تتعرض له من خطر التخلي عن رسالتها وإجهاض أجندتها القومية بفعل أبنائها وتحقيقاً لأهداف أعدائها.
أولاً: أبدأ بتحرير المصطلحات المهمة وهي عبارات: تطرف، إرهاب، وتحرير. وظاهرة التكوينات المارقة: القاعدة، وداعش، ودولة الخلافة وأخواتهما من إمارات تابعة لهما.
التطرف هو التعصب لرؤية قولاً وعملاً عندما يحرص صاحبها على فرضها على الآخرين.
التطرف يصحبه دائماً العنف، ويستخدمه أفراد أو جماعات، أي إرهاب أهلي؛ ويستخدمه الحكام الطغاة لتطويع ضحاياهم، أي إرهاب رسمي.
والتطرف وما يصحبه من عنف إرهابي قد يرتبط بأيديولوجية دينية أو وضعية، أي علمانية، وهو في كل حالاته يطابق ما وصفه به نيتشه بقوله: الأيديولوجية أعدى للحقيقة من الكذب، لأنها تجعل صاحبها يرتكب أخطر الجرائم معتقداً أن ما يفعل هو الحق.
التحرير هو كل تحرك بالقول أو العمل لمقاومة احتلال داخلي، أي سلطة تجرد الشعب من حقوق الإنسان وحقوق المواطنة، أو مقاومة غزو أجنبي، أو مقاومة احتلال أجنبي.
هذه المقاومة من أجل التحرير تؤكد شرعيتها حقائق الوحي: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)[1]، و"أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر"[2]، وتكفلها المواثيق الدولية.
ثانياً: عبارة إرهاب، والإرهاب نهج محرم شرعاً لأن للقتال في الإسلام ضوابط وأحكام واضحة، ومحرم في القوانين الوضعية الوطنية والدولية.
ولكن بسبب عدم التزام دول وطنية بالمبادئ الأخلاقية والدستورية لشرعية الحكم، وبسبب إتباع الهيمنة الدولية لغطرسة القوة؛ صاروا يطلقون عبارة إرهاب على كل ما يعارض سلطانهم. فدول تستخدم عبارة إرهاب لتحريم الرأي الآخر وصرف النظر عن الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة باسم محاربة الإرهاب، ما يبيح للدولة ممارسة إرهاباً رسمياً ضد معارضيها.
وإسرائيل التي أسستها الحركة الصهيونية التي في الأصل كانت ردة فعل ضد عنف معاداة السامية الذي بلغ أقصاه لدى ألمانيا النازية، تأسست دولتها نتيجة عملية ظلم دولي فادح قال عنه مايكل أورن: "لا يوجد في مجال الهندسة الاجتماعية الأممية عمل أفدح (وأجرأ) من تأييد أمريكا لقيام دولة يهودية في عالم عربي شديد العداء لذلك".
وبعد قيام هذه الدولة صارت كما قال المؤرخ البريطاني الأشهر أرنولد توينبي تمارس على الفلسطينيين نفس ما طبقه النازيون على اليهود.
وشهد شاهد من أهلها إذ قال الجنرال يائير جولان رئيس هيئة الأركان بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم المحرقة: "أنه من المزعج جداً أن الممارسات الفظيعة التي وقعت في أوروبا (أي المحرقة) صارت تمارس هنا أي في بلاده".
ولتغطية هذه الأفعال الإرهابية فإن إسرائيل تستخدم عبارة إرهاب لتبرر ما تمارسه ضد المقاوم الفلسطينية. وصار الاستخدام الخاطئ هذا لعبارة إرهاب أساساً لاتجاه دول عربية لإبرام تحالف مع إسرائيل ضد الإرهاب:
وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
ثالثاً: منطقتنا الآن الواقعة في حوض البحر الأبيض وحوض البحر الأحمر تواجه إرهاباً مختلفاً عن الإرهاب التقليدي المعروف كإرهاب الجماعة الإسلامية في مصر التسعينيات. وكإرهاب ايتا في أسبانيا، والجيش الجمهوري الأيرلندي في بريطانيا، والجيش الأحمر في اليابان وغيرها في الفترة بعد الحرب الأطلسية الثانية.
الإرهاب الذي نشهده اليوم هو إرهاب دول مارقة.
أولها: إسرائيل، فبكل المقاييس إسرائيل دولة مارقة لأنها مع أنها قامت بقرار دولي صارت تخرق القرارات الدولية باستمرار لا يحميها من ذلك إلا حق النقض الأمريكي الذي استخدم لحمايتها من قرارات مجلس الأمن أكثر من أربعين مرة منذ 1974م.
ثانيها: القاعدة التي صار لها مركز في جنوب اليمن وصارت لها فروع عديدة ومرتبطة بتحالف مع طالبان في أفغانستان. القاعدة نشأت تلبية لنداء الجهاد ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، ولأداء تلك المهمة وجدت دعم تسليح، وتمويل، وتدريب من أمريكا. لولا الاحتلال السوفيتي لأفغانستان والدعم الأمريكي لها لما كانت القاعدة. نعم هي غيرت أهدافها بعد جلاء السوفييت واستهدفت الولايات المتحدة. وأعلنت أمريكا عليها حرباً عالمية، ولكن بسبب التركيز على الحل الأمني توسعت القاعدة انطلاقاً من أفغانستان إلى مواقع كثيرة، وما واجهت من حرب لمدة 14 عاماً زادها وجوداً وتأثيراً.
الاحتلال الأمريكي للعراق، وتطورات الأوضاع في سوريا بعد اندلاع ثورة الربيع العربي هناك في عام 2011م، أدى لاختلال التوازن الطائفي في العراق وإلى تطور المواجهة في سوريا لمواجهة طائفة، ما جعل فرع القاعدة في أرض الرافدين يكون داعش ثم الخلافة الإسلامية ا لمزعومة.
النتيجة أن الإرهاب الذي تمارسه هذه التكوينات الثلاثة وافد للمنطقة من خارجها، وتتحمل الدول المعنية المسئولية الأكبر عن إرهاب الدول المارقة. ومثلما تستحق إسرائيل المساءلة الجنائية على إرهابها فإن بوش وبلير بالاحتلال غير المشروع للعراق وما أدى إليه من نتائج إرهابية ينبغي أن يقدما للمساءلة الجنائية.
رابعاً: غالبية الدول العربية تعاني من هشاشة ولا تتوافر فيها شروط الشرعية في هذا الزمان، وهي: أن يقوم الحكم على رضا الشعب، وأن يوفر للشعب أسباب المعيشة، وأن يكون النظام الاقتصادي عادلاً، وأن ينعم الوطن والمواطنون بالأمن. هذه الشروط غير متوافرة، وأجهزة الأمن تتعامل مع المواطنين كأنها قوة محتلة على نحو وصف الشاعر العربي:
لقد شُيّعت فاتِنَةٌ،
تُسمى في بِلاد العُربِ تَخريباً،
وإرهاباً
وطَعناً في القوانينِ الإلهيّةِ،
ولكن اسمُها والله …،
لكن اسمُها في الأصلِ حُرّية!
والقاعدة السوسيولوجية: "إذا وجد احتقان ولم يوجد له مخارج تنشأ قوة جديدة". هذا يفسر جاذبية الأجندات المتطرفة في كثير من البلدان العربية.
أي أن الدولة الوطنية العربية بعيوبها وتقصيرها عن توفير شروط الشرعية تتحول لجاذب لحركات التطرف والعنف المصاحب له.
هذه الحركات تجد في الثقافة الدينية السائدة حاضناً، فالقاعدة وداعش وأخواتهما يجدون من التفاسير المبتسرة للقرآن على نحو مقولة أن آية السيف ناسخة لأكثر من مائة آية للتسامح. وأحاديث أفراد تعزز هذا الفهم مثل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "بعثت بالسيف بين يدي الساعة ليعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي في ظل رمحي". حديث يناقض النص القرآني (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[3] ويعارض الواقع فأين الساعة بعد 15 قرن من الزمان؟
هذه الدول تعاني من هشاشة وتجذب حركات تطرف وعنف ضدها، وتواجه حركات المعارضة المشروعة لها بتهمة الإرهاب، لتجد مبرراً للبطش بها. صحيح أن هشاشتها تغري الإرهاب الذي استوطن في المنطقة، كالقاعدة وداعش، لغرس خلايا وإقامة إمارات. ولكن السلطة الحاكمة توسع صفة الإرهاب لتشمل المعارضة المشروعة للاستبداد والفساد الذي تمارسه نظم الطغيان.
خامساً: منطقتنا موبوءة بانقسامات طائفية حادة أهمها الانقسام بين أهل السنة والشيعة. بين الطائفتين عنف لفظي حاد بين الروافض والنواصب. هذا العنف اللفظي أدى لحرب أهلية باردة ثم ساخنة تدور رحاها الآن في العراق، وسوريا، واليمن، والبحرين، بل تعم كل المناطق التي يوجد فيها أنصار للطائفتين في مجموعة سكانية واحدة. النزاع في حقيقته طائفي ولا تحسمه المواجهات العسكرية، بل يدمر طرفيه دون جدوى، ويقذف الطرفان ضد بعضهما بعضا صفة الإرهاب. هذه المواجهات الطائفية تلحق طرفيها بالدمار، وتفتح المجال لتمدد القاعدة وداعش، وتمكن أعداء الأمة من تحقيق أهدافهم لتمزيقها.
سادساً: يبدو لإسرائيل تحت قياداتها المتطرفة حالياً أن مشروعها العدواني في المنطقة ناجح. فقد أفرغت توصيات مؤتمر مدريد 1991م، وأفرغت برنامج أوسلو 1993م، وأثناء 18 عاماً من الحوار غير المجدي خلقت إسرائيل واقعاً جديداً، إذ ضمت 45% من أراضي الضفة، ووسعت المستوطنات، وواصلت تهويد القدس، وواصلت العداون على المسجد الأقصى، وأقامت الجدار العنصري العازل، وكلها إجراءات مناقضة للشرعية الدولية، بحماية حق النقض الأمريكي. هذا الموقف الظالم لم يحرك موقفاً عربياً مضاداً كما ينبغي، بل أدت هشاشة الدول الوطنية العربية في كثير من الأحيان، والتركيز الأبله على النزاع الطائفي، إلى اعتبار إسرائيل حليفاً في الحرب ضد الإرهاب كما أدعى الحلفاء فيه.
ويبدو لإسرائيل أنها تنعم الآن بربيع إسرائيلي، فقد أدت ظروف الإسلاموفوبيا في الدول الغربية لرفع درجة العداء للعرب والمسلمين بصورة أشبه بما كانت عليه أيام الحروب الصليبية. وشرعت إسرائيل في بناء أحلاف مع دول أفريقيا جنوب الصحراء حيث منابع النيل باسم مواجهة الإرهاب، ومعلوم أن تلك الدول تعاني من هجمات شباب الصومال وبوكوحرام، وبدا كأن إسرائيل تحت راية محاربة الإرهاب تنعم بتحالف مع الإسلاموفوبيا في الغرب، ومع دول عربية، ودول أفريقية، بينما تمارس إرهابها ضد أهل فلسطين وسائر العرب.
قال أزايا برلين المفكر اليهودي الشهير: "إن إسرائيل سوف تمشي منتشية إلى الهاوية". وسئل نكسون الرئيس الأمريكي الأسبق عن مستقبل إسرائيل، فرفع يده اليمنى مفرداً أصبعه إلى أعلى وبعد أن بلغ أقصى طول يده انزلها إلى أسفل؛ وبعض عقلاء الإسرائيليين دقوا ناقوس الخطر. قال أيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في عام 1992م: "كل محاولة للاحتفاظ بالأرض المحتلة ستؤدي حتما إلى دولة غير ديمقراطية أو دولة غير يهودية. لأن الفلسطينيين الآن (1992م) 4,5 مليون نفس فإذا أعطوا حق التصويت فسيكون تصويتهم لدولة ثنائية القومية. وإذا حرموا حق التصويت فسوف تكون دولة أبارتايد (الفصل العنصري) كما كانت جنوب أفريقيا سابقاً".
قال توماس فيردمان: "إسرائيل تتوغل في العمق إلى دولة واحدة ذات قوميتين يديرها المتطرفون الإسرائيليون" (النيويورك تايمز 25/6/2016م).
سابعاً: الاستهانة بالقضية الفلسطينية واتخاذ بعض الدول العربية إسرائيل صديقاً هو جزء من الهوان العربي الذي أبكى كثيراً من المفكرين وعبر عنه كثير من الشعراء.
قال غازي قصيبي الشاعر السعودي:
يا أيها المخترع المبتكر العظيم..
يا من صنعت بلسماً قضى
على مواجع الكهولة.. وأيقظ الفحولة
أما لديك بلسماً يعيد في أمتنا الرجولة
وقال الشاعر المصري مصطفى الجزار:
كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترَه
فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَه
لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً ، فقدْ
سقطَت من العِقدِ الثمينِ الجوهرَة
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ . . ليصفَحوا
واخفِضْ جَنَاحَ "الخِزْيِ".. وارجُ المعذرَة
والجامعة العربية مرآة لهذه الحالة. تقاعست عن دورها القومي تماماً، وأفسحت المجال للمساجلات الطائفية العقيمة، وأفسحت المجال لتدخلات دولية لحل مشكلات داخل الأوطان العربية وفيما بينها، يقودها مشرفون غير ملمين بحقائق الأمور. أو تقودها حملات عسكرية تقودها قوات أجنبية سمحت لضحايا القصف أن يصفوها بأنها حملات صليبية تعزيزاً لشرعيتهم ما داموا يتصدون لها.
ونتيجة لهذا الهوان قال بعض الشامتين: "ينبغي أن نعتبر البلدان العربية من سكان العالم الإسلامي عاجزة عن التحول البناء". هذا قاله راف يبترز. وهذا ما قد يجعل إسرائيل تمد لسانها وتقول لمن يرفع شعار المقاومة مقولة البحتري:
زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أنْ سيَقتُلُ مَرْبَعاً أبْشِرْ بطُولِ سَلامَةٍ يا مَرْبَعُ
ولكنني اعتقد أن نفس هذه الحالة البائسة سوف تدفع إلى نقيضها فاستمرارها ضد طبيعة الأشياء، وقد قيل إن أظلم ساعات الليل هي التي تكون قبل الفجر. وقال ابن زريق:
فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن قدرت أَوسَعُهُ!
إن مقومات هذه الأمة المعنوية والمادية والبشرية سوف تنهض بها، وتجعل الوضع الراهن تاريخاً مظلماً.
ثامناً: مثلما الوضع العربي سيء ويتطلب القضاء عليه، فإن الوضع الراهن الدولي الحالي غير عادل، ولا سلام بلا عدالة.
هذا النظام اتفق عليه في عام 1948م عندما كان عدد الدول 51 دولة وهي الآن 193 أي تكون في غيبة أغلبية الدول، ما يتطلب مراجعة.
كذلك أعطى النظام خمس دول حق النقض لقرارات المجلس وبالتالي لقرارات سائر الدول مهما كانت أغلبيتها، هذا سمح للاتحاد السوفيتي في وقته أن يمنع إصدار أية قرارات دولية لا تناسبه وتناسب مصالح حلفائه. وما بين 1972م وعام 2011م استخدمت الولايات المتحدة حق النقض 42 مرة في حماية العدوان الإسرائيلي. إن استمرار هذا النظام غير العادل دون الإصلاح المطلوب خطر على الأمن والسلام الدوليين فالعضوية الدائمة الآن ليست فيها دولة واحدة عربية، ولا مسلمة، ولا أفريقية، ولا ألمانيا، ولا اليابان، ولا الهند.
تاسعاً: وفي الطريق للإصلاح المنشود فإن واجب الأمة العربية هو مطالبة ملحة على الصعيد الدولي بالآتي:
‌أ) تصفية المستوطنات.
‌ب) هدم الجدار العنصري.
‌ج) فك حصار غزة والضفة.
‌د) تطبيق القرارات الدولية العالقة.
‌ه) عدم استخدام حق النقض لحماية العدوان الإسرائيلي.
كذلك هنالك ديناميات متحركة فأعداد الفلسطينيين تزداد، ويقدر الموقف كالآتي في 2025م:
وحلم إسرائيل أن تكون وطناً لكل اليهود لن يتحقق، فهي ليست جاذبة بل تشد أغلبيتهم الولايات المتحدة إليها حيث أوضاعهم ممتازة.
ختاماً أقول: هذه الحالة البائسة بدول وطنية متهالكة، وفتن طائفية بلهاء لن تدوم. وفي كتاب أصدرته العام الماضي بعنوان "حالنا ومآلنا" قدمت قراءة لما أرجو أن يتجه نحوه مصيرها.
ولكن إلى حين ذلك الفجر المأمول ماذا يستطيع مؤتمرنا هذا أن يحقق من قيمة مضافة؟
أرى أن نتفق على عهد إسلامي مسيحي قومي نلتزم به، ونحشد لتأييده تعبئة شعبية واسعة، ونحرص أن توقع عليه الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات، والدول عنوانه: (عهد مناصرة المقاومة) ومفرداته هي:
نحن، معبرين عن ضمير أمتنا، وحريصين على مثلها العليا، ومصالح شعوبها، ندعو للالتزام بالآتي:
أولاً: دعم المقاومة الفلسطينية خاصة والعربية عامة للتصدي للاحتلال، وتأييد كل القوى العربية الإسلامية والدولية التي تعترف بمشروعية المقاومة وتدعم حركتها التحريرية.
ثانياً: ندين كافة محاولات تشويه المقاومة بكل فصائلها بصفة الإرهاب، فالإرهاب الممارس في هذا المجال هو إرهاب دولة إسرائيل.
ثالثاً: نطالب بإخلاء منطقتنا من أسلحة الدمار الشامل، ما يوجب تأكيد التزام كافة دول المنطقة بالاستخدام المدني للطاقة النووية، وهذا يوجب تجريد إسرائيل من سلاحها النووي، وإلزامها بالتوقيع على معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
رابعاً: الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967م استيطان غير شرعي، ومقاومته مشروعة.
خامساً: المقدسيون على ثغر من ثغور الأمة ينبغي دعم صمودهم بكل الوسائل، لا سيما إعمار وصيانة مباني الأوقاف في القدس.
سادساً: رصد كافة المؤامرات التي تحاك ضد المسجد الأقصى، ودعم كافة أعمال حمايته.
سابعاً: تكوين آلية لرعاية شئون اللاجئين الفلسطينيين، ودعم أعمال هيئة غوث اللاجئين.
ثامناً: توحيد الجبهة الفلسطينية حول المقاومة واستحقاقات السلام العادل، والرفض الإجماعي لنهج الرباعية الذي يساوي بين الضحية والجلاد.
تاسعاً: إدانة الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الضفة وقطاع غزة، واعتبار قسوة حصار غزة جريمة إبادة جماعية.
عاشراً: تجريم أي تطبيع مع إسرائيل ما دامت دولة محتلة واعتباره خيانة للأمة.
حادي عشر: عاملان ساهما في فتح المجال لإسرائيل لعقد تحالفات مع دول منابع النيل خاصة ودول أفريقيا جنوب الصحراء: العامل الأول: غباء نظامين استبداديين في مجرى ومصب النيل، إذ أبرما اتفاقاً ثنائياً حول مياه النيل عام 1959م وعزلا دول المنابع ما يوجب الاعتراف بالخطأ والتصحيح لأنه دفع دول المنابع في اتجاهات مضادة. والعامل الثاني: هو التحالف ضد إرهاب شباب الصومال وبوكو حرام، ما يوجب تنسيق التعاون مع الدول المستهدفة ضد الإرهاب.
ثاني عشر: تقدم إسرائي للدول الأفريقية عروضاً تنموية. هنالك عوامل تكامل تنموي في حوض النيل وما بين غرب آسيا وشرق أفريقيا. ووجود قدرات مالية وبشرية في الجانب العربي وإمكانات استثمارية واعدة في الجانب الأفريقي يبرر هذا التكامل علماً بأن مخاطر الاستثمار في الدول الغربية كبيرة لأنها بين ضعاف وأقوياء، بينما في الإطار الأفريقي فإنه بين أنداد.
ثالث عشر: وضع أسس واضحة للسلام العادل تستوجب حق العودة لنص القرار الدولي 194، وكفالة حقوق الموطنة الكاملة للفلسطينيين الذين بقوا في موطنهم. والبديل كحل الدولتين الذي خربته السياسات العدوانية هو دولة واحدة بحقوق مواطنة متساوية ونظام ديمقراطي.
رابع عشر: العمل على إصلاح الجامعة العربية بصورة تمكنها من التصدي المجدي للقضايا القومية وتفسح المجال لمشاركة الشعوب.
خامس عشر: دعم مشروع مساءلة إسرائيل جنائياً عن ما ارتكبت من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
سادس عشر: الانقسام الطائفي والحروب المشتعلة خاصة بين أهل السنة والشيعة تستهلك الطاقات فيما لا طائل وراءه، وتحول دون التعاون لدعم المقاومة بل وسائر القضايا القومية، وتفتح المجال لتدخلات الهيمنة الدولية، ما يوجب العمل العاجل الحازم لوقف هذه الحروب الطائفية وتحقيق مصالحة سنية/ شيعية.
سابع عشر: إقدام منظمة التعاون الإسلامي للقيام بدورها في تأكيد مشروعية المقاومة ودعم حركات التحرير.
ثامن عشر: مخاطبة المؤسسات المسيحية القيادية لدعم مشروعية المقاومة مع الموقف المضاد للإرهاب، بل مخاطبة المؤسسات اليهودية غير الصهيونية لإدانة العدوان الإسرائيلي.
تاسع عشر: نظام الأمم المتحدة الحالي غير عادل ما يوجب إصلاحه فلا سلام بلا عدالة. نلتزم بالعمل بكل الوسائل السلمية لإصلاحه.
عشرون: تكلف هيئة مختصة لتأليف كتاب مرجعي بحقيقة القضية الفلسطينية ليدرس في المعاهد والمدارس ولتوفير المادة الصحيحة للإعلام.
هذا العهد نلزم به أنفسنا، ونخاطب صناع القرار في عالمنا لتأييده، وقفل الباب تماماً أمام الأصوات الغافلة أو الغادرة التي تعمل على الخلط بين المقاومة والإرهاب خلطاً للحق بالباطل يقع فيه قادة أو ساسة عمداً أو غفلة، فالسياسي الذي لا يدرك مواطن الخطر يصير هو نفسه موطناً للخطر.
وعلى أية حال فإن هذا العهد يضع مقاييس امتحان بموجب الموقف منها يكرم المرء أو يهان.
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[4].
[1] سورة الحج الآية (39)
[2] أخرجه أبو داود في السنن
[3] سورة البقرة الآية (256)
[4] سورة الأنبياء الآية (105)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.