مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    سلطان دار مساليت: إرادة الشعب السوداني وقوة الله نسفت مخطط إعلان دولة دارفور من باريس    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    هل رضيت؟    الخال والسيرة الهلالية!    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    الإمارات العربية تتبرأ من دعم مليشيا الدعم السريع    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    تراجع أم دورة زمن طبيعية؟    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    شاهد.. الفنانة مروة الدولية تطرح أغنيتها الجديدة في يوم عقد قرانها تغني فيها لزوجها سعادة الضابط وتتغزل فيه: (زول رسمي جنتل عديل يغطيه الله يا ناس منه العيون يبعدها)    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حريات) تنشر كلمة المهدي في المؤتمر العربي لدعم المقاومة ببيروت
نشر في حريات يوم 15 - 07 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
المؤتمر العربي العام
لدعم المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب
الدورة السابعة
15 تموز/ يوليو 2016م الموافق 10 شوال 1437ه
بيروتلبنان
الإمام الصادق المهدي
أطيب تحياتي الجهادية لقادة وعضوية المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، وهيئة التعبئة الشعبية العربية.
ويطيب لي أن أساهم معكم في تشخيص حالة أمتنا وما تتعرض له من خطر التخلي عن رسالتها وإجهاض أجندتها القومية بفعل أبنائها وتحقيقاً لأهداف أعدائها.
أولاً: أبدأ بتحرير المصطلحات المهمة وهي عبارات: تطرف، إرهاب، وتحرير. وظاهرة التكوينات المارقة: القاعدة، وداعش، ودولة الخلافة وأخواتهما من إمارات تابعة لهما.
التطرف هو التعصب لرؤية قولاً وعملاً عندما يحرص صاحبها على فرضها على الآخرين.
التطرف يصحبه دائماً العنف، ويستخدمه أفراد أو جماعات، أي إرهاب أهلي؛ ويستخدمه الحكام الطغاة لتطويع ضحاياهم، أي إرهاب رسمي.
والتطرف وما يصحبه من عنف إرهابي قد يرتبط بأيديولوجية دينية أو وضعية، أي علمانية، وهو في كل حالاته يطابق ما وصفه به نيتشه بقوله: الأيديولوجية أعدى للحقيقة من الكذب، لأنها تجعل صاحبها يرتكب أخطر الجرائم معتقداً أن ما يفعل هو الحق.
التحرير هو كل تحرك بالقول أو العمل لمقاومة احتلال داخلي، أي سلطة تجرد الشعب من حقوق الإنسان وحقوق المواطنة، أو مقاومة غزو أجنبي، أو مقاومة احتلال أجنبي.
هذه المقاومة من أجل التحرير تؤكد شرعيتها حقائق الوحي: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)[1]، و"أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر"[2]، وتكفلها المواثيق الدولية.
ثانياً: عبارة إرهاب، والإرهاب نهج محرم شرعاً لأن للقتال في الإسلام ضوابط وأحكام واضحة، ومحرم في القوانين الوضعية الوطنية والدولية.
ولكن بسبب عدم التزام دول وطنية بالمبادئ الأخلاقية والدستورية لشرعية الحكم، وبسبب إتباع الهيمنة الدولية لغطرسة القوة؛ صاروا يطلقون عبارة إرهاب على كل ما يعارض سلطانهم. فدول تستخدم عبارة إرهاب لتحريم الرأي الآخر وصرف النظر عن الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة باسم محاربة الإرهاب، ما يبيح للدولة ممارسة إرهاباً رسمياً ضد معارضيها.
وإسرائيل التي أسستها الحركة الصهيونية التي في الأصل كانت ردة فعل ضد عنف معاداة السامية الذي بلغ أقصاه لدى ألمانيا النازية، تأسست دولتها نتيجة عملية ظلم دولي فادح قال عنه مايكل أورن: "لا يوجد في مجال الهندسة الاجتماعية الأممية عمل أفدح (وأجرأ) من تأييد أمريكا لقيام دولة يهودية في عالم عربي شديد العداء لذلك".
وبعد قيام هذه الدولة صارت كما قال المؤرخ البريطاني الأشهر أرنولد توينبي تمارس على الفلسطينيين نفس ما طبقه النازيون على اليهود.
وشهد شاهد من أهلها إذ قال الجنرال يائير جولان رئيس هيئة الأركان بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم المحرقة: "أنه من المزعج جداً أن الممارسات الفظيعة التي وقعت في أوروبا (أي المحرقة) صارت تمارس هنا أي في بلاده".
ولتغطية هذه الأفعال الإرهابية فإن إسرائيل تستخدم عبارة إرهاب لتبرر ما تمارسه ضد المقاوم الفلسطينية. وصار الاستخدام الخاطئ هذا لعبارة إرهاب أساساً لاتجاه دول عربية لإبرام تحالف مع إسرائيل ضد الإرهاب:
وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
ثالثاً: منطقتنا الآن الواقعة في حوض البحر الأبيض وحوض البحر الأحمر تواجه إرهاباً مختلفاً عن الإرهاب التقليدي المعروف كإرهاب الجماعة الإسلامية في مصر التسعينيات. وكإرهاب ايتا في أسبانيا، والجيش الجمهوري الأيرلندي في بريطانيا، والجيش الأحمر في اليابان وغيرها في الفترة بعد الحرب الأطلسية الثانية.
الإرهاب الذي نشهده اليوم هو إرهاب دول مارقة.
أولها: إسرائيل، فبكل المقاييس إسرائيل دولة مارقة لأنها مع أنها قامت بقرار دولي صارت تخرق القرارات الدولية باستمرار لا يحميها من ذلك إلا حق النقض الأمريكي الذي استخدم لحمايتها من قرارات مجلس الأمن أكثر من أربعين مرة منذ 1974م.
ثانيها: القاعدة التي صار لها مركز في جنوب اليمن وصارت لها فروع عديدة ومرتبطة بتحالف مع طالبان في أفغانستان. القاعدة نشأت تلبية لنداء الجهاد ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، ولأداء تلك المهمة وجدت دعم تسليح، وتمويل، وتدريب من أمريكا. لولا الاحتلال السوفيتي لأفغانستان والدعم الأمريكي لها لما كانت القاعدة. نعم هي غيرت أهدافها بعد جلاء السوفييت واستهدفت الولايات المتحدة. وأعلنت أمريكا عليها حرباً عالمية، ولكن بسبب التركيز على الحل الأمني توسعت القاعدة انطلاقاً من أفغانستان إلى مواقع كثيرة، وما واجهت من حرب لمدة 14 عاماً زادها وجوداً وتأثيراً.
الاحتلال الأمريكي للعراق، وتطورات الأوضاع في سوريا بعد اندلاع ثورة الربيع العربي هناك في عام 2011م، أدى لاختلال التوازن الطائفي في العراق وإلى تطور المواجهة في سوريا لمواجهة طائفة، ما جعل فرع القاعدة في أرض الرافدين يكون داعش ثم الخلافة الإسلامية ا لمزعومة.
النتيجة أن الإرهاب الذي تمارسه هذه التكوينات الثلاثة وافد للمنطقة من خارجها، وتتحمل الدول المعنية المسئولية الأكبر عن إرهاب الدول المارقة. ومثلما تستحق إسرائيل المساءلة الجنائية على إرهابها فإن بوش وبلير بالاحتلال غير المشروع للعراق وما أدى إليه من نتائج إرهابية ينبغي أن يقدما للمساءلة الجنائية.
رابعاً: غالبية الدول العربية تعاني من هشاشة ولا تتوافر فيها شروط الشرعية في هذا الزمان، وهي: أن يقوم الحكم على رضا الشعب، وأن يوفر للشعب أسباب المعيشة، وأن يكون النظام الاقتصادي عادلاً، وأن ينعم الوطن والمواطنون بالأمن. هذه الشروط غير متوافرة، وأجهزة الأمن تتعامل مع المواطنين كأنها قوة محتلة على نحو وصف الشاعر العربي:
لقد شُيّعت فاتِنَةٌ،
تُسمى في بِلاد العُربِ تَخريباً،
وإرهاباً
وطَعناً في القوانينِ الإلهيّةِ،
ولكن اسمُها والله …،
لكن اسمُها في الأصلِ حُرّية!
والقاعدة السوسيولوجية: "إذا وجد احتقان ولم يوجد له مخارج تنشأ قوة جديدة". هذا يفسر جاذبية الأجندات المتطرفة في كثير من البلدان العربية.
أي أن الدولة الوطنية العربية بعيوبها وتقصيرها عن توفير شروط الشرعية تتحول لجاذب لحركات التطرف والعنف المصاحب له.
هذه الحركات تجد في الثقافة الدينية السائدة حاضناً، فالقاعدة وداعش وأخواتهما يجدون من التفاسير المبتسرة للقرآن على نحو مقولة أن آية السيف ناسخة لأكثر من مائة آية للتسامح. وأحاديث أفراد تعزز هذا الفهم مثل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "بعثت بالسيف بين يدي الساعة ليعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي في ظل رمحي". حديث يناقض النص القرآني (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[3] ويعارض الواقع فأين الساعة بعد 15 قرن من الزمان؟
هذه الدول تعاني من هشاشة وتجذب حركات تطرف وعنف ضدها، وتواجه حركات المعارضة المشروعة لها بتهمة الإرهاب، لتجد مبرراً للبطش بها. صحيح أن هشاشتها تغري الإرهاب الذي استوطن في المنطقة، كالقاعدة وداعش، لغرس خلايا وإقامة إمارات. ولكن السلطة الحاكمة توسع صفة الإرهاب لتشمل المعارضة المشروعة للاستبداد والفساد الذي تمارسه نظم الطغيان.
خامساً: منطقتنا موبوءة بانقسامات طائفية حادة أهمها الانقسام بين أهل السنة والشيعة. بين الطائفتين عنف لفظي حاد بين الروافض والنواصب. هذا العنف اللفظي أدى لحرب أهلية باردة ثم ساخنة تدور رحاها الآن في العراق، وسوريا، واليمن، والبحرين، بل تعم كل المناطق التي يوجد فيها أنصار للطائفتين في مجموعة سكانية واحدة. النزاع في حقيقته طائفي ولا تحسمه المواجهات العسكرية، بل يدمر طرفيه دون جدوى، ويقذف الطرفان ضد بعضهما بعضا صفة الإرهاب. هذه المواجهات الطائفية تلحق طرفيها بالدمار، وتفتح المجال لتمدد القاعدة وداعش، وتمكن أعداء الأمة من تحقيق أهدافهم لتمزيقها.
سادساً: يبدو لإسرائيل تحت قياداتها المتطرفة حالياً أن مشروعها العدواني في المنطقة ناجح. فقد أفرغت توصيات مؤتمر مدريد 1991م، وأفرغت برنامج أوسلو 1993م، وأثناء 18 عاماً من الحوار غير المجدي خلقت إسرائيل واقعاً جديداً، إذ ضمت 45% من أراضي الضفة، ووسعت المستوطنات، وواصلت تهويد القدس، وواصلت العداون على المسجد الأقصى، وأقامت الجدار العنصري العازل، وكلها إجراءات مناقضة للشرعية الدولية، بحماية حق النقض الأمريكي. هذا الموقف الظالم لم يحرك موقفاً عربياً مضاداً كما ينبغي، بل أدت هشاشة الدول الوطنية العربية في كثير من الأحيان، والتركيز الأبله على النزاع الطائفي، إلى اعتبار إسرائيل حليفاً في الحرب ضد الإرهاب كما أدعى الحلفاء فيه.
ويبدو لإسرائيل أنها تنعم الآن بربيع إسرائيلي، فقد أدت ظروف الإسلاموفوبيا في الدول الغربية لرفع درجة العداء للعرب والمسلمين بصورة أشبه بما كانت عليه أيام الحروب الصليبية. وشرعت إسرائيل في بناء أحلاف مع دول أفريقيا جنوب الصحراء حيث منابع النيل باسم مواجهة الإرهاب، ومعلوم أن تلك الدول تعاني من هجمات شباب الصومال وبوكوحرام، وبدا كأن إسرائيل تحت راية محاربة الإرهاب تنعم بتحالف مع الإسلاموفوبيا في الغرب، ومع دول عربية، ودول أفريقية، بينما تمارس إرهابها ضد أهل فلسطين وسائر العرب.
قال أزايا برلين المفكر اليهودي الشهير: "إن إسرائيل سوف تمشي منتشية إلى الهاوية". وسئل نكسون الرئيس الأمريكي الأسبق عن مستقبل إسرائيل، فرفع يده اليمنى مفرداً أصبعه إلى أعلى وبعد أن بلغ أقصى طول يده انزلها إلى أسفل؛ وبعض عقلاء الإسرائيليين دقوا ناقوس الخطر. قال أيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في عام 1992م: "كل محاولة للاحتفاظ بالأرض المحتلة ستؤدي حتما إلى دولة غير ديمقراطية أو دولة غير يهودية. لأن الفلسطينيين الآن (1992م) 4,5 مليون نفس فإذا أعطوا حق التصويت فسيكون تصويتهم لدولة ثنائية القومية. وإذا حرموا حق التصويت فسوف تكون دولة أبارتايد (الفصل العنصري) كما كانت جنوب أفريقيا سابقاً".
قال توماس فيردمان: "إسرائيل تتوغل في العمق إلى دولة واحدة ذات قوميتين يديرها المتطرفون الإسرائيليون" (النيويورك تايمز 25/6/2016م).
سابعاً: الاستهانة بالقضية الفلسطينية واتخاذ بعض الدول العربية إسرائيل صديقاً هو جزء من الهوان العربي الذي أبكى كثيراً من المفكرين وعبر عنه كثير من الشعراء.
قال غازي قصيبي الشاعر السعودي:
يا أيها المخترع المبتكر العظيم..
يا من صنعت بلسماً قضى
على مواجع الكهولة.. وأيقظ الفحولة
أما لديك بلسماً يعيد في أمتنا الرجولة
وقال الشاعر المصري مصطفى الجزار:
كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترَه
فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَه
لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً ، فقدْ
سقطَت من العِقدِ الثمينِ الجوهرَة
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ . . ليصفَحوا
واخفِضْ جَنَاحَ "الخِزْيِ".. وارجُ المعذرَة
والجامعة العربية مرآة لهذه الحالة. تقاعست عن دورها القومي تماماً، وأفسحت المجال للمساجلات الطائفية العقيمة، وأفسحت المجال لتدخلات دولية لحل مشكلات داخل الأوطان العربية وفيما بينها، يقودها مشرفون غير ملمين بحقائق الأمور. أو تقودها حملات عسكرية تقودها قوات أجنبية سمحت لضحايا القصف أن يصفوها بأنها حملات صليبية تعزيزاً لشرعيتهم ما داموا يتصدون لها.
ونتيجة لهذا الهوان قال بعض الشامتين: "ينبغي أن نعتبر البلدان العربية من سكان العالم الإسلامي عاجزة عن التحول البناء". هذا قاله راف يبترز. وهذا ما قد يجعل إسرائيل تمد لسانها وتقول لمن يرفع شعار المقاومة مقولة البحتري:
زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أنْ سيَقتُلُ مَرْبَعاً أبْشِرْ بطُولِ سَلامَةٍ يا مَرْبَعُ
ولكنني اعتقد أن نفس هذه الحالة البائسة سوف تدفع إلى نقيضها فاستمرارها ضد طبيعة الأشياء، وقد قيل إن أظلم ساعات الليل هي التي تكون قبل الفجر. وقال ابن زريق:
فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن قدرت أَوسَعُهُ!
إن مقومات هذه الأمة المعنوية والمادية والبشرية سوف تنهض بها، وتجعل الوضع الراهن تاريخاً مظلماً.
ثامناً: مثلما الوضع العربي سيء ويتطلب القضاء عليه، فإن الوضع الراهن الدولي الحالي غير عادل، ولا سلام بلا عدالة.
هذا النظام اتفق عليه في عام 1948م عندما كان عدد الدول 51 دولة وهي الآن 193 أي تكون في غيبة أغلبية الدول، ما يتطلب مراجعة.
كذلك أعطى النظام خمس دول حق النقض لقرارات المجلس وبالتالي لقرارات سائر الدول مهما كانت أغلبيتها، هذا سمح للاتحاد السوفيتي في وقته أن يمنع إصدار أية قرارات دولية لا تناسبه وتناسب مصالح حلفائه. وما بين 1972م وعام 2011م استخدمت الولايات المتحدة حق النقض 42 مرة في حماية العدوان الإسرائيلي. إن استمرار هذا النظام غير العادل دون الإصلاح المطلوب خطر على الأمن والسلام الدوليين فالعضوية الدائمة الآن ليست فيها دولة واحدة عربية، ولا مسلمة، ولا أفريقية، ولا ألمانيا، ولا اليابان، ولا الهند.
تاسعاً: وفي الطريق للإصلاح المنشود فإن واجب الأمة العربية هو مطالبة ملحة على الصعيد الدولي بالآتي:
‌أ) تصفية المستوطنات.
‌ب) هدم الجدار العنصري.
‌ج) فك حصار غزة والضفة.
‌د) تطبيق القرارات الدولية العالقة.
‌ه) عدم استخدام حق النقض لحماية العدوان الإسرائيلي.
كذلك هنالك ديناميات متحركة فأعداد الفلسطينيين تزداد، ويقدر الموقف كالآتي في 2025م:
وحلم إسرائيل أن تكون وطناً لكل اليهود لن يتحقق، فهي ليست جاذبة بل تشد أغلبيتهم الولايات المتحدة إليها حيث أوضاعهم ممتازة.
ختاماً أقول: هذه الحالة البائسة بدول وطنية متهالكة، وفتن طائفية بلهاء لن تدوم. وفي كتاب أصدرته العام الماضي بعنوان "حالنا ومآلنا" قدمت قراءة لما أرجو أن يتجه نحوه مصيرها.
ولكن إلى حين ذلك الفجر المأمول ماذا يستطيع مؤتمرنا هذا أن يحقق من قيمة مضافة؟
أرى أن نتفق على عهد إسلامي مسيحي قومي نلتزم به، ونحشد لتأييده تعبئة شعبية واسعة، ونحرص أن توقع عليه الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات، والدول عنوانه: (عهد مناصرة المقاومة) ومفرداته هي:
نحن، معبرين عن ضمير أمتنا، وحريصين على مثلها العليا، ومصالح شعوبها، ندعو للالتزام بالآتي:
أولاً: دعم المقاومة الفلسطينية خاصة والعربية عامة للتصدي للاحتلال، وتأييد كل القوى العربية الإسلامية والدولية التي تعترف بمشروعية المقاومة وتدعم حركتها التحريرية.
ثانياً: ندين كافة محاولات تشويه المقاومة بكل فصائلها بصفة الإرهاب، فالإرهاب الممارس في هذا المجال هو إرهاب دولة إسرائيل.
ثالثاً: نطالب بإخلاء منطقتنا من أسلحة الدمار الشامل، ما يوجب تأكيد التزام كافة دول المنطقة بالاستخدام المدني للطاقة النووية، وهذا يوجب تجريد إسرائيل من سلاحها النووي، وإلزامها بالتوقيع على معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
رابعاً: الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967م استيطان غير شرعي، ومقاومته مشروعة.
خامساً: المقدسيون على ثغر من ثغور الأمة ينبغي دعم صمودهم بكل الوسائل، لا سيما إعمار وصيانة مباني الأوقاف في القدس.
سادساً: رصد كافة المؤامرات التي تحاك ضد المسجد الأقصى، ودعم كافة أعمال حمايته.
سابعاً: تكوين آلية لرعاية شئون اللاجئين الفلسطينيين، ودعم أعمال هيئة غوث اللاجئين.
ثامناً: توحيد الجبهة الفلسطينية حول المقاومة واستحقاقات السلام العادل، والرفض الإجماعي لنهج الرباعية الذي يساوي بين الضحية والجلاد.
تاسعاً: إدانة الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الضفة وقطاع غزة، واعتبار قسوة حصار غزة جريمة إبادة جماعية.
عاشراً: تجريم أي تطبيع مع إسرائيل ما دامت دولة محتلة واعتباره خيانة للأمة.
حادي عشر: عاملان ساهما في فتح المجال لإسرائيل لعقد تحالفات مع دول منابع النيل خاصة ودول أفريقيا جنوب الصحراء: العامل الأول: غباء نظامين استبداديين في مجرى ومصب النيل، إذ أبرما اتفاقاً ثنائياً حول مياه النيل عام 1959م وعزلا دول المنابع ما يوجب الاعتراف بالخطأ والتصحيح لأنه دفع دول المنابع في اتجاهات مضادة. والعامل الثاني: هو التحالف ضد إرهاب شباب الصومال وبوكو حرام، ما يوجب تنسيق التعاون مع الدول المستهدفة ضد الإرهاب.
ثاني عشر: تقدم إسرائي للدول الأفريقية عروضاً تنموية. هنالك عوامل تكامل تنموي في حوض النيل وما بين غرب آسيا وشرق أفريقيا. ووجود قدرات مالية وبشرية في الجانب العربي وإمكانات استثمارية واعدة في الجانب الأفريقي يبرر هذا التكامل علماً بأن مخاطر الاستثمار في الدول الغربية كبيرة لأنها بين ضعاف وأقوياء، بينما في الإطار الأفريقي فإنه بين أنداد.
ثالث عشر: وضع أسس واضحة للسلام العادل تستوجب حق العودة لنص القرار الدولي 194، وكفالة حقوق الموطنة الكاملة للفلسطينيين الذين بقوا في موطنهم. والبديل كحل الدولتين الذي خربته السياسات العدوانية هو دولة واحدة بحقوق مواطنة متساوية ونظام ديمقراطي.
رابع عشر: العمل على إصلاح الجامعة العربية بصورة تمكنها من التصدي المجدي للقضايا القومية وتفسح المجال لمشاركة الشعوب.
خامس عشر: دعم مشروع مساءلة إسرائيل جنائياً عن ما ارتكبت من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
سادس عشر: الانقسام الطائفي والحروب المشتعلة خاصة بين أهل السنة والشيعة تستهلك الطاقات فيما لا طائل وراءه، وتحول دون التعاون لدعم المقاومة بل وسائر القضايا القومية، وتفتح المجال لتدخلات الهيمنة الدولية، ما يوجب العمل العاجل الحازم لوقف هذه الحروب الطائفية وتحقيق مصالحة سنية/ شيعية.
سابع عشر: إقدام منظمة التعاون الإسلامي للقيام بدورها في تأكيد مشروعية المقاومة ودعم حركات التحرير.
ثامن عشر: مخاطبة المؤسسات المسيحية القيادية لدعم مشروعية المقاومة مع الموقف المضاد للإرهاب، بل مخاطبة المؤسسات اليهودية غير الصهيونية لإدانة العدوان الإسرائيلي.
تاسع عشر: نظام الأمم المتحدة الحالي غير عادل ما يوجب إصلاحه فلا سلام بلا عدالة. نلتزم بالعمل بكل الوسائل السلمية لإصلاحه.
عشرون: تكلف هيئة مختصة لتأليف كتاب مرجعي بحقيقة القضية الفلسطينية ليدرس في المعاهد والمدارس ولتوفير المادة الصحيحة للإعلام.
هذا العهد نلزم به أنفسنا، ونخاطب صناع القرار في عالمنا لتأييده، وقفل الباب تماماً أمام الأصوات الغافلة أو الغادرة التي تعمل على الخلط بين المقاومة والإرهاب خلطاً للحق بالباطل يقع فيه قادة أو ساسة عمداً أو غفلة، فالسياسي الذي لا يدرك مواطن الخطر يصير هو نفسه موطناً للخطر.
وعلى أية حال فإن هذا العهد يضع مقاييس امتحان بموجب الموقف منها يكرم المرء أو يهان.
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[4].
[1] سورة الحج الآية (39)
[2] أخرجه أبو داود في السنن
[3] سورة البقرة الآية (256)
[4] سورة الأنبياء الآية (105)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.