نهاية عام 2013م سيّر عدد من مرضى الفشل الكلوي تظاهرات متتالية احتجاجاً على سوء الأوضاع بمراكز غسيل الكلى، ليتضح أن 150 ماكينة غسيل كلى بالخرطوم متعطلة ولا تعمل، وكذا حال مرضى السرطان الذين ينتظرون رحمة الماكينة، ويموت بعضهم وهم في قائمة الانتظار، فالذي لم يمت بالسرطان مات بطول انتظار جرعة الكيماوي، فخلال شهر يونيو الماضي نقلت الأخبار ما يلي: خلال خمسة أشهر استقبل مستشفى الذرة بمدينة ود مدني (980) حالة سرطان جديدة، وبلغ التردد على العيادات أكثر من 150 حالة يومياً وأن 40% من الحالات الموجودة في الخرطوم تهاجر إلى الجزيرة لتلقي العلاج هناك، ذلك أن الخدمة تعطلت في مستشفى الذرة بالخرطوم. في نوفمبر الماضي، أعلن مستشفى الذرة بالخرطوم أن تعطل الأجهزة لأكثر من خمس سنوات أدى إلى وفاة 65% من مرضى السرطان المسجلين في قوائم الانتظار. كل هذا يبدو طبيعياً حينما تنظر إلى أرقام موازنة الدولة، والتي تتذيل فيها الصحة القائمة، مؤشرات انهيار قطاع الصحة ليست حديثة، فقد ظلت الإنذارات تُرسل يوماً تلو الآخر، ليس ابتداء بهجرة الكوادر الطبية وليس انتهاء بانعدام الأدوية المنقذة للحياة، فكم من عمليات توقفت بالمستشفيات الحكومية بسبب انعدام خيوط العملية أو البنج. إذا كان المواطن يتحمل من ميزانية وزارة الصحة ما قيمته 64% مقابل تمويل الدولة الذي يبلغ نسبة 25%، حسب حديث وزير الصحة في وقت سابق، فما يلحق بقطاع الصحة هو جزء من منظومة تدهور طالت كافة القطاعات الحيوية، كونها تأتي في ذيل اهتمامات الدولة. الواقع الآن في القطاع الصحي، يبين في كل شيء، وينعكس على كل شيء، والصحة والتعليم تعدان معياراً لقياس تقدم الأمم، السودان الآن يتصدر قوائم المرض حول العالم، سرطان، إيدز وسوء تغذية، عطفاً على التقارير الرسمية التي تتحدث عن انتشار مرض الملاريا، أو بالأحرى، عودة الملاريا، فقد تراجع دعم مشروعات مكافحة الملاريا خلال الفترة الماضية مما زاد ارتفاع معدل الإصابة، حيث كشف التقرير عن إصابة أكثر من 63 ألف شخص بالملاريا خلال نصف العام 2015م، وتقديرات منظمة الصحة العالمية أشارت في وقت سابق إلى أن 75% من سكان السودان معرضون للإصابة بالملاريا. لقد صدق وزير الصحة حينما قال قبل أعوام أمام البرلمان، لا أحمل عصا موسى لإصلاح حال الصحة. التيار