بيان صحفي حول حملة الإعتقالات الأخيرة ضد قادة سياسيين ونقابيين وصحفيين ونشطاء مجتمع مدني تتابع كُونفدرالية مُنظمات المُجتمع المَدني السُودانية (الكونفدرالية)، بكل القلق، التدهور المريع في أحوال حقوق الإنسان في السودان، بخاصة الانتهاكات الواسعة التي تزامنت مع الإجراءات الاقتصادية الأخيرة في مطلع نوفمبر 2016، التي بموجبها تم تحرير سعر الدولار مقابل العملة الوطنية، ورفع أسعار الوقود والكهرباء والسلع الأساسية. لقد تعرض العديد من القادة السياسيين٬ ونشطاء المجتمع المدني، والصحفيين، للاعتقال والتشريد والملاحقة، جراء موقفهم المناهض لتلك السياسات سلميا. أو لمجرد قيامهم بواجبهم المهني. قامت سلطات الأمن بحملة منظمة من الاعتقالات والحبس والتوقيف، ضد كل من عبر عن رفضه للسياسات الاقتصادية الحكومية، وقبل ذلك، شملت حملة الاعتقالات قطاع كبير من الأطباء الذين ينفذون حملات إضراب عن العمل بسبب تردي بيئة العمل في المستشفيات، وبسبب الاعتداءات التي يتعرضون لها أثناء مزاولتهم لعملهم في مستشفيات القطاع العام٬ من نظاميين٬ ومن مواطنين حانقين على ضعف الخدمات الطبية. وفي يوم الخميس 10 نوفمبر، تعرضت صحفيتان يصحبهما ناشطان للاختطاف من الشارع العام٬ في وضح النهار٬ على طريقة أفلام الجاسوسية٬ تحت سمع وبصر ودهشة الجمهور الذي وقف يتفرج وكأنما على رؤوسهم الطير من غرابة المشهد. وعلى الفور صادر رجال الأمن هواتف المختطفين وفحصوها بحثا عن صور رجال الأمن الذين كانوا يحضرون المحاكمة٬ ظنا منهم أن الصحفيتين قد صورتاهم. يتمتع رجال الأمن بسلطات واسعة في الاعتقال والحبس والتعذيب، دون الخضوع لأي رقابة أو مراجعة من قبل السلطات العدلية. وفي ظل غياب سيادة حكم القانون، لا توجد أي سلطة يلجأ اليها المواطنون للتظلم ضد ما يتعرضون له من عسف وإهانة وإذلال مثلما حدث للصحفية أمل هباني التي اعتدى عليها أحد هؤلاء الضباط بالصفع. ظلت قوات الأمن تحتفظ بالمعتقلين في مراكز للاعتقال، غير معلن عنها، ولم يتمكن ذووهم من الاتصال بهم والاطمئنان على أوضاعهم، كما لم يتم مواجهتهم بأي جرائم محددة. تُدين كونفدرالية مُنظمات المُجتمع المدني السودانية، بأقوى العبارات٬ الانتهاكات البشعة التي يتعرض لها النشطاء والمهنيين والسياسيين، وتطالب السلطات السياسية بكبح جماح رجال الامن الذين استباحوا الشعب٬ وأشبعوهم ذلا وهوانا٬ وداسوا على كرامتهم بالأحذية. إن حماية حقوق الناس وصيانة كرامتهم من أهم مسؤوليات السُلطات الحكومية. إن تجاهل الحكومة لنداءاتنا هذه لن تقود إلا لتمادي رجال الأمن في انتهاكاتهم٬ وتصرفهم وكأنهم قوة احتلال غاشمة٬ مما يقود لتحقير القانون والاستهانة بسلطات إنفاذه. وإضعاف الثقة به وبجدواه في النفوس٬ ما يؤدي بالناس إلى أخذ القانون في أيديهم٬ وهذه وصفة خطيرة للفوضى التامة ستكون الحكومة أكبر الخاسرين فيها. تطالب الكونفدرالية الحكومة بالآتي: 1. الافراج الفوري عن كافة المعتقلين أو توجيه تهما محددة لهم. 2. الكشف وبصورة عاجلة عن عدد المعتقلين، وأماكن اعتقالهم، وإتاحة الحق لأسرهم في زيارتهم والحصول على تمثيل قانوني لمتابعة ظروف اعتقالهم. 3. إصلاح قانون الأمن بحيث يقيد السلطات المطلقة والحصانة المطلقة التي يمنحها لرجال الأمن٬ وهذا هو السبب الرئيسي لطغيانهم. 4. إجراء تحقيق شامل عن جميع الانتهاكات الفظيعة والاتهامات المتكررة بانتهاك الكرامة والعروض التي ظل يرددها المحبوسون في جهاز الأمن، تحقيقاً مستقلاً وشفافاً ونشر نتائج ذلك التحقيق على الملأ٬ ومحاكمة كل من يثبت ارتكابه هذه الانتهاكات. 5. تدريب رجال الأمن في حقوق الانسان حتى يدركوا أهمية احترام الكرامة البشرية المغروسة في كل إنسان. وتثقيفهم سياسيا حتى يفهموا أن أفعالهم هذه إنما تساهم في كراهية المواطن للنظام الذين يظنون أنهم يحمونه عن طريق إذلال الناس. كونفدرالية منظمات المجتمع المدني السودانية الخرطوم، 11 نوفمبر 2016