في معركة برلمانية طاحنة انقسم المجلس التشريعي لولاية الجزيرة في موقفه من خطاب الوالي محمد طاهر إيلا، صوّت 36 عضواً لإجازة الخطاب، بينما 40 عضواً رفضوا إجازة خطاب الوالي، وهكذا أُسقط الخطاب، ورغم أن أحد المسؤولين هناك قلل من الخطوة، وعدّ أن ما جاء به تشريعي الجزيرة بدعة، ووفقاً ل (السوداني) فإن المسؤول الحزبي قال لا يمكن إسقاط الخطاب– حسب العرف- إنما من الممكن إعادته مع تحديد الملاحظات، وهو رأي ينتهي إلى أن الخطوة التي قام بها التشريعي لن يكون لها أثر. بعيداً عن أثر هذه الخطوة– عملياً- على ولاية إيلا، إلا أن أثرها السياسي مزلزل.. هذه رسالة محددة وواضحة الوجهة.. إسقاط خطاب الوالي إيلا يأتي بعد أقل من أسبوع من خطاب الرئيس، الذي ألقاه في مدينة المناقل، وأودع عبره كل الثقة في والي الجزيرة، بل أكثر من ذلك، قالها الرئيس صراحة "أيلا سيبقى في منصبه إلى أن يأتي قدر الله أو يرفضه أهل الجزيرة". وإن كانت المعركة في ظاهرها معركة مجلس تشريعي وسلطة تنفيذية، إلا إنها أحد أبرز واجهات الصراع داخل حزب المؤتمر الوطني، والصراع ليس- فقط- صراع تيار ضد تيار آخر، يبدو أنه صراع قاعدة وقيادة.. أن يستقوي المجلس التشريعي ويسقط خطاب الوالي بعد أيام معدودة من منحه وسام الخلود في الكرسي بواسطة الرئيس، فهذا يعني أن المقصود ليس إيلا.. لكن، من أين يستمد تشريعي الجزيرة قوته، إذا كان الرئيس داعماً للطرف الآخر؟. المؤيدون للوالي إيلا- عادة- يقدمون سيلاً من الشهادات في حقه، أنه أوقف الصرف والإنفاق الوهمي، وأنه قطع الطريق أمام العبث في المال العام، وفوق ذلك يحاول أيلا خلع عباءة الحزب والحركة ليرتدي الزي القومي، ويتحول إلى والٍ لكل السودانيين في الجزيرة، بالمقابل، يردد منتقدوه أن سياسات أيلا ترتكز على الدعاية الإعلامية، ويُركز في برامجه على قلب المدينة تاركاً الأطراف غارقة في فقرها، وضعف تنميتها. أيلا ظل والياً مثيراً للجدل، يلاحقه الإعلام والإنجازات والاتهامات.. بالمقابل، ظلت ولاية الجزيرة شاهدة على صراعات المؤتمر الوطني، حتى قبل مجيء أيلا والياً عليها، لكن في مرحلته انتقل الصراع بشكل كامل من داخل الحزب إلى السوح التشريعية.. إيلا الذي نجا من معارك عديدة في الولاية، وقبلها في البحر الأحمر، هذه المرة، لن تكون كسابقاتها، فقد قرر الحزب الوطني في ولاية الجزيرة مواجهة المركز، وهذه حساباتها تختلف- تماماً- كما ثمنها. التيار