مناوي: المدن التي تبنى على الإيمان لا تموت    الدعم السريع يضع يده على مناجم الذهب بالمثلث الحدودي ويطرد المعدّنين الأهليين    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    بعد اتفاق الاتحاد والهلال.. نجوم الهلال سيغيبون عن معسكر عمان    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    تقارير تتحدّث عن قصف مواقع عسكرية في السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تشعل مواقع التواصل بلقطة مثيرة مع المطربين "القلع" و"فرفور" وساخرون: (منبرشين فيها الكبار والصغار)    شاهد بالفيديو.. عودة تجار ملابس "القوقو" لمباشرة البيع بمنطقة شرق النيل بالخرطوم وشعارهم (البيع أبو الرخاء والجرد)    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. حكم راية سوداني يترك المباراة ويقف أمام "حافظة" المياه ليشرب وسط سخرية الجمهور الحاضر بالإستاد    شاهد بالفيديو.. مودل مصرية حسناء ترقص بأزياء "الجرتق" على طريقة العروس السودانية وتثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بالصور.. أشهرهم سميرة دنيا ومطربة مثيرة للجدل.. 3 فنانات سودانيات يحملن نفس الإسم "فاطمة إبراهيم"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



( العقل الرعوي / النور حمد) افضل مقال لعام 2016 عن جدارة و استحقاق
نشر في حريات يوم 29 - 01 - 2017


** قراءة قانونية ( للعقل الرعوي /النور حمد ) :
** ماهية العقل الرعوي ؟!!
** جزور العقل الرعوي في مملكة النمل .. و مملكة النحل ؟!
** النظرة الدونية للمرأة عقل رعوي
** الجسد عقل رعوي
قراءة قانونية للعقل الرعوي / النور حمد :
المقاومة العالمية لجلوس الرئيس ( القومجي ) ترامب علي كرسي الرئاسة يومي 20 و 21 يناير 2017 ، هذه المقاومة التي انتظمت في امريكا ، و في بريطانيا و استراليا و نيوزيلندا ، و ايطاليا ، و بصورة خاصة الحركة النسوية المنظمة التي انتظمت انحاء العالم ضد الرئيس ترامب تحت شعار ( الحب اقوي ) ، هذه التفاعلات الحية تعطي المزيد من المصداقية للقراءة الرائعة لرؤية ( العقل الرعوي / النور حمد ) ، التي تحدث فيها عن المخاطر المتجددة للعقل الرعوي المتمثلة ( في التمييز علي اساس اللون ، الجنس ، و الجغرافيا و العنصر ، و القومية ) ، من هتلر الي عمر البشير ، حتي دونالد ترامب .
و شاهدنا ان خصائص العقل الرعوى التي شرحها د النور حمد قد تضمنت قراءة استباقية لعقل ( القومجي/ العنصري ترامب ) القادم منذ ان كان ( مرشحا ) ، و قد وضح ان رؤية النور حمد لقضايا و تداعيات العقل الرعوي من عنصرية ، و عبودية ، و اضطهاد المرأة .. الخ ، كل هذه الامور التي برزت في الساحة العالمية كقضايا حية ، و الاهم من ذلك سيكون لها تداعيات خطيرة تتمثل في انتقال ظاهرة ترامب الي اوروبا ، و ازدهار الاحزاب اليمينية المتطرفة الداعية للدولة القطرية القومية ، الامر الذي قد يشكل خطرا علي وحدة و تماسك الاتحاد الاوروبي ، و حلف الاطلسي ، و السلم الدولي . فالعنصرية كما طرحتها (رؤية العقل الرعوي / النور حمد) لم تعد مجرد دروس مستمدة من التاريخ عن النازية و الفاشية ، و انما صارت خطرا ماثلا يهدد البشرية ، بدليل الاستجابة المضادة و المقاومة الفورية لخطاب التنصيب الشعبوي الذي القاه الرئيس الامريكي ترامب .
. رؤية النور حمد حول العقل الرعي كانت افضل مقال للعام 2016 ، عن جدارة و استحقاق ، فهي نتاج ( تفكير حدسي ) طازج من سماء روحه ، هي ( فتح) في زمن الندرة ، و (الانسداد ) الفكري ، ليس علي مستوي السودان فحسب ، و انما علي نطاق منطقة دول الجامعة العربية . و قد الهمت ( رؤية العقل الرعوي / النور حمد) قطاعا معتبرا من الاكادميين و المثقفين السودانيين ، ليس للتعقيب في شكل مداخلة ، او مقالة عابرة ، و انما في سسلسلة من المقالات ارجو ان يتم جمعها في شكل مجلدات ، و ذلك مراعات لوحدة الموضوع ، و لتاكيد اهمية الجهد الفكري السوداني التراكمي المشترك النابع من العقل الجمعي السوداني . و يلزمني التنويه الي ان التحليل ادناه فيه ملامح كثيرة من الفكرة الجمهورية بحكم خلفيتي الجمهورية في شبابي ، و اني احتفظ للفكرة الجمهورية بملكيتها الفكرية في كلما ورد في هذا المقال ، و مطابق لها ، و في ذات اقول ، باني لا انسب هذا المقال ابدا .. ابدا .. للفكرة الجمهورية .. و من اراد ان يعرف راي الفكرة في هذا الامر فليرجع الي مصادرها في كتب الفكرة . تجدون ادناه : قراءة قانونية لمسالة العقل الرعوي .
ماهية العقل الرعوي ؟
العقل الرعوي هو الموروث المتراكم للانسان منذ ان هبط من عليائه ( في احسن تقويم ) .. الي الارض ( اسفل سافلين) . الي ذرة الهايدروجين ، حسب السرد الرائع الوارد في مقدمة كتاب رسالة الصلاة للاستاذ محمود محمد طه ، ذلك السرد الذي اعاد الاعتبار لنظرية التطور لدي داروين ، وقد بدا الانسان (بالمغفرة لادم ) رحلة ( الصعود و العودة الي جنة عدن ) .
( العقل الرعوي) ، بذلك ، هو موروث الانسان الكامن في انوية ذرات المعادن من غبار النجوم خلال 15 بليون سنة ، الغبار القادم من قلب النجوم الي ارضنا ، و الي اجسادنا عبر جزيئات الحديد و الفسفور والنحاس و التي تجري في دمائنا ، هذه التجارب مخزنة لدي كل شخص ( سواء اكان انسان البادية في الصحاري ام في الاستوائية ، ام اوروبا و امريكا و الصين و اليابان ) ، و بغض النظر عن وضعه الاجتماعي اوالطبقي ، و بغض النظر عن الجغرافيا ، او درجة التعليم ، فالبروفسير الامريكي في جامعة هارفارد ، المولود في امريكا و لم يغادرها ابدا ، اذا ووجه بهجوم مفاجيء ، فان عقله الباطن سيستلهم غريزة القتال الكامنة بداخله ، من خلال تجاربه السابقة في اعماق البحار او في غابات الامزون قبل ملايين السنين ، فتراه و بسرعه يكفكف اكمام قميصه ، و يقنص مهاجمه بنفس الطريقة التي كان يفترس بها عندما كان نمرا او سمكة قرش ، و شاهدنا ، ان العقل الرعوي موجود في داخل كل انسان بغض النظر عن العنصر او اللون او الجغرافيا ، فالعقل الرعوي بهذا المعنى هو ( اشكالية عالمية ) لا يمكن معالجتها الا بترتيبات و جهود عالمية ،
غريزة القطيع … و العقل الرعوي : علاقة القبيلة (بمملكة النمل ، و مملكة النحل ) ؟!!
يمكن تعريف العقل الرعوي بانه السلوك البشري ، و جملة الادوات و الابداعات و الوسائل التي ابتكرها الانسان عبر التاريخ ، لتحسين حياته ، و لتطويرها ، و لحماية نفسه ، و تشمل ابتكارات الانسان : الاسرة الصغيرة ، و الاسرة الممتدة ، و الفخيذة و القبيلة ، و الثروة و العبيد ، و تملك النساء و الغيرة علي المرأة .. الخ . ، هذه الابتكاترات في وقتها تعتبر عملا مجيدا ، و لكنها بمرور الزمن تحولت الي عقبات في طريق تطور الانسان ، فالقبيلة كانت في الماضي مؤسسة تقدمية ( في وقتها ) ، و لكنها اصبحت عقبة عندما تطورت المجتمعات من القبيلة الي الدولة ، الي العولمة و الكونية ، و قد دفعت البشرية دماءا غزيرة بسبب العقل الرعوي و تجالياته المتمثلة في العنصرية و القبلية ، اضطهاد المرأة ، العبودية …الخ .
و متابعة لتاصيل ماهية العقل الرعوي ، نقول بان العقل الباطن لابن ادم هو الذي الهمه فكرة انشاء القبيلة و العنصرية ، و عقلية القطيع ، و ذلك من خلال تجارب العقل الباطن المختزنة بداخاله خلال بلايين السنين ، و يكفي ان نشير هنا الي موروث العقل العريزي منذ ان كان ابن ادم جزءا من مملكة النمل او النحل ، ومنذ ان كان جزءا من اسراب الجراد ، و اسراب الطيور، و قطعان الابقار ، و الافيال ، و شاهدنا ان تاريخ الانسان ، و تجاربه كلها مختزنة في عقله الباطن ، و ان العقل الرعوي موجود لدي مطلق انسان ، حيث و جد الانسان علي الكرة الارضية ، ( يستوي في ذلك : هتلر و موسوليني ، و القذافي ، وعمر البشير ، و اليمين العنصري بقيادة دونالد ترامب ، و الذي قد ينعش التفكير القومي في كل اوروبا ) فالعقل الرعوي ، هو ذات عقل الانسان في تطوره من ذرة الهايدروجين ، في رحلة الصعود الي جنته المفقودة .
فالقبيلة باعتبارها مظهرا من مظاهر العقل الرعوي ، كانت مسالة تقدمية ( في وقتها) ، و لكنها بمرور الزمن ، وخصوصا ، في عهد حروب داحس و الغبراء ، تحولت الي ( عقبة ) .. حروب عبثية ، فجاء الاسلام للعرب ، لينتقل بهم الي وعاء اوسع هو وعاء ( الدين ) ، و بمرور الزمن ، اصبح الدين نفسه عقبة في كل العالم ، في اوروبا بدأ تجاوز الدين من خلال (الاصلاح الديني ) ، و تطور الامر الي الصراع بين الكنيسة و الدولة ، فانتصرت الدولة ، فجاءت العلمانية الايجابية ، و التي تعني حيادية الدولة تجاه الاديان و الطوائف الدينية .
و شاهدنا ان العقل الرعوي هو عبارة عن تجارب و خبرات مختزنة في العقل الباطن لمطلق انسان ، ( يقوم الانسان بتحوير هذه التجارب ، حسب تطور الانسان ، فالعقل الرعوى ممثلا في (القبيلة ) مثلا ، يتحور ، و يلطف ، و يدق ، القبيلة تتحور الي الحزب السياسي ، والي النقابة المهنية ، و الي التعصب للنادي الرياضي ، و الفريق القومي او لريال مدريد ، و هكذا ، فالعقل الرعوي بهذا المعني ( هو طاقة محايدة داخل الانسان ، مثل الطاقة الكهربائية ، او مثل الطاقة الذرية يمكن استخدامها سلميا للاعمار او حربيا للدمار الشامل ) .
كيف ، و متي تتخلص البشرية من / او تتجاوز ( العقل الرعوي) ؟!!
1- الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، و العهود الدولية اللاحقة مصممة لمعالجة اشكاليات العقل الرعوي :
لقد وقفت اوروبا الاستعمارية موقفا اخلاقيا رائعا في محاربة الرق (بعد ان استنفد الرق غرضة بدخول الالة ) خاصة بريطانيا ، التي استطاعت ( بصفتها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ) ان تكافح ( بالقانون ) الرق في مستعمراتها ، كما توحد العالم كله ضد التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا ، و جاء الاعلان العالمي لحقوق الانسان بعد الحرب العالمية الثانية ، و بعد هزيمة النازية ، ليضع دعائم التعاون الدولي لمكافحة ( الجانب السلبي للعقل الرعوي ) ، و قد اشتملت المادة الثانية للاعلان العالمي ، و التي تمثل اهم مادة في الاعلان ، اشملت المادة الثانية علي ( كل عناصر العقل الرعوي )، و تنص علي الاتي:
المادة (2) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان :
( لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق و الحريات الواردة في هذا الاعلان ، دون اي تمييز ، كالتمييز بسبب العنصر ، او اللون ، او الجنس ، او اللغة ، او الدين ، او الرأي السياسي ، او اي رأي آخر ، او الاصل الوطني ، او الاجتماعي ، او الثروة او الميلاد ، او اي وضع اخر ، دون اي تفرقة بين الرجال و النساء ، ..) .
** يتضح من المادة (2) من الاعلان العالمي لحقوق و انها تضمنت عناصر العقل الرعوي ، كما يتضح ان اشكالية العقل الرعوي ليست مرتبطة بالشرق الاوسط ، و لا بالجزيرة العربية وحدها ، و لا بالاسلام ، و انما ارتبطت باوروبا تحديدا ، لان الحربين العالميتين الاولي و الثانية لم يتسبب فيهما العرب و المسلمون ، و انما صناعة اوروبية ، غربية .
** يتضح من المادة الثانية للاعلان العالمي لحقوق الانسان ان اشكالية العقل الرعوي هي ( اشكالية : عالمية ، حقوقية ، و اخلاقية ، و تربوية ) ، لانها مرتبطة بالانسان حيث وجد الانسان ، و بالتالي لابد من التصدي لها بجهود عالمية في مجال القانون ، ( خاصة القانون الجنائي الدولي ) ، و مجال اممي عن طريق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، علي اعتبار ان انتهاك اي عنصر من كافة المسائل الواردة في المادة (2) من الاعلان العالمي يشكل تهديدا للامن و السلم الدوليين ، و اكبر دليل يؤكد ذلك ، هو تظاهرات النساء في كل العالم تزامنا مع اداء الرئيس الامريكي ترامب لليمين الدستورية و القاء خطابه الشعبوي ، باعتباره (مصدر تهديد لحقوق المرأة ) .
العقل الرعوي ( اشكالية تربوية و اخلاقية ) :
اذا فهمنا ان ( العقل الرعوي هو ( طاقة محايدة ) يمكن استخدام هذه الطاقة ايجابيا و سلميا لتطوير حياتنا ، كما يمكن استخدام هذه الطاقة سلبيا ، فندمر بها العالم ، فاذا كان الامر كذلك ، و هو كذلك ، فالمطلوب في هذه الحالة وضع استراتيجية شاملة كونية و دولية ، و اقليمية ، و قطرية ، (تربوية و اخلاقية) للتصدي لسلبيات العقل الرعوي ، يمكن اجمالها بالخطوط العريضة التالية :
1- معالجة قانونية ، بحيث تجرم القوانين العقابية في كل العالم اي انتهاك لاي عنصر من عناصر حقوق الانسان الوارد في الميثاق ، لاسيما المادة (2) منه .
2- تقوية و تعزيز دور المحكمة الجنائية الدولية ، و ذلك من خلال مجلس الامن ، و ذلك من خلال احالة ملفات مخالفات قانون المحكمة الجنائية ، احالتها للمحكمة ، حتي لو كانت الدولة المعنية غير موقعة علي اتفاقية روما التي نشأت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية ، و ذلك اسوة بسابقة احالة جرائم الابادة في دارفور للمحكمة الجنائية ، رغم ان الدولة السودانية لم توقع علي ميثاق روما .
3- تدريس حقوق الانسان من خلال المناهج المدرسية في كل انحاء العالم ، جنبا الي جنب مع تدريس حقوق الحيوان ، و الحفاظ علي البيئة ، و المناخ ، و الارض ، و الاحتباس الحراري ، لان الاستخدام السلبي للعقل الرعوي يهدد الانسانية بالانقراض ، و يهدد الحيوان و الاشجار ، و البيئة .
4- حرية الاعلام بكل اشكاله ، المقروء ، و المشاهد عبر القنوات الفضائية ، و حرية الانترنيت ، و الاعلام البديل/ الاعلام الاجتماعي ، حرية الفكر و التعبير ، و الاعلام الحر ، هذه الامور كفيلة بردع اي مستبد علي شاكلة هتلر ، و انا اجزم بان هذه الامور كفيلة باجبار دونالد ترامب لتغيير مساره 180 درجة .
5- المساويات الواردة في المادة (2) من الاعلان العالمي ، لا تعطي مفعولها الحقيقي الا بتكاملها مع العهود الدولية الاخري ، التي صدرت لاحقا في عام 1966 ، و هي الحقوق المدنية و السياسية و الاقتصادية ، باختصار تاخذ الحقوق الوردة بالميثاق مفعولها ، عندما توفر كل دولة : مجانية التعليم ، مجانية العلاج ، و حق السكن ، و ضمان الدخل المناسب للعطالة ، و رعاية المسنين ، و حقوق المرأة و الطفل و ذوي الاحتياجات الخاصة / المعوقين ، و ذلك لاننا نعلم ان ( الحاجة رق ) ، و ( من لا يملك قوته لا يملك قراره ) ، علي مستوي الدول ، او علي مستوي الافراد .
6- الدولة الحديثة بعقدها الاجتماعي ، و احتكارها للعنف ، كانت ، و مازالت ( عقل رعوي ) ، و ( البوليس ) ينظر اليه في كثير من بقاع العالم علي انه ( عدو ) ، و ( الدولة البوليسية ) هي اكبر مهدد لوثيقة الحقوق و الحريات ، لقد استخدم هتلر و عمر البشير الفظائع من خلال ( اداة الدولة) ، و العالم كله يحبس انفاسه بعد اداء ترامب اليمين الدستورية في واشنطن ، و استلامه ازرار اسلحة الدمار الشامل ، لادراك الجميع بخطورة الدولة ك ( عقل رعوي سلبي ) .
نهايات العقل الرعوي / نهاية الشر و الشيطان ، و النفس الامارة :
قلنا ان العقل الرعوي ( طاقة محايدة ) ، الاستخدام الايجابي لهذه الطاقة ، و الذي يمثل (الخير) سيظل ، و يبقي في شكل العمل الجماعي (بروح الفريق ) ، و سيبقي العقل الرعوي الايجابي في التنافس الرياضي و الانتماء و الولاء للفريق القومي ، و الهلال و المريخ . و لعل اروع شكل للعقل الرعوي الايجابي هو مظاهرات النساء في يوم 21/ يناير 2017 النابعة من العقل الجمعي الغريزي للنساء في كل انحاء العالم ضد الرئيس ترامب .اما الجانب السلبي من العقل الرعوي ، و الذي يمثل الشر و الشيطان ، و الذي يشكل احدي تطبيقات او تجليات النفس الامارة ، فانه ( يلطف ،كلما تطور الانسان في مدارج نفوسه العليا ، ترقيا من النفس الامارة ، الي النفس الملهمة ، الي النفس المطمئنة ، الي النفس الراضية ، الي النفس الكاملة ، ولكنه ( اي العقل الرعوي ) سيبقي كامنا في النفس العليا / الروح ، كمون النار في العود ، او كمون ( النفس الامارة في الانسان الكامل الذي دخل مرحلة النفس المرضية و النفس الكاملة ) .
يستطيع انسان القرن الواحد و العشرين ان يتفهم و يتقبل باريحية المساويات الواردة في مواثيق و عهود حقوق الانسان ، خاصة (الرق و العنصر ، و الثروة ، و الموقع الجغرافي .. الخ ) . و سوف اتناول مسألتين وارد الخلط فيهما بسبب الاختلاف في فهم النصوص القرآنية ، هما (النظرة الدونية للمرأة ) ، و تجاوز ( الجسد ) باعتباره عقل رعوي :
يقول المولي في محكم تنزيله في سورة مريم :
( فاتخذت من دونهم حجابا ، فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا (17) قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا (18) قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا (19) قالت اني يكون لي غلام و لم يمسسني بشر و لم اك بغيا (20) ) انتهي .
و جاء في التفسير : فارسلنا اليها روحنا ( اي جبريل ) ، فتمثل لها بشرا سويا : قال عكرمة : ( في صورة شاب امرد وضيء الوجه ، جعد الشعر ، سوي الخلق ) ، و غلاما زكيا : ولدا صالحا طاهرا من الذنوب .
الدروس ذات العلاقة بالعقل الرعوي المستفادة من هذه الايات هي كالتالي :-
أ) حين اراد المولي عز وجل ان يهب لمريم العذراء ( غلاما صالحا ، طاهرا من الذنوب ) ، ارسل لها جبريل ، ( الذي هو ملاك تجاوز مرحلة ( الجندر / الذكورة و الانوثة) ، فتمثل لها / جبريل (بشرا سويا) ، في صورة شاب امرد وضيء الوجه . فجبريل عليه السلام حين تمثل بشرا سويا لم يات ببذرة الذكورة من العدم ، و انما من خريطته الجينية ، الكامنة فيه كروح ، و لو اقتضت مهمة جبريل كرسول ان يلعب دور انثي لاستخرج ايضا من خريطته الجينية ( امرأة سوية ) ، لان جبريل في وضعه الروحي كملك هو (طاقة محايدة ) ، بدون جندر ، و قديما قال المفسرون الملائكة اجسام نورانية لا توصف بالانوثة و لا الذكورة .
ب) اذا فهمنا ان ( الانسان كائن روحي ، يسكن في الجسد الترابي مؤقتا ) ، و ان ادم و حواء كانا في الجنة (بلا جسد كثيف ، و بالتالي بدون تفاصيل الجسد من ادوات تناسلية و غيرها ، و بالخطا ، او الخطيئة التي وقعت منهما بغرور من الشيطان و النفس الامارة ، بدت لهما سوءاتهما / ظهر الجسد ، و بالتوبة و المغفرة التي الهمها الله لادم و حواء ، و بفضله تعالي سيسترد الانسان فردوسه ، و يعود الي اصله الروحاني ، فوق مرحلة الجسد بتفاصيله ، متجاوزا النفس الامارة الي النفس المرضية و النفس الكاملة . و بالرغم من ذلك ، سيبقي الجسد و النفس الامارة بكل تجاربهما في الخريطة الجينية للانسان ، في حالة كمون داخل ( الذات الانسانية / الروح ) كمون النار في العود لان الطاقة لا تفني و لا تخلق من العدم .
ج) شاهدنا مما تقدم في الفقرتين أ ، و ب اعلاه ، ان الجسد هو (اول ) عقل رعوي ظهر للانسان بسبب الخطيئة ، و سيكون ( آخر ) عقل رعوي يختفي حسيا ، و ان الانسان ( ان كان ذكرا او انثي ) الذي تجاوز مرحلة النفس الراضية ، و دخل مرحلة النفس المرضية ، و النفس الكاملة ، و تخلص سلفا من الجسد كعقل رعوي ، هذا الانسان ليس (رجلا و لا امرأة ) و انما ( انسان فحسب ) .
ختاما ، و احقاقا للحق ، و للمرة الاخيرة اقول اني لا انسب هذا الكلام للفكرة الجمهورية ، لا صراحة و لا ضمنا ، و من اراد ان يعرف راي الفكرة في هذا الشان فليذهب الي مصادرها .
ابوبكر القاضي
كاردف / ويلز
28/يناير 2017


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.