اليوم يتوجه سكان ولاية جنوب كردفان للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التكميلية لانتخابات أبريل 2010 حيث سيتم الاقتراع على منصب الوالي كما سيتم انتخاب أعضاء المجلس التشريعي للولاية، ولأن الانتخابات في تلك الولاية مصيرية ومفصلية لسببين الأول ارتباطها باستحقاق(المشورة الشعبية) والذي يعني باختصار أن يحدد أهل هذه الولاية ما إذا كانت اتفاقية السلام الشامل قد لبت مطالبهم أم لا، ومن ثم التفاوض مع مركز السلطة في الخرطوم حول أطر دستورية جديدة لعلاقة الولاية مع المركز من حيث قسمة السلطة والثروة، والثاني هو أن هذه الولاية من حيث الجغرافيا الطبيعية تشكل أطول حدود السودان الشمالي مع دولة الجنوب المستقلة حديثا وتضم منطقة (أبيي)، وهي أكبر منطقة تمازج سكاني بين قبائل الشمال والجنوب، وبالتالي فإن سلمية التنافس الانتخابي فيها تنعكس إيجابا على حسن الجوار بين الشمال والجنوب والعكس صحيح!، نظرا لهذه الأهمية تأجلت انتخابات الولاية كل هذا الوقت لأن الحركة الشعبية تصدت بصرامة لتزوير الإحصاء السكاني في الولاية الذي على أساسه توزع الدوائر الانتخابية فتمت إعادته، أيام الاقتراع وحتى إعلان النتيجة في هذه الانتخابات هي أيام حاسمة في تاريخ السودان، وهي الاختبار الأصعب للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية في تحقيق الهدف المقدس(اللا عودة إلى الحرب)! وندرك قدسية هذا الهدف وصعوبة تحقيقه إذا أخذنا في الاعتبار أن السودان يحتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول الفاشلة عالميا حتى عام 2010م حسب التقرير السنوى لمجلة الشؤون الخارجية الأمريكية، وهذا الحكم ليس حكما ايدولوجيا بل حكم مؤسس على معايير الدولة الفاشلة الأثنى عشر وهى معايير لا يستطيع المغالطة في معظمها حتى أهل الحزب الحاكم أنفسهم! فالمعايير حسب تقرير المجلة هي: الضغوط الديمغرافية ( سوء توزيع السكان والنزاعات بينهم )،اللاجئون والمهجرون والمشكلات الناتجة عن الهجرة والنزوح ،فقدان شرعية الدولة وفساد الحكم وغياب المحاسبة والشفافية وضعف الثقة بالمؤسسات، هجرة العقول من الوطن، التدهور الحاد فى تقديم الخدمات للجمهور، استفادة أقلية معينة من النظام السياسى وهضم حقوق الأغلبية المهمشة، وجود تراجع اقتصادى حاد واختلال الميزان التجارى وضعف سعر الصرف بالعملة المحلية وانخفاض فى معدلات الاستثمار وهبوط فى الدخل الاجمالى، انتهاك حقوق الانسان وانتهاك القانون، وجود انشقاقات داخل النخب الحاكمة وظهور انقسامات دستورية حادة، تدهور الوضع الامنى ووجود ( دولة داخل الدولة ) بمعنى سيطرة نخبة عسكرية داخل الجيش أو مجموعة أمنية معينة واندلاع نزاعات مسلحة بين مراكز القوى المختلفة، غياب التنمية الاقتصادية وعدم المساواة بين السكان فى الوظائف والتعليم والمداخيل، تدخل دول أخرى فى شئؤن الدولة الداخلية من خلال دعم تنظيمات عسكرية وشبه عسكرية والاستعانة بقوات دولية أو قوات حفظ سلام. والسؤال الموجه لقادة المؤتمر الوطني تحديدا ألا يكفيكم هذا القدر من الفشل أم أنكم عاقدون العزم على إحلالنا في المرتبة الأولى بدلا من الثالثة عبر إشعال الحرب في جنوب كردفان!!