كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدى : الموقف من الإخوان المسلمين السبب الرئيسى للازمة الحالية فى العلاقات بين السودان ومصر
نشر في حريات يوم 01 - 05 - 2017

العلاقات السودانية المصرية : ما بين التجاذبات الإعلامية والدبلوماسية والمتغيرات الإقليمية والدولية
الإمام الصادق المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
الأمانة العامة
ورشة عمل بعنوان: العلاقات السودانية المصرية: ما بين التجاذبات الإعلامية والدبلوماسية والمتغيرات الإقليمية والدولية
الإمام الصادق المهدي
29/4/2017م – دار الأمة
وفي مرحلة لاحقة تعاقب على حكم مصر غزاة من الشمال والشرق استعصى عليهم احتلال السودان الذي انتقلت عاصمة حكمه من كرمة إلى مروي جنوباً في فترة بزغت فيها الحضارة الكوشية ذات اللغة والديانة المختلفة. بينما تعرضت مصر لتلك الغزوات شهد السودان الكوشي وجوداً مستقلاً استمر ألف عام. ولكن بعد ذلك حكمت السودان ممالك تابعة للديانة الارثوذكسية المشتركة بين مصر والسودان وأثيوبيا.
مصر القبطية تعرضت للفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص. ولكن جيوش الفتح الإسلامي واجهت مقاومة المملكة السودانية الشمالية فانتهى الأمر لإبرام اتفاقية البقط بين مصر الإسلامية ودولة السودان المسيحية.
وفي ظل اتفاقية البقط هذه تمدد الإسلام سلمياً فقامت في السودان ممالك أهمها مملكة الفور في غرب السودان ومملكة الفونج في وسط وشمال السودان وكانتا إسلاميتين.
كانت مصر ودول الشرق العربي خاضعة للسلطنة العثمانية. وفي مصر استقل محمد علي باشا بحكم مصر مع أنه كان اسمياً تابعاً للعثمانيين.
اثناء حكم محمد علي باشا كان السلطان والطبقة الحاكمة دخيلة على البلاد ما غذى حركة وطنية مصرية عبرت عنها الثورة العرابية.
محمد علي باشا قرر لأسباب رآها احتلال إقليم مملكة الفونج السودانية. وبعد فترة من الوقت تمدد هذا السلطان الخديوي العثماني فضم مملكة الفور في 1875م.
التطلعات الإسلامية والمظالم العثمانية الخديوية ساهمت في نجاح الثورة المهدية في السودان.
القوى السياسية المصرية الوطنية بقيادة العرابيين والإسلامية بقيادة الشيخين جمال الدين ومحمد عبده رحبت بالثورة المهدية تطلعا لها للتحرير من الامبريالية البريطانية التي بعد هزيمة أحمد عرابي باشا في 1882م احتلت مصر. بمناسبة احتفالنا في القاهرة في 26/1/1998م في القاهرة القيت محاضرة شهدها عدد من أخوتنا المصريين وقام المؤرخ المصري يونان لبيب رزق ليقول أمام الجمع الحاشد: "إن التيارين السياسيين البارزين في مصر التيار الإسلامي بقيادة الشيخين، والتيار الوطني بقيادة العرابيين كانا يرحبان بانتصارات الثورة المهدية في السودان".
وفي ظل هذا الاحتلال تحركت قوة الاحتلال لمواجهة الدولة المهدية في السودان التي حكمت البلاد منذ 1885- 1898م. هذه القوى الامبريالية المسيطرة على مصر كانت تابعة في القرار السياسي والقيادة لبريطانيا. ولكن لإعطاء هذا الاحتلال شرعية تواجه أطماع القوى الامبريالية الأوربية الأخرى سمت بريطانيا احتلال السودان احتلالاً ثنائياً بريطانياً مصرياً مع أن الدور المصري كان اسمياً ومصر نفسها تحت الاحتلال البريطاني.
ومنذ عام 1922م استقلت مصر من بريطانيا ونشأ نزاع بين مصر المستقلة وبريطانيا حول مستقبل السودان.
ومع أن للسودان خصوصية كما تدل على ذلك وقائع التاريخ ومع أن السيادة في العهد الخديوي كانت على مصر والسودان وفي النهاية عثمانية وفي عهد الحكم الثنائي إلى ما قبل استقلال مصر كانت السيادة على البلدين لبريطانيا فإن الخديوية المصرية أسست علاقتها مع السودان على دعوى السيادة على السودان.
هذه الدعوى أيدها سودانيون بدافع موالاة الحركة الوطنية في مصر وبالتالي الاستنصار بمصر على الحكم البريطاني. وعارضها سودانيون احتجاجاً بالخصوصية السودانية فاحتدم الصراع السياسي بين مقولة "السيادة على السودان لمصر والتاج المصري تاج على البلدين". ومقولة "السودان للسودانيين". وفي المرحلة ما بعد الحرب الأطلسية الثانية (1939-1945م) انتقل النزاع إلى ساحة مجلس الأمن.
ساوم البريطانيون الحكم المصري باعتبار مصير السودان إلى سيادة التاج المصري مقابل كفالة مصالح بريطانيا في قناة السويس. ولكن هذه الصفقة باسم "بروتوكول صدقي بيفن" هزمت هزمتها الحركة الاستقلالية في السودان والحركة الوطنية في مصر التي وإن رحبت بضم السودان لم تقبل التنازل عن قناة السويس.
هذه الخلفية التاريخية كرست في الوجدان الوطني المصري تبعية السيادة على السودان لمصر. ونفس هذه الخلفية كرست في الوجدان الوطني السوداني أن دعوى السيادة باطلة وأن البلدين في العهد العثماني والبريطاني كانا تحت سيادة أجنبية وأنه مثلما استقلت مصر للمصريين استقل السودان للسودانيين.
المطلوب إعادة قراءة التاريخ للتخلص من العقد التي كرستها مسألة السيادة على السودان للتخلص من ردود الفعل المرتبطة بها وبناء العلاقات بين البلدين على أساس حتميات الجوار. والمصالح المشتركة، والأمن المشترك، وبالتالي التكامل بين جارين على أساس الندية.
(‌أ) مصر أكبر مستهلك لمياه النيل نتيجة لكثافة السكان ولعدم وجود موارد مائية أخرى.
(‌ب) النيل يتكون في السودان إذ يقترن النيل الأزرق بالنيل الأبيض في الخرطوم وأطول مسافة لسريان النيل في الأرض السودانية. وللسودان موارد مائية أخرى. بالإضافة إلى النيل. ومن ناحية حجم الأراضي الصالحة للزراعة فإن السودان يضم أكثر من ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة في حوض النيل.
(‌ج) الهضبة الأثيوبية تساهم في مياه النيل بنسبة 86% بينما الهضبة الاستوائية تساهم بنسبة 14% وهذه النسبة يمكن زيادتها إذا نفذت مشروعات جنقلي الأولى والثانية والثالثة بما يضيف 20 مليار متر مكعب.
(‌د) دول أعالي حوض النيل تحظى بنسبة عالية من هطول الأمطار ولكن التكنولوجيا. وضغط الزيادة السكانية وبالتالي المطالب التنموية غذت مشروعات الإنتاج الكهرومائي.
(‌ه) النيل نهر عابر للحدود القطرية وينبغي النظر إليه على أن السيادة عليه مشتركة وينبغي اعتباره وحدة مائية.
(‌و) في عام 1959م الحكومتان المصرية والسودانية انفردتا بتوزيع مياه النيل بينهما دون اعتبار لرأي أو مصلحة دول منابع النيل ما أدى لاتحاد دول المنابع التي لا يجمع بينها مجرى مائي مشترك فالنيل الأزرق يخص الهضبة الأثيوبية والنيل الأبيض يخص الهضبة الاستوائية ولا يتلقيان إلا في الخرطوم ليكونا النيل الذي يعبر أراضي السودان ومصر ليصب في البحر الأبيض المتوسط.
(‌ز) في الماضي كانت الاتفاقيات المعنية بمياه النيل تعتبر النيل شأناً مصرياً. وهذا مضمون اتفاقية 1902م واتفاقية 1929م.
والبريطانيون عندما فرضوا حصة 4 مليار متر مكعب للسودان فعلوا ذلك من باب العقاب لمصر نتيجة لحادث اغتيال الحاكم العام البريطاني السير لي إستاك في عام 1924م
(‌ح) الترتيبات لبناء السد العالي في مصر جعلت الحكومتين في مصر والسودان تجعلان مياه النيل شأنا ثنائياً بينهما. ولم تتجاوب الحكومتان مع مطالب دول المنابع بحق المشاركة في توزيع مياه النيل. نتيجة لهذا المحور الثنائي كونت دول المنابع محوراً جماعياً مضاداً.
مبادرة حوض النيل التي انطلقت في 1999م وهدفها الانتقال من الاستقطاب بين المحورين إلى اتفاق جماعي تعثرت حول أمرين مهمين:
(‌ط) غياب اتفاق جامع وملزم بين دول حوض النيل وسابقة التصرف الانفرادي خلقت ظرفاً ملغوماً وفي 1997م التقيت المرحوم رئيس وزراء أثيوبيا قال لي: "أنتم في الشمال تفرضون علينا الآمر الواقع ولا تتجاوبون مع طلبنا أن نبحث مصير مياه النيل لإبرام اتفاق جديد ملزم. سيأتي يوم نتصرف نحن كذلك انفرادياً".
أزعجني هذا الموقف وبعد أسبوع التقيت الرئيس المصري السباق حسني مبارك وذكرت له ما سمعت ما يوجب تحركاً سريعاً لسد هذه الثغرة. رد بأن "من يمد يده للنيل سوف نقطعها".
تخوفاً من هذه المواجهة المحتملة الفت ونشرت كتابي "مياه النيل الوعد والوعيد". خلاصة الكتاب اعتبار النيل وحدة مائية وضرورة إبرام اتفاق شامل للدول المتشاطئة فيه ما يحقق الوعد والكسب للجميع. وبالعدم سوف تحدث تصرفات عدائية تحقق الوعيد والخسران للجميع. هذا الكتاب طبعته الأهرام المصرية ونشرته في حلقات ولكن بالنسبة لمتخذي القرار كان مجرد صيحة في واد.
(‌ي) التفكير في سد النهضة الأثيوبي قديم ولكن تم إحياؤه منذ 2010م وتسارعت الخطى بعد ذلك.
لهذا السد منافع للسودان أكثر من مصر. وله مضار لمصر أكثر من السودان.
أهم المنافع للسودان أنه يحجز نصيبه من المياه جنوباً وأنه ينظم فيضان النيل الأزرق فلا يندفع كالمعتاد في ثلاثة شهور وأنه يقلل الإطماء خلف خزانات السودان وانه يتيح للسودان استيراد كهرباء بتكلفة أقل. وأن تخزين المياه في طقس أثيوبيا الرطب يقلل نسبة تبخرها إلى 2 مليار متر مكعب من 10 مليار متر مكعب في بحيرة السد العالي. ولكن من الضرر حجز الطمي المخصب ومخاطر الزلزال وأن تخزين المياه في أراض أثيوبية وإذا انفردت أثيوبيا بإدارة السد فإن ذلك يضع في يد أثيوبيا رافعاً سياسياً إذا أرادت استخدامه في ظروف الخلاف.
أما منافع السد لمصر فإنه: إذا يخزن المياه في منطقة أثيوبيا الرطبة يقلل تبخر مياه النيل إلى ملياري متر مكعب بدل 10 في بحيرة السد العالي. ويوفر كهرباء للاستيراد بتكلفة أقل من كهرباء السد العالي. ويقلل الاطماء جنوب السد العالي.
ومضار السد لمصر:
وبالنسبة للسودان ومصر فهنالك خطران يؤدي حجم المياه المخزنة في بحيرة سد النهضة إلى زلزال يدمر السد كسد مأرب وما يعقب ذلك من فيضان مدمر.
ما العمل؟
هنالك تفكير في بعض الأوساط المصرية أنه إذا استمرت أثيوبيا في بناء السد فإنه يهدد الأمن القومي المصري ما يوجب عملاً عسكرياً مضاداً ما يجعل مصر تستعد عسكرياً وتكون التحالف المناسب لدعم هذا الخيار.
إذا حدث ذلك فالمتوقع أن تتضامن دول المنابع الأخرى مع أثيوبيا وسوف يكون لأثيوبيا حلفاء فضلاً عن أن هذا سوف يستفز الشعب الأثيوبي لموقف مقاومة مضاد.
الخيار العسكري وارد كتهديد ولكنه عملياً سوف يأتي بنتائج عكسية إذا وقع فعلاً.
الخيار الآخر هو الخيار الوفاقي وبيانه:
ولكن يتوقع أن يوجد خلاف حول مياه النيل بين أكبر منتج (أثيوبيا) وأكبر مستهلك (مصر).
السودان اتخذ موقفاً محورياً مع مصر ثم انتقل لموقف محوري مع أثيوبيا إذ أعلنت حكومة السودان في شهر أبريل تكاملاً تنموياً وسياسياً وأمنياً مع أثيوبيا.
الموقف الصحيح للسودان تجنب المحورية الثنائية وباعتباره الجار لمصر ولأثيوبيا فواجبه أن يقوم باستمرار بدور الشراكة الثلاثية.
هذا الموقف السوداني يمليه واجب الجوار المشترك. وتميله حتميات الجغرافيا، ويمليه مزاج التسامح السوداني الذي جعله رسول سلام بين المملكة العربية السعودية ومصر حول خلافهما على اليمن في الستينيات.
والقيام بدور رائد في مؤتمر اللااءت في الخرطوم. والقيام بدور توفيقي بين الحكومة الأردنية وحركة التحرير الفلسطينية. ليس تكوين المحاور ما يناسب مصالح ومزاج وموقع السودان بل الحرص على تخطي المحاور وتوفيق المواقف. وهذا الدور المناسب للسودان في حرب اليمن الحالية فواجبه أن يضع تصوراً لحل توفيقي عادل ويستعين بسلطنة عُمان وربما الكويت والأردن وقطر وغيرها لوقف حرب اليمن التي لن ينتصر فيها أحد بل تحقق تدميراً لكل المشتركين فيها. وللسودان حوافز يمكن تقديمها لجارتيه بإتاحة مزارعة على أراضيه الزراعية باتفاقيات كسبية في ظل اتفاقية شاملة لحوض النيل. كما يمكن للسودان أن يقوم بدور مهم في الاتفاق مع دولة الجنوب لتنفيذ مشروعات جنقلي وتنفيذ مشاريع أخرى لحصاد المياه على طول نهر النيل.
هذه الحقائق جرت معها خطرين الأول: أن دوائر كثيرة في مصر خاصة الحاكمة افترضت وجود ولاء لمصر دون مراعاة لمصالح سودانية. هذه الحقيقة خلقت مواجهة بين تلك الدوائر المصرية والدوائر الاستقلالية في السودان.
الخطر الثاني: هو وجود تحالف بين قوى سياسية مصرية وأخرى سودانية ما أدى مؤخراً إلى تعاون جهات رسمية سودانية مع فئات مصرية وأفرز ذلك دعم محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق في 1995م. هذا الحدث هو الذي جعل الحكومة المصرية تضع يدها على حلايب باعتبارها مصرية ولكن قبل عام 1995م كانت تحت سيطرة سودانية. السلطات السودانية سكتت على هذا الإجراء بفعل عقدة الذنب.
ولكن سوء العلاقة الحالية بين الحكومتين سببه الأهم هو أن النظام السوداني بتكوينه المعروف وتحالفاته لا سيما مع تركيا وقطر صديق للأخوان المسلمين وأن هؤلاء معتبرين في مصر إرهابيين. الآن الاتهامات المتبادلة بين الحكومتين كثيرة ولكنها تعود إلى جذر واحد هو الاختلاف حول الموقف من الأخوان المسلمين.
في الوقت الحالي فإن درجة التقارب أو التطابق بين النظام السوداني والأخوانية مقياس لدرجة التباعد بن الحكومتين.
لدى منفاي الاختياري الثاني كان ذلك أثناء حكم المرحوم جعفر نميري. أقمت ما بين القاهرة وأسمرة يومئذ بدأت مشوار التعارف العميق مع المجتمع المدني المصري وبالتالي الدعوة لفتح صفحة جديدة بين البلدين وبين الشعبين رغم العداء الحاد بين الحكومتين.
هذه النظرة واصلناها لدى المنفى الاختياري الأخير أي الثالث في القاهرة 2014-2017م قال أحد المفكرين المصريين لأحد وزراء الخارجية السودانيين إن من موجبات الشكر لكم أنكم اضطررتم الصادق للإقامة في القاهرة.
هنالك عدد كبير من الشخصيات والقوى السياسية والمدنية المصرية مبرأة من الرواسب التاريخية ومستعدة لفتح صفحة جديدة حقيقية بين البلدين أمثال أحمد بهاء الدين، وخالد محمد خالد ودكتور ميلاد حنا و دكتور جمال البنا من المرحومين وحسب الله كفراوي ومصطفى الفقي والدكتورة إجلال رأفت والدكتور رفعت لقوشة والدكتور سعد الدين إبراهيم ود. محمد سليم العوا والأستاذة أسماء الحسيني من الأحياء.
هنالك مستحيلان في العلاقة بين البلدين هما: استحالة قيامها على التبعية. واستحالة قيامها على العداء والاستغناء عن بعضنا بعضا.
من الجانب السودانيين القوى ذات المرجعية الاستقلالية وذات الإلمام بحقيقة المجتمع المصري هي المؤهلة لرسم أساس للعلاقة مع مصر باعتبارها لأسباب كثيرة أهم جيران السودان للسودان ومن الجانب المصري فإن العناصر التي لا تعتبر نفسها قيادة لفروع في السودان والتي تفهم وتقدر الخصوصية السودانية داخل الانتماء المشترك هي المؤهلة للتفاهم حول ذلك الأساس المنشود للعلاقة بين البلدين.
ختاماً: على ضوء ما تقدم تدرس الورشة الحالية الأمر من جميع جوانبه وتصدر التوصيات المناسبة.
يدعو حزب الأمة القومي لمؤتمر شعبي قومي لدراسة هذه التوصيات ليصدر المؤتمر إستراتيجية العلاقات السودانية المصرية.
على ضوء توصيات المؤتمر الشعبي القومي السوداني ندعو لمؤتمر شعبي لدولتي وادي النيل للاتفاق على ميثاق يحدد الثوابت التي ينبغي الالتزام بها والمتغيرات التي تتعلق بالمسائل المختلف عليها.
يرجى أن يعقب ذلك الدعوة لمؤتمر شعبي لبلاد حوض النيل.
هذه القضايا لا يمكن التعامل الارتجالي معها ولا بد من تناولها بنهج التخطيط لان فيها مصالح الدول وحياة الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.