كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    وزير الداخلية .. التشديد على منع إستخدام الدراجات النارية داخل ولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالفيديو.. الفنان طه سليمان يفاجئ جمهوره بإطلاق أغنية المهرجانات المصرية "السوع"    إلى متى يستمر هذا الوضع (الشاذ)..؟!    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    قرارات وزارة الإعلام هوشة وستزول..!    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدى : الموقف من الإخوان المسلمين السبب الرئيسى للازمة الحالية فى العلاقات بين السودان ومصر
نشر في حريات يوم 01 - 05 - 2017

العلاقات السودانية المصرية : ما بين التجاذبات الإعلامية والدبلوماسية والمتغيرات الإقليمية والدولية
الإمام الصادق المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
الأمانة العامة
ورشة عمل بعنوان: العلاقات السودانية المصرية: ما بين التجاذبات الإعلامية والدبلوماسية والمتغيرات الإقليمية والدولية
الإمام الصادق المهدي
29/4/2017م – دار الأمة
وفي مرحلة لاحقة تعاقب على حكم مصر غزاة من الشمال والشرق استعصى عليهم احتلال السودان الذي انتقلت عاصمة حكمه من كرمة إلى مروي جنوباً في فترة بزغت فيها الحضارة الكوشية ذات اللغة والديانة المختلفة. بينما تعرضت مصر لتلك الغزوات شهد السودان الكوشي وجوداً مستقلاً استمر ألف عام. ولكن بعد ذلك حكمت السودان ممالك تابعة للديانة الارثوذكسية المشتركة بين مصر والسودان وأثيوبيا.
مصر القبطية تعرضت للفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص. ولكن جيوش الفتح الإسلامي واجهت مقاومة المملكة السودانية الشمالية فانتهى الأمر لإبرام اتفاقية البقط بين مصر الإسلامية ودولة السودان المسيحية.
وفي ظل اتفاقية البقط هذه تمدد الإسلام سلمياً فقامت في السودان ممالك أهمها مملكة الفور في غرب السودان ومملكة الفونج في وسط وشمال السودان وكانتا إسلاميتين.
كانت مصر ودول الشرق العربي خاضعة للسلطنة العثمانية. وفي مصر استقل محمد علي باشا بحكم مصر مع أنه كان اسمياً تابعاً للعثمانيين.
اثناء حكم محمد علي باشا كان السلطان والطبقة الحاكمة دخيلة على البلاد ما غذى حركة وطنية مصرية عبرت عنها الثورة العرابية.
محمد علي باشا قرر لأسباب رآها احتلال إقليم مملكة الفونج السودانية. وبعد فترة من الوقت تمدد هذا السلطان الخديوي العثماني فضم مملكة الفور في 1875م.
التطلعات الإسلامية والمظالم العثمانية الخديوية ساهمت في نجاح الثورة المهدية في السودان.
القوى السياسية المصرية الوطنية بقيادة العرابيين والإسلامية بقيادة الشيخين جمال الدين ومحمد عبده رحبت بالثورة المهدية تطلعا لها للتحرير من الامبريالية البريطانية التي بعد هزيمة أحمد عرابي باشا في 1882م احتلت مصر. بمناسبة احتفالنا في القاهرة في 26/1/1998م في القاهرة القيت محاضرة شهدها عدد من أخوتنا المصريين وقام المؤرخ المصري يونان لبيب رزق ليقول أمام الجمع الحاشد: "إن التيارين السياسيين البارزين في مصر التيار الإسلامي بقيادة الشيخين، والتيار الوطني بقيادة العرابيين كانا يرحبان بانتصارات الثورة المهدية في السودان".
وفي ظل هذا الاحتلال تحركت قوة الاحتلال لمواجهة الدولة المهدية في السودان التي حكمت البلاد منذ 1885- 1898م. هذه القوى الامبريالية المسيطرة على مصر كانت تابعة في القرار السياسي والقيادة لبريطانيا. ولكن لإعطاء هذا الاحتلال شرعية تواجه أطماع القوى الامبريالية الأوربية الأخرى سمت بريطانيا احتلال السودان احتلالاً ثنائياً بريطانياً مصرياً مع أن الدور المصري كان اسمياً ومصر نفسها تحت الاحتلال البريطاني.
ومنذ عام 1922م استقلت مصر من بريطانيا ونشأ نزاع بين مصر المستقلة وبريطانيا حول مستقبل السودان.
ومع أن للسودان خصوصية كما تدل على ذلك وقائع التاريخ ومع أن السيادة في العهد الخديوي كانت على مصر والسودان وفي النهاية عثمانية وفي عهد الحكم الثنائي إلى ما قبل استقلال مصر كانت السيادة على البلدين لبريطانيا فإن الخديوية المصرية أسست علاقتها مع السودان على دعوى السيادة على السودان.
هذه الدعوى أيدها سودانيون بدافع موالاة الحركة الوطنية في مصر وبالتالي الاستنصار بمصر على الحكم البريطاني. وعارضها سودانيون احتجاجاً بالخصوصية السودانية فاحتدم الصراع السياسي بين مقولة "السيادة على السودان لمصر والتاج المصري تاج على البلدين". ومقولة "السودان للسودانيين". وفي المرحلة ما بعد الحرب الأطلسية الثانية (1939-1945م) انتقل النزاع إلى ساحة مجلس الأمن.
ساوم البريطانيون الحكم المصري باعتبار مصير السودان إلى سيادة التاج المصري مقابل كفالة مصالح بريطانيا في قناة السويس. ولكن هذه الصفقة باسم "بروتوكول صدقي بيفن" هزمت هزمتها الحركة الاستقلالية في السودان والحركة الوطنية في مصر التي وإن رحبت بضم السودان لم تقبل التنازل عن قناة السويس.
هذه الخلفية التاريخية كرست في الوجدان الوطني المصري تبعية السيادة على السودان لمصر. ونفس هذه الخلفية كرست في الوجدان الوطني السوداني أن دعوى السيادة باطلة وأن البلدين في العهد العثماني والبريطاني كانا تحت سيادة أجنبية وأنه مثلما استقلت مصر للمصريين استقل السودان للسودانيين.
المطلوب إعادة قراءة التاريخ للتخلص من العقد التي كرستها مسألة السيادة على السودان للتخلص من ردود الفعل المرتبطة بها وبناء العلاقات بين البلدين على أساس حتميات الجوار. والمصالح المشتركة، والأمن المشترك، وبالتالي التكامل بين جارين على أساس الندية.
(‌أ) مصر أكبر مستهلك لمياه النيل نتيجة لكثافة السكان ولعدم وجود موارد مائية أخرى.
(‌ب) النيل يتكون في السودان إذ يقترن النيل الأزرق بالنيل الأبيض في الخرطوم وأطول مسافة لسريان النيل في الأرض السودانية. وللسودان موارد مائية أخرى. بالإضافة إلى النيل. ومن ناحية حجم الأراضي الصالحة للزراعة فإن السودان يضم أكثر من ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة في حوض النيل.
(‌ج) الهضبة الأثيوبية تساهم في مياه النيل بنسبة 86% بينما الهضبة الاستوائية تساهم بنسبة 14% وهذه النسبة يمكن زيادتها إذا نفذت مشروعات جنقلي الأولى والثانية والثالثة بما يضيف 20 مليار متر مكعب.
(‌د) دول أعالي حوض النيل تحظى بنسبة عالية من هطول الأمطار ولكن التكنولوجيا. وضغط الزيادة السكانية وبالتالي المطالب التنموية غذت مشروعات الإنتاج الكهرومائي.
(‌ه) النيل نهر عابر للحدود القطرية وينبغي النظر إليه على أن السيادة عليه مشتركة وينبغي اعتباره وحدة مائية.
(‌و) في عام 1959م الحكومتان المصرية والسودانية انفردتا بتوزيع مياه النيل بينهما دون اعتبار لرأي أو مصلحة دول منابع النيل ما أدى لاتحاد دول المنابع التي لا يجمع بينها مجرى مائي مشترك فالنيل الأزرق يخص الهضبة الأثيوبية والنيل الأبيض يخص الهضبة الاستوائية ولا يتلقيان إلا في الخرطوم ليكونا النيل الذي يعبر أراضي السودان ومصر ليصب في البحر الأبيض المتوسط.
(‌ز) في الماضي كانت الاتفاقيات المعنية بمياه النيل تعتبر النيل شأناً مصرياً. وهذا مضمون اتفاقية 1902م واتفاقية 1929م.
والبريطانيون عندما فرضوا حصة 4 مليار متر مكعب للسودان فعلوا ذلك من باب العقاب لمصر نتيجة لحادث اغتيال الحاكم العام البريطاني السير لي إستاك في عام 1924م
(‌ح) الترتيبات لبناء السد العالي في مصر جعلت الحكومتين في مصر والسودان تجعلان مياه النيل شأنا ثنائياً بينهما. ولم تتجاوب الحكومتان مع مطالب دول المنابع بحق المشاركة في توزيع مياه النيل. نتيجة لهذا المحور الثنائي كونت دول المنابع محوراً جماعياً مضاداً.
مبادرة حوض النيل التي انطلقت في 1999م وهدفها الانتقال من الاستقطاب بين المحورين إلى اتفاق جماعي تعثرت حول أمرين مهمين:
(‌ط) غياب اتفاق جامع وملزم بين دول حوض النيل وسابقة التصرف الانفرادي خلقت ظرفاً ملغوماً وفي 1997م التقيت المرحوم رئيس وزراء أثيوبيا قال لي: "أنتم في الشمال تفرضون علينا الآمر الواقع ولا تتجاوبون مع طلبنا أن نبحث مصير مياه النيل لإبرام اتفاق جديد ملزم. سيأتي يوم نتصرف نحن كذلك انفرادياً".
أزعجني هذا الموقف وبعد أسبوع التقيت الرئيس المصري السباق حسني مبارك وذكرت له ما سمعت ما يوجب تحركاً سريعاً لسد هذه الثغرة. رد بأن "من يمد يده للنيل سوف نقطعها".
تخوفاً من هذه المواجهة المحتملة الفت ونشرت كتابي "مياه النيل الوعد والوعيد". خلاصة الكتاب اعتبار النيل وحدة مائية وضرورة إبرام اتفاق شامل للدول المتشاطئة فيه ما يحقق الوعد والكسب للجميع. وبالعدم سوف تحدث تصرفات عدائية تحقق الوعيد والخسران للجميع. هذا الكتاب طبعته الأهرام المصرية ونشرته في حلقات ولكن بالنسبة لمتخذي القرار كان مجرد صيحة في واد.
(‌ي) التفكير في سد النهضة الأثيوبي قديم ولكن تم إحياؤه منذ 2010م وتسارعت الخطى بعد ذلك.
لهذا السد منافع للسودان أكثر من مصر. وله مضار لمصر أكثر من السودان.
أهم المنافع للسودان أنه يحجز نصيبه من المياه جنوباً وأنه ينظم فيضان النيل الأزرق فلا يندفع كالمعتاد في ثلاثة شهور وأنه يقلل الإطماء خلف خزانات السودان وانه يتيح للسودان استيراد كهرباء بتكلفة أقل. وأن تخزين المياه في طقس أثيوبيا الرطب يقلل نسبة تبخرها إلى 2 مليار متر مكعب من 10 مليار متر مكعب في بحيرة السد العالي. ولكن من الضرر حجز الطمي المخصب ومخاطر الزلزال وأن تخزين المياه في أراض أثيوبية وإذا انفردت أثيوبيا بإدارة السد فإن ذلك يضع في يد أثيوبيا رافعاً سياسياً إذا أرادت استخدامه في ظروف الخلاف.
أما منافع السد لمصر فإنه: إذا يخزن المياه في منطقة أثيوبيا الرطبة يقلل تبخر مياه النيل إلى ملياري متر مكعب بدل 10 في بحيرة السد العالي. ويوفر كهرباء للاستيراد بتكلفة أقل من كهرباء السد العالي. ويقلل الاطماء جنوب السد العالي.
ومضار السد لمصر:
وبالنسبة للسودان ومصر فهنالك خطران يؤدي حجم المياه المخزنة في بحيرة سد النهضة إلى زلزال يدمر السد كسد مأرب وما يعقب ذلك من فيضان مدمر.
ما العمل؟
هنالك تفكير في بعض الأوساط المصرية أنه إذا استمرت أثيوبيا في بناء السد فإنه يهدد الأمن القومي المصري ما يوجب عملاً عسكرياً مضاداً ما يجعل مصر تستعد عسكرياً وتكون التحالف المناسب لدعم هذا الخيار.
إذا حدث ذلك فالمتوقع أن تتضامن دول المنابع الأخرى مع أثيوبيا وسوف يكون لأثيوبيا حلفاء فضلاً عن أن هذا سوف يستفز الشعب الأثيوبي لموقف مقاومة مضاد.
الخيار العسكري وارد كتهديد ولكنه عملياً سوف يأتي بنتائج عكسية إذا وقع فعلاً.
الخيار الآخر هو الخيار الوفاقي وبيانه:
ولكن يتوقع أن يوجد خلاف حول مياه النيل بين أكبر منتج (أثيوبيا) وأكبر مستهلك (مصر).
السودان اتخذ موقفاً محورياً مع مصر ثم انتقل لموقف محوري مع أثيوبيا إذ أعلنت حكومة السودان في شهر أبريل تكاملاً تنموياً وسياسياً وأمنياً مع أثيوبيا.
الموقف الصحيح للسودان تجنب المحورية الثنائية وباعتباره الجار لمصر ولأثيوبيا فواجبه أن يقوم باستمرار بدور الشراكة الثلاثية.
هذا الموقف السوداني يمليه واجب الجوار المشترك. وتميله حتميات الجغرافيا، ويمليه مزاج التسامح السوداني الذي جعله رسول سلام بين المملكة العربية السعودية ومصر حول خلافهما على اليمن في الستينيات.
والقيام بدور رائد في مؤتمر اللااءت في الخرطوم. والقيام بدور توفيقي بين الحكومة الأردنية وحركة التحرير الفلسطينية. ليس تكوين المحاور ما يناسب مصالح ومزاج وموقع السودان بل الحرص على تخطي المحاور وتوفيق المواقف. وهذا الدور المناسب للسودان في حرب اليمن الحالية فواجبه أن يضع تصوراً لحل توفيقي عادل ويستعين بسلطنة عُمان وربما الكويت والأردن وقطر وغيرها لوقف حرب اليمن التي لن ينتصر فيها أحد بل تحقق تدميراً لكل المشتركين فيها. وللسودان حوافز يمكن تقديمها لجارتيه بإتاحة مزارعة على أراضيه الزراعية باتفاقيات كسبية في ظل اتفاقية شاملة لحوض النيل. كما يمكن للسودان أن يقوم بدور مهم في الاتفاق مع دولة الجنوب لتنفيذ مشروعات جنقلي وتنفيذ مشاريع أخرى لحصاد المياه على طول نهر النيل.
هذه الحقائق جرت معها خطرين الأول: أن دوائر كثيرة في مصر خاصة الحاكمة افترضت وجود ولاء لمصر دون مراعاة لمصالح سودانية. هذه الحقيقة خلقت مواجهة بين تلك الدوائر المصرية والدوائر الاستقلالية في السودان.
الخطر الثاني: هو وجود تحالف بين قوى سياسية مصرية وأخرى سودانية ما أدى مؤخراً إلى تعاون جهات رسمية سودانية مع فئات مصرية وأفرز ذلك دعم محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق في 1995م. هذا الحدث هو الذي جعل الحكومة المصرية تضع يدها على حلايب باعتبارها مصرية ولكن قبل عام 1995م كانت تحت سيطرة سودانية. السلطات السودانية سكتت على هذا الإجراء بفعل عقدة الذنب.
ولكن سوء العلاقة الحالية بين الحكومتين سببه الأهم هو أن النظام السوداني بتكوينه المعروف وتحالفاته لا سيما مع تركيا وقطر صديق للأخوان المسلمين وأن هؤلاء معتبرين في مصر إرهابيين. الآن الاتهامات المتبادلة بين الحكومتين كثيرة ولكنها تعود إلى جذر واحد هو الاختلاف حول الموقف من الأخوان المسلمين.
في الوقت الحالي فإن درجة التقارب أو التطابق بين النظام السوداني والأخوانية مقياس لدرجة التباعد بن الحكومتين.
لدى منفاي الاختياري الثاني كان ذلك أثناء حكم المرحوم جعفر نميري. أقمت ما بين القاهرة وأسمرة يومئذ بدأت مشوار التعارف العميق مع المجتمع المدني المصري وبالتالي الدعوة لفتح صفحة جديدة بين البلدين وبين الشعبين رغم العداء الحاد بين الحكومتين.
هذه النظرة واصلناها لدى المنفى الاختياري الأخير أي الثالث في القاهرة 2014-2017م قال أحد المفكرين المصريين لأحد وزراء الخارجية السودانيين إن من موجبات الشكر لكم أنكم اضطررتم الصادق للإقامة في القاهرة.
هنالك عدد كبير من الشخصيات والقوى السياسية والمدنية المصرية مبرأة من الرواسب التاريخية ومستعدة لفتح صفحة جديدة حقيقية بين البلدين أمثال أحمد بهاء الدين، وخالد محمد خالد ودكتور ميلاد حنا و دكتور جمال البنا من المرحومين وحسب الله كفراوي ومصطفى الفقي والدكتورة إجلال رأفت والدكتور رفعت لقوشة والدكتور سعد الدين إبراهيم ود. محمد سليم العوا والأستاذة أسماء الحسيني من الأحياء.
هنالك مستحيلان في العلاقة بين البلدين هما: استحالة قيامها على التبعية. واستحالة قيامها على العداء والاستغناء عن بعضنا بعضا.
من الجانب السودانيين القوى ذات المرجعية الاستقلالية وذات الإلمام بحقيقة المجتمع المصري هي المؤهلة لرسم أساس للعلاقة مع مصر باعتبارها لأسباب كثيرة أهم جيران السودان للسودان ومن الجانب المصري فإن العناصر التي لا تعتبر نفسها قيادة لفروع في السودان والتي تفهم وتقدر الخصوصية السودانية داخل الانتماء المشترك هي المؤهلة للتفاهم حول ذلك الأساس المنشود للعلاقة بين البلدين.
ختاماً: على ضوء ما تقدم تدرس الورشة الحالية الأمر من جميع جوانبه وتصدر التوصيات المناسبة.
يدعو حزب الأمة القومي لمؤتمر شعبي قومي لدراسة هذه التوصيات ليصدر المؤتمر إستراتيجية العلاقات السودانية المصرية.
على ضوء توصيات المؤتمر الشعبي القومي السوداني ندعو لمؤتمر شعبي لدولتي وادي النيل للاتفاق على ميثاق يحدد الثوابت التي ينبغي الالتزام بها والمتغيرات التي تتعلق بالمسائل المختلف عليها.
يرجى أن يعقب ذلك الدعوة لمؤتمر شعبي لبلاد حوض النيل.
هذه القضايا لا يمكن التعامل الارتجالي معها ولا بد من تناولها بنهج التخطيط لان فيها مصالح الدول وحياة الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.