السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.الواثق كمير ناصح بعد أن ساهم فى هدم المعبد على كل من عليه !
نشر في حريات يوم 20 - 08 - 2017

بعد أن أخمد المستعمر ثورة اللواء الأبيض- ثورة 1924 – وقتل الثائر الشهيد عبد الفضيل الماظ، رفيق البطل على عبد اللطيف وقف الأخير يجاوب على أسئلة القاضى الأنجليزى الذى يحاكمه كالتالى:
وأنا أهم بكتابة هذا المقال تذكرت أغنية الفنان الراحل محمد وردى "بعد أيه" وتذكرت تلك الكلمات القوية التى خلدت بذاكرة التاريخ التى رددها الثائر البطل "على عبد اللطيف" فى وجه القاضى الإنجليزى وتوقفت مليا عند عبارته "كلنا سودانيون" .. وتسألت "اليس فعلا كلنا سودانيون من يدركون منا تلك الحقيقة ومن لا يدركونها" ومن المفترض أن نعمل جميعا كيد واحدة خاصة الذين آمنوا بفكرة "السودان الجديد"، من أجل سودان الغد المشرق الذى يسع الجميع بلا عنصرية أو قبلية أو جهوية أو تمييز على أى شكل من الأشكال .. سودان تبسط فيه الحريات وتتوفر فيه العدالة والمساواة وإحترام حقوق الإنسان والقانون ويتهيأ فيه العيش الكريم لكل سودانى" والسودان وطن غنى بخيراته وثرواته وكفاءاته ورجال ونسائه؟
ومنذ البدء أقرر وبكل الأمانة والصدق إن الدكتور/ الواثق كمير ليس وحده الذي ساهم فى "هدم المعبد بما فيه وبكل من فيه"، بل هى أطراف عديدة، بوعى منها أو بلا وعى، بنية الإصلاح والتصحيح والإلتزام بالمؤسسية أو بنية الهدم مهما كلف الأمر.
تناول هذا الموضوع حقيقة شاق ومرهق، خاصة فى هذا الوقت الملتبس، الملئ بالمطبات والضباب والغيوم .. وتكفى السهام التى نالت من نفر من قبل لا يشك فى إخلاصهم وانحيازهم لقضايا الإنسان السودانى المظلوم والمسحوق والمهمش فى أى جهة كان.
وكما هو واضح أعنى الكتابة عن الذى يدور فى "الحركة الشعبية" والمخاطر التى تهدد مشروع "السودان الجديد" بصورة عامة، خاصة بعد "التغيير" الذى حدث لا أريد أن اسميه "إنقلابا" حتى لا افقد "حياديتى" منذ البداية وأكتفى بالقول أنه تم وفق قرارات صدرت من مجلس تحرير جبال النوبة.
ثم أعود بالسؤال على نفسى وهل هناك بصيص أمل للخروج من هذا "المأزق" وبعبور هذا "النفق" بعد أن اصبحنا ننشر الغسيل القذر ضد بعضنا البعض ولأول مرة يرتاح "النظام" من عمل موحد تجاهه كان هو الشغل الشاغل لكل ثائر تهمه قضية التغيير وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة والمساواة والعيش الكريم لأى سودانى فى أى جهة من الجهات.
شخصيا اقول وبكل صراحة أصبحت غير متفائل كما كان عليه الحال فى الماضى وإن كان هناك "بصيص" من أمل وضوء يلوح فى الأفق لكنه يحتاج الى جهد مضاعف لكى يتحول الى قمر مضئ ينير ظلمة حالكة وطريق موحش.
حقيقة الكتابة فى هذا الموضوع صعبة للغاية، لأنك مهما كنت حسن النوايا ومهما حاولت الإلتزام بالحياد "الإيجابى" .. ومهما كان معروفا عنك إهتمامك فى كتاباتك وأحاديثك و"ونستك" الخاصة، بقضية "التغيير" وبالذى ينفع الناس عامة وما يحقق العدالة والمساواة وأمن وإستقرار ورفاهية إنسان"السودان" الذى يستحق العيش فى عزة وكرامة فى أى بقعة وأى جهة.
وعلى الرغم من أنك تعمل وفق قدراتك المحدودة من أجل أن يتحقق "النجاح" والإنتصار لمشروع عبقرى ترى أنه قادر على تحقيق جميع تلك الأحلام والأمانى لأهل السودان.
رغم كل ذلك وكما حدث لكتاب آخرين معروفة مواقفهم "الوطنية"، فسوف تصنف الى هذا الجانب أو ذاك، بحسن نية أو بسوء نية مقصودة لكى توصد الأبواب أمام أى فرصة "للحل" وللوفاق وللتوصل الى الذى يجمع ولا يفرق كما يريد البعض.
على أقل تقدير سوف يكون ذلك التصنيف منحصر فى صفتين لا ثالثة لهما، إما أنك "عروبى" و"جلابى" مستهبل، هذا إذا كنت بالطبع تنتمى لونا أو ثقافة لما يسمى "بالشمال النيلى"، أو أنك "مستفيد" و"مستلب" ومنزوع الإرادة إذا كنت تنتمى – إثنيا أو جغرافيا – للجهات التى أصبحت تعرف اليوم "بالهامش" وتحتكره وليس من حقك أن تذكر أى جهات أخرى تعانى من الظلم والإستبداد والقهر والقمع والقتل، حتى لا تحظى بقدر من العطف والإنحياز الإنسانى ، اقليميا كان أو دوليا.
للأسف تلك التصنيفات نفسها "جلابى ومركز وشمال نيلى" التى لا تخلو فى كثير من الأوقات من "عنصرية مضادة" والتى تحتاج الى وقت آخر للحديث المستفيض والكتابة عنها، خاصة بعد النتائج التى توصل اليها العلماء "البيولوجيين" أخيرا ومن بينهم عالمة "سودانية" فى تحديد "المكونات الوراثية" للإنسان السودانى والتى خلت من أى مكون "عربى" وأكدت أن إنسان السودان فى فى صفاته الوراثية، مشابه تماما أو هو أقرب لإنسان أرتريا واثيوبيا وتنزانيا.
الشاهد فى الأمر ضرورة الإختصار قدر المستطاع فى تناول أمر يصعب إختصاره تجعلنى أمسك الحديث عن "المفهوم" الخاص "بالمركز والهامش" الذى فيه كثير من "الثقوب" ويتفق معى فى هذا الجانب كثير من المثقفين والمقاومين الذين ينتمى بعضهم "للهامش" نفسه، حسب تعريفه السائد اليوم فى السودان.
فالمقام هنا مقام الحديث عن "هد المعبد بكل ما فيه وكل من فيه"، ولابد من الإعتراف هنا بأن د. الواثق كمير لم يكن وحده "المساهم" فى ذلك "الهدم" بل هو أحد النماذج.
ومن زاوية أخرى فالقارئ اصبح يمل الكتابات المطولة وهذا هو الذى أفقد طرح الدكتور الواثق كمير – الأخير – كثير من بريقه، رغم أنه هام وفيه كثير من الإيجابيات لكنه جاء فى "الزمن الضائع" كما يقال بلغة كرة القدم!
لا يستطيع عاقل يساهم فى مجال الإستنارة والتثقيف العام، أن ينفى علم الدكتور الواثق كمير ويكفيه فخرا كما ذكرت فى أكثر من مرة أنه "مترجم" أهم كتاب فى مكتبة "الحركة الشعبية" أو فى مكتبة مشروع "السودان الجديد" على نحو شامل، هو كتاب القائد الراحل جون قرنق "رؤية السودان الجديد وإعادة بناء الدولة السودانية".
شخصيا إستفدت من ذلك الكتاب كثيرا مثلما استفدت من سماعى "القليل" قبل ذلك وفى صعوبة بالغة لأحاديث القائد "قرنق" عبر الإذاعة الضعيفة التى كانت تبث من أرتريا على أول ايام تاسيس الحركة الشعبية وكنت اشعر بطرب ونشوة عند سماعى مقتطفات من ذلك الحديث عن سودان "جديد" كنت أحلم به ولا أمتلك له رؤية نعيش فيه ونورثه لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.
للأسف الذى يجرى الآن يجعل تحقيق ذلك "المشروع" صعب للغاية.
لقد ساهم د. الواثق فى ترجمة ذلك الكتاب القيم .. والمترجم عادة لا يقتصر دوره على نقل المادة "بضبانتها" من لغة الى أخرى، فمهما التزم بمهنيته لابد أن تظهر له مساهمات أو إضافات حتى لو لم تكن موجودة فى اللغة الأساسية التى نقل منها.
لكن لابد من القول هنا وخلال الفترة التى أعقبت "إنفصال" الجنوب – ربما بسبب الإحباط – الذى اصاب الكثيرين، كان واضحا "تحولا" ما، فى كتابات وآراء الدكتور / الواثق كمير.
وتطور الأمر الى ابعد من ذلك حيث بدأ يظهر وكأنه من دعاة"التقارب" مع "النظام" والتوصل معه لشكل من اشكال الإتفاق لا اعرف كيف تكون صيغته وضمانته وما هى المكاسب التى تعود على الحركة الشعبية ومشروع السودان الجديد من ذلك الإتفاق، بل ما هو الشئ الذى سوف يعود على إنسان السودان بصورة عامة من "تقبل" نظام إقصائى، عنصرى، غير أخلاقى أو إنسانى، بدلا من العمل على إسقاطه وتغييره بالوسائل الإستراتيجية والتكتيكية؟
أهم مؤشر ودلالة على توجه "د. الواثق" ذاك، ظهر تقريبا قبل 5 سنوات أى بعد إنفصال الجنوب بسنة واحدة لا أكثر فى شكل حوار "ودى" إبتدره مع أحد أعتى "صقور" ومفكرى نظام "الإنقاذ" وهو الدكتور "غازى صلاح الدين العتبانى"، من قبل أن يؤسس الأخير تنظيمه الجديد "الإصلاح الآن "، الذى لا يختلف كثيرا مع "النظام" وأدبياته وأيدلوجيته "الإسلاموية" وهو فى هذا يشبه التوجه والكيان الذى أسسه طبيب "إخوانى" مثله فى مصر خلال فترة حكم "الإخوان المسلمين" هو الدكتور/ عبد المنعم ابو الفتوح، بعد إختلافات بسيطة مع "الجماعة"، فعند "الحارة" وكما أتضح ذلك عن الرجلين يعود "الأخ" المسلم لأخيه!
فالإخوان المسلمون .. نعم يختلفون أحيانا ويقدمون ويؤخرون .. لكنهم لا يمكن أن يقبلوا أو يعملوا لهدم "المعبد" أو بسقوط مشروع "دولة الخلافة" ومن لا يعرف ذلك فإنه لا يعرف "الإخوان المسلمين" بفروعهم المتعددة ومسمياتهم المختلفة التى تصل الى "الدواعش"!
ومن المعلوم بداهة وهذا علم يدرسه الدكتور الواثق كمير، أن من "تقبله" فى السياسة فى الحد الأدنى وتدخل معه فى "حوار"، فهذا يعنى أنك مستعد للتوصل معه لإتفاق، طالما إستجاب لرؤيتك أو للعديد من النقاط أو الشروط التى طرحتها عليه. ومثل ذلك هو الذى حدث مع عدد كبير من السياسيين فى الأحزاب والحركات المقاومة، الذين طبعوا مع النظام بل اصبح بعضهم من المدافعين الشرسين عنه وفى نفس الوقت من المسيئين فى خصومة فاجرة لرفاق الأمس ولقوى المعارضة التى كانت حليفتهم وحتى وقت قريب.
مع أن "النظام" خدع أكثرهم ونقض عهده معهم ولم يستجب لمقترحاتهم، لكنه إستجاب على قدر ما، "لجيوبهم" ولأطماعهم الشخصية وذلك نفسه تم فى إنتقاء واضح وبالقدر الذى يجعلهم يواصلون مع النظام مسيرته الفاشلة "كخيالات" مآتة، بعد أن أغلق عليهم ابواب الرجوع الى مواقعهم وكياناتهم القديمة التى جاءوا منها حتى لو عادوا اليها!
من عجائب السياسة السودانية، فوجئنا جميعا بإتفاق قد تم فى آخر ايام "الوثبة" بين النظام الإخوانى المتاجر "بالدين" شكلا ومظهرا، ومنهجه كما هو معروف لأى "برلوم" سياسة، لا يؤمن بالديمقراطية ولا يعرف شئ إسمه التبادل السلمى للسلطة، مع حزب "ديمقراطى ليبرالى" تقوده "إمرأة" فى حقيقة الأمر هى وإخواتها أكثر من يقع عليهن الظلم والتهميش فى ظل أى نظام "إسلاموي" خاصة فى بلد مثل السودان لا زال النظام القائم فيه منذ 28 سنة يتخبط فى ولائه لدول تحكمها مذاهب دينية إسلامية مختلفة، فتارة هو مع إيران "الشيعية" وتارة مع قطر "الإخوانية" وتارة مع السعودية "الوهابية"!
الشاهد فى الأمر رصدت منذ فترة مواقف وتوجهات فى كتابات ورؤى د. الواثق كمير، التى تتصادم مع رؤية السودان الجديد التى كان فى مقدمة من عملوا لها بأى شكل من الأشكال.
وهذا هو مدخلى الرئيس لهذا المقال وعنوانه، وسوف أكتفى فى هذه المرحلة بملاحظاتى حول كتاباته الأخيره التى ساهمت سلبا وبقدر كبير فيما يدور اليوم من خلاف داخل "الحركة الشعبية".
بادر د. الواثق كمير أو كان هو أحد المبادرين، فى نقد موقف الحركة الشعبية تجاه قضية – أتخذت ذريعة – أو "كقميص عثمان" لتحريك مشاعر كامنة داخل نفوس البعض كانوا يبحثون على مثل تلك الذريعة .. حيث كتب د. الواثق كمير مقالا طويلا كعادته، طالب فيه "الحركة الشعبية" بقبول "المقترح الأمريكى" الذى يتطابق تماما مع ما يريده "المؤتمر الوطنى" فى إشرافه الكامل وبنسبة 100% على وصول الإغاثة والإحتياجات الإنسانية لأهل المنطقتين "جبال النوبة والنيل الأزرق" أو ما عرف لاحقا "بأهل المصلحة".
بكل الوضوح كان المطلوب هو رضوخ الحركة الشعبية لإشتراطات وأوامر نظام الإبادة والتمييز العنصرى.
وتلك المطالبة خرجت على لسان "أكاديمى" محسوب على "الحركة الشعبية" وكانت "القنبلة" التى فجرت الموقف داخل "الحركة الشعبية".
عبارة بسيطة أطلقها د. الواثق كمير قال فيها "يجب فصل القضايا الإنسانية عن السياسية" .. والمطلوب منه تنفيذ ذلك الإقتراح هو "الحركة الشعبية" وبالطبع قيادتها.
لقد كان نقد الدكتور/ الواثق كمير "للحركة" غير أمين وغير دقيق، لأنه جرم "الضحية" وبرأ "الجلاد"، ولم يهتم كثيرا بسلوكيات "نظام" يحكم بلدا لأكثر من 28 سنة ثم لا يهتم بوصول إحتياجات إنسانية لجزء من شعبه رغم موافقة خصمه "الحركة الشعبية" بإشرافه على 80% منها.
لو كان نظاما أخلاقيا لم رفض وهو لا يتمتع "بثقة" شعبه كله، نتيجة للعديد من مظاهر الفساد فى جميع أجهزته، خاصة فى التجارب التى لازمت إشرافه على مثل تلك المساعدات.
لم يهتم "النظام" بأؤلئك المواطنين وإحتياجاتهم الإنسانية ولم يفعل شيئا غير رفضه الإستجابه لمقترح إرسال 20% عن طريق دولة مجاورة وعبر مدينة مجاورة لأحد الإقليميين المعنيين بتلك الإحتياجات، رغم الضمانات التى قدمت له من خلال الوسطاء، والغرض من ذلك هو إضعاف "الحركة الشعبية" أمام كوادرها فمن هو الطرف الذى اقحم السياسة فى موضوع الإحتياجات الإنسانية يا ترى؟
لقد برأ د. الواثق كمير "الجلاد" وأدان – أراد أم لم يرد – "الضحية".
والضحية هنا تتمثل فى أهل المنطقتين وإنسانهما البسيط وتتمثل فى حركتهم الشعبية بكآفة مكوناتها قيادة وكوادر سياسية ومقاتلين على الأرض.
ثم المنطق السياسى و"العقلانى" والواقعى يقول أن الحركة الشعبية تسيطر على رقعة واسعة من المنطقتين إذا لم يكن بكاملهما وحينما يتحقق ذلك لأى كيان سياسى "مقاوم" له قوة عسكرية على الأرض فى اى بقعة فى العالم لابد أن يستجاب لمطالبه على أى قدر طالما يعيش فيها مدنيون، ليس بالضرورى أن يعترف النظام لأعتبارات تخصه بذلك "الواقع"، هذا شهدناه فى سوريا والعراق وفى كوسوفو وإفغانستان وفى غير ذلك من أماكن شهدت نزاعات ومواجهات.
والمنطق يقول .. فى كثير من الأوقات أظهرت "الحركة الشعبية" من قبل "الإنفصال" تصرفات مسئولة ومواقف إنسانية رائعة تستحق التقدير والإحترام آخرها الطريقة الحضارية التى أطلق بها الأسرى.
واهم من يقول بأن الحركة الشعبية لم تكسب من ذلك التصرف السليم، سودانيا ودوليا وإقليميا، على الأقل من خلال الأحاديث التى أدلى بها عدد من أولئك الأسرى الذين اطلق سراحهم، حيث ساهمت شهاداتهم الصادقة فى تحريك عقول البعض وجعلتهم يطرحون العديد من الأسئلة على الأقل فى مجال الصحافة والإعلام.
والمنطق يقول أن المساعدات والإحتياجات الإنسانية التى أرسلت لتلك المناطق من قبل واشرفت عليها "الحركة" لم يشكك أحد فى شبهة فساد فيها، بينما عرف عن "النظام" إستغلاله البشع للمساعدات والإحتياجات الإنسانية التى ترسل لإنسان السودان إذا كانت مادية أو عينية حيث تشاهد ثانى يوم وهى تباع فى سوق "الله أكبر"، حتى لحم "الهدى" والأضاحى التى جاءت من السعودية ذات عيد وتقبلها "النظام" دون خجل أو حياء، والسودان من أكبر الدول المصدرة "للخراف" للسعودية، تم بيعها فى الأسواق!
للأسف لم يرهق الدكتور الواثق كمير نفسه قليلا متسائلا، الى اين سوف يؤدى "نقده" العنيف ذاك وفى ذلك الوقت حتى لو كان يبدو لطيفا؟
لا أظنه خافيا على الدكتور/ الواثق كمير، وهو يوجه ذلك النقد "لقيادة" الحركة، أن الأوضاع داخلها لم تكن مستقرة بصورة مثالية، وربما بدأ ذلك على مستويات مختلفة، صعودا وهبوطا بسبب "الإضطراب" الذى حدث داخل الحركة منذ أن أعلن القرار "بسحب" الرفيق/ ياسر عرمان من إنتخابات رئاسة الجمهورية والتداعيات التى حدثت بعد ذلك حتى الوصول الى إعلان "إستقلال/إنفصال" الجنوب ومعه أنفصلت الحركة الى حركتين وظهر ذلك سريعا على مكاتبها الخارجية وهذا ليس وقت الحديث عنه.
ثم إستمر النظام فى إستغلاله للذى جرى، بنقضه للعهود والمواثيق التى وقع عليها فى إتفاقية السلام الشامل و"بالتلكوء" فى إستكمال جزء آخر من الذى أتفق عليه، مثل "المشورة" الشعبية للمنطقتين وبرتكول "أبيى".
على كل .. لا يستطيع عاقل أن ينكر هنالك أخطاء حدثت من قيادة الحركة الشعبية (الثلاثية) ومن بعض الكوادر .. ومن يعمل لابد أن يخطئ، والذين لا يخطئون هم وحدهم الذين لا يعملون.
لكن ذلك العاقل نفسه هو من يفكر ويبحث فى الطريقة المثلى لتصحيح ومعالجة تلك الأخطاء بكل السبل وفى صدق وتجرد ودون إستغلال للموقف، لا أن يعمل على هدم المعبد بكلما فيه وعلى رأس كل من فيه حتى لو ظن البعض أنه قد نجا لأنه كان خارج ذلك المعبد يوم هدمه!
أظن الدكتور الواثق كمير يعلم جيدا بوجود تيارات وتوجهات متعددة ومتباينة داخل الحركة ، فهناك من له أفكار ورؤى مخلصة لتصحيح المسار، وهناك من تهمه "الحركة الشعبيه" ولا يهمه كثيرا "مشروع السودان الجديد" ولذلك ينظر للحركة كإرث "إثنى" .. وفى نفس الوقت هنالك "مغبونين" ابعدوا من مناصب وفقدوا ميزات باسباب عديدة منها، ما تسأل عنه القيادة وقد يقع ضمن أخطائها .. ومنها تجاوزات وأخطاء إرتكبها المبعدون، وعضوية الحركة ليست كلها من الأنبياء أو الملائكة.
بمعنى آخر هناك من له مواقف من أجل مصلحة "الحركة" وإنتصار مشروع السودان الجديد، وفى ذات الوقت هنالك من له مواقف ناتجة عن مسائل شخصية، وبعض آخر يرى الحركة مثل "بقرة" حلوب من المفترض أن تحل له جميع مشاكله الخاصة حتى لو كان ذلك على حساب "المقاتلين" فى الميدان.
وللأسف صدق البعض الشائعات "المغرضة" التى استهدفت رفاق الأمس، أعداء اليوم، بل اصبحت تسريبات أجهزة النظام" الأمنية" المقصودة لتحقيق أهداف محددة، قرآنا وأنجيلا يؤمن به بعض الرفاق ويتبادلونه عبر الوسائط الإلكترونية فى نشوة وحبور!
فهل من المنطق أن يطرح "عاقل" رؤى فى مثل هذا الوقت مهما حسنت نواياه، يمكن أن تستغل لهدم المعبد بكلما فيه وكل من فيه؟.
لا أدعى أن ذلك وحده كان السبب فى التداعيات التى نراها الآن والتى تهدد تماسك الحركة وبقاءها والتى أحزنت أصدقاء الحركة المخلصين قبل كوادرها والتى وصلت الى درجة أن تزهق أرواح وأن تسيل دماء من هناك أو هناك كالذى حدث فى إقليم النيل الأزرق، ليس بين قوات الحركة ومليشيات النظام، بل بين "الرفاق" الذين كانوا ذات يوم فى خندق واحد.
رغم الأسى والاسف والحزن .. نحمد الله كثيرا أن ذلك لم يصل بعد الى جبال النوبة وأرجو الا يصل.
قد يتساءل البعض لماذا خصصت الدكتور/ الواثق كمير، بهذا التناول أو النقد، رغم أنه لم يفعل سوى نشر مقالات، قد تبدو فى نظر البعض ليست ذات تأثير كبير فى الذى جرى؟
الإجابة .. قد يكون ذلك التساؤل مشروعا وفيه قدر كبير من الصحة.
لكن الذى حدث على الأرض، "تلقف" على الفور عدد لا يستهان به من "الرفاق" موضوع "الإحتياجات الإنسانية" التى يفترض أن تذهب للمنطقتين.بعضهم يشعر بمعانة أهله وهم "أهل" كل سودانى خاصة المنتمين للحركة ولمشروع السودان الجديد.
لكن بعض آخر وجدها فرصة ليتحدث بلغة جديدة "دخيلة" على مشروع السودان الجديد.
وبدأت تظهر كلمات وعبارات مثل "الجلابى" و"الشمال النيلى" وذهبت الى ابعد من ذلك كأن يقال لأن "المتضررين" ليسوا من أهل فلان أو فلان من قادة الحركة .. مما يعنى أن "الإثنية" والجهوية قد بدأت تنخر عميقا فى جدار "الحركة"، تزامن ذلك بتركيز الحديث المكثف عن "ألهامش" و"المركز" وبصورة لم تحدث من قبل فى تاريخ الحركة الشعبيه كله بل ربما فاق ذلك بداياتها "المقدرة" حينما كانت الحركة كأى مشروع جديد يحتاج الى زخم وشعارات ماخوذة من "واقع" موجود، تلفت اليه العالم كالحديث عن ظلم "المهمشين" واصحاب البشرة السوداء، ريثما يتم الإعتراف بذلك المشروع وتلك الرؤية فيتجه صاحبها إذا كان "مفكرا" الى رؤية "قومية" أكثر شمولية ورحابة تؤكد الظلم الذى حاق بالبعض لكنها لا تستثنى أحدا أو تتعامل معه فى إستعلاء أو عنصرية "مضادة"، وذلك هو نفسه الذى فعله القائد التاريخى الفذ "جون قرنق".
وإذا لم يفعل ذلك تكون الرؤية الجديدة ناقصة وفاشلة تعيد إنتاج مشروع الطرف الآخر الذى تمت مواجهته فكريا وعسكريا وتمت هزيمته فى المجالين.
على كل قام الدكتور الواثق كمير أخيرا بطرح رؤى الأخير تحت عنوان "تحرير الخلاف فى الحركة الشعبية – قضى الأمر الذى فيه تستفيان" وهو بلا شك طرح جيد .. والذى طرحه الاستاذ/ اسماعيل خميس جلاب فى بيان بإسم "الحركة الشعبية – الأغلبية الصامتة" بتاريخ 16/8/ 2017 تحت عنوان "حول تطورات الأوضاع فى الحركة الشعبية" كذلك جيد.
لكن هذا حدث بعد أن هدم "الواثق كمير" وآخرين غيره "المعبد بكل ما فيه ومن فيه" فى وقت اصبح فيه "الترميم" صعب وإن لم يكن مستحيل.
ختاما .. مقترحات لا وصايا:
رغم الشعور بالإحباط الذى لا أنكره وأنا اتابع التراشقات والإتهامات من هنا وهناك ونشر الغسيل القذر، أتقدم بهذا المقترح البسيط طالما لا زال فى الأفق بصيص أمل وضوء.
تاج السر حسين
(منقول).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.