بعض المسؤولين يحاولون استعباطاً، إرسال رسائل للرأي العام مفادها، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، لو قررت رفع العُقوبات الأمريكية اليوم، فإنّ يوم غدٍ سوف يشهد ترنح الدولار أمام الجنيه وتصبح قيمته ما يعادل 2.5 من العُملة الوطنية، أي عودة قيمة الجنيه إلى عهد النفط، ما قبل انفصال جنوب السودان. بدأ التفاؤل الرسمي يعلو مع اقتراب شهر أكتوبر، الموعد المضروب للبت النهائي في قرار رفع العقوبات الأمريكية على السودان، والذي تم إرجاؤه يوليو الماضي. مثلاً.. مساعد الرئيس عوض الجاز الذي يزور روسيا هذه الأيام، قال إن تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين تشير إلى انتفاء أسباب إبقاء العقوبات على السودان.. وفقاً ل (سبوتنِك). ومثلاً.. أبدى القائم بأعمال سفارة السودان لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية السفير معاوية عثمان خالد، تفاؤله برفع العقوبات عن السودان، ونقلت (الشروق) أنه يتوقّع مزيداً من التقارب بين الخرطوم وواشنطن في الفترة المقبلة، وإننا مقبلون على فترة أفضل مما سبق في علاقات البلدين. صحيح أن المكاسب السياسية كبيرة من قرار رفع العقوبات الأمريكية، وتعطي الإشارة لانفتاح كبير في العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، ولا اختلاف حول القيمة السياسية لهذا، لكن، ما النتيجة الفعلية على أرض الواقع، وما الذي يُمكن أن يفعله قرار رفع العقوبات على بلاد تُعاقب نفسها؟. الترويج الزائد والتهليل بجدوى القرار ومُحاولة تقديم ذلك للرأي العام كأنه عصا موسى، أو خاتم سليمان، سوف يصطدم بواقع الفساد الذي لم يترك شبراً سالماً. أقسى العقوبات التي تُفرض على شعب السودان، هي العُقُوبات التي تفرضها الحكومة نفسها.. حكومة يلوي يدها متورط في قضية فساد، فبدلاً عن محاسبته تقوم بتجديد الثقة فيه وترقيته، أتستحق هذه رفعاً أم مزيداً من العقوبات؟. على كل، رُفعت العقوبات أم لم تُرفع، لن يُغيّر القرار الأمريكي من الواقع السوداني شيئاً، لأن هذا الواقع يفرض على نفسه عقوبات أقسى من العقوبات الأمريكية.. لن يحل الأزمة، السعي والهرولة وتقديم التنازلات تلو الأخرى لأجل عيون أمريكا.. التنازلات مقابل لا شيء. الكارثة، أن تقوم الولاياتالمتحدة بتجديد العقوبات على السودان، لأنه حينها، سوف ترتد هذه الحكومة الردة الكبرى، لأنها فعلت كل ذلك، ليس لأجل شيء سوى أن ترضى أمريكا وترفع غضبها وسخطها.. سوف تصبح الكارثة كارثتين، حينها. الذي ينبغي أن يكون، أن تفعل هذه الحكومة (تنازلاتها) عن مبدأ وقناعة دون إكراه، حينها لن تحتاج إلى هذا العويل لرفع العقوبات.. التعويل على رفع العقوبات باعتباره فتحاً، سوف يرتد على أصحابه. التيار