[email protected] لن تتأتى هيبة الدولة المفقودة ..مهما طالت يد الرقيب التي تتسلق خيوط الفجر كما يفعل اللص الذي يخاف الظلام ..فتخنق بسواعد الرعب رقة الورق وجسارة الحروف ..منعاً لنور الحقيقة أومصادرة لحرية الرأي ..ولن تبسط الدولة سلطتها على المتبقي من تراب الوطن .. وكبار ضباط الجيش وجنودهم يتنعمون في مكاتبهم وعنابرهم في الأبراج الزجاجية المكيفة الهواء في قلب العاصمة بعيداً عن الزوايا المحتلة في الشمال والشرق ..وقد أوكلوا مهمة الهمبتة بالسلاح في دارفور لقادة العصابات التي جعلتهم سلطة الإنقاذ على جهلهم أعلى رتباً من الذين موّل الشعب دراساتهم العسكرية في الداخل والخارج ..فاحالت حياة الراحة من طموحاتهم في حد ها الأعلى التمتع بامتيازات الجمعيات التعاونية التي توفر لهم كل الذي حرمت الحكومة ذات الشعب من طعمه ..لتلهي الجيش عن الشعوربما يعانيه الشارع الذي بات الشباب الضائع في قارعته إماعاطلاً يضطر الى خطف حقائب الفتيات.. وإما بائعا لتوافه السلع مستجديا أن يتكرم عليه فتية الحركة الإسلامية و المؤتمر الوطني بفتح زجاج الفارهات المبردة ولو لثواني معدودات ويلقوا نظرة على ما يعرضه دون أن ينفعوه بشراء شي من بضاعة على قلة ثمنها الذي لا يحفظ كرامته من التسول ولا يسد جوعاً في بطه الضامر ! أما جهاز الشرطة فلم يعد يملك إلا طأطأة الرأس حينما يتجاوز فتية قوات الدعم السريع بالتاتشرات التي تشق قلب عاصمة الدولة التي فقدت هيبتها في مواجهتهم وهم يسيرون على هواهم و بدون أرقام ويكسرون إشارات المرور ثم يعتدون على ضحاياهم بالضرب إن هم إحتجوا أوتأذوا منهم أمام صمت رجال المرور الذين ضاعت نخوتهم في ظل غياب هيبة القانون المستباح بسطوة قطاع الطرق ..وقد بلغوا من إحتقار الدولة درجة من التعالي فباتوا يقتحمون سجون وحراسات الحكومة في رابعة النهار لإطلاق المجرمين من جماعتهم .. ليس في الفوضى الحاكمة لمدن دارفور .. وانما وسط بقعة أم درمان العاصمة الوطنية لدولة الهيبة المنزوعة الدسم ! فهيبة الدولة تكمن في جسارة قيادتها إن كانت تتوخى تطبيق العدل بدءاً بذاتها ومن هم حولها ..بدلاً عن أن تسلط سياطها على بطون اللائي والذين ليس لهم ظهور . ولن تكون لأية دولة هيبتها ..حينما يجلس رئيسها ذليلاً يطلب حماية الدول البعيدة عن عقيدته ..خشية على نفسه التي لم يستطع صونها بطهارة يده وعفة لسانه .. فرهن سيادة البلاد كلها عارضا سواحلها وسماواتها وترابها مقابل سلامته التي ذهبت مع سلامة عقله ! وهيبة الدولة لا تنشرها قوانين المسكنات منتهية الصلاحية في محاولة تقصير كعب الدولارالذي ابتلع قامة الجنيه .. بتلك الحملات البائسة وهي تطال الظلال و تغض الطرف عن الأفيال التي تنطلق في دهسها للإقتصاد بأقدام الفساد منطلقة من حظائرالنظام ! والحريات التي يحكم القانون العلاقة فيها بين الحاكم والمحكوم والظالم والمظلوم لاتنتقص من هيبة الدولة لوأن ثقة النظام وأجهزته المختلفة في كياناتهم تقوم على أرجل الدستور التي لا تتزحزح من أجل إنقاذ رئيس يخاف لحظة الترجل عن كرسي القيادة لأنه يدرك أن ذوي المطحونين سحقاً بعجلات عهده الطويل ينتظرونه عند بوابات الزمن بسيوف الثار ليتفرق دمه هدراً بين قبائل الغبن وكتائب تنفيذ أحكام العدالة التي لاتسقط بالتقادم !