اخذتنا حمى الحديث عن المبادرات والمفاوضات حتى بلغت حد غرقنا فيه وما زلنا نسبح بحثاً عن مرفأ آمن ولكن وكما قلت مراراً ان اهل الانقاذ موحدين ومنقسمين نجحوا في احداث الربكة الكبيرة وسط كل الكيانات السياسية.. حزب الامة انقسم الى اكثر من خمسة اقسام،ثلاثة توحدت قريباً ولم تترك اثراً في الساحة السياسية. الاتحادي الديمقراطي انقسم الى اكثر من خمسة اقسام اشارة الى ما يدور الآن في داخل القسم المتوالي وثورتهم على دكتور الدقير في مؤتمر قاعة الصداقة الذي حضره الرئيس البشير.. حزب البعث الى ثلاثة والحزب الشيوعي الى ثلاثة بالتقريب.. لم يبق كيان سياسي موحد بما في ذلك كيان الجبهة الاسلامية نفسه. هنا تحضرني حكمة الشعب التي تقول (كثرة الكيمان تشير الى تلف الرأى) أي كلما تقسم الناس الى مجموعات صغيرة حول موضوعات كبيرة تكون الحيرة قد لفتهم وقطعت عليهم كل السبل.. وهذا حالنا مجموعات صغيرة في مجال الاحزاب ومجموعات صغيرة حتى في مجال التسليح.. دونكم تناسل حركات دارفور المسلحة. ومعنى ان يفسد الرأى.. يفسد وتنعدم فرص التفكير النافع وتنعدم الرؤية الواضحة وتتزايد الشائعات وتصبح الحالة السودانية هى حديث العالم والهم الاوحد لمجلس الامن ولامريكا ولكل الاصدقاء في الاتحاد الافريقي وفي الدول العربية مما جعل دولة قطر تستضيف حركات دارفور المسلحة الى ما يقارب الثلاثة اعوام، وتخرج باتفاقية لم ينعكس فعلها على الواقع حتى الآن.. ومن جديد تنهض مغالطات وتصريحات المؤتمر الوطني الذي رفض تمديد فترة اليونميد لعام قادم مع ان الحال في دارفور لم يبلغ مرافيء السلام.. بل وما زالت الساحة تعج بالتصريحات والهمسات الغريبة من أهل الشأن في امور تذكرني بمفارقات ومتناقضات تحكي في مجالس التندر كأن نسمع بأن رجلاً انفلت زمام بيته بفعل سلوك ابنائه وبناته المعوج، وهو لا يجد أمامه إلا ان يعلن لاهل الحي والمدينة هذا دون ان يفعل شيئا.. وهذا ما قام به والي ولاية الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر الذي قال ان هناك بالفعل ضائقة اقتصادية وغلاءً في الاسعار.. وانه سيحول موقف (كركر) الى ساحة والداير يكورك يكورك ووزير التجارة دكتور الجاز يعلن ان أزمة السكر في رمضان سببها الانتهازية والجشع. يحدث كل هذا بينما تتصاعد أزمة متطلبات الحياة امام المواطن السوداني، وآخر حلقات هذه الازمة الزيادات المريعة التي شملت كل ضروريات الحياة ومن المضحك المبكي انه مع حلول شهر رمضان يصبح سعر كيلو اللحمة ثلاثين جنيهاً.. ورطل اللبن مائة وخمسين وبالمناسبة ما زال قياس (الرطل) سارياً ورطل الزيت ستة جنيهات وكيلو الخيار عشرة جنيهات والعجورة الواحدة ثلاثة جنيهات اي والله.. يحدث هذا في الوقت الذي يتحدث فيه اهل المسؤولية عن لحس الكوع.. وعن التقطيع بالسيف وعن.. وعن.. والناس مع كيمانهم مهما كثرت وزادت حيرتها يبحثون عن ديمقراطية تؤمن لهم حرية الكلام جنباً الى جنب مع حرية الطعام والدواء والعلم، فليست هناك حرية لجائع او جاهل او مريض او خائف. لا حرية لهؤلاء بأية حال من الاحوال. هذا مع تحياتي وشكري