٭ اخذتنا حمى الحديث عن المفاوضات والمبادرات واللقاءات حتى بلغت حداً غرقنا فيه وما زلنا نسبح بحثاً عن مرفأ آمن.. ولكن كما قلت مراراً وتكراراً ان اهل الانقاذ موحدين ومنقسمين نجحوا في احداث الربكة الكبيرة وسط كل الكيانات السياسية.. حزب الامة انقسم الى اكثر من خمسة اقسام، الاتحادي الديمقراطي الى خمسة اقسام.. حزب البعث الى ثلاثة، والحزب الشيوعي الى ثلاثة بالتقريب، وحتى الحركة الشعبية خرج عنها دكتور لام اكول بحركته التي اسماها الديمقراطية ولم يبق كيان سياسي موحد بما في ذلك كيان الجبهة الإسلامية نفسه. ٭ هنا تحضرني حكمة الشعب التي تقول (من تكثر الكيمان يكون الرأس تلف) أي كلما تقسم الناس الى مجموعات صغيرة حول موضوعات كبيرة تكون الحيرة قد لفتهم وقطعت عليهم كل السبل.. وهذا حالنا مجموعات صغيرة.. سياسية ومسلحة ودونكم حركات دارفور المسلحة. ٭ ومعنى ان يتلف الرأس يفسد وتنعدم فرص التفكير النافع وتنعدم الرؤية الواضحة وتتزايد الشائعات.. وتصبح الحالة السودانية هى حديث العالم والهم الاوحد لمجلس الأمن.. ولأمريكا.. وفود طالعة من المؤتمر الوطني ووفود نازلة من الحركة الشعبية وتصريحات هنا وهناك.. وتزداد رقعة الحديث والمناقشات والتهديدات والمناورات.. من أبيي والمسيرية وحتى مفوضية الاستفتاء. ٭ يحدث كل هذا بينما تتصاعد أزمة متطلبات الحياة أمام المواطن السوداني.. وآخر حلقات هذه الأزمة الزيادات المريعة التي شملت كل ضروريات الحياة.. ومن المضحك المبكي ان مع حلول رمضان الماضي بلغ سعر كيلو اللحم المفروم خمسة وعشرين جنيهاً يعني خمسة وعشرين ألفا بالقديم.. يحدث هذا في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون عن انخفاض التخضم والعافية التي عمت جسد الاقتصاد.. وسعر الضروريات يرتفع.. اللحمة، الزيت. الصابون. ايجارات المنازل الى مصاريف المدارس وخرافة مجانية التعليم. ٭ والحكومة تتحدث عن الحرية وعن التعددية ومشاركة الآخر ودستور 5002 نفسه يبيح للكل حق الصراخ والاحتجاج والكلام والحكومة نفسها وعبر وزرائها تتحدث عن الغلاء ورفع المعاناة عن كاهل المواطن.. وتواصل حديثها عن الديمقراطية والحرية والرخاء وعن المشروع الحضاري كمان.. ٭ والناس مهما كثرت وزادت حيرتها يبحثون عن ديمقراطية تؤمن لهم معرفة الاسباب الحقيقية للخلخلة التي ضربت النسيج الاجتماعي في مقتل واصبحوا يسمعون من افواه المسؤولين حديثا عن ازدياد الجريمة وكثافة اعداد الاطفال مجهولي الابوين. ٭ المواطنون يبحثون عن ديمقراطية تؤمن لهم حرية الكلام جنباً الى جنب مع حرية الطعام والدواء والعلم، فليس هناك حرية لجائع أو جاهل أو مريض او خائف لا حرية لهؤلاء بأي حال من الاحوال. هذا مع تحياتي وشكري