تجولت (حريات) في الاسواق والتقت ببعض المواطنين واصحاب الجزارت أمس الاحد 18 سبتمبر ، في أول يوم لبدء حملة مقاطعة اللحوم التي تقودها أجهزة المؤتمر الوطني لاعفاء الحكومة من المسؤولية واعادة توجيه السخط على الغلاء منها نحو الجزارين وصغار المنتجين . وقال أحد المحامين انه زار قبل أيام احد الاسواق الشعبية في منطقة شمال ام درمان قرب سجن الهدى ووجد المواطنين هناك في حالة من البؤس لا يمكن ان تخطر على بال المترفين من منسوبي المؤتمر الوطني ، حيث وجد أكوام لبيع الجراد بالكيلو ، ووجد أهم لحوم تباع هناك (أرجل) الدجاج – أرجل الدجاج وليس الافخاذ – ، وبسؤاله المواطنين قالوا ان هذه اللحوم التي يستطيعون تحمل شرائها ، وانهم يغلوها مع الماء والبصل وتشكل وجبتهم الرئيسية . وقارن المحامي بين هذه الأوضاع وأوضاع مترفي المؤتمر الوطني الذين يتبارون هذه الأيام في حجم أحواض السباحة ، وقال ان هذه آخر موضة في أوساط المؤتمر الوطني ، حيث يتفاخرون ويتسابقون في أيهم حوض سباحته أكبر وأجمل ! وقالت احدى ربات البيوت ضاحكة ( احنا مقاطعين طبيعي لو كان الكيلو بثلاثين جنيه وانا مصاريفي عشرين جنيه ! حاشتري سكروشاي ولبن وعيش ولا لحمة اذا كان رطل اللبن بى ألفين براهو؟!، وراي الاستاذ م. ب ان المقاطعة موجودة اصلا وان المواطن السوداني اجبر عليها دون دعوة جمعية حماية المستهلك ! ذلك كون الاسعار الحالية ليست في متناول الكثيرين . ولعل اللافت للنظر ايضاً اغلاق بعض الجزرات لاسباب قد تكون الاستسلام لنجاح متوقع او علهم اختاروا التضامن مع زبائنهم ! وبسؤال صاحب جزارة في احد احياء ام درمان القديمة اجاب متسائلاً ما الهدف من قطع ارازق الناس والجزارين لا يد لهم في هذه الزيادة ، وانها ضرورة حتمية مع الزيادة التي فرضها اصحاب السلخانات! صاحب جزارة آخر في اركويت بدت علي جزارته معالم المقاطعة، حيث تكدست انواع اللحوم في المحل اجاب ان اصحاب السلخانات هم السبب وراء الزيادة، سعر الكيلو 28 جنيه انا بزيد عليه بس 2 جنيه ، وكل ما يزيد انا بحافظ علي هامش 2 جنيه ، انا برضو صاحب عيال ودي اكل عيشي و مافي زول بيقطع عيشو بيدو! وفي سلخانة بامدرمان نفي صاحب السلخانة التهم الموجهة اليهم وعزا اسباب الارتفاع الي ارتفاع اسعار الدولار والحرب في كردفان الامر الذي دعا اصحاب الماشية الي رفع سعر البهائم عند بيعها. وبالتوازي مع ارتفاع أسعار اللحوم ارتفعت أسعار البدائل الممكنة مثل العدس والبقوليات الاخرى وأسعار الدجاج والأسماك . ويرجع السبب في ذلك للسياسات الحكومية التي تخصص غالبية الموارد من أجل الصرف العسكري والأمني والدعاية والرشاوى السياسية ، خصماً على الانتاج والتنمية والخدمات ، اضافة الى خراب الانتاج الزراعي والحيواني ، بسبب الرسوم والجبايات الباهظة وانحياز التمويل الحكومي والمصرفي لصالح النشاطات الطفيلية بدلاً عن الانتاج . اضافة الى آثار الانفصال وفقدان عوائد النفط وعزلة البلاد الدولية مما أدى الى تصاعد سعر الدولار وانعكاسه على مدخلات الانتاج وبالتالي على أسعار سلع الاستهلاك .