لجأت إليه لاستحضار معلومة تاريخية أحتاجها لتأكيد موقف سياسي وطني على أمل الاستفادة منها في يوم آخر لأكتشف أنه أحيل للمعاش، أي أنه تحول إلى ذاكرة معطلة بقرار إداري من جامعة أم درمان الإسلامية. لسنا هنا بصدد إثارة الموضوع القديم المتجدد حول السن القانونية للمعاش لأساتذة الجامعات ومراكز البحث العلمي ولكننا فقط نتوقف عند هذا النموذج غزير العطاء الذي صقلته السنوات وأضافت لخبراته ما جعلته مرجعا في مجال تخصصه. صاحبنا الذي خصصنا له مساحة (كلام الناس) اليوم تخرج في جامعة القاهرة فرع الخرطوم بليسانس آداب تاريخ بتقدير جيد جدا وحصل على درجة الماجستير في التاريخ بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف في ذات الجامعة. نظم وأشرف على ندوات علمية داخل البلاد وخارجها وشارك في عشرات الندوات ونشر عشرات البحوث وعضو في أكثر من هيئة علمية وأشرف على عشرات من رسائل الماجستير ومناقشة عشرات من رسائل الماجستير والدكتوراة. من مؤلفاته (ثورة 1924.. دراسة ووقائع)، (معالم في تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر)، (العلاقات السودانية المصرية)، (تطور الحركة الوطنية في السودان)، (الاستعمار الأوروبي ونتائجه على العلاقات العربية الإفريقية)، (مناهج البحث في العلوم الإنسانية)، (الإمام عبد الرحمن المهدي.. سيرة ومسيرة)، (موسوعة الرموز والشخصيات الوطنية السودانية) و(وثائق مؤتمر الخريجين). إنه البروفيسور أحمد إبراهيم دياب أحد كنوز التاريخ في بلادنا وهو من القلائل الذين رفضوا الهجرة خارج الوطن رغم الفرص والإغراءات التي وجدها ولكن حبه وولاءه لوطنه جعله يرفض كل هذه الفرص ويتمسك بالبقاء داخله. مثل هذه الذاكرة التأريخية الحية ينبغي أن يكرم صاحبها وأن يحافظ عليه ويستفاد من خبراته المتراكمة بدلا من تعطيلها بقرار إداري يُفقد الجامعة والوطن والدارسين عطاءه وخبرته. إن تعطيل مثل هذه الذاكرة الحية جريمة في حق مؤسساتنا الأكاديمية ومراكز البحوث العلمية والتوثيق. وكان الأحرى بالمسؤولين الاستفادة من هذه الذاكرة خاصة في مجال الدراسات السودانية والتاريخ والبحث العلمي.