عاشت الأمة العربية والاسلامية بل العالم جميعاً ليلة أمس في الحديث عن رحيل العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا أكثر من أربعين عاماً، أذاق فيها الشعب الليبي الويلات والقتل والتهجير والتمثيل بالجثث والموت الجماعي والدفن الجماعي..إلخ. لكن… لا أدري لماذا لا يتفكّر الطغاة في حادث مقتل رفيق لهم أراق الدماء الطاهرة مثل نهاية معمر القذافي…؟؟؟ لماذا تحجرت قلوب الطغاة لهذه الدرجة للحد الذي لا يشعرون فيه بآلام الرحيل وكراهية البشر.. عند مشاهدتي لصورة العقيد القذافي وهو مجندل على الأرض والليبيون من حوله يهللون ويكبرون انتقلت ببصري وذهني وخيالي وكل حواسي تجاه الرئيس عمر البشير، وبشكل تلقائي جاءت المقارنة من حيث أدري ولا أدري. نعم رحل القذافي من المشهد…لكنه ترك بلداً متماسكاً.. ووحدة وطنية.. واقتصاد قوي.. سيرحل عمر حسن أحمد البشير.. طال الزمن أو قصر.. لكنه سيترك نص وطن..ممزقاً والدماء تنزف من جنباته.. وجروحاً مفتوحة ونتنة لسنوات بلغت العقدين من الزمان.. سيرحل عمر البشير وسيترك خلقه غبائن.. وكراهية وحقد أسود.. وقبائل سودانية متناحرة تكره بعضها البعض.. وأشلاء هنا وهناك..,ايتام بالملايين وأرامل.. وجرحى حروب بالآلاف..واقتصاد مدمر.. وامكانيات منهارة تماماً.. وأراضي قد بيعت لآخرين خارج الحدود..ومشاريع زراعية قد دمرت بقصد واصرار بليغ..!!!. سيرحل عمر البشير وسيترك خلفه جيوش من الجوعى وآلاف من أبناء الخطيئة.. وأخلاق قد ذهبت بغير رجعة.. نعم رحل العقيد القذافي في مشهد ليس بغريب علينا وقد شهدنا من قبل رحل صدام حسين بذات الطريقة. ورحيل بن علي بالخروج من الحكم.. وخرج حسني مبارك..فرعون مصر الأكبر.. وسيخرج علي عبدالله صالح مثلما سيخرج عمر البشير..بذات السيناريو.. رحل القذافي وتألمنا لرحيله بهذه الطريقة وقد كانت الفرصة مواتية له أن يحفظ ماء وجهه مستفيداً من سيناريو صدام حسين وزين العابدين بن علي وحسني مبارك..!!. لكن الطغاة دائماً هم هكذاً يكتبون بأيديهم النهايات التي أرادوها لأنفسهم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه ألم يحن الوقت لعمر حسن أحمد البشير أن يستفيد من قصص رحيل رفقاءه صدام ومبارك وبن علي والقذافي…؟؟؟. ألم يحن الوقت ليفكر ملياً في عاقبته وفي مصيره المحتوم…؟؟. آل حسن أحمد البشير هذه العائلة الكبيرة والممتدة ..أليس بينهم رجل رشيد يأخذ بيد أخيهم وإنقاذه من الطامة الكبرى..؟!. أم ان السلطة التي بأيديهم تغرهم وتزين لهم الامساك بالسلطة..؟ّ. أم إن الكوم الكبير لمؤيدي المؤتمر (الوطني) يطمئنهم على أن وضعية ابنهم الرئيس بخير..؟!. حسني مبارك ألم تكن معه كل القوة العسكرية والأمنية والسياسية والحزب الوطني الكبير بتجاره ورجاله ونساءه واعلامه وقنواته الفضائية وصحفه وأقلامه ومرتزقته…و…و….قد ذهب مبارك ولم تنفعه كل هذه القوة..!!!. رحل صدام حسين بكل صولجانه وأساطيره وأوهامه وجيوشه وحزبه الكبير الذي ينتشر في كل بلاد العالم وليس في بغداد فحسب..رحيل غير مأسوف عليه ولم تنفعه عضوية الحزب التي تعدت جغرافية العراق. نعم ينتظر الليبيون أياماً عصيبة.. فإن الثوار الذين حرروا ليبيا وقتلوا القذافي وأعوانه هم ليسوا من عضوية المجلس الوطني الانتقالي ولا يأتمرون بأوامره.. الثوار هم من مكونات شتى..تنظيم القاعدة والسلفية الجهادية وغيرها.. لكن في نهاية الأمر حققوا ما أرادوا وأزالوا أكبر ديكتاتورية في العالم العربي والاسلامي. الشعب السودان لا زال في انتظار الغيب وما ستسفر عنه إرادة السماء.. فإن كاميرات التصوير الدقيقة التي زرعها جهاز الأمن في شوارع السودان وطريقاته حالت وتحول دون استمرارية الفعل المعارض في الشارع مع القبضة الأمنية الشرسة لقوات الشرطة وجهاز الأمن ، لكن الطغمة الحاكمة لا تضع في حساباتها الإرادة الربانية. عندما كنا في الحركة (الاسلامية) ننشد بقوة: بين ليبيا والسودان والعراق واليمن قفزة للأمام فوق هامة الزمن أو نموت له فداءً الحمدلهد ليبيا قد أزالت الطاغية..وكذلك العراق..واليمن على الأبواب وماهي إلا مسألة وقت.. أما السودان فنحن على يقين بأن اله. سبحانه وتعالى بيده ملكوت السماء والأرض. وأن الصبح قريب..قريب..ولكن ناس المؤتمر (الوطني) لا يعلمون..!!. [email protected]