لقد توقفت عند البيان الذي أصدره اتحاد عام المحامين بالسودان بشأن التدخل الأجنبي في ليبيا، وقد جاء مطلع البيان بأنهم يساندون بدون أدنى تحفظ ثوار ليبيا، بما وصفوا به القذافي وصلفه وجنونه واستبداده والذي أذاق به شعبه صنوفاً من العذاب، وكذلك جيرانه أذى كثيراً وظلماً فادحاً وأصبح وجوده كما جاء في البيان، عبئاً على الإنسانية ولم يعد يشرف أحداً، لقد كانت تلك عبارات الإدانة من السادة المحامين ضد القذافي وقد أحسنوا في وصف سوء حاله ولم يحتاجوا أن نزيدهم وصفاً عن ذلك وعن كل ما ارتكبه من بشاعة في حق الشعب الليبي، ثم جاء بيان السادة رجال القانون ورغم أن القذافي قد بدأ هجوماً غير متكافيء سفك فيه دماءً بريئة مستخدماً آلته الحربية التي كان يجب أن توجه ضد العدو، فوجهها لصدور الشرفاء من أبناء وطنه، ونكرر الإشادة بما جاء في بيان اتحاد المحامين بوصفهم للحالة في ليبيا ولكن في اعتقادي الشخصي أن الحديث الذي لم يوفقوا فيه، قولهم بأنهم بأي حال من الأحوال لا يمكننا أن نساند من قريب ولا من بعيد أي تدخل أجنبي في شأن بلد إسلامي أو عربي أو أفريقي، وذلك انطلاقاً من ثوابت مبدئية ضد التدخل الأجنبي خاصة الغربي منه، مهما كانت المبررات فقد رأينا رأي العين ما فعل التدخل الأجنبي بالعراق.. ثم أضاف البيان ليقول مهما بلغت شراسة وقمع العقيد القذافي، فإن الثوار قادرون على ردعه.. ولن يكون أي تدخل أجنبي دون أجندة. وابدأ اعتراضي على هذا البيان بنفي العبارة الأخيرة التي قالت بأن الثوار قادرين على ردع نظام القذافي.. ونقول في هذا الحقيقة التي كانت واضحة لكل من كان يتابع الحرب في ليبيا بأن معمر القذافي بأسلحته المتطورة وطائراته ودباباته، بجانب قسوته وجنونه.. فلولا أن جاءت القوات الأجنبية لفتك بكل المواطنين في ليبيا، لأنهم ما كانت لهم المقدرة التي يملكها القذافي والمعركة كما وصفها بيان المحامين غير متكافئة، وقد ظللنا نتابع هذه المأساة من خلال القنوات الفضائية ونحن نشهد قسوة القذافي على شعبه، كما أني قد أعدت الموقف العربي والإسلامي والأفريقي فلا استطيع أن أصفه إلا أنه موقف ضعيف ومخزٍ لأننا لم نسمع أو نشاهد مساندة فعلية من هذه الشعوب للشعب الليبي، وقد كان الواجب أن تذهب لتساند هذا الشعب الأعزل الذي كنا نشهد بأن القذافي يحصده وفي كل يوم يسقط المئات من الشهداء دون أن تتحرك دولة من هذه الدولة لنجدة شعب ليبيا، وحتى اتحاد المحامين لم نسمع به يصدر بياناً مثل هذا يستنفر فيه الشعب السوداني لمساندة الشعب الليبي، ونقول الحقيقة فعندما ظهرت الدول الغربية بأنها ستعمل على وقف الإبادة ضد الشعب الليبي، لقد أسعدنا ذلك.. وكنا نتمنى استعجال الخطوات قبل أن تتم إبادة الشعب الليبي بأكمله، وعندما دخلت هذه القوات الأجنبية سعدنا لدخولها وأصبح هناك إحساس بأن نهاية الطاغية قد دنت وأن ثورة الشعب الليبي سوف تنتصر على القذافي بإذن الله، وهذا الانتصار بفضل الله وثم هذه القوات الأجنبية، وقد كان من الواجب أن نشكر هذه الدول الأجنبية التي تبادر بحمايتنا من سوء حكامنا أمثال القذافي، وأقول إن بيان السادة المحامين ومع احترامي الشديد لهم، فهو بيان غير موفق ولم يقل الحقيقة، بل تحدث عن ثوابتنا التي نحترمها ونجلها.. ولكنها أحياناً تصبح مكابرة لا معنى لها وخاصة في مثل هذه المواقف، والتي كشفت أننا نتمسك بثوابت تحتاج لإعادة نظر وأني اسأل السادة في اتحاد المحامين.. ما هي هذه الثوابت التي تتحدثون عنها وقد كنتم تشاهدون القذافي وهو يفتك بالشعب الليبي؟.. وما هي الثوابت التي تجعلكم ترفضون القوات الأجنبية التي جاءت لتنقذ هذا الشعب الضعيف والمغلوب على أمره، إنني اعتقد بأن هذه المواقف تجعلنا في تناقض مخجل مع أنفسنا، وتجعلنا نسيء لعلاقاتنا بالعالم الآخر والذي نرى أنه ينطلق في تصرفاته وخطواته من قوانين دولية، نحن نتمنى لبعض هذه المنظمات وكثيراً ما نلجأ لها وقد نحتاج لها وما حدث من تدخل للقوات الأجنبية قد كان من منطلق تأييد من جامعة الدول العربية، ونحن جزء من هذه الجامعة، رغم أن رئيسها السيد عمرو موسى وبكل أسف وبعد أن كان من المؤيدين لهذه الخطوة، عاد ليقول إنه أراد فقط أن يحمي الشعب الليبي، ولكنه ما كان يتوقع أن يحدث الذي حدث، ولا ندري كيف كان يريد أن يحمي الشعب الليبي؟.. وما هو الشيء الذي حدث ولم يتوقعه؟.. المهم أننا نريد أن نقول إننا سعداء إلى الذي يحدث الآن في ليبيا وعلى الأقل جعل الصراع متكافيء وإننا نتمنى للشعب الليبي أن ينتصر على القذافي، ونكرر ولولا دخول القوات الأجنبية ما كان للشعب الليبي أن ينتصر على معمر القذافي، ونحن يجب أن نقول كلمة الحق ومهما كان رأينا في هذه الدول الأجنبية.. فإن فيها الرحمة وتملك من الجوانب الإنسانية أكثر من بعض حكام العرب أمثال القذافي وصدام حسين وحسني مبارك والذين يحكمون عشرات الأعوام وإذا أراد الشعب تغييرهم أو رحيلهم يرفضون، وأقول إن ما نتحدث عنه من خوف من التدخل الأجنبي لا أجد له أي مبرر، لأن كل ما نسمعه من تصريحات لهذه الدول لا يدل على أنهم يطمعون في البقاء بليبيا أو استعمارها، واعتقد أن الشعب الليبي وبعد القذافي سوف تتوحد صفوفه ولن يرضى بأي استعمار أجنبي، والواجب أن نقول لهذه الدول التي أنقذته شكراً على ما قمتم به وفشلنا نحن فيه.