بحجم الأذى الذي أصاب السودان والسودانيين على اختلاف اتجاهاتهم السياسية جراء سياسات ملك ملوك إفريقيا الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي، سوف يكون فرحهم باختفائه النهائي من المسرح السياسي واسدال الستار على عهده العابث غير المسؤول الذي استمر أكثر من أربعين سنة.. لقد اقتربت نهايته ويكاد الجميع يرونها وبها سوف ينزاح عبء ثقيل وسخيف كُتب على الشعب الليبي أن يتحمله ولكن من المؤكد أن الأجيال القادمة في ليبيا.. وفي العالم العربي وإفريقيا سوف تُرهق نفسها بحثاً عن الإجابة على ذلك السؤال الذي نصه كيف تسنّى لحاكم بمواصفات معمر القذافي أن يحكم طوال هذه العقود وكيف قبل الرؤساء والملوك العرب والأفارقة بأن يفتحوا له الأبواب على مصراعيها ليجول ويصول في شؤونهم الداخلية. لقد كانت نقطة التحوُّل الكبرى في عهد معمر القذافي هي الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003م ثم إعدام الرئيس صدام حسين في عام 2006م ومنذ ذلك الوقت والخوف يسيطر على العقيد.. وتراجع وتنازل واسترضى ودفع الملايين للأوروبيين والأمريكيين ولكن قضى الأمر فقد قرر الخواجات أن يرحل معمر القذافي فلم تعد لهم به حاجة.. ورغم النبرة العالية المتحدية التي كان يتحدث بها عنهم ورغم اساءاته السوقية ورغم ادعاءاته بأنه ضد إسرائيل وضد الاستعمار الأوروبي والإمبريالية الأمريكية رغم كل ذلك الذي كان يمارسه في عهده الذهب في السبعينيات باعتباره ثائراً عالمياً كبيراً وزعيماً وطنياً إلاّ أنهم كانوا يعرفون أن قليلين في هذه المنطقة هم الذين يخدمون المصالح الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية على النحو الأمثل وفي مقدمة هؤلاء القليلين ديكتاتور ليبيا العقيد القذافي لقد سقط قبل القذافي طغاة كثيرون وسوف يستمر مسلسل سقوط الطغاة ولقد تنعم البشرية بزمن خالٍ منهم.. لكن الناس في ليبيا وخارجها متشوِّقون لنهاية العقيد وكأن لكل منهم ثأراً شخصياً معه.. ويرى كثيرون أنه لن يجد متعاطفاً واحداً معه عند القبض عليه ولن تذرف على موته دمعة واحدة وسوف يقول الجميع: الحمد لله.. وقد كان العنوان الرئيس لجريدة (الأهرام) المصرية في فبراير 1963م بعدما قتل الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم هو: الحمد لله وكان قاسم ديكتاتوراً شهد العراق في عهده (58 - 1963م) كثيراً من القتل لكنه تميز عن معمر القذافي وزميليه التونسي زين العابدين بن علي والمصري محمد حسني مبارك بأنه كان رئيساً نزيهاً لم تمتد يده إلى دينار واحد من مال الشعب العراقي..