عباس داخل حسن.. شتيمة نحن الارقام المضافة الى سكان البلاد المتجلدة نمارس التسكع بكل الفصول دون موسيقى اوخيام وبلا خيول ، وعند ميقات تسكع صباحي في اول الاسبوع من كانون الثاني جلست قبالة بحيرة ( راتنن سوفانتو)*، ساعة تسكع طقوسية معتادة ، كل شي منجمد ، هدوء يتكسر بفعل صيحات النوارس التي تهبط وتعلو باصرار من اجل صيد ما ، تنقر وجهة البحيرة المتخفي تحت طبقة الجليد القاسي ، فردت قدمي للامام طاردا خدر وملل الجلوس لبضع دقائق وفجأة عبرت عجوز متلحفة بمعطف من الفرو وقبعة سوداء خرقتها خصلات شعر صوفي ابيض بلون الثلج ، مرخية رباط كلبها الصغير ذو العينين الآسرتين بلمعان غريب تفاجأ الكلب عند استقامتي واقفا فاخذ ينبح بقوة وعصبية ، سحبته العجوز نحوها وانحنت عليه بحنان امومي ، التقطته بحضنها بكل عناية ، وبصقت عبارتها المتناثرة في وجهي -خنزير لقد اخفت الكلب توارت العجوز وكلبها ذو العينين الآسرتين خلف العمارات على اليمين، وبقيت متسمرا اراقب عناد النوارس التي مافتئت تزعق بين الفينة والاخرى ناقرة وجهة البحيرة المتجمدة دون عناء . * راتنن سوفانتو ( ratinan suvanto ) بحيرة صغيرة معروفة في مدينة تامبرة الفنلندية ومعناها المكان الخلفي المنعزل تعج بالمارة صيفا الواعظ في قريتنا النائية اعتاد الواعظ ان ياتي على ظهر حمار ويعود على ظهر حمار اخر وبما انه ياتي في العام مرتين سيستخدم اربعة حمير من حمير قريتنا الوادعه ويستمتع بمناظر البساتين الخلابة والجرف الجميل للبحيرة الكلدانية التي لا احد يعرف نهاياتها وبداياتها وهو سعيد بهذه الرحلة التي تستمر عدة ايام عندنا ليبعد عن صخب المدن الماجنة وضجيجها المسعور بلا ادنى احترام , تقام الولائم بقدومه طيلة ايام المكوث وفي كل مساء يلقي على رجال القرية نفس مواعظ العام السابق بتحريف او اضافة تتقلب في الرؤس وتنعش النفوس لفترة وجيزة وينتهي المجلس بسؤال وجواب عن الزرع والضرع كالعادة والواعظ يجيب بالاقساط المريح ويؤجل الصعب منها للمرة القادمة وفي ختام الزيارة سيعد شيخ القرية كم دجاجة ذبحت وكم خروف نُحر للقادم فكل عام يزداد العدد طرديا دون تناقص يذكر وفي اخر سنة قدوم فتح الواعظ باب السؤال للمستعصيات من الامور ففاجأه احد الحضور بنفس السؤال الذي ردده طيلة الاعوام المنصرمة اجاب على مضض تفاديا للاحراج وايقن ان الحمير حفظت الطريق اسرع مما حفظ المستمعون لدروسه تمنى ان يتبادلوا الذاكرة مع حميرهم للحفظ ليس الا ، انقطع عن المجيء بعذر المرض واستبدلوه باخر يمارس نفس طقوسه تماما الاانه يرفض ركوب الدواب بكل انواعها ولايفتح باب السؤال ويكتفي بالدعاء لهم . حدث في بغداد ايام الاسبوع دامية . كلما حاول الناس عد القتلى والمفخخات واللاصقات والمفرقعات، يفاجئهم مذيع التلفزيون على راس الساعة مثل عصفور اعلان اتمام الساعة التى انصرمت ليخبرهم ان لاصحة للخبر ، وان مواطنين قد جرحا وتماثلا للشفاء تعقبه اغان وطنية محورة بكلمات جديدة فصلت على لحن محفوظ سلفا رغم انوفهم ترك الناس الاخبار وبداوا يغرقون بسيل من النكات التي فتحت افواههم للابد وعزفوا عن السؤال اين حدث الانفجار اوعدد القتلى وانخرطوا في ضحك احفوري من عائلة تسمى الضحك على الذقون اشبه بالبكاء منتشر حصريا في المناطق البترولية اللزجة من عالمنا المتحضر جداً [email protected]