أثارت تصريحات رئيس الوزراء الأثيوبى مليس زيناوى بشأن حديثه عن دعم مصر لحركات متمردة أثيوبية وعن خيار الحرب إستغرابا واسعا فى مصر ،وأجمع مراقبون وخبراء مصريون فى الشئون الأفريقية إلى أن تصريحات زيناوى قد تعكس مخاوف أثيوبية من أى إقتراب مصرى أو عربى من الصومال أو القوميات الصومالية فى أثيوبيا أو أريتريا ، وربما تكون محاولة لإيجاد مبررات للمشكلات الداخلية العديدة فى أثيوبيا ،وأكدوا أن هذه المزاعم والإدعاءات لايصدقها عاقل ،ولاتنسجم مع سياسة مصر الخارجية التى تقوم على عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول . وقال أبو العلا حمدى مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط فى أديس أبابا فى إتصال هاتفى :إن تصريحات زيناوى التى شكلت مفاجأة لم تكن الأولى من نوعها ،حيث ألمح وزير خارجية أثيوبيا إلى ذلك قبل أسبوعين ،ولكن حديثه الذى نشر فى صحيفة محلية لم يسلط عليه الضوء كما حدث مع تصريحات زيناوى لوكالة “رويترز”مؤخرا ،وأضاف :إن التصريحات شكلت مفاجأة لأن مصر كانت تتحدث وتعمل من أجل التعاون وزيادة الإستثمارات . ويرى الدكتور حلمى شعراوى رئيس مركز البحوث العربية والأفريقية :أن زيناوى أراد بتلك التصريحات أن يرسل رسالة مفادها أنه مع دول الإيجاد الأخرى التى كانت تعقد قمة فى أديس أبابا يشكل قوة إقليمية لابد أن يعمل الآخرون لها حساب ،كما تعكس مخاوفه من أن تقوم مصر فى إطار مراجعة سياستها الأفريقية بالتفكير فى إمكانية التدخل لصالح الصومال أو إقليم الأوجادين أو أريتريا ،مما يشكل تهديدا للوجود الأثيوبى فى القرن الأفريقى ،كما أن جنوب السودان ستكون نقطة أخرى فى الصراع ،وهو يعلم أن الدبلوماسية المصرية إقتربت على نحو ما منه ،وهو يريد ضم الجنوب لقوة الإيجاد ويقول شعراوى أن المشكلة فى مصر أنها فى لحظات تقصيرها فى علاقتها بأريتريا وجيبوتى وعدم حضورها القوى فى السودان جعل الفرصة متاحة لهذا الشكل من التنافس الأثيوبى وصعود النغمة الأثيوبية بهذا الشكل . ويلاحظ شعراوى التباين فى اللهجة الأثيوبية تجاه مصر مابين نغمة ودية وأخرى عنيفة ،وقال إن ذلك يعنى أن الإقتراب المصرى من مشكلات العلاقة مع بلد كبير وقوى مثل أثيوبيا يحتاج لإقتراب إستراتيجى مباشر،وليس عبر مجرد تصريحات عن نمو التجارة وأعمال إستثمارية توجد بين كل الدول ولاتعبر عن إقترابات إستراتيجية ،وأكد أن مثل هذه التصرفات ليست واردة على الإطلاق فى السياسة المصرية . أما الدكتورة إجلال رأفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فترى أنه لابد من وجود سوء فهم ،وتؤكد أن الحوار والتعاون هو السبيل الوحيد لحل الخلافات ،وأن الحرب والضغوط ليست حلا ،ودعت إلى إعادة النظر فى السياسات المائية للدول وإستثمار المهدر من مياه النيل لصالح جميع دوله . وكان رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي قد صرح لرويترز يوم الاربعاء 24 نوفمبر ان مصر تدعم جماعات متمردة في محاولة لزعزعة استقرار بلاده وأضاف “لا أخشى أن يغزو المصريون إثيوبيا فجأة، فلم يعش أحد ممن حاولوا ذلك قبلا ليحكي نتيجة فعلته، ولا أعتقد أن المصريين سيختلفون عمن سبقهم وأعتقد أنهم يعلمون ذلك”. ويرى بعض المراقبين ان تصريحات رئيس الوزراء الاثيوبي تعبر عن الخلاف المتصاعد بين دول حوض النيل حول تقاسم المياه , وانه مهما تصاعدت نبرة التصريحات فليس لدول الحوض من مخرج عقلاني سوى التعاون في تنمية مصادر المياه وفي التكامل التنموي بين دول الحوض على اساس العدالة والمصالح المتبادلة .