٭ في النصف الثاني من عام 5991م رحل العميد.. اسلم الروح بعيداً عن الوطن.. ويومها تلفتت عملية التعليم تلفت اليتيم.. تعليم البنات في السودان له اب واخوان واخوات وعمات وخالات تلفت تعليم البنات يوم ان نعى الناعي الاخ الاكبر له. ٭ رحل قبل خمسة عشر عاماً العميد يوسف بدري.. قالت لي احدى طالبات جامعة الاحفاد اريدك في الذكرى الخامسة عشرة لرحيل العميد ان تعيدي ما كتبته عن موكب التشييع.. قالوا ان رائدات الحركة النسائية قد خرجن في ذلك الموكب.. قلت لها الحديث عن العميد يوسف بدري حديث كثير.. لانه حديث عن تعليم المرأة.. عن قصة النضال من اجل المعرفة في السودان… فاليوم التعليم عموماً يمر بمحنة وتعليم البنات على وجه الخصوص … ولا تستغربي لهذا القول. نعم توسعت مجالاته وتعددات جامعاته ولكن كثرت مشاكله القاتلة لان المجال الوحيد الذي لا يحتمل القفز المؤلم هو مجال التعليم.. مجال العملية التربوية فالظواهر التي يتحدث عنها الجميع وسط طالبات الجامعات من معاناة في السكن والمأكل تجعل من التعليم ظاهرة «كمية» لا تنفذ الى عمق مشاكل وقضايا المجتمع السوداني لتمكنه من الانطلاق في دروب التغيير والنماء والسعادة مسلحا بالمعرفة الناجزة المتأنية سواء أكان بالنسبة للمرأة او الرجل. ٭ واخذني حديث طويل مع تلك الطالبة ولكن في النهاية اقنعتني بأن اعيد ما كتبته قبل خمسة عشر عاماً في وداع العميد وكان بعنوان «مرقن بنات ام در جميع نايحات» جاء فيه: ٭ نعم في صباح ذاك اليوم الحزين.. السبت الثاني والعشرين من يوليو 5991م خرجت الخرطوم تودع رجلاً غير عادي.. رجلا غير عادي بكل المقاييس.. رجل ادمن العطاء المشع طوال حياته. ٭ خرجت الخرطوم لتنوب عن جميع ابناء السودان في وداع العالم المتواضع والمعلم المتفاني والمربي الجليل يوسف بابكر بدري، ودعته من امام «قبة» محمد احمد المهدي الى مثواه الاخير في جامعة الاحفاد للبنات.. ذاك الموكب الكبير المهيب.. الموكب الرمز من امام «القبة» الرمز الى الجامعة الرمز في المدينة الرمز. ٭ محمد احمد المهدي الثورة المستنيرة التي انجبت بابكر بدري محرر المرأة السودانية.. الموكب المهيب العظيم الحزين الشامخ.. موكب تقدمته نساء السودان.. نساء السودان اللاتي كن يهرولن خلف «العنقريب» خطوات مبتورات ويرجعن منكسرات.. تقدمن نعش حامل راية ابيه في درب العلم والنور دامعات العيون شامخات الرؤوس ساخرات من الموت الذي لم يستطع قطع مشوار محرر المرأة الاول الذي ترك مدارس الاحفاد للبنات في المرحلة الوسطى وهن يودعن ابنه يوسف ليكون مرقده الى جانب والده والوسطى صارت جامعة.. جامعة الاحفاد للبنات. ٭ والمدينة الرمز ام درمان السودان.. ام درمان السيف والمنجل والنغم وكفى. ٭ هذا ليس حديثاً عن الموت ولا مع الموت فهو الحقيقة الباقية ولكنه حديث عن الحياة وللحياة.. حديث عن الانسان الذي اراده الله خليفة له في الارض يعمرها بالخير ويزرعها بالمحبة والعلم ويملأ ارجاءها بالسلام والايمان. اواصل مع تحياتي وشكري