حول فلسفة التعليم : تبتدع الطبقة المسيطرة لنفسها أدوات تستخدمها في سيطرتها كجهاز الدولة والأفكار الفلسفية والتعليم.. إلخ. فالتعليم كأداة لا يكمن خارج التركيب الاجتماعي، ولا يقف محايداً من صراعاته، وفقاً للبروفيسور القدال في مبحثه التعليم في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، ويضيف : لأنه بهذا الوضع يصبح القوة الموجهة للصراع. والتعليم لا ينشأ خارج التركيب الطبقي بعيداً عن تأثيراته، وإلا لأصبح التعليم جامداً خالياً من أي حيوية. أن تغيير الأنظمة التعليمية عبر التاريخ يقف دليلاً على إنبثاق التعليم من الأوضاع الاجتماعية المتجددة. فإذا كان التعليم محايداً لكان محتواه وشكله كما هما عبر المنعطفات التي مرت بها حركة التغيير الاجتماعي، أما الدعوة بأن هناك طبقات، لا تملك أدوات الإنتاج، ولكنها تحظى بنصيب وافر من العلم، فهي دعوة مبتورة. صحيح أن الطبقات المستغلة لم تحرم الطبقات الأخرى من التعليم بتاتاً، وربما سمحت لها بتعليم متكامل، ولكنه تعليم تناله في حدود وضعها الطبقي المعين، ليساعدها في أداء دورها بفعالية أكبر كطبقة مستغِلة، فهو يزيد من درجة استغلالها، وبالتالي يساعد على تفاقم الفوارق الطبقية، على أن التعليم بالرغم من دوره الأساسي كأداة للطبقة المسيطرة، فهو أيضاً سلاح بحدين. فهو يحمل كذلك بذور الدعوة للتغيير، وهو يدفع بالفعل للتساؤل وبالتالي للتفكير وللتغيير. فالتعليم له تراكمات كمية، تسهم بدورها في التغيير الكيفي الذي يؤدي إلى الثورات في المجتمع. فالطبقات المسيطرة لا تدري بأنها عندما تقدم بعض المعرفة إلى الطبقات الأخرى، إنما تقدم أداة من أدوات تحطيمها. ويتعاظم دور التعليم الإيجابي هذا في الفترات التاريخية، التي تصبح فيها قضية التغيير الاجتماعي أكثر إلحاحاً من أي قضية أخرى. فالدور الذي يلعبه التعليم كسلاح في يد الطبقات المضطهدة، دور نسبي يتصاعد متأثراً بالأوضاع المحيطة به، وأن الصراع بين الأفكار التي تنادي بحيدة التعليم، وتلك التي ترى فيه أداة طبقية، إنما هو في أساسه صراع بين التفكير المثالي والتفكير الواقعي بالنسبة للتغيير الاجتماعي. التفكير المثالي يرى أن الفكرة هي أساس الوجود، وهي سبب التركيب الاجتماعي.