*منذ أن بدأت مؤتمرات الحوار الوطني في سنوات الانقاذ الأولى ظللنا ندعو إلى ضرورة الجدية والصدق في التعامل مع الآخرين، خاصةً الأحزاب السياسية ذات الثقل الجماهيري تاريخياً، كان هذا قبل ظهور الحركات المسلحة التي أصبحت تشكل عاملاً ضاغطاً في الساحة السياسية. *للأسف ساد نهج الحوار مع حملة السلاح، وتقوى عبر المكاسب التي تحققت للحركة الشعبية التي أخذت نصيبها وأكثر في السلطة والثروة، دون اتفاق حقيقي حول القضايا الأساسية المتعلقة بالاصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي، واستمر التشاكس بين الشريكين إلى أن وصل بالبلاد إلى النتيجة المتوقعة من الاستفتاء على مصير الجنوب. *نحن لا نريد تقليب المواجع والبكاء على ما مضى، إلا أن ما حدث يستوجب الدراسة والتحليل للحفاظ على السودان الباقي ولتعزيز العلاقات الطبيعية بين ابناء السودان في الشمال والجنوب حتى وإن قامت دولة جنوب السودان المستقلة. *نقول هذا بمناسبة اللقاء الذي تم بين حزب المؤتمر الوطني برئاسة المشير عمر البشير وحزب الأمة القومي برئاسة الإمام الصادق المهدي رغم أن ذلك ليس جديداً، بل هناك لقاء مهم في دار الأمة قبل سنوات تم فيه الاتفاق على برنامج التراضي الوطني، ولكن للاسف اجهض مشروع التراضي الوطني وعاد الاستقطاب السياسي من جديد، ولكننا نعول على هذا اللقاء الذي نأمل أن يكون نقطة تحول حقيقية في مسار الحراك السياسي الوطني لصالح السودان الباقي وإنسانه الذي تحمل وحده أعباء الحرب وأعباء السلام، وما زال يتحمل بلا طائل!!. *ليس هناك وقت للمناورات السياسية، ولا بد من خطوة شجاعة تجاه اللقاء الموسع مع أحزاب المعارضة لتحقيق الاتفاق القومي على الأجندة الوطنية دون عزلٍ لحزبٍ أو كيان، تمهيداً لتكوين الحكومة القومية التي عليها الاسراع بانجاز الدستور الدائم والإعداد للانتخابات وفق برنامج زمني متفق عليه. *هذا يتطلب تهيئة الأجواء السياسية وإطلاق سراح الدكتور حسن الترابي وصحبه من حزب المؤتمر الشعبي، وكل المعتقلين والمسجونين من السياسيين والصحفيين، لتكثيف الجهود من أجل تحقيق السلام والاستقرار في كل ربوع البلاد، خاصةً في دارفور بدلاً من تركها نهباً للنزاعات وتجار الحرب وسماسرة المواسير. *إننا نثمن هذه الخطوة الإيجابية، التي لابد أن تتبعها خطوات جادة وصادقة لاستكمال مساعي الاتفاق القومي المخرج السلمي لبلادنا من كل المطبات السياسية والاقتصادية والأمنية القائمة والكامنة.