[email protected] في عموده (مناظير) بجريدة (الجريدة) بتاريخ الثلاثاء 28 فبراير 2012 ، كتب د/زهير السراج مشكوراً عن أزمة وماساة المعاشيين بمصنع اسمنت ربك – سابقاً ، (شركة النيل للاسمنت – سابقاً) واللذان حولتهما الإنقاذ (لشركة النيل الأبيض للاسمنت حالياً)، وأستعرض د/ السراج حالة النهب و(البلطجة) التي يتعرض لها المعاشيين بمصنع أسمنت ربك ،ويا لها من حال محزنه ،وياله من واقع مخجل تعمل الإنقاذ على تفاقمه وتعقيده يوماً بعد يوم. ولكم هو مؤلم ومحزن متابعة ما آلت إليه حال المصنع وعماله وموظفيه طوال سنوات حكمهم من جحود وتعذيب وتشريد لمن بنوا وسكبوا عرق تعبهم وسهرهم لسنوات طويلة في بناء هذا الصرح الذي كان في السابق معلما من معالم التنمية في منطقة النيل الأبيض . لقد كنت واحداً من ابناء هذا المصنع العملاق في يوم من الأيام ، نشأت في بيوته (بيوت المصنع)، وعبرت خط السكك الحديدية الفاصل ما بينه وبيوت المصنع ، ومن الناحية الاخرى بينه وبين المنطقة الصناعية (القديمة) ، عشت علاقات عماله وموظفيه الذين أتوا من كل بقاع السودان طلباً للرزق فكانوا أسرة واحدة وجسد واحد إذا أشتكى منه اي عضو تداعى له الجميع بالسهر والحمى ، بيوت الموظفين والسواقين والمدراء وملاحظين الورديات في الحي ونادي المصنع وحتى في ورشه ومكاتبه الجميع كانوا أهل وأحبة يبذلون الغالي والرخيص لتدور طاحونة ويعمل فرن ولترتفع صافرة المصنع معلنة ساعة الفطور وختام الوردية (في طفولتي ارتبطت هذه الصافرة دوما عندي بما شاهدناه في أفلام الحروبات ،إذ كانت تشبه في صوتها إلى حد كبير صوت الإعلان عن غارة جوية) . وكما كان التسامح والتساوي في الحقوق والواجبات يزين الحياة الإجتماعية في (حي المصنع) ، كانت إدارة هذا المصنع كذلك ، لقد كان والدي المرحوم السر تابر وزملاؤه من النقابيين من نقابتي العمال والموظفين امثال النقابي الفذ المرحوم حسن أبوجبل والمرحوم أحمد الصافي والدريج ودرديري أحمد يوسف وغيرهم كثر من النقابيين الشرفاء يعملون ليل نهار في الوقوف على مطالب العمال والموظفين وعلى الجانب الآخر كانت الإدارات المتعاقبة على المصنع تعمل على إحترام هذه القيادات والتواصل معها وتحقيق مطالبها ينزلون إلى الورش ويزورون المكاتب ويجلسون تحت ظلال الاشجار وساعات الراحة ليتحاوروا مع الجميع في ما يضمن دوران عجلة الإنتاج ، إدارات حقيقية ومدراء اكفاء ذو خبرات طويلة في مجال صناعة الأسمنت امثال طه سورج وتاج السر محمد خير وعبد الوهاب دوكه وغيرهم من المهندسين الاكفاء الذين مروا على إدارة هذا المصنع رحم الله من مات منهم وأطال عمر من هم على قيد الحياة ، لقد عايشت شخصياً في داخل مصنع اسمنت ربك علو الزغاريد من الموظفات والعاملات وتهليل الموظفين وعمال المصنع في لحظات الإعلان عن صرف (البونس) عندما كان المصنع يحقق اهدافه وخططه الإنتاجية . وكغيره وكواقع الحال بكل ما هو مزدهر ومتطور في البلاد جاءت الإنقاذ لتقطيع أوصاله وبيعه برخص التراب ماضيه وحاضره ومستقبله ، لتنشر القبح والتدمير في كل أجزاءه ، فعادت حتى الأسم الذي تردد على ألسنة الألاف محلياً وعالميا فغيرته ، وزرعت الجواسيس وكلاب الأمن في عنابر وطواحين ومعامل وأفران وممرات المصنع فاحيلت الكفاءات للصالح العام بتهمة المعارضة ، وأتت بحمزة فتح الرحمن إبراهيم كمدير عام من كوادرها لا علاقة له بالادراة سوى انه كان يعمل بمحجر تابع لاسمنت عطبرة بلا خبرة أو معرفة، وعاث الفساد – فشيكات تصرف ولا يعرف من وقع عليها ومن صرفها بملايين الجنيهات ولستمر المهازل والعبث بقوت الآخرين فذات مرة تمت سرقة مرتبات العاملين من خزنة المصنع قبل يوم من دفع مرتبات العاملين من داخل خزنة المصنع ويا للعجب (حاميها حراميها)!. ولتمتد قائمة التدمير الممنهج للإنقاذيين التي لم تتوقف عند هذا الحد فسعت لإغلاق المصنع مرات عديدة بدعاوى المحافظة على البيئة في المنطقة والتي إنبرى لها ودعمها والي الجبلين المنتفع في عداء سافر بهدف إغلاق المصنع وبيعه ومرات أخرى بدعاوى تركيب فلاتر للمحافظة على البيئة نهب من وراءها وتحت بندها سماسرة الإنقاذ ما نهبوا ، إلى نهاية القائمة برفض دفع مستحقات المعاشيين لما يزيد عن عشرسنوات وحتى الآن برغم صدور ما يزيد عن ثمانية أحكام قضائية لصالحهم على مستويات مختلفة بما فيها محاكم الاسئناف لتنتهي ماساتهم بسرقة ملف قضيتهم عن طريق محاميهم الذي (زاغ) من القضية ؟؟؟ وليس المعاشيون وحدهم من حفيت قدماه في سبيل الحصول على حقوقه من إدارة هذا المصنع الذي دمر ونهب بسياسات الإنقاذ الغير وطنية فإضراب العمال والموظفين في فبراير 2011 ليس ببعيد يقف شاهداً على الجهل والتلاعب بمكتسبات هذا الشعب حين طالب العمال والموظفون بدفع مستحقاتهم ومتاخرات مرتباتهم وبتعديل لائحة شروط الخدمة فرفضت إدارة المصنع حتى الجلوس معهم للاستماع لهم أوالتفاوض معهم . وإن يوم الحساب ليس ببعيد، وسياتي يوم ستدفع فيه الإنقاذ ثمن ما جنت يدها من تخريب ممنهج وتشريد وتعذيب لعمال وموظفي هذا المصنع العريق بنفس القدر الذي ستحاسب فيه على كل الدمار والتخريب الذي زرعته في جسد هذا الوطن المنتظر للخلاص تماما كهؤلاء المعاشيون منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وإن سقط واحد منهم فاجيال من أبناءهم وابناء ابنائهم سيواصلون المطالبة بحقهم دون اي نقصان (فَمَا ضَاعَ حَقٌ ورَاَءهُ مُطَُالِبْ). واشنطون