عندما انقض الاسلامويون على السلطة في انقلابهم المشؤوم لم يهب الشعب السوداني للدفاع عن ثورته الثانية التي سبق بها ثورات الربيع العربي بعقود ، ولم يهتم لفقدان ديمقراطيته المسلوبة لأسباب عديدة ولكن اهمها على الاطلاق هو يأسه من الطائفية وهيمنتها على الحياة السياسية والاحزاب حيث لم يحصد نتائج ثورته وانشغلت الطائفية في التعويضات المالية للأسر الحاكمة والصراع حول وزارة التجارة الخارجية واهملوا الاقتصاد والتنمية وحماية الانتفاضة. وقد كان ارتفاع عدد المقاعد التي حصلت عليها الجبهة الاسلامية السودانية في الانتخابات التي التي جرت في العام 1986 يعزى بالاضافة لاخفاقات الفترة الانتقالية الى أن الشعب السوداني كان يبحث عن بديل للطائفية التي ظلت تتوارث حكمه . واستناداً الى ذلك يرى الكثير من المراقبين بان الاسلاميين كان يمكنهم تحقيق المزيد من التقدم اذا صبروا على الديمقراطية دون الحاجة الى الانقلاب عليها . وتعكف الطائفية حاليا ًعلى اعداد اولياء عهدها ليحكمونا في الفترة القادمة فقامت بارسالهم الى القصر الجمهوري لقضاء فترة تدريبية في صفقاتها التي ابرمتها مع الطاغوت ، وحسناً فعلوا أن أرسلوهم في هذا التوقيت حتى يزول أحد أهم اسباب تأخر الثورة في السودان عندما يتأكد الشعب السوداني بأنهم ليس البديل القادم ، ليتم كنسهم مع النظام ويتعافى المناخ السياسي الذي سيعقب الاطاحة بهم جميعاً . ولكن فات على زعماء الطائفية بأن الشعب السوداني لم يعد هو ذات الشعب عندما ورثوا القيادة عن آبائهم فهم ليس آبائهم ونحن ليس كآبائنا . فهذا الشعب لن يرضخ لهم ليحكموه جيلاً بعد جيل ويقدموا ابنائهم المنعمين المنفصلين عن الواقع السوداني من الذين لا يميزون بين النيل الازرق والابيض ولا شمال كردفان عن جنوبها ليحكموه . اذا اغتصب السلطة ديكتاتوراً تصالحوا وتحالفوا معه واذا انتفض الشعب واسترد حريته جثموا على صدره بأصوات البسطاء مستقلين العاطفة الدينية للشعب السوداني المتصوف . ولهم أن يعلموا بأنه لم يبقى احد من الجيل الذي كان يغتسل بماء وضوءهم ، وبقي القليل من الذين يسلمون باتصال نسبهم بالدوحة النبوية الشريفة . والعاطفة الدينية دوائرها مشغولة حالياً بواسطة من تحالفوا معهم وغيرهم من السلفيين الذين يكفرونهم صباحاً ومساء . وشباب السودان امتشق قسم كبير منه اسلحته والتحق بالحركات المسلحة باحثاً عن حقوقه وحريته وتوزعت اقسامه الأخرى على الحركات الاسلامية والتيارات الاخرى الباحثة عن التغيير واصبحوا بذلك خارج المعادلة السياسية . عودوا الى مؤسساتكم الطائفية ومساجدكم و (جناينكم) ولا تنسوا ان تمدوا يدكم ليقبلها من تبقى من المعتقدين في قداستكم واتركوا السياسة للسياسيين ، فانتم لستم بملوكاً لتتوارثوا حكمنا ونحن لسنا برعاياكم . التحية للموسيقار ابو عركي البخيت عندما تغنى : وحنتسائل منو الربحان منو الخاسر منو القاتل منو المقتول منو العسكر مع الطغيان ومنو السلم صغارو الغول