العلاقة بين الشمال والجنوب أعقد مما يتصور العنصريون الذين كانوا ينظرون للجنوب باعتبار أنه كان عضواً فاسداً في جسد السودان فتم بتره والتخلص منه مرة وإلى الأبد وارتحنا منه. يغضب هؤلاء حين يتم الحديث عن الحريات الأربع ولو في مراحلها الأولية في الاتفاق الإطاري.ويستبد بهم الغضب إلى مداه الأقصى حين يرون ملامح تشكل جنوب جديد له مظالم مماثلة للجنوب الذي انفصل . علاقة الجنوب بالشمال لا تنفصم عراها بالأمنيات الوهمية أو النزعات العنصرية والمشكلة لا تحلها طبول الحرب بل التفاوض هذا ما قال به الحكماء السودانيون وما يقف وراءه الشعب السوداني في غالبيته المطلقة. أين تذهب قطعان الماشية للمجموعات السكانية في مناطق التماس ؟أولئك الذين هم على يقين لولا فساد السياسة والدبابات من أنه لا مخرج لعلاقاتهم التي تمس صميم معاشهم سوى بالتعايش مع دولة الجنوب. الكل يعلم أن المستفيدين الشماليين من الحريات الأربع أكثر من المستفيدين الجنوبيين.ومن ناحية أخرى هنالك أعداد من الجنوبيين قدر عددهم بعض السياسيين بالآلاف التي تتجاوز العشرة ممن اشتركوا مع القوات المسلحة في حربها ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان قبل اتفاقية نيفاشا؛ هؤلاء عوملوا بعد الانفصال في السودان كأجانب بينما هم يعاملون من قبل بني جلدتهم الآن في الجنوب بعد طردهم ، على أساس أنهم طابور خامس.فهل هؤلاء جنوبيون أم شماليون؟ إنهم مثال حي على التعقيدات الهائلة في هذا الملف الشائك بين البلدين.هؤلاء جنوبيون شماليون أوشماليون جنوبيون ولديهم حقوق معنوية وربما مادية لدى الجيش السوداني وما أشد حاجتهم للحريات الأربع علها تشفي بعض جراحهم النفسية. لا شيء يعدل السودان الوطن الواحد؛ ولابد من الاقتراب من هذا الملف بالنوايا الحسنة.ذلك ما يبعد شبح الحرب ويقود على المدى الطويل لوحدة في المصير بين دولتين شقيقتين بل بين توأمين من خلية واحدة.وما عدا ذلك من خطب ديماجوجية أو آراء متطرفة يجب ضربه في التنك. [email protected]