حتى لا ندخل في جدل دائري القصد منه أن ينتصر فيه أحدنا على الآخر. أو بالأحرى أن نبطش بفكر الآخر لنثبت جهله هو قبل أن نثبت صحيح رأينا و سلامته الكاملة. دعونا نضع إطار لخلافنا ونسيجه بثوابت لكي لا يضيع منا الهدف و نتنكب الدرب .أولاً لست بصدد الدفاع عن الإسلامويين لأن هذه مهمة لا يستطع رجل واحد مهما كانت قدراته الخوارق القيام بها, هذا على المستوى الشخصي اما على مستوى الإسلامويين فيكفيهم بؤساً أن لا أحد فيهم يتحدث عن المشروع الحضاري أو الدولة الرسالية أو عن طهارة ذات يدهم هذه الايام.أما على مستوى الحكم و الحكومة فالكل يعلم أن أول أولويات أي حاكم بما فيهم المستعمر, و حتى إن كان مثل برايمر الحاكم العسكري للعراق بعد الغزو الأمريكي , وهي اولويات يعض عليها بالنواجذ : الوحدة الوطنية و وحدة تراب البلد و بقاء البلد تحت سيطرة جيش الدولة المعنية وعدم تعدي أي دولة أخرى على تراب البلد المعني. و لكم أن تقرروا . كانت هذه المقدمة هامة حتى نفهم منطلقاتنا لكي لا يتم تصنيف المقال إنه مقال مدفوع الثمن .أو هو طابور خامس و مرجف و غيرها من التسميات. حيث يتضح تماماً أن الكتابة أو التعليقات تنطلق مبدئياً من المعسكر الذي يوجد فيه الكاتب أو المعلق فزيد من الناس هو عالم و علامة و لا يأتيه الباطل من أية مكان إذا كتب في الراكوبة مثلاً و لكنه الشيطان الرجيم و كبير الأبالسة إذا كتب في مكان آخر.أو أن تكون خبير إستراتيجي و أنت تتحدث للشروق و عميل للغرب إذا تحدثت من البي بي سي. أي أن الفكرة ليست هي المعنية بالنقاش بل مصدر الفكرة او بمعنى إنقاذي أبلسة الآخر أو أملكته(تحويله لملاك) حسب الماعون الإعلامي الذي تظهر فيه الفكرة أو ينشر الرأي . نعم الإنقاذ أطلقت مارداً أعمى غبي مدمر من جرته و لن تسطع إعادته لجرته مرة اخرى ليتم إلقاءه في اليم. و لكنا بدلاً من إيقافه أي المارد ,إمتطيناه ورفعناه من مجرد القبيلة إلى مستوى الحزب و النقابة و الدفعة. ومهما كان سوء الإنقاذ لن تستطيع أن تسحب الشخص السليم في برنامجها الشيطاني بل أن هنالك من الإسلامويين من يكافح ضد ذات المفهوم العنصري على مستواه العرقي. عليه لن تجد أية مبرر لبعض ممارستنا . لا اعتقد أن الإنقاذ هي مبرر للإعتداء على الشارع العام من قبل المواطنيين إنقاذيين كانوا أم معارضة هلالاب كانوا أم مورداب. فلقد كتب احد الإخوان غاضباً من سلوك عجيب وأنانية مدهشة من مواطن ما سور الشارع العام وبنى جدار يمنع مرور الناس. و كان هنالك سلوك من المسئولين في محلية حي الطائف اقل ما يوصف به هو إحساس بالدونية و أقل عواقبه هي تقديمهم للمحاكمة بسبب الضرر الذي حدث إستناداً على إهمالهم أداء أول مواصفات وظيفتهم. ولكنهم لم يحركوا ساكناً . هذا المواطن بدأ ببناء سور قصير أمام منازله و هذا ما يفعله عدد كبير منا أميين و متعلمين رجال شرطة و لصوص إنقاذيين و معارضين نساء و رجال كلنا نعتدي على حقوق الآخرين بالتعدي على الشوارع وبناء أسوار و إقامة حدائق وسياج وغيرها. و الرجل المذكور فعل ما نفعله جميعنا الإعتداء على حق الآخرين في الشارع العام و عندما شعر بأن الوقت حان ليوسع من إعتداءاته على حقوق الآخرين ضرب ضربته في مكان آخر أكثر خطورة و تحديداً في الميناء الجنوبي و بعدها منح وسام من قيادة الدولة و كارت بلانش ليبطش بالحمالين في ميناء بورتسودان . لكن قبل أن نحاكم الآخرين أو لم يبدأ من حيث بدأنا نحن؟ هل منا من توقف يوم لإحقاق حق و قاتل لمنع باطل؟ الم نكتفي بالفرجة فقط او الضحك أو التعليق بعيداً عن ذات الموقف حتى لا نتحمل حتى مسئولية تعليقاتنا؟ تأملنا و نحن نقود سيارتنا و كيفية تعاملنا مع الشارع و إجتهادنا في إنتزاع حق الآخر بشتى الوسائل فالذي يأتي من شارع جانبي يكون اكثر إصراراً على إقحام مقدمة المركبة التي يقودها أمام الآخرين فارضاً نفسه و سيارته على الإنسياب المروريونزع حق الآخرين . و تخطي إشارة المرور الحمراء أو البرتقالية و التي لا تعني باية حال أن من حقك المرور. و كيفية إيقاف العربات التي نقودها بحيث تحمل رسالة للآخرين تخطرهم بعدم وجودهم أو وحدانية وجودي أنا فقط في هذا المكان. و على الجانب الآخر تجد أن شرطة اغلب دول العالم تجتهد لمنع الخطأ لحماية الأنفس و التي هي مهمتها الأساسية . أم شرطتنا فتنتظر أن يرتكب المواطن المخالفة و تحت سمع الشرطي و بصره و حينها وبيد إرتكاب المخالفة يحضر الشرطي لإنزال العقاب بالمخطيء و يا ويلك إذا كنت بصحبة أسرتك عندها ستندم أن لك أسرة و يتم إبتزازك. السؤال الهام الذي يطرح نفسه هل رفضنا مثل هذا السلوك بصورة إيجابية . و لنذهب إلى أماكن عبادتنا نصلي المغرب و العشاء و الفجر بمكبرات الصوت الخارجية فيختلط الأمر على المصلي لا يدري من الذي يقرا الفاتحة ومن ذا الذي يقرا الفجر ومن الذي يتهيأ للسجود ومن يتهيأ للرفع من السجود و بعد الصلاة يمسك أحدهم بالميكرفون متحدثاً لساعات فلا طالب يستعد لإمتحان يتمكن من التركيز و لا مريض يرتاح أو شخص يتأمل . ومتى قال لنا أحدهم أن الصلاة عبادة و العبادة ليست إعلان ليسمعه الآخرون و أن مكبرات الصوت الداخلية تكفي إنبرينا له و حولناه إلى علماني على أحسن الفروض حتى و إن كان اكثر منا إيماناً و إلتزاماً . الدكتور حيدر إبراهيم يأخذ على الإسلامويين أن تنظيمهم لم يهتم بالتربية و التثقيف و هو محق كلياً في ذلك و لكن اي حزب قد إهتم بذلك عدا الشيوعي و الجمهوري و الذين تحول الأول فيهم لحزب يقاتل للبقاء و تحلل الثاني بعيد إغتيال شهيد الفكر محمود محمد طه .أما الأحزاب الأخرى لم تهتم حتى بفك أمية عضويتها دع عنك التربية و التثقيف و الذي قد يكون سبب في فناءها إذا تعلمت عضويتها أو تثقفت. بل يمكننا أن نلاحظ ان كل الأحزاب السودانية لم ترتكب خطأ واحد طوال تاريخها بل ان هنالك قصص يتم تداولها عن زعماء حزبيين لو حدثت في أي مكان في العالم لكان نهاية حياتهم السياسية و لكن في بلادي حيث الحلاقيم هي التي تدير الأمور و الغوغائية هي سيدة الموقف ترى العجب العجاب فالزبير باشا أكثر حضوراً من عبيد حاج الأمين . و عشوائية رئيس ما سبب للإعجاب به أكثر من محاسبته على تدمير أكبر المرافق لإستمرار حكمه و زعيم يستنكف من الإعتذار للشعب الذي أجرم في حقه و مسئول يصف المواطنيين بأنهم سفهاء و يستمر في نفس موقعه و آخر يخاطب مواطني و لايته أن الله أنعم عليهم بإرساله هو شخصياً لهم و صحفي يُعير زميل آخر له بأن والده كان يعمل خفيراً ورئيس التحرير بنفس الصحيفة لا يحرك ساكن و كل الزملاء لا يشعرون بأن هنالك جريمة نكراء قد حدثت! [email protected]