مرسوم لسلفاكير يثير جدلاً في جنوب السودان    السودان.. الإعلان عن ولاية جديدة خالية من ميليشيا الدعم السريع    اعتراض ناقلة منتجات مرتبطة بالإمارات في ميناء شهير    (صالحة) عمل صالح    ولاية القضارف: وجهة جديدة للمستثمرين في ظل التحديات    تكنولوجيا فضائية صاروخية.. ترامب يكشف تفاصيل "القبة الذهبية"    د.كامل ادريس: سلطات ومحاذير    تحرير الخرطوم    ساردية والنداء يحتكما بالتعادل الإيجابي 2/2 بشندي    لن يستقيم الظل والعود أعوج!!؟؟    مجلس هلال الساحل يزور بعثة السهم الدامر    المريخ في موريتانيا (والضُل الوٌقَف ما زَاد)    بوتين يوجه دعوة إلى البرهان للمشاركة في القمة الروسية العربية الأولى    روسيا تسلم وزارة المعادن عدد (2) أطلس للخرط الجيولوجية وتقارير فنية فقدت بسبب الحرب    "الدعم السريع" تكشف حقيقة مقاطع الفيديو المتداولة لجثامين متحللة بالخرطوم    السودان يرحب ببيان الاتحاد الأفريقي بشأن تعيين رئيس لحكومة الخرطوم    وزارة الري تكشف عن خسائر تاريخية وفقدان مستندات عمرها 100 عام    لابورتا: برشلونة يعاني لتجديد عقد يامال والتعاقد مع هالاند ليس مستحيلاً    كيف تمنع جيرانك من سرقة الواي فاي؟    واشنطن ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف حرب غزة    صلاح يكشف كواليس تجديد عقده ويتحدث عن الكرة الذهبية    الحزن يخيم على مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان بعد استشهاد المصور والناشط "شيخو" إثر هجوم بمسيرة تابعة لمليشيا الدعم السريع على منطقة جبال الإبياتور بسهل البطانة    (كنت أمشي في دروب الشك، أبحث عن الله، أطلب فقط إشارة واحدة) فتاة مسيحية تعتنق الإسلام بعد إستشهاد المصور السوداني "شيخو".. تعرف على التفاصيل!!    شاهد بالفيديو.. الفنانة السودانية إيمان أم روابة تشعل حفل زواج بصعيد مصر وتطرب الجمهور بأغنياتها الشهيرة    المدير العام لقوات الشرطة يتفقد الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ويوجه بمشاركتها مع شرطة ولاية الخرطوم في عمليات الانتشار والتامين    من يرافق ريال مدريد وبرشلونة في السوبر الإسباني بالسعودية؟    فياريال يفسد احتفالات برشلونة ويضمن تأهله لأبطال أوروبا    انتكاسة تؤجل تجديد عقد كريستيانو مع النصر    سفارات كييف في أفريقيا.. خطط ومهام تتجاوز الدبلوماسية    امريكا تُعلن عن صفقة أسلحة جديدة مع الإمارات    تراجع حركة الموانئ ببورتسودان    بنك الخرطوم يحسم الشائعات.. "بنكك" باقية وستظل    مبارك الفاضل: أغنياء الذهب يحولون دون إنهاء حرب السودان    ظاهرة قمر الحليب تزين سماء السودان    وفاة الفنان محمد فيصل (الجزار)    السندريلا: الزوبعة الإعلامية لا تثنيني عن دعم قضايا وطني    أسوأ من التدخين.. عادة يومية تهدد حياتك بصمت    الزنجبيل.. الحليف الطبيعي لصحة قلبك    والى الخرطوم يقف على الأضرار بالمحطات التحويلية للكهرباء بعد قصفها بالمسيرات ويشيد بسرعة تحرك قوات الدفاع المدني    ترامب: أريد أن "تمتلك" الولايات المتحدة غزة    مكافحة المخدرات تضبط بنقو داخل مستشفى الدويم    وعكة صحية وتغيب عن الحضور.. ماذا حدث بقضية محاكمة نجل محمد رمضان؟    والي الخرطوم ووزيرة الصناعة يتفقدان عددا من المصانع التي إستئنأفت نشاطها بالخرطوم والوالي يصف الخطوة بالمهمة للمساعدة في الإعمار    ألفاظ مشتركة بين أهل السودان والخليج (1–2)    محمد رمضان يمازح جمهوره بعد زلزال القاهرة: «مفيش زلزال بيحس بزلزال»    ((مبروك النجاح يانور))    صاحب أول حكم بإعدام رئيس مصري سابق.. وفاة قاضي محاكمات مبارك ومرسي    تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    ما هي محظورات الحج للنساء؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رحيل الشيوعيين الأماجد(1) من (3)
نشر في حريات يوم 01 - 04 - 2012

إنه ليس من المستبعد أن تكون قد اصابت تلك الحالة الكثير من الذين يكتبون، وليس بالضرورة أن يكونوا ممنْ يكثرون الكتابة. والحالة المعنية هي الرغبة في إرجاء الكتابة، وبدونما سببٍ معلوم، ولو كان الظرف لا يستدعي ذلك الإرجاء الغامض!!!. ولكنه على اية حال يحدث.
وككل السودانيين أحزنني رحيل الفنان الوطني والشيوعي الاغر “محمد عثمان وردي”، بل وهدَّ تماسكي، وفي ذلك أعلم يقين العلم بأنني لستُ وحدي. ولكني إستسلمتُ لرغبة إرجاء الكتابة في ذلك الحدث او المصاب الجلل، وبالرغم من إلحاحها. وبالقطع كثيرون غيري فعلوا كذلك ، اي أرجأوا الكتابة ليداهمنا جميعاً الرحيل الصاعق للشيوعي والشاعر الوطني الأشم “محمدحسن سالم حميد”!!!. مثلي وكثيرون قد يكون ان رأوا ترك فسحة للحزن لكي يأخذ دورته ، إلا ان ذلك لم يتحقق هو الآخر، ليفجع الوطن، كل الوطن، برحيل القائد الشيوعي الفذ ” محمد إبراهيم نقد”. ويا له من فقد!!!.
ففي فترة وجيزة تراكمتْ خسائر الوطن وإتسعتْ رقعة احزانه!!!.
وهل من بعد ذلك يمكن ان يقال بألا هناك سببٌ غامض لذلك العزوف الغامض؟!!!.
إنه وعلى جانبٍ خاص، ما لفَّ الحزن كامل الحزب الشيوعي السوداني، ومنذ يوليو 1971م، مثلما لفه خلال الشهور القليلة المنصرمة الفائتة، إذ غيّبَ الموت أربعة من رموزه الشعبية الشواهق، ليس على مستوى الحزب وإنما على المستوى الوطني، الاستاذ التجاني الطيب، الفنان والمبدع الاستاذ محمد وردي، الشاعر والمبدع الاستاذ محمد حسن حُميد واخيراً القائد الوطني الاستاذ محمد إبراهيم نقد، السكرتير السياسي للحزب. وقد شهدت على عِظم الفقد مواكب الوداع غير المسبوقة والتلقائية التي نظمها شعب السودان تعبيراً عن الحب والوفاء.
أنتج السودان وعبر تاريخه العامر عدداً كبيراً من المغنيين الشوامخ الذين صاغوا وأثروا وجدانه، ولكن سيظل الراحل محمد وردي الابرز من بينهم، وذلك لا لسببٍ سوى أنه جعل ذلك الوجدان يقف على ساقين من تهذيبٍ للعاطفة وتعزيزٍ للحس الوطني. ولقد دفع وردي بالكلمة أو المفردة الشعرية في مدارج المعنى ومن خلال أدائه، دفع بها إلى سموٍ عالٍ. إنه وبقدر ما كان نوبياً أنفاً، فقد كان سودانياً مشبوباً بحب الوطن.
كنتُ دائماً أميل إلى إستثارة زميلتنا في العمل “سميرة حامد” قريبة الراحل، ولما لها من علاقة ودودة به، كنت اقول لها بأن الناس يقولون بان وردي لا يجيد التحدث باللغة النوبية!!!. فكانت لا تتوانى في القول وفيما هو اقرب للغضب “ما فيش حد بيتكلم اللغة النوبية زي وردي، هو المرجع الأول، وانا بقول كدا لانو أنا اللي بعدو في اللغة النوبية”. أما زميلنا “نور الدين” أو “نوري”، فأنني لم اجد من يجيد او يدمن الإستمتاع بالأستماع ل “وردي” مثله، فلقد كان وعلى حد القول السائر”يصوم ويفطر” على “وردي”!!!، كما وانه كان دائم الطرب بتلك الأسطورة التي تكاد ان توازي اليقين الأصم والقائلة، بأنه ما من أحدٍ، في أرض النوبة، إستطاع الوصول إلى تلك “الواحة” النائية والكائنة في قلب الصحراء، واكل من “عشبها السحري” الخاص سوى “خليل فرح” و”محمد وردي”، وقد كان ذلك هو السر الكامن وراء إبداعهما!!!. على اية حال، فلو أرهف المرء السمع ل “الحزن القديم” ول “عزة في هواك” قد لا يجد مناصاً في شأن هذه الاسطورة سوى القول: “ولربما”!!!.
حينما إختار “وردي” المنفى، وفي تلك الفترة المظلمة من تاريخ الوطن بعد 1989م، مثله وعدد كبير من السودانيين الذين نجوا من محرقة “بيوت الأشباح” التي إلتهمت خيرة أبناء الوطن من أمثال “الدكتور علي فضل” وصحبه، قدِم الراحل “وردي” إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فاستقبله السودانيون وغير السودانيين بدفئٍ واحتفاء. فأينما حلَّ كان ينقل الوطن الوطن، اي الوطن غير الرسمي ذلك المعروض في الدهاليز السرية والمسوم “للمقايضة”!!!.
كان “وردي” فناناً سودانياً معروفاً، ولقد كان صديقي “نافي” الذي ينحدر من قبائل الطوارق في النيجر، لا يمل ترديد قوله بأنه إن كنت تريد أن تعرف وردي فعليك ان تسمع أغنية “القمر بوبا”، وكيف يؤديها الطوارق وباللغة الامازيغية في النيجر!!!.
إن “محمد وردي” فنانٌ ضخم ومبدعٌ ملتزم، تحدثتْ عن رحيله كبرى وسائل الاعلام في العالم. ولقد قالت عنه جريدة “الواشنطن بوست” الامريكية والواسعة الانتشار، انه كان نوبياً وسودانياً وحدوياً، ورمزاً يسارياً محبوباً ومؤثر.
إن رحيل الفنان “وردي” ليمثل خسارة فادحة للابداع وللوطن. وليس هناك أبلغ مما نطق به المبدع “محمدية” في رحيل “وردي” حين قال، وبألمٍ بائن، “لقد صمتَ الغناء”…وبالفعل لقد “صمتَ الغناء” وإلى حينٍ قد يطول، إلا أن هذا الوطن الولود فمثلما انجب “الخليل” و”وردي” سينجب “خليلاً” آخراً و”وردياً” آخراً، وبالقطع، سيأكلان من نفس “عشب العشق الساحر” في “واحة هذا الوطن”، وكما فعلها، حقيقةً، الأولان من قبل، وإن تأسطرتْ في الخيال الشعبي.
صديق عبد الهادي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.