في صحيفة الانتباهة وفي عددها الصادر الأحد الثاني والعشرين من أبريل وفي صفحتها الاخيرة.. جاء مقال للدكتور غازي صلاح الدين بعنوان (خمسة مباديء استراتيجية) ضرورية كي تكسب حرباً.. قرأت المقال اكثر من مرة ووقفت عنده كثيراً فدكتور غازي يتناول القضايا والموضوعات بدقة وموسوعية تجعلك تحس بنوع من الرضا عما خرجت به مما يخطه قلم دكتور غازي.. مقدمة المقال كانت عن مفهوم الحرب بشكل عام والحرب الاقتلاعية على وجه الخصوص.. قال (اذا اعتبرنا ما يجري بين السودان وجنوب السودان حرباً فعلية بين دولتين فإنها المرة الاولى التي تخوض فيها الامة السودانية حرباً اقليمية بعد الحرب الحبشية عام 9881 في عهد الدولة المهدية، وهى حرب قد اندثرت آثارها ووهنت عبرها في الذاكرة الجمعية للسودانيين. وبغض النظر عما اذا كان من الحكمة ان نصف هذه الحرب علناً بأنها حرب اقتلاع كما وصفها رئيس الجمهورية.. بمعنى ان ضحيتها النهائية هى إما جوبا او الخرطوم، فإن الوصف من الناحيتين العملية والاكاديمية صحيح ودقيق.. لأن الدبلوماسية قد عجزت وتوقفت، وبحسب تعريف الجنرال والمفكر العسكري البروسي (كلاد سفتز) فإن الحرب هى امتداد للدبلوماسية بطرق اخرى وهو تأكيد مهذب بأن بديل الدبلوماسية الوحيد هو الحرب. أما الحرب فأمر جلل ولئن كانت السياسة اجل من ان تترك للساسة وحدهم.. فإن الحرب اجل من ان تترك للجنرالات وحدهم.. الحرب حدث يحرك الامة كلها ويستنفر طاقاتها واذا فشل القادة في ان يثبتوا انها حرب الامة كلها فسينظر اليها على أنها حرب فئة قليلة مستفيدة منها والاختيارات في الحرب دقيقة ولا مجاملة فيها ولا هوى شخصي.. ذكر ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لرجل من اصحابه (لولا عجلة فيك لوليتك ولكن الحرب زبون لا يصلح لها إلا الرجل المكبت أي الرجل الصبور المدبر). ان هذه المقالة لا تعني بإدارة الحرب على المستوى التكتيكي العملياتي.. اي الحرب على وجه الارض عندما تلتحم الجيوش لكنها تعني بالحرب على المستوى السياسي الاستراتيجي الذي يشكل الاطار الكلي لمقاصد الحرب ومشروعيتها والتفريق بين المستويين مهم.. فالحرب في المستوى التكتيكي تحتمل الاخطاء وتسمح بجبرها، لكن الاخطاء على المستوى الاستراتيجي لا تتجبر وعواقبها وخيمة. بعد هذه المقدمة لمقال دكتور غازي التي هى نفسها مقالة مكتملة ذهب الى تثبيت رأيه عند الجنرال والمفكر الصيني (صن شو) وقال لا اعلم احدا يؤبه لرأيه في حديث الحرب تجاوز الاشارة الى الجنرال والمفكر الصيني الفذ (صن شو)، ورغم ان صن شو قد عاش في القرن الخامس قبل الميلاد إلا ان كتابه الفريد (فن الحرب) يبقى بعد مرور الفين وخمسمائة عام العمدة في هذا الفن. ودكتور غازي وقف مع صن شنو في كتابه فن الحرب عند خمسة مباديء وانا اقف مع بعضها لقراء صدى واقول كما قال غازي سأترك لكم ان تسقطوها على طرفي الحرب الراهنة ليقدر الى اى اتجاه يمكن ان تميل موازين القوة ومن يملك اهلية الانتصار. استمسك بقانون الاخلاق يشرح صن شو بعبارة مختصرة قانون الاخلاق بقوله انه الذي يجعل الشعب في توافق تام مع حاكمهم وهم يتبعونه ويبذلون ارواحهم ولا يفزعهم اي خطر. بتعبيرنا الحديث فإن قانون الاخلاق هو باختصار ان تقاتل من اجل قضية عادلة يؤمن بها شعبك ومن حولك اذا كنت تقاتل من اجل حق شخصي فستجتمع حولك دائرة ضيقة من اولئك الذين ترتبط مصائرهم بك وبحقك الشخصي، واذا كنت تقاتل من اجل حزب او قبيلة فسيلتف حولك فقط اولئك الذين ينتسبون الى الحزب أو القبيلة، واذا كنت تقاتل من اجل مكاسب مادية فسيؤيدك المغامرون والمرتزقة والمتربحون من الحروب، اما اذا كنت تقاتل نصرة للحق ودفعاً للظلم فسيؤيدك رب الناس ويسخر لك قانون الطبيعة فيؤيدك كل أهل الحق وعندئذ ستكون في وئام وتوافق مع قانون الاخلاق، وسيقاتل شعبك ومؤيدوك بشجاعة منقطعة النظير. اواصل مع تحياتي وشكري