طفل فى (مخلاية) هو قطعا انسان بلا عشم… ولا دفاتر وأقلام ولا حتى مدرسة, ففى الشرق… شرقنا المكلوم المهمل شرقنا الذى (تدحلة) عوامل التمزيق والتكسير و الظلم والعنصرية – تزن أحلام الطفل هناك وجثته نعجة.. وضعت فى الكفة الاخرى… من المخلاية لتأتى بثمن الدواء لأخيه المدد … جيفة,,, يلعن الانقاذ وصبر الوالدين والزمن الكساد ويلعن ذوى القربى التائهون بين الذات وأرضاء المخدم…فقد حق لأطفالنا أن يمقتوا الظلم والظالمين, الفساد والمفسدين…الأولين منهم والاخرين, انه الفقر المميت والنفس القانطة البائسة – انه الحمى والسرطان والكلزار يعبأ بطونا طالما أخمصتها قسوة القلوب الغلفاء – بطون شبع بحقها الأخرين ونسيوها – انه لين العظام… والغشى الليلى لأطفال كانوا أملا لأمة…بوارضا كانت تتفتح قبل أن يغتالها القهر وعقم الأرواح الشريرة تخيم على رؤوسهم كابوسا من الحزن الصامت القنوع – أطفالا بدأ بزوغهن بالمعاناة والمثغبة – يولدن كالحون كالاخشاب من البطون الصدأة و يسحبن بالحبل من الأرحام المتيبسة, أتعجب كيف يعطى هذا الرجل الجائع حبه طفلا لهذه المرأة أو سمها خيال المرأة وكيف لهذه الخيال أن يكون أما وحنان ؟ انها مشيئة الله الغالب على أمره ولو كره العنصريون, انها مشيئته التى احتفظت بهذا الخلق منذ الاف القرون – انهن أمهات يمتن قبل أن يقبلن الوليد… المتكلس (يابس) الحظ أعسره… ولد فى عهد الظلم والجور وامتهان الانسانية, ولد فى عصر اللاكرامة واللاخوف من الله وولد يأن مع أنين الأم وضع فى أرض الأموات الأحياء وفى سباسب الجدب واللامكان – قفارا تجفف (الريق) رؤيتها, بيد دونها بيد نائيات أقرابها وقحط و(رهاب) وسموم… انها قرى الشرق انها واحات البجا (ودامرهم) … مضى عنها الأسفلت غربا فذبلت وماتت .. خيام و جمل أحدب أجرب وماعز (قوباء) وبعض رجال ونساء…. ولا أطفال.. لا أطفال لا أجيال لا مستقبل انهم ينفقون كالانعام بل هم أقل – و ينقرضون مثل أقوام خلت, يعشقها زوجها أو تعشقه… لا يهتمان ولا يأبهان ولا حتى يشعران بدبيب الفطرة, شيوخ مسنين جلودهم عارية تلتصق بعضام الصدر كالجلود المنشورة على العصى – وأقدامهم حافية تقطن شقوقها الهوام…غبراء حتى الساق.. من عنت الطريق, وأذهانهم أيضا عارية وغبراء – ينظرون الى الافق بألم… ولا أمل ولا حتى بصيص أمل, ينسجون من أمجاد الماضى (ملاحا) وصبرا وعزاء ورثاء… وينقبون (بالخلال) عن بقايا أفكار ربما نسيها الغم (مرمية) بالذاكرة, نساء الشرق فى تلك القرى عيدان غرسهن الصبر والقهر معا داخل أثمالهن مثل (السارى) بين اهتراءات (الشراع) .. يسوقهن قهرا بفعل الهواء … ولا يقاومن الهواء – نساء قتل الفقر جمالهن وانتهك كل مظاهر الانوثة… فطأطأت الملاحة بتهدلهن كونا من الجمال أنتهت حقبته بقرى الشرق هناك – كاسية عارية … لا يهم فلا جديد… فقد تشققت يداها وهى تشحذ الماعز كوبا من حليب, والماعز مثلها مثل نساء الشرق لا ضرع ولا لبن ولا مرعى تعتلف الحزن والمسكيت و أكياس البلاستيك.. تلك القرى التى تهدى للناس ذهبا ولؤلؤا وحياة.. تفتقر هى الى الحياة التى تمنحها للاخرين, وتكسوها صفرة المرض والسرطان والأنيميا و فقر الدم والأوبئة التى نسيها الزمان… دواء الملاريا بجنيه واحد… ويموت كل يوم فى الشرق ألف واحد.. بأقل من سعر الجنيه.. وكأن ما مات بشر… أو حجر.. وكانه قد مات جروا لا يساوى قط أطفال البشر.. بل لا يساوى حتى الحمل.. فالحمل يساوى بضع الاف ونيف.. والطفل البجاوى يساوى.. ما يساوى – بل يساوى كفة المخلاية الاخرى ليوزن (نعجة)… على الكفة الاخرى.. بيعت نهارا لاتقاء الجوع فى جوف الخريف… النعاج لا تقوى على المشى فتحمل… فاذا مشت تهوى وتهزل.. ثم ترجع لا تباع… فيعاد الطفل للكفة الاخرى حزينا من جديد… جائعا كالوالد الجائع المحزون والخائف من جوع الحمار… من سيحمل ذا الحمار.. ما اذا جاع ومات العشب.. أو قل ماتبقى منه فى جوف الخريف..ماتت الأمطار بل ومات العدل مات الحق مات الموت فى شرق تلفح بالمزلة والفساد.. بل كيف نعثر فى جيوب الشرق عن شخص حمار.. لا تسيئوا فهمى اننى أسأل فعلا من من الشرق حمار يحمل الأثقال عن هذى القرى .. يحمله عنا, أى شخص متخم بالظلم أو باللحم كى يزن الحمار.. لأن كفة المخلاية الاخرى ستسقط … ما اذا جاع الحمار ..ومن سيحمل الكفة الحبلى.. اذا ماكان بالاخرى حمار؟.