عثمان شبونة… * مفاعيل الجهل الفاتكة بالوجدان قبل أن تشرخ جدر الروح والجسد، تتجلى في قطيع كبير من العنصريين في شمالنا، فينتفش الفرد مثل ديك عبيط إذا جردته بالحقيقة حول عروبته “المشكوك فيها”، رغم أن الهلام العربي ليس مميزاً بشيء سوى إيغاله في الخيالات المريضة التي “يتعزز بها” دون أن يتساءل: “ما الذي يفضلني على الآخرين”؟! الدين مثلاً؟ فهذا ليس مزرعة خاصة بأحد، مذ حفر الفارسي الخندق.. ولم تكن فكرة الحفر “عربية” كما هو معلوم.. بل لم تكن أعظم الكشوفات الإنسانية الخيرة حكراً على الجنس العربي لو طالعنا ثنايا الأصول.. وتتعدد الأمثلة..!! * هل ثمة أحد يفتي بإيمان بحت، بأن “خير أمة” هي العرب، بمثلما يتجرأ فاقدو البصيرة؟ أم أن الإسلام بمشموله المتسامي على القبليات والجهويات والبطون، أرحب من تحجيمه بجنس بشري معين، فنقول إنه “النوع الأفضل”..!! هذا مع الإيماءة للآية البليغة التي تصف الأعراب بأنهم “أشد كفراً ونفاقاً…”..! * من فيكم أغلى عروبة من أبي جهل..؟ وكفى..! * وهل “التقوى” بكل ما فيها من ظلال العدل والرحمة والتسامح هي “ختم خاص” بالعرب، أم أن الله سبحانه وتعالى “مددها” بحكمته دون أن ندرك نهاياتها في جغرافيا محددة أو نوع آدمي؟! * إذن من أين يستمد العنصريون المتعالون في السر والعلن أوهامهم ومزاعم “سيادتهم”؟.. وما عداهم عبيد وهوام..!! * ربما عدوى السياسة المفتقرة لعناصر “القدوة الحسنة”، هي التي تزين لبعض السودانيين الشماليين جهلهم في صفحات الإنترنت والأمكنة العامة، حين تأخذهم العزة بالإثم، فيرمون الأحاديث العنصرية مثل كلمة “العبيد” في وجوه كرام ليس لديهم حيلة في “اللون”.. ولو كانت الألوان سبة كما يفترض “هبنقات” الصحراء، فجميع السودانيين “عبيد” دون شك، ببشرتهم السمراء والداكنة والأبنوسية.. بل حتى تلك الجلود التي من الله عليها ب”النعمة” والأكل الناعم وكريمات التجميل لا فكاك لها من “العبودية” في نظر بعض العرب والمستعربين..!! * فكيف يتطاول بعضنا و”أصل الحضارة” في السودان لا علاقة له البتة بالعرب “الراهنين”..؟!! * إنه الخواء الروحي والنفسي، يؤطر نظرة الفرد في نطاق الذات “الدونية” والخائفة حتى “من لونها”.. وبعضهم يدعي التقوى التي هي ملجم للنفس من الأهواء والنعرات البغيضة.. ثم إذا تأملت أفعالهم هالتك الثقوب والسقام..!! خروج: * يمكن لأي خائن وقاتل أن يشهق بالبنيان والأوهام، وتطال يداه كل حرام ومذموم.. لكن علينا عدم الغفلة في كوننا محكومين بانحطاطنا “المميز”.. ثم نكابر باسم “العروبة”، كأنها الرافعة وسط عالم السيادة فيه “للعقل”..!! نحن بحق.. شتات بين “أولاد الحلال وأولاد الحرام”، ليتنا ننصرف لما يحيينا بكرامة “ولا كرامة مع فجوات الحاجة المتماهية”..! ليتنا نحيا بإحسان لا تشوبه أباطيل صفوية وعرقية يخرجها عتاة الجهل والنفاق..!! * ثم لو سلمنا “زوراً” بأننا عرب… هل تقتصر الجنة علينا..؟ فما بالكم ونحن في ذيل الدنيا.. مطايا “للفاشلين”.. وفي لجة العفن السياسي..!! أعوذ بالله الأهرام اليوم [email protected]