ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    "حكومة الأمل المدنية" رئيس الوزراء يحدد ملامح حكومة الأمل المدنية المرتقبة    الفوز بهدفين.. ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    لما سقطت طهران... صرخت بورسودان وأبواقها    "الأمة القومي": كامل ادريس امتداد لانقلاب 25 أكتوبر    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    الحكم بسجن مرتكبي جريمة شنق فينيسيوس    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها ب 149 هدفاً مقابل لا شيء؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    تقرير رسمي حديث للسودان بشأن الحرب    يوفنتوس يفوز على العين بخماسية في كأس العالم للأندية    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    التغيير الكاذب… وتكديس الصفقات!    السودان والحرب    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يعود لإثارة الجدل: (بحب البنات يا ناس لأنهم ما بظلموا وما عندهم الغيرة والحقد بتاع الرجال)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    شاهد بالفيديو.. ظهر بحالة يرثى لها.. الفنان المثير للجدل سجاد بحري يؤكد خروجه من السجن وعودته للسودان عبر بورتسودان    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين عنصرية القبيلة وعنجهية الحزب \"4\"
نشر في الراكوبة يوم 27 - 07 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
بين عنصرية القبيلة وعنجهية الحزب
(4)
محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
[email protected]
ملخص ما سبق:
ذكرنا فيما سبق أن معيار التقوي،علي أهميته،لم يكن دوما مفتاحا في تاريخ السودان،الحديث منه علي وجه الخصوص،ربما حدث ذلك في زمن الهجرات الدعوية لأن \"التقوي\" كانت أحد روافدها، الا أن عامل \" العنصرية\" بدا هو المسيطر دائما، بل والحاسم في مواقف كثيرة لاحكام السيطرة علي الآخر أولا، ثم الاجهازعلي أرضه وخيراتها بعد ذلك. وكلما قارنا بعض الأحداث السابقة نري أن التاريخ يعيد نفسه في كثير من الجوانب، اذ لا يمكن أن ننكر أن ثمة صراع يدور في هذا البلد، ليس سياسيا كما هو ظاهر الآن، وإنما هو صراع بين الأجناس والأعراق، تمارس فيه عنصرية مقابل عنصرية مضادة، بدأت بوجود أجناس محددة علي هذه الأرض (الجنس الحامي) ثم هجرة ونزوح أجناس أخري اليها حاملين مفاهيم وثقافات وديانات وأهداف وأسباب مختلفة كان أهمها الاقتصادي والديني، وغالبا ما كان يحقق كل ذلك إما بالتعايش وفق أسس حسن الجوار أو بالغزو أو بالإغارة ولم تكن \"التقوى\" حاضرة في كل وقت، ولم يكن كل الحكام يطبقون شرع الله ، فقد كانت دعواي التفوق العرقي والنزعات العنصرية هي السمة الغالبة والوسيلة الأسهل المتوجب اتباعها لبلوغ المرامي والأهداف ولذلك، فقد مورس القهر والسلب والنهب والقتل بغير الحق خاصة علي السكان الأصليين، ثم بين القبائل الوافدة، بعضها في بعض، وبذلك طغت هذه الممارسات الشنعاء علي أي قيم جميلة اكتسبها الإنسان من دينه أو من ثقافة بيئته. والناظر للتاريخ يري هذا الأمر متوفرا في جل صفحاته. ويبقي معيار \"...إن أكرمكم عند الله أتقاكم \" مجرد آية تتلي بغير تطبيق ملحوظ، وبذلك تحولت هذه الأرض شيئا فشيئا من ملتقي للحضارات ( المصرية القديمة والإغريقية واليونانية والرومانية) ومعبرا للأديان ( المسيحية والاسلام) وقبلة للثقافات ( النوبية والأفريقية ثم العربية وباقي الثقافات الوافدة)إلي محور للصراعات من اجل الاستحواذ علي السلطة والثروة، ومرتعا للفسق والفجور والانحلال وبؤرة من بؤر الفساد في الأرض والي هدف \"مباح\" للتدخلات الأجنبية ... شئ يشبه ما نعايشه الآن.
بداية التفرع الاثني في السودان :
ذكر د. متوكل أحمد الأمين أن أهل النوبة كانوا ينقسمون في نهاية القرن الثاني ق. م. تقريبا الي:
1- أهل ووات ( في النوبة السفلي: بين الشلالين الأول والثاني)
2- وأهل كوش ( في النوبة العليا: بين الشلالين الثالث والرابع،ويصنف هؤلاء الآن إلي أربعة عناصر: أ- الكنوز ب- الحلفاويون ( الفاديجا) ج- المحس د- الدناقلة * (1 )
هؤلاء أظهرتهم حضارتهم وتاثيرهم وتأثرهم بالحضارات والثقافات الأخري وانفتاحهم علي البلدان والأمصار. وعلي امتداد هذه الأرض الشاسعة لم يكن يعرف عن باقي القبائل الزنجية شيئا حتي أن وصف\" ماكمايكل \"1882م. في كتابه عن السودان اقتصر علي الجزء الشمالي ووسطه حتي سنار فقط ، أما باقي المناطق، فقد ذكر حرفيا \"كيف كانت الأحوال في بقية المناطق الأبعد وما هي الهجرات والاضطرابات االتي حدثت وكيف كانت الحياة أو الموت ..في تلك القرون؟!... فلا علم لنا بها ولن تكون الا من قبيل التخمين\" * (2).
وبخلاف النوبة والبجا ( أحفاد السنجاي) والقبائل الزنجية التي لم يكن يعرف عنها الكثير، فقد ذكر \" مكامايكل\" في نفس مؤلفه عن الفونج \"لا نعلم من هم أولئك الفونج فأصولهم ليست شمالية، وربما نزحوا من حدود الحبشة أو من البحر الأحمر أو من المرتفعات التي بينهما\"*(3) .
أما عن الجماعات الأخري، فقد ذكر وليام آدمز أن \" الحكام الأجانب والتجار والبدو الرحل والمهاجر المقيم استوعبوا في خلال مدة الي داخل السكان الأصليين قبل أن يمكثوا قرن أو قرنين في شكل أقليات غير متنثلة\"* (4).
ولقد اختلطت هذه العناصر الحامية وفي مراحل مختلفة بالعناصر الزنجية ثم السامية فيما بعد، وربما سهل الأمور من ناحية الشعب النوبي عادة \"الانتساب من ناحية الأم\"*(5) وهو أمر يمكن نعتبره، اذا جاز التعبير، من باب \" التقية\"، اذ ذكر ابن خلدون \"أن النوبيون حاولوا صد العرب ففشلوا ثم حازوا رضاهم بتزويجهم من بناتهم.*(6).
كل هذه العوامل ساعدت في تشكيل هذه المنظومة الاثنية الفريدة التي نراها ماثلة في بلدنا الآن،منظومة تحتوي علي جينات من كل الأجناس تقريبا، انصهر بعضها ببعض،وذابت فيها كل الخرائط الجينية، حتي أننا اذا ما أخضعناها إلي جداول تصنيف السلالات والأجناس البشرية خاصة الاثنتان الأول (الزنجية والقوقازية والمغولية البوشمن والأستراليون الأصليون وعناصر المحيط الهادي الكابية) والي أسس تصنيفاتها الجسمية (من حيث لون البشرة وشكل الشعر والطول وشكل الرأس والوجه والأنف والعين وفصائل الدم ) سنجد أنها تجمع بين كل هذه الصفات *(7) .
منشأ الاستعلاء العرقي :
يرتبط الاستعلاء العرقي بثقافة \"جاهلية \" قديمة مرتبطة بزعم تفوق جنس علي جنس أو أجناس أخري، اما بسبب العرق أو اللغة أو لون البشرة أوالتحضر المدني أو التفوق الثقافي أو العلمي ولعل الشعور بالتميز \" العرقي\" هذا هو من ارذل وأحط أنواع العنصرية، ذلك أن المكون العرقي ولون البشرة واختلاف الألسنة خلق من خلق الله \" واختلاف السنتكم وألوانكم\" لا يد للانسان في اختياره أوتبديله أو تعديله وان كان يمكن تحسينه كما جاء في الحديث الشريف \" تخيروا نطفكم فان العرق دساس\" ، اما الثقافة والمدنية والتحضر فهي أمور مكتسبة يمكن تحسينها وتطويرها اذا ما توفرت الظروف والامكانات والنوايا الحسنة، وعموما، فقد نهت كل الشرائع، خاصة شريعتنا الاسلامية، عن السخرية من الآخر بسبب العرق أو اللون او عجمية اللسان، ولكنا نجد أن هذه العادة قد ترسخت في هذا البلد ، بدأت منذ توافد الأعراق المختلفة اليه وعلي الرغم من انصهارها في الأجناس الأصلية الأخري، الا ان شعورها بهذا \" التميز\" الغير مبرر ظل عالقا الي يومنا هذا ويمارس في كل لحظة وعلي أعلي المستويات وتعقد من أجله التحالفات في \"صبغ\" سياسية لمواجهة الآخر، فبعض القبائل ذات الأصول العربية تري نفسها مميزة عن الآخرين، بل وتضع لهم مسميات من عندها لا تفارق عقلها الجمعي الباطن ، تطلقها عليهم في كل حين، بمناسبة وبدون مناسبة، في السر وفي العلن كالحلفاوي(يقصد به أي نوبي) والغرابي والعبد ( أي لون أزرق) وأدروب والفلاتي ...الخ، والمفارقة أن الجنس العربي المحلي هو موضع سخرية وتندر من الجنس العربي الأصلي خارج حدوده واذا أجزمنا بأن الجنس العربي من المهاجرين الأول هم الذين نشروا الاسلام وعمموا الثقافة العربية في هذا البلد ، فان بعضا من أحفادهم، قد فتحوا في المقابل بابا من أبواب الجاهلية الأولي أدي الي كوارث وحروب وتخلف، بسبب استحلالهم الحرام ودخولهم في مساخط الهر واستئثارهم بالسلطة والثروة وتهميش الآخر، دون وجه حق، بل ومهد لعنصرية مضادة جعلت من عرقهم ذاته محل سخرية وتندر أيضا من العناصر المحلية الغير عربية(عربي ، جلابي..ألخ) ووسط هذه العنصرية \" الجلفة\" والعنصرية المضادة تصبح \" القبلية\" موضع انتقاد ومخالفة تماما لمعيار \" التقوي\" الذي ألزم الشعوب والقبائل بالتأسي به وانتهاجه.
بمعايشة هذا الجهل المطبق، وغياب الادراك بمقاصد الشريعة الحقة، حقيق علي \" الهوية\" المحلية أن تتخبط وتتقوقع داخل \" اذدواجية\" غير ناضجة ولا مؤسسة، ازدواجية تحاول أن تجمع من خلالها بين ماهو عربي وما هو زنجي أو أفريقي، فلا يستقر السعي علي صفة محددة، فهي عربية \" متعصبة\" عندما تكون العروبة واجبة، وأفريقية زنجية عندما يكون هناك مصلحة ولا تفلح في هذا ولا تنجح في ذاك في غياب الأسس والقواعد المنظمة لأصول الهوية الجامعة، وذلك لن يتأتي الا عندما ينظر الي الجميع علي أنهم خلق من خلق الله وعباد له، وأن \"لا فضل لعربي علي أعجمي الا بالتقوي\" . ونحن نتسائل.... لماذا يمنح هؤلاء لأنفسهم كل هذا \" الفضل\" والتقوي عندهم غائبة؟!!.
نواصل ( 5)
الدمازين في: 2010/07/27م.
*1 - النوبة... التراث والإنسان عبر القرون- د. متوكل أحمد الأمين ص17
*2 - السودان: هارولد ماكمايكل ص 46.
*3- مكامايكل- نفس المصدر ص53.
* 4- وليام آدمز: الأقوام غير النوبية (النوبة: الرواق الي افريقيا – ص74).
*5 - مكامايكل – نفس المرجع ص 51
*6- ابن خلدون – العبر وديوان المبتداء والخبر
*7- تصنيفات وليم بويد/جريفث تايلور 1919 /كين وهادون 1920/ روولاند ديكسون 1923


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.