دكتور المتعافي عندما كان والياً على الخرطوم قال في القريب العاجل سيجعل من الفراخ طعاماً للمساكين.. واليوم دكتور المتعافي وزيراً للزراعة ويناقش هذه الايام حكاية القطن المحور.. والى ان تنتهي هذه الحكاية.. حكاية الذهب الابيض ايام عافية مشروع الجزيرة.. اقول ان كيلو الفراخ طعام المساكين اصبح سعره «32» جنيها.. يعني 32 ألف جنيه بالقديم وقولوا يا لطيف.. هذه خاطرة.. قادتني الى اجترار الهم السياسي المقيم والمتفاقم.. كلنا سمع بساقية جحا التي تشيل من البحر وتكب في البحر او بالاصح تشيل من النهر وتكب في النهر.. لان اهلنا يسمون النهر البحر.. ولما كانت مياه البحار اصلا لا تصلح للزراعة فالمثل يفقد صورة المقارنة الواضحة الى الارض التي بذر فيها المزارع بذوره تغير اتجاهها الى النهر نفسه ويسكب القادوس المياه التي حملها من النهر الى النهر ثانية ويزداد رهق الثور.. ثور الساقية.. ويكاد الملل ان يقتل صمدها ويكف عن ترديد الاغاني والدوبيت ولا يسمع الناس كلماته: الدنيا بتهينك والزمان بوريك وقل المال يفرقك من بنات واديك الجنس الفسل ما تجعلوا دخريك وقعدة براك اخير من لمة المابيك هذه الصورة فرضت نفسها على مقدمة ذهني وأنا أتابع ما يدور في الساحة السياسية.. بالامس كتبت عن المصطلحات التي فقدت سمعتها وقلت إن رفعت قضية اشانة سمعة ضد اهل السياسة في السودان لكسبتها بلا ادنى شك ذلك لان الذي يمارسه البعض باسم السياسة وباسم الشعب والمصلحة والوطنية يجعل الرأس تدور هولاً. قبل عقدين من الزمان ويزيد جاء انقلاب الانقاذ باسم القوات المسلحة من أجل انقاذ الشعب السوداني من فوضى الاحزاب ومن الجوع والمرض والفقر.. كما قالوا.. ولكن سرعان ما اتضح ان دورة من دورات قادوس ساقية جحا الذي يشيل من البحر ويكب في البحر.. قد بدأت وما كان الانقلاب سوى رد فعل من حزب الجبهة القومية الاسلامية ضد فعايل الحزبين الكبيرين ضدها.. ورأت ان تنفرد بالحكم.. وطوال السنوات الماضية والى اليوم ظلت الساقية تدور دورانها الفارغ والجماهير تذوق الوانا من المر والعذاب. وخرج مبارك الفاضل المهدي.. وكوّن التجمع المعارض ويومها دار حديث طويل حول الكيفية التي خرج بها من السودان.. واختفى الصادق المهدي الى ان تم القبض عليه بالطريقة التي نعرفها كلنا وبقى بقية القادة بمن فيهم الترابي في سجن كوبر وكان الناس يرددون قولة محمد ابراهيم نقد للدكتور الترابي «بانك قد جاملتنا بما فيه الكفاية». المهم توالت الاحداث عاصفة.. وجاءت احداث رمضان وكبرت جبهة التجمع الوطني المعارض في اسمرا اريتريا.. ولندن.. والقاهرة.. واعملت الجبهة الاسلامية القومية سياستها بالشكل الذي ارادته.. ومارس التجمع عمله بالشكل الذي اراده.. وظلت جماهير الشعب السوداني على حيرتها تتابع الذي يدور في الداخل والخارج.. الى ان افاقت يوما على بيان يقول بان الصادق المهدي الذي شاهدته قبل ايام على شاشة التلفزيون القومي في برنامج تم تصويره في منزله.. سمعت البيان الذي يقول ان الصادق المهدي هرب من السودان.. وبعدها سمعت الجماهير.. جماهير الشعب السوداني من الصادق المهدي بانه خرج في عملية تهتدون التي يقودها ابنه عبد الرحمن بعد ان تأكد بان النظام لا يؤمن بالجهاد المدني ويريد ان يحتفظ به كدرع بشري في وجه التجمع المعارض. اواصل مع تحياتي وشكري