قُطعت أمس الخميس المحادثات الأمنية بين السودان وجنوب السودان بعد فشل الجانبين بالتوصل إلى اتفاق على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بمحاذاة حدودهما المتنازع عليها للمساعدة في منع انزلاق البلدين في أتون حرب بينهما. وكانت المفاوضات بين البلدين، اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن دعم متمردين في أراضي البلد الآخر، قد استؤنفت في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، إذ جرت المباحثات بوساطة قام بها الاتحاد الأفريقي وكانت الأولى من نوعها منذ اندلاع الاشتباكات الحدودية بينهما في شهر أبريل الماضي حول هجليج. وأوشكت الحرب أن تقع بين البلدين الجارين عندما تحول نزاع حدودي بينهما إلى أسوأ اشتباكات منذ انفصال جنوب السودان عن البلد الأم السودان في يوليو من العام الماضي بموجب اتفاقية سلام كان قد وقعها الجانبان في 2005 وأنهت ثلاثة عقود من الحرب الأهلية. فبعد 10 أيام من المحادثات المتواصلة والرفيعة لم يتمكن الجانبان من الاتفاق على ترسيم حدود منطقة عازلة منزوعة السلاح على طول حدودهما التي تمتد لمسافة 1800 كيلومتر. وقال مسئولون من جنوب السودان إن البلدين لم يتفقا حتى الآن على الأراضي التي ستقام فيها المنطقة العازلة والمقترحة من خلال خرائط قدمها الجانبان. وقال وزير خارجية جنوب السودان نيال دنق لرويترز “ما نقوله نحن هو أن ننسحب عشرة كيلومترات جنوبي حدودهم وان ينسحبوا عشرة كيلومترات شمالي حدودنا."، وأضاف “لم نتفق بعد على الخطوط التي سترسم المنطقة الآمنة المنزوعة السلاح انطلاقا منها." من جهته اتهم وفد السودان مفاوضيه من جنوب السودان بتقديم مطالبات جديدة أهمها المطالبة بحقل هجليج النفطي الذي يشكل إنتاجه أهمية حيوية بالنسبة لاقتصاد السودان ويشكل نصف إنتاج البلاد من النفط بعد انفصال الجنوب، والذي كان جيش جنوب السودان قد احتله لفترة وجيزة أثناء القتال الأخير بين البلدين. وتعليقا على فشل المفاوضات، قال عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع السوداني: “ترتكز الحدود على خريطة كنا نستخدمها على مدى الأعوام الستة الماضية (منذ توقيع اتفاقية السلام)، لكنهم (أي مفاوضي جنوب السودان) أدرجوا خمس مناطق داخل حدودهم.” “سنواصل حضور هذه المحادثات، لكن لجنة (الاتحاد الأفريقي) ستأخذ الآن فسحة من الوقت ثم تدعونا (للعودة إلى المحادثات)” وأضاف حسين قائلا للصحفيين في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا حيث عقدت المحادثات: “نحن نعتبر هذا عملا معاديا.” ولدعم مطلبها أشارت الخرطوم إلى حكم كان قد صدر عن المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي في 2009 بشان منطقة أبيي المتنازع عليها أيضا، إذ أصدرت المحكمة حينها خرائط وضعت هجليج ضمن حدود الشمال. أما جنوب السودان فيطعن بمطلب الخرطوم، مشيرا إلى خط حدود داخلي تم ترسيمه أثناء الحكم الاستعماري البريطاني للمنطقة، الذي انتهي في 1956، بالإضافة إلى الانتماء العرقي للسكان المحليين. هذا، ولم يصدر تعقيب فوري من جنوب السودان بشأن فشل المفاوضات، لكن أعضاء في وفد جوبا المفاوض أكدوا انتهاء المحادثات بشأن أمن الحدود دون التوصل إلى اتفاق، وأنه لم يتقرر بعد موعد جديد لاستئنافها. ورغم عدم إحراز المفاوضات أي تقدم في الحوار، فقد كشف حسين أن الجانبين جددا تعهداتهما خلال المحادثات بالعمل لإنهاء الأعمال العدائية بينهما. وقال دبلوماسيون بوزارة الخارجية السودانية إن المحادثات بشان وضع أبيي مستقبلا ستستمر على الأرجح في غضون الأيام القليلة المقبلة.