أثارت تصريحات الرئيس عمر البشير فى مدينة القضارف الاحد 19 ديسمبر حول إعتماد دستور إسلامى فى شمال السودان فى حال إنفصال الجنوب وعدم الإعتراف بالتنوع العرقى والثقافى وتوعده بانهم سيجلدون ويقطعون من خلاف ويجزون الرقاب , اثارت ردود فعل رافضة على نطاق واسع . فاعتبر المتحدث باسم تحالف المعارضة فاروق أبو عيسى «أن الحكومة تريد التحول إلى دولة بوليسية وشمولية تصادر الحريات باسم الدين»، وأكد أن المعارضة لن تسمح بمثل هذا التحول الخطير. ورأى القيادي بالحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف أن التعديلات الدستورية متفق عليها بعد فصل الجنوب، وذلك بإلغاء كافة المواد المتعلقة بالجنوب واتفاقية السلام الشامل، لكن لم يتم الاتفاق حول هوية الدستور، وأصول التشريع فيه، وحذر من تحول السودان لدولة أحادية كما كانت قبل اتفاق السلام الشامل، وقال «نحن نرفض الدولة الدينية، وندعو لدولة مدنية تمنح الحقوق للجميع». وحذر نائب الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان من مطالبة قوى الجنوب الجديد في دارفور وشرق السودان والنيل الأزرق وجنوب كردفان بالخروج من الدولة المركزية، وأشار إلى أن لهذه المناطق قضايا تشبه قضايا الجنوب، ودعا لتعديلات دستورية كبيرة تستوعب واقع التنوع الثقافي والعرقي والديني في السودان. ووصف محمد حسين شرف المتحدث بإسم حركة العدل والمساواة فى القاهرة تصريحات البشير بأنها مستفزة لكل التعدد العرقى والدينى والإثنى والثقافى فى السودان ،وتعبر عن الإضطراب الذى يعيشه النظام السودانى ورئيسه وهما المسئولان عن فصل جنوب السودان وعن الحالة الإقتصادية المتردية والغلاء الفاحش الذى يعانى منه المواطن السودانى اليوم ،والذى دفع القاعدة الشعبية للإنتفاض بداية من مسقط رأس الرئيس البشير فى مدينة شندى التى تظاهرت الأسبوع الماضى ضد الغلاء . وبشأن تصريحات الرئيس السودانى عن الدين وأن الشريعة ستكون مصدرا للدستور قال القيادى بحركة العدل والمساواة أنها ليست سوى محاولة يائسة لإستقطاب الشعب السودانى وكسبه بالعاطفة الدينية ،وأكد أن ذلك أمر لم يعد له قيمة الآن فى السودان بعد تجربة 20 عاما ،التى ارتكبوا فيها الفظائع بإسم الدين وتاجروا بشعاراته . ويرى نصر الدين كوشيب مدير مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان بالقاهرة أن تصريحات البشير تعنى مزيدا من المشكلات وتفتح الباب لحروب أخرى فى شمال السودان ،الذى سيظل يتواجد به حتى إذا انفصل الجنوب مسيحيون وإثنيات أخرى وتعدد ثقافى ،لن يستطيع أحد أن يلغيه بجرة قلم ،وستكون نتيجة تصريحات البشير وتصرفات حزبه المؤتمر الوطنى أن استفتاء تقرير المصير فى جنوب السودان لن يكون الأخير ،وأن تحدث تصدعات أخرى فى كل أنحاء السودان . وأضاف كوشيب أن كلام البشير ليس مفاجئا بالنسبة له وبالنسبة لملايين من السودانيين ،لأنه تعبير عن مخطط المشروع الحضارى الذى جاء بالبشير وحزبه إلى السلطة ،وهو الذى دفع الجنوبيين دفعا للإنفصال ،وسيدفع مناطق أخرى للإنفصال ،ولكنه قال :إن هذا الكلام يصب الزيت على النار داخل شمال السودان ،ويعكس تناقضا فى حديث الرئيس الذى قال قبل أيام أنه سيتنازل عن حصة الشمال من بترول الجنوب إذا صوت الجنوبيون للوحدة ،وقال كوشيب أن مالم يقله البشير الذى وصف دولته بأنها عربية وإسلامية أنها أيضا دولة بوليسية . ومن جانبه قال ضحية سرير توتو عضو رابطة أبناء جبال النوبة العالمية أن تصريحات الرئيس السودانى عن دولة عربية إسلامية فى شمال السودان بعد إنفصال الجنوب مرفوضة جملة وتفصيلا،وقال :إن دعوته تتنافى مع الإسلام نفسه ،الذى يؤكد فى آياته الكريمة أن الله خلق البشر شعوبا وقبائل ليتعارفوا ،مؤكدا أن دعوة البشير تثير المخاوف حول مستقبل الوضع فى الشمال بعد الإنفصال .