تبقت بضع أسابيع لأعلان دستور جديد يحكم مصير السودان الشمالى ،عقب التاسع من يوليو القادم موعد ميلاد دولة الجنوب ، حزب المؤتمر الوطنى الحاكم بالبلاد أطلع قياداته حسب أفاداتهم وتصريحاتهم بمسودة الدستور الجديد ، دستور تقول تسريبات صحفية أنه حوى موجهات رئيس الجمهورية المشير عمر البشير فى خطابه بالقضارف فى موسم الحصاد الماضى بأعتماد الدستور الأسلامى واللغة العربية رسميا بالدولة السودانية . أنكار التعددية الدينية والعرقية والثقافية بدولة شمال السودان ، حرك مشاعر كثير من الشعوب بها ، عرق متعدد الثقافة والأديان بحجم شعب النوبة قاد وقتها حراك كثيف للأحتجاج على خطاب الرئيس بالقضارف ، فأعلنوا عزمهم الأحتفال سنويا بتراث وفلكلور وثقافة النوبة ، لأجبار الآخرين على أحترامهم ومراعاة خصوصيتهم ،فكان أحتفالهم الأول بميدان الخرصان بأم بده شهر مارس المنصرم ، حشدت له كل رموز وقيادات النوبة بمن فيهم قيادات ونافذين بالحزب الحاكم . تسارع الأحداث والأيحاء بأجواء الحرب على نطاق واسع بشمال السودان ، وعودة الشمولية بشكلها الصارخ ، دفع بقطاعات واسعة من القوى السياسية والمجتمع الأهلى ومنظمات المجتمع المدنى بالدفع بآرائها ومواقفها تجاه الموقف من الدستور القادم . النادى القبطى بالخرطوم ، المهتم بتثقيف وتوعية الأقباط السودانيين ، نظم مساء الأحد الماضى ندوة حول ( دولة المواطنة والدستور المرتقب ) ، أعلن فيها رئيس النادى بأن الدستور القادم يعتبر أمرا مصيريا للأقباط ، ولابد من طرحه عليهم وأطلاعهم عليه ، لأنهم حسب قوله ، يعارضون فصل ثقافات الآخرين ،وعدم مراعاة التعددية الدينية بالبلاد ، وأضاف بأن الأقباط يتمسكون بالحق الأنسانى ، ويعتبرون أن المواطنة هى الأساس لصيانة الحقوق والواجبات ،ويرون بضرورة كفالة الحريات لجميع المواطنين بالدولة السودانية ، ونبه بالأخذ فى الحسبان دور الأقباط فى رسم التاريخ السودانى ، وأعتباره أحد روافد التعددية بالوطن . وقال المواطن القبطى الدكتور نصرى مرقص يعقوب ، أنه أحس عند سماعه خطاب البشير بالقضارف ، بحرمانه من حقوقه كمواطن ، وقال ( كنت أحسب أنى كامل الأهلية للتمتع بالحقوق ) ، وأضاف بأنه أحس بأن الخطاب موجه ( لنا جميعا كمسيحيين وكغير عرب وغير مسلمين ) . مولانا على السيد القيادى بالحزب الأتحادى الديمقراطى تحدث بالندوة حيث أشار لخطورة الدفع بدستور دائم الآن لأن ذلك يحتاج لزمن كافى ومشاركة واسعة عبر مؤتمر جامع وقال بعدم وجود الحريات لا يمكن أيجاد دستور يشارك فى كتابته الجميع ، ورأى العمل بدستور مؤقت أنتقالى يتضمن الحريات وحقوق المواطنة لحين الأعداد لدستور دائم ، لقيام دولة القانون ، التى وصفها بالدولة المدنية الديمقراطية ، التى قال ترفض أستغلال الدين فى العمل السياسى ، وتعمل على الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وأضاف مولانا على السيد بأنه لا يوجد فى الأسلام ما يسمى بالدستور الأسلامى ، وقال الحديث عن الدولة الأسلامية بالشمال مخالف للشريعة الأسلامية نفسها !! وحذر على السيد من أخراج أى قانون دائم الآن ، لأن فرضه بالقوة قال سيجد مقاومة واسعة من القوى السياسية ومكونات المجتمع السودانى ، التى قال تريد قيام دولة للمواطنة والقانون دون أستعلاء وأستغلال . و كشف الأمين السياسى لحزب المؤتمر الشعبى كمال عمر عبد السلام بأن قضية المواطنة ظلت هاجسا يشغل كل القوى السياسية السودانية وقال قد أدخلت البلاد فى نفق التمزق حيث أنفصل الجنوب بسببها ، لأصرار حزب المؤتمر الوطنى على عدم أنزال ( وثيقة الحقوق ) الواردة فى دستور ( 2005م) وتطبيقها والأصرار على عدم تعديل وألغاء محاكم النظام العام والقوانين المقيدة للحريات كقانون الأمن والصحافة والمطبوعات ليمارس الفظائع والأنتهاكات بها وتكريس أستمراره فى الحكم . دون مراعاة للحقوق الخاصة للمواطنين ومستحقات التحول الديمقراطى والحريات الأساسية للمواطنين ، وأضاف بأن الحزب الحاكم سيس القضاء والخدمة المدنية ، وقال وصل الحال بالمؤتمر الوطنى فى الخدمة المدنية مراحل أعلاء قيم قبلية ،وقال أختطف الحزب مؤسسات الدولة المختلفة ، وحولها لمؤسسات حزبية ،وهو الأمر الذى قال مكنه من الأستمرار فى الحكم . وقال الحديث عن الشريعة الأسلامية هو تبرير لقهر الناس وتكريس لبقاء المؤتمر الوطنى فى الحكم ، وقال لا يوجد من له قدرات بالمؤتمر الوطنى أكثر من الترابى للحديث عن الشريعة الأسلامية ، وتحدى المؤتمر الوطنى بأجراء مناظرة عن الشريعة مع الترابى ،وقال الخطر الأساسى الذى يواجه المواطنة هى قضية الحريات الضمانة الأساسية للحقوق ، وقال الدولة التى تكفل الحريات هى دولة المواطنة الحقة وهى مشروع الدستور القادم ، الذى لا يتم أعداده الا فى أطار حكومة أنتقالية ، وقال من غير المقبول أن يضع جهاز الأمن الدستور . وقدم كمال عمر رؤية حزبه فى منع الأعتقال بقانون الأمن ومنع الأنقلابات العسكرية التى قال ( كفرنا بها ) ، وأيجاد صحافة مطلقة بلا قيود تمنع الحريات وأبداء الرأى ، وقال بعدم الحوجة مطلقا لمجلس للصحافة والمطبوعات ، الذى قال يحول دون التحول الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة . وأشار كمال عمر لتحالف التكفيريين مع السلطة القائمة الآن ، وقال أنهم كرهوا الناس فى الدين ، وقال الهوس الموجود بالبلاد الآن لا أساس دينى له ، وقال المهوسون لم يستطيعوا محاورة الترابى فى قوله بعدم قتل المرتد ، لعدم ألمامهم بالدين . وأشترط الأمين السياسى لحزب المؤتمر الوطنى كمال عمر لتحقيق أستقرار ومواطنة لابد من تأمين الحريات الأساسية وكفالة الحقوق للجميع . ودعت مساعد أمين الأتصال لحزب الأمة القومى الدكتورة مريم الصادق المهدى الأخذ فى الأعتبار أن السودان مهدد بالبند السابع منذ أغسطس 2004م ، والآن يواجه بمشكلات غلاء المعيشة والفقر والقهر وتصاعد الحرب بمناطق مختلفة منه ، مما يحتم أخذ موضوع دولة المواطنة فى ذلك السياق ، والأعتراف بالآخرين و بالتنوع والتعدد بأعتباره حقيقة قائمة ، ونادت الدكتوره مريم بتطبيق مبدأ المصالحة والحقيقة والأعتراف ، لأحداث تغيير سياسى حقيقى بالبلاد . الكاتب والناشط الحقوقى الأستاذ نبيل أديب المحامى دعا لصياغة دستور محايد يأطر للحريات العامة وحقوق الناس كافة فى الحرية والمساواة والتبادل السلمى للسلطة ، وقال لا نريد دستور مؤقت ، دستور ( 2005م ) قال هو محاولة حقيقية للدستور المحايد وقال به أرقى وثيقة حقوق ، لا يجوز وفقا لها للدولة ولا للبرلمان أنتهاك حرية الصحافة ، ونوه بأن الطغيان مقدمة للعنف وألغاء النظام الديمقراطى . وعقبت على الندوة الأستاذة تريزا نجيب التى تنتمى لطائفة الأقباط متسائلة هل الشريعة الأسلامية تساوى بين المسلمين أنفسهم وتحفظ لهم حقوقهم ؟ ! وكشفت بأن الأقباط لا تلزمهم مفوضية غير المسلمين ، وقالت الأقباط يريدون حقوق مواطنة متساوية لا ( جغمسة ) كما يقولون !! ونادت بأقرار دولة القانون والتنوع والتعدد الأثنى والعرقى والثقافى بالسودان ، وتكافؤ الفرص والتحرر من الفقر والجوع بالبلاد . وقد نوه الدكتور نصرى مرقص يعقوب ، بأن النادى القبطى حرص على توجيه الدعوة لحزب المؤتمر الوطنى فى شخص أمينه السياسى الدكتور الحاج آدم يوسف ، لأهمية الموضوع المطروح ، الا أن حزب المؤتمر ولا الحاج آدم قدموا أعتذارا بعدم المشاركة . لم يتمكن المتحدثون بالندوة من الرد على أستفسارات الحضور ، لأعلان المنصة أنهاء زمن الندوة من قبل الأجهزة الأمنية ، كما لم نتمكن من الحصول على الرد من رئيس النادى القبطى بأمكانية دفع الأقباط بمذكرة لرئاسة الجمهورية لأبداء رأئهم فى الدستور المرتقب وتحفظاتهم عليه . Ahmed Hamed [[email protected]]