[email protected] . قبل أيام تابعت جزءاً من إحدى سهرات قناة النيل الأزرق، أو قل حفلاتها الرمضانية التي لا أميل لها خلال هذا الشهر الفضيل إلا إذا فُرض علي الحضور بسبب آخرين أو شيء من هذا.. المهم تابعت ذلك الجزء ورأيت ميرفت وزميلها محمد عثمان يصيحان بطريقة لم تعجبي حيث قصدا بكافة الوسائل إثارة الرياضيين الذين كانوا حضوراً في السهرة. . وخلال ذلك الصياح المستمر بغرض إثبات نجاح الأمسية تمت استضافة بعض المسئولين من وزير للرياضة ومدرب المنتخب الوطني وآخرين. . سمعنا كلاماً معسولاً عن الرياضة وأهميتها وعن دعم الدولة المستمر للرياضة ولمنتخب البلد تحديداً ورأينا كيف كان الحضور يصفقون ويوزعون الابتسامات يميناً ويساراً. . لكننا فوجئنا منذ يومين بتصريحات لمدرب المنتخب مازدا ينتقد فيها الدولة على عدم دعمها للمنتخب، الشيء الذي دعاهم كما ذكر إلى إلغاء فكرة المعسكر التي كانت جزءاً من المرحلة الأولى من إعداد المنتخب للقاء أثيوبيا الهام. . والمرء لابد أن يتساءل هنا: ما جدوى اللقاءات التلفزيونية للمسئولين الذين لا يريد بعضهم أن يفهم أن مقولات من شاكلة ” حبل الكذب قصير لم تأت من فراغ “. . وماذا عن بعض إعلاميينا الذين يقهقون ويحتفون بكل من يريد أن يظهر سواء عبر الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء لينسحب بعد ذلك من كل ما صرح به، وبعد حين يعيد بعضنا الكرة ويحتفي بها مجدداً وكأن شيئاً لم يكن. . أين دعم الدولة للمنتخب يا سيادة الوزير وها نحن نتابع هذا الاحتجاج الصارخ من مدربه! . وأين اتحاد الكرة وضباطه الذين يعيشون حياة الترف في كل شيء من سفريات واحتفالات وبهرجة ولا يحدثوننا عن قلة الحيلة وضيق ذات اليد إلا عندما يكون الحديث عن المنتخب! . تقصير الدولة ً لا يعفي رجال الاتحاد لأنهم أيضاً يقصرون كثيراً في كل عمل جاد ولا هم لهم سوى تلميع أنفسهم ومجاملة ومحاباة الأصدقاء. . طالعت تصريح المدير الإداري للمنتخب الذي قال فيه أن عدم تسلمهم لأي دعم مالي لإقامة المعسكر دفعهم إلى إلغائه وزعم بأنه سيوفر احتياجات المنتخب عبر تحركاته الشخصية في المرحلة المقبلة لإقامة معسكر آخر!! . شيء مدهش طبعاً ومثير للسؤال: هلا جلست في بيت أبيك وأمك يا ود عطا المنان فتشكلت لديك كل هذه الاتصالات التي تعينك على إقامة معسكر للمنتخب؟! . كلكم استفدتم من هذا المنتخب ومن مناصبكم في إتحاد الكرة فلا تحاول إيهامنا بأن قلبك على المنتخب والبلد ولذلك تبذل الغالي والنفيس من أجله. . فلو لا هذه المناصب لما عرفكم الناس وإن أردت توفير تمويل المعسكر كان أنفع وأجدى أن تفعل ذلك منذ وقت ودون تضييع الوقت في انتظار دعم الدولة الذي لابد أنكم علمتم منذ فترة أنه لن يأتي! . لا نتوقع خيراً لا من مسئولي الوزارة ولا من ضباط الاتحاد الذين خبرناهم في الكثير من المواقف السابقة وعرفنا إلى أي نوعية من البشر ينتمون. . مشكلتنا أن لدينا إعلام تهليلي تطبيلي يحتفي بالجميع كما أسلفت. . وهذا الإعلام عادة ما يقتل القتيل ويمشي في جنازته. . فهم في يوم يحتفون بالمسئولين ودعمهم للرياضية والرياضيين بدءاً من رئيس الجمهورية ونزولاً لأصغر واحد وفي اليوم التالي ومن خلال وسيلة إعلامية أخرى ينقلون لنا صرخات الألم من أهمال منتخب الوطن. . فكيف يكون هناك دعم مقدر من الدولة ورئيسها للرياضة ومدرب منتخب هذه الدولة يشكو كل يوم من قلة المال! . نجم العاب القوى أبو بكر كاكي الذي فقد بالأمس فرصة الحصول على أي ميدالية خلال أولمبياد لندن هو أيضاً ضحية لإهمال الدولة وتهافت الإعلاميين وفرقعاتهم التي لم تقتل ذبابة. فقد . فقد بدأ كاكي مسيرته قبل سنوات بصورة أكثر من رائعة وحقق انجازات عديدة كانت تستوجب وقوف الجميع بجانبه هو وزملائه، لكن ذلك لم يحدث. . الدولة أهملت هذا النجم المهول صغير السن. . والإعلام تجاهل إهمال الدولة على مدى سنوات ليست قليلة. . والمحزن أكثر أن دور الإعلام السلبي تجاه كاكي لم يتوقف عند هذا الحد، بل وصل مرحلة الإساءة له والتشكيك في ولائه لبلده إبان الألعاب الأولمبية بالدوحة التي لم يشارك فيها لأنه كان يستعد لأولمبياد لندن الذي خرج منه بدون الذهبية المتوقعة. . كما أن هذا الإعلام ظل يشكل ضغطاً كبيراً على كاكي، فما أن تقترب المنافسات الكبيرة التي يشارك فيها يدبج كل واحد من الزملاء المقالات حول قدرة كاكي على الظفر بالذهبية وبعد أن تقع الفأس في الرأس ويفشل الفتى في تحقيق الحلم يبدأ النواح! . ففي يوم المنافسة تجد من يكتب مؤكداً على قدرات كاكي الخارقة، وبعد أن يفشل في تحقيق المراد يتساءل بعضنا عما قدمناه لكاكي حتى نتوقع منه ميداليات في المنافسات الكبيرة! . ذات الشيء يتكرر مع أندية الكرة فما أن يتقدم أحد أنديتنا في بطولة ما تجد من يصورون لاعبيه وكأنهم نجوم برشلونة وريال مدريد ويطلقون عليهم ألقاباً أكبر منهم بكثير. . وحين يخرج الفريق من المنافسة يأتي نفس النفر ويخوضون في النواقص التي أدت للخروج، مع أنهم أيام الانتصارات يغضون الطرف عنها متعمدين حتى يستمر تخدير الجماهير ولكي تبيع الصحف. . مثل شغل القطعة هذا لا يمكن أن يسمى إعلاماً. . فالإعلامي يفترض أن يكون صاحب مبادئ راسخة وإستراتيجية وخطة بعيدة المدى لما يريد أن يوصله من رسالة، لا أن يصبح بمقال يصب في اتجاه، ويمسي بآخر في الاتجاه المعاكس. . فكم عدد الإعلاميين أصحاب الأفكار الحقيقية والمواقف المبدئية في بلدنا بالله عليكم؟!. . وما لم يزيد هذا العدد بصورة ملحوظة لن نحقق انجازات خارجية تستحق الذكر، فهل نفهم ذلك! أم ستستهوينا دائماً الكتابات العاطفية ونصفق لها ونظل نراوح مكاننا بينما الآخرون يتقدمون بخطوات ثابتة!