فيما ووجهت المسيرة الرمزية المحدودة لحزب الامة يوم الجمعة بالتنكيل اخرجت في ذات اليوم (الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة)- الغطاء العلني لما يسمى بالسلفية الجهادية او التنظيمات المرتبطة بالقاعدة – مسيرة جابت تحت حماية الاجهزة الامنية عددا من شوارع العاصمة . وهتف المتظاهرون باسم الشريعة الإسلامية، رافضين في الوقت ذاته وجود الحركة الشعبية في شمال البلاد “لما تحمله من أفكار علمانية”. وأصدرت الرابطة فتوى في بيان بحرمة الاستفتاء وبطلان اتفاقية السلام الشامل “لأنها تعمل على تمزيق السودان بعدما تأسست على مبادئ الإيقاد الباطلة”. واعتبرت أن الاستفتاء على حق تقرير مصير الجنوب “من أعظم المخالفات الشرعية لأصل الدين وقاعدته لبلد يمثل المسلمون أكثر من نصفه”، مشيرة إلى أن أرض الإسلام “ملك للأمة الإسلامية، وأن التنازل عن أرض المسلمين لأهل الفسق ليقيموا عليها شريعة الجاهلية كما في العراق لأمر غير مقبول”. وقالت الرابطة إن أعداء السودان ما كادوا يفصلون الجنوب حتى بدؤوا يهيئون دارفور لذات المصير المظلم، متسائلة “بأي فقه يتم التنازل عن أرض المسلمين في الجنوب؟”. واعتبرت أن فصل الجنوب “حرام شرعا لأنه سيغلق بوابة المسلمين الجنوبية على أفريقيا الغارقة في ظلمات الوثنية والشرك”. ودعت رابطة العلماء والدعاة الحكومة إلى إصلاح ما أفسدته اتفاقية السلام التي وصفتها بالمشؤومة “لأن حكمها غير لازم”، مؤكدة أن “ما تعهدت به الحكومة لأميركا والغرب بقبول نتيجة الاستفتاء المعلوم سلفا ساقط شرعا وغير ملزم للمسلمين”. من جانبه قال عضو الرابطة محمد عبد الكريم إن رابطته تعضد مسعى الرئيس عمر البشير لجعل الشريعة الإسلامية دستورا حاكما للبلاد دون الاعتراف بأي ثقافات أخرى “لأنه لا مجال للمساومة في ذلك”، مشيرا في حديث للجزيرة نت إلي عدم القبول بوجود الحركة الشعبية بفكرها في الشمال أو السماح لها بمواصلة النشاط السياسي حال وقوع الانفصال. وسبق للرابطة الشرعية ان عقدت مؤتمرا صحفيا يوم الثلاثاء 21 ديسمبر دعت فيه الى ذات الافكار . الجدير بالذكر ان هذه الجماعات ترتبط بالمؤتمر الوطني بكثير من الحبال السرية ، سواء عبر العناصر المشتركة ، او التمويل والتسليح ، ويتم تحريكها بصورة محسوبة في بعض الاوقات ، اما لاثارة مخاوف السودانيين والغرب من الخطر الكبير للقاعدة في السودان ، وهو خطر حقيقي ، ولكن يتم تهويله وتغليفه مع رسالة مستهدفة بان المؤتمر الوطني هو الافضل وهو الكفيل بحماية السودان من هذا الخطر ، او تحريكهم في أوقات اخرى لتنفيذ عمليات محددة لايصال رسائل معينة ، كما حدث في عملية اغتيال الدبلوماسي الامريكي غرانفيل . ولا تتعرض هذه الجماعات لحملات امنية الا حين تخرج عن دورها المرسوم ، وهي بطبيعة قناعاتها الآيديولوجية لا يمكن الاحتفاظ بها لوقت طويل في اطار دور مرسوم ، وتكشف تجارب الانظمة السابقة – امريكا مع بن لادن في افغانستان ، السادات مع الجماعات الاسلامية في مصر ، والسعودية مع السلفية الجهادية في المنطقة – ان هذه الجماعات طال الزمن او قصر تنقلب على اولياء نعمتها . على كل فان اخر تحريك محسوب لهذه الجماعات يجعلها تتساوق مع الجهد التعبوي للمؤتمر الوطني في حربه المقبلة على الجنوب ومخططاته لحظر نشاط الحركة الشعبية في الشمال .