شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    الى قيادة الدولة، وزير الخارجية، مندوب السودان الحارث    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    المنتخب يتدرب وياسر مزمل ينضم للمعسكر    عائشة الماجدي: دارفور عروس السودان    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصيف السوداني: بعد شهر من الإنتفاضة
نشر في حريات يوم 12 - 09 - 2012

قامت طالبات جامعة الخرطوم اللاتي يقمن في داخليات الجامعة بالتظاهر في مساء يوم 16-6-2012 ضد الزيادة في تكاليف الإقامة و الإرتفاع العام في الأسعار من قبل الحكومة التي جعلتهم في عجز عن الحصول على الوجبات الأساسية و تحمل تكاليف المواصلات العامة ، فما كان منهن سوى الخروج إلى الشارع. و قد مرت الطالبات في . طريقهن بداخليات زملائهم من الطلبة و الذين قاموا بالإنضام إلى المظاهرة.
قوبل المتظاهرين السلميين بالعنف من قبل رجال الشرطة، في محاولة لفض تجمع المسيرة التي لم تتعدي سوى بضع بنايات من الحرم الجامعي. تلى ذلك عودة الطالبات إلى الداخليات ثم العودة مرة أخرى للخروج إلى الشارع إستئنافا لمظاهراتهم السلمية. كما قام عددا من الطلاب المواليين لحزب المؤتمر الوطني بدعم من أفراد من جهاز الأمن و المخابرات الوطني، بالتعدي على داخليات الطلبة و مهاجمتهم بالألفاظ و قصف المناطق المحيطة بهم بالغاز المسيل للدموع.
وقد كثرت الآراء و النقاشات حول تردد السودان في الإنضمام إلى الربيع العربي نظرا إلى الوضع الذي آلت إليه البلاد. فيمكننا القول أن البلاد مهيأة لقيام ثورة و أن تظاهرات طالبات جامعة الخرطوم ليس إلا دليلا واضحا لإشعال إنتفاضة لطالما طال إنتظارها.
و قد نمت المظاهرات خلال الشهر الماضي بسرعة ملحوظة، متعدية كونها بدأت . بتظاهرات طلابية لتشمل مجموعات شبابية و مواطنيين عازمين على إسقاط النظام. هذه الحركة الشعبية الشاملة ليست هي الأولى من نوعها في تاريخ السودان بل هو “صيف سوداني” مستوحى من إنتفاضات حدثت خلال الأعوام السابقة 1964و سنة 1985 ضد الديكتاتوريات العسكرية في السودان.
سياق الإنتفاضة الحالية
في الوقت الذي يعاني فيه السودان من الغلاء و تدني مستوى المعيشة ، و زادت الأوضاع سوءا مع تدابير التقشف المالي الأخير ، أدى ذلك بالتأكيد إلى إندلاع الأحداث الأخيرة في البلاد. و لكن على مدى 23 عاما توجت سلسلة من إخفاقات النظام الحاكم مما أدى إلى ظروف تستدعي قيام ثورة بما في ذلك:
أولا : الفشل في تجاوز السياسات المثيرة للإنقسامات العرقية
ثانيا : إستغلال التنوع العرقي من قبل النظام الحاكم لقمع التحديات التي تواجهه
ثالثا : إتباع إستراتيجية إقتصادية فاشلة مما أدي إلي إهدار ثروات البلاد من الموارد
الطبيعية و إثراء النخبة التابعة للنظام الحاكم . و ذلك يحدث مع ترك نسبة عالية من السكان دون خدمات أساسية أو توفير فرص للعمل و إيجاد المأوى و الرعاية الصحية
رابعا : تسييس و تفكيك المؤسسات تحت إطار الخدمة المدنية بما في ذلك قطاعي الصحة و التعليم، اللذان كانا من بين أفضل القطاعات في أفريقيا
جاء حزب المؤتمر الوطني الذي يترأسه عمر البشير الى السلطة في 30 يونيو 1989 من خلال إنقلاب عسكري . و جاءت حكومة الإنقاذ ( الإسم الذي أطلقته على نفسها) بالديكتاتورية العسكرية مع الإيديولوجيا الأصولية جنبا إلى جنب تحت راية الحكم الإسلامي. قام نظام الإنقاذ في السنوات التي تلت ذلك ( عن طريق إستخدام سياسات مزدوجة من أجل الصالح العام و التمكين ) بتفكيك الخدمة المدنية و الحركات النقابية في السودان . و كان الهدف من هذه الإستراتيجية ضمان السيطرة الكاملة من قبل المواليين للحكومة على القطاعين الخاص و العام . تم تغيير وسائل الإعلام و المناهج الدراسية، و حتى الزي المدر سي ،لإعادة تشكيل الإدراك العام في ظل سياسة إعادة صياغة الإنسان السوداني.
تم فرض و تعزيز هذه الجهود للسيطرة على المزيد من الحريات عن طريق شرطة النظام العام- خصوصا تلك المتعلقة بحقوق المرأة . و تمت إدانة 4300 إمرأة في الخرطوم في العام 2008 ،تحت إطار قانون النظام العام لمجموعة من التهم الأخلاقية (سوء السلوك العام ) .و من أجل البقاء في السلطة و الحفاظ على قوة النظام فقد إتبعت حكومة الإنقاذ نظام منهجي لتقليص الحريات، حيث قامت بإعتقال المعارضين لها و تعذيبهم مع إتباع سياسة التمييز العنصري و الديني.
إمتدت سياسات حزب المؤتمر الوطني من محسوبية ، قهر و إكراه لتؤثر على المجال الإقتصادي . كما تولى النظام مراقبة البنوك و التجارة الخارجية و عدد من المزارع و قطاع الإنتاج الصناعي من خلال إستخدام سياسات تقديرية لصالح رجال الأعمال المواليين للنظام.
في الوقت الذي ملأت فيه عائدات النفط خزائن الدولة ، قام حزب المؤتمر الوطني بالسيطرة على الكثير من هذه الإيرادات من خلال إستخدام مجموعة متنوعة من الآليات بما في ذلك:
أولا: تأسيس شركات خاصة بالمسؤليين الحكوميين تابعة للحزب الحاكم أو الشركات الشبه خاصة التابعة لبعض الجهات مثل المؤسسة الإقتصادية العسكرية الوطنية و المؤسسة الخيرية لدعم القوات المسلحة و المجموعة القابضة للسلطات الأمنية
ثانيا: التفضيل و المعاملة الخاصة للشركات التابعة لحزب المؤتمر الوطني، أو تلك التي يترأسها المسئولين السابقين في المناقصات العامة
ثالثا: إدخال اللوائح التي تنص أو تجسد الإحتكارات الخاصة مثل شركة ( شيكان للتأمين ) و (منقاش) ( إجراء المزادات ) و الفرض على جميع كيانات الدولة التعامل مع و إستخدام هذه الشركات
قام النظام الحالي بإستغلال الخطاب الديني و إعلان الجهاد لدعم القوات المسلحة السودانية في الحرب الأهلية على الجنوب ، ذلك الصراع الذي أدى إلى وفاة أكثر من 2و نصف مليون شخص. و في نفس الوقت الذي وقع فيه المؤتمر الوطني على إتفاق السلام الشامل في العام 2005 مع الإنفصاليين الجنوبيين ، أخفق في تنفيذ العديد من إلتزاماته. و بدلا من العمل على تحقيق التعايش السلمي، قام الحزب الحاكم بخداع حكومة جنوب السودان فيما يتعلق بواردات النفط و تمويل حروب ضدها. فكان من المؤكد و من الأمور الطبيعية أن 99 في المئة من الناخبين في الإستفتاء العام في العام 2011 سيؤيدون جنوب السودان في إقامة دولة مستقلة.
إن العلاقة بين حزب المؤتمر الوطني و حكومة جنوب السودان لاتزال مثيرة للجدل ، فقد فشل حزب المؤتمر الوطني في وضع الخطوات الأخيرة لترتيبات ما بعد الإستقلال التي ساهمت في إندلاع الصراع مع جمهورية جنوب السودان في منطقة الحدود في هجليج . توفر للسودان عند توقيع إتفاقية السلام الشامل عدد من الإمكانيات المعروضة عليه مع التمتع بالسلام و زيادة كبيرة في العائدات بجانب الإزدهار العام في الإستثمار الأجنبي المباشر.تلك الفرص التي تم تبديدها بسبب إنعدام الكفاءة في الإدارة الإقتصادية حيث زاد إعتماد السودان على قطاع النفط على الرغم من المؤشرات الواضحة على أنه مصدر دخل غير مستمر . بحلول عام 2007 زاد تخوف و شعور المستثمرين الأجانب بالقلق نسبة لإزدياد المخاطر السياسية الجارية و مستويات الفساد مما أدى إلى إنخفاض في مستويات الإستثمار.
و في الوقت نفسه قامت الحكومة بالإقتراض لتمويل إنفاقها البذخي الذي سمح بالتوسع بصورة بعيدة عن الردع في الإنفاق العام. و معظم هذه الأموال يتم تحويلها للقطاعات الأمنيةو السياسية مع توظيف حصة ضئيلة لتطوير البنية التحتية ، الصناعة و شبكات الأمن الإجتماعي. كما فشل النظام الحاكم في بناء أي نوع من أنواع الصناديق السيادية للأجيال القادمة أو حتى تطوير إحتياطياته من العملة الصعبة، على الرغم من الزيادة الغير متوقعة لأسعار النفط في العام 2007 و ما بعده . و قامت الحكومة بدلا عن ذلك بالصرف على استيراد البضائع و المنتجات ،وذلك لمجابهة الزيادة الاستهلاكيه فى ظل غياب الناتج الاجمالى المحلى.
و بإعتراف الحكومة نفسها ،كلفت الحروب في دارفور و النيل الأزرق و جنوب كردفان البلاد حوالي 4 ملايين من الدولارات الأمريكية في اليوم الواحد ، و هذا يعد إستنزافا لموارد البلاد و عبأ يصعب تحمله في خضم الأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد بسبب فقدان عائدات النفط و عدد من الأزمات المالية الأخرى.
إن الإحتجاجات ضد إجراءات التقشف لم تكن حول ارتفاع الأسعار على المدى القصير، وإنما كانت بسبب رفض الطبقات الفقيرة والمتوسطة لمحاولات الحكومة إجبارها دفع ثمن عقد من سوء الإدارة الإقتصادية. إن إدارة النظام لعائدات النفط بدلاً من أن يحول السودان إلى أحد الإقتصادات الناشئة، أصبح أحد الأدلة الصارخة على الفساد الواسع الإنتشار.
على الرغم من حجم صادرات النفط التي كانت تبلغ حوالي ال 60 مليار دولار أمريكي، إلا أن الدين الخارجي للبلد ارتفع من 15 مليار دولار أمريكي منذ إنتاج النفط حتى و صل إلى 40 مليار دولار أمريكي. إضافة الى ذلك، تم إهمال قطاع الزراعة والقطاعات الإنتاجية الأخرى بجانب المياه والصحة والتعليم. جميع هذه العوامل ساهمت في تدني مؤشر التنمية البشرية في السودان، لتحتل المرتبة 169 من 187 بشكل عام، متأخرة بذلك عن جميع دول المنطقة.
إن فقدان صادرات النفط كان له أثر مدو على إقتصاد السودان فميزانية الدولة اختلت بشكل كبير وتحولت إلى عجز يقدر بحوالي 2.4مليار دولار أمريكي، كما أن قيمة الجنيه السوداني إنخفضت حوالي 125 في المئة منذ الإنفصال. التضخم يواصل تسارعه، ويرجع ذلك جزئيا إلى إرتفاع تكلفة السلع الأساسية المستوردة ، وهذا بدوره زاد من المصاعب الإقتصادية لمحدودي الدخل.
السودان يواجه اليوم ما يعرف بإسم لعنة الموارد بسبب إنخفاض على نحو متزايد للصادرات وقاعدة العمالة. أضف إلى ذلك إنخفاض التصنيع والزراعة على المدى الطويل. عمدت الحكومة للتصدي لهذه الأزمة بأن عدلت ميزانيتها لعام 2012 و قامت بتبني حزمة من الإجراءات الماليه و التقشفية لخفض الإنفاق الحكومي و السيطرة . علي تدهور قيمة العملة. و لم تساعد هذه التدابير في حل التكلفة المعيشة المرتفعه أصلا، بل و دفعت بالإقتصاد إلى نقطة اللا عودة . في هذا الإطار، اختفى الشعور بالخوف واللامبالاة ، الأمر الذي أدى إلى أن يثور الشباب رفضا للفشل المتكرر للنظام ، و قاموا في سبيل ذلك بتوظيف تقنيات جديدة من التنظيم السياسي و سبل العصيان المدني للتحايل على قبضة النظام الحديدية.
أحداث الشهر الماضي: يونيو-يوليو ۲۰۱۲
أدت الإحتجاجات في ۱6 يونيو في جامعة الخرطوم لأحداث مماثلة في عديد من كليات الجامعة المختلفة والجامعات الأخرى في البلاد. بسبب نجاح الإحتجاجات ، إنضم آخرين (غير طلاب) من أفراد المجتمع في المظاهرات. في “جمعة الكتاحة” (جمعة عاصفة رملية)،۲۲ يونيو، ۲۰۱۲، تم إستدعاء المواطنين للتجمع في المساجد والنزول إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة. وكانت جهود التنظيم ناجحة، والنتيجة كانت يوم طويل من الإحتجاجات الحاشدة دامت حتى الليل في الخرطوم وغيرها من المدن في جميع أنحاء السودان، مثل الأبيض وبور سودان.
في الأسبوعين التي أعقبت ذلك، إستمر الحراك لعدة إحتجاجات أخرى تحت عنوان “جمعة لحس الكوع” في۲۹ يونيو و “جمعة شذاذ الآفاق” في 6 يوليو. على الصعيد الدولي، نظمت الجاليات السودانية في كثير من البلدان مظاهرات للتضامن مع المظاهرات المحلية. نظمت إحتجاجات يوم السبت ۳۰ يونيو الموافق الذكرى الثالثة و العشرين لإنقلاب حزب الؤتمر الوطني، تحديا للإحتفالات التي يعقدها الحزب سنويا في هذه الذكرى. من أبرز هذه الإحتجاجات كانت التي شهدتها العاصمة البريطانية، و التي مقدر حضورها بألف شخص.
وجاء آخر الإحتجاجات خلال الشهر الأول يوم ۱6يوليو عندما قام مئات من المحامين من محكمة الخرطوم الجنائية بالسير إلى القصر الرئاسي لتقديم مذكرة حث الرئيس عمر البشير لوضع حد للعنف ضد المحتجين، والإفراج الفوري عن المعتقلين. حمل المحامين لافتات تندد بإنتهاكات القانون وحقوق الإنسان من جانب الشرطة وأجهزة الأمن. ورددوا شعارات تدعو إلى إستعادة الديمقراطية وتغيير النظام. و عقد المحامون في منطقة غرب دارفور مظاهرة مماثلة أمام منزل محافظ ولاية جنوب دارفور.
بعيدا عن نطاق ميدان التحرير، كانت الإحتجاجات في السودان نسبيا صغيرة في الحجم، مما يؤدي إلى الإحباط أن الثورة قد يكون راكدة. كان رد الحكومة على الإحتجاجات سريعا، معتمدا على تكتيكات متراوحة في الوحشية من أجل تبديد سرعة تشكيل حركة إحتجاجات واسعة و منسقة. وقد إستجاب المتظاهرون ببذل جهود متضافرة لتفادي وإرهاق الإستجابة الأمنية على أمل بناء الزخم تدريجيا. النضال مازال مستمرا ومع ذلك، فقد كانت معركة شاقة.
التحديات التي تواجه الحركة
إستجابة الأمن لعبت دورا محوريا في خنق وقمع الإحتجاجات. نشرت الحكومة تدابير عدة للإحتواء، بدءا من إستخدام شرطة مكافحة الشغب والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي و في حالات قليلة، الذخيرة الحية. لقد كان الإنتقام عشوائي و غير مقيد من قبل قوات الأمن و إستهدف المنازل و المساجد، خاصة في منطقة ود نباوي حيث كانت الإحتجاجات الأقوى.
خلال الشهر الماضي قام جهاز الأمن الوطني بتتبع و إلقاء القبض على عشرات من الناشطين والأفراد المشاركين في تنظيم الإحتجاجات، بالإضافة إلى الشخصيات السياسية. رغم أن الأرقام الدقيقة يصعب التحقق منها، فقد قدرت اللجنة السودانية لحماية الحقوق والحريات أنه تم إعتقال ما يقرب إلى ۲۰۰۰شخص. الغالبية العظمى من المعتقلين لم توجه لهم تهمة و لم تجرى معهم الإجراءات القانونية الواجبة.
إنعدام الرقابة القضائية على أنشطة جهاز الأمن الوطني أمر مقلق بشكل خاص. وقد أصدرت منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان دعوة مشتركة إلى إتخاذ إجراءات عاجلة تطالب بالإفراج غير المشروط عن الناشطين السودانيين (الذين أفرج عنهم الآن) بما فيهم المواطن الصحفي والمدون محمد أسامة، عضو قرفنا رشيدة شمس الدين،و الطالب الناشط محمد صلاح، وجميعهم كانوا معزلين عن العالم الخارجي.
شهادة أدلى بها المحتجزين المفرج عنهم تؤكد إستخدام أساليب التعذيب المتعددة، بما في ذلك الصعق بالكهرباء. معتقل سابق شهد بتفاصيل إعتقاله من قبل ضباط إختطفوه مرتدين ملابس مدنية “للإشتباه” بالمشاركة في الإحتجاجات. على الرغم من أنه كان، في الواقع، قام بحضور حفل زفاف مع أصدقاء. تم نقله إلى مبنى جهاز الأمن الوطني حيث تعرض للضرب لدرجة القيء وفقدان الوعي. وكان تعذيبه شديد لدرجة (كان عند نقطة واحدة هدد تحت تهديد السلاح) أنه أطلق سراحه من قبل جهاز الأمن الوطني خوفا من أن “يموت على أيديهم”. بعد الإفراج ، سعى العلاج الطبي ولكن المستشفيات رفضت علاجه تحت توجيه من جهاز الأمن الوطني يمنع المستشفيات من إستقبال المحتجين. منع جهاز الأمن الوطني على نحو ما أكدته اللجنة السودانية من الأطباء والمتخصصين، من توفير المساعدات الطبية للمتظاهرين وقام بإعتراض سيارات الإسعاف التي تحمل الجرحى إلى المستشفيات.
لجأ العديد من المعتقلين في المدن في جميع أنحاء السودان، بما في ذلك القضارف، عطبرة، ومدني، إلى الإضراب عن الطعام إحتجاجا على إعتقالهم والمطالبة بحقهم في محاكمة عادلة. في بعض الحالات، قام جهاز الأمن الوطني بتلفيق إتهامات ضد النشطاء و إحالتهم إلى المحكمة. وتشمل هذه الحالات مجدي عكاشةو الناشط وعضو قرفنا داود رضوان. في ۲ يوليو أطلق سراح عكاشة ولكن وجهت له تهمة الشروع في القتل. أعتقل داود مع أبيه و أخيه ( الذي أطلق سراحه مؤخرا بعد إضطرابه عقليا) يوم ۳ يوليو. زوجة داود في الشهر الثامن من الحمل و عقدت مقابلة مؤخرا مع مذيع قناة “اي بي سي” جورج ستفانوبولس للمناشدة بإطلاق سراحه لخطورة التهم الموجهة له (الإرهاب) التي إذا أثبتت فعقوبتها الإعدام. في ۱۳ أغسطس رفض القاضي حالة داود واصفا أن التهمة “سخيفة” و أطلق سراحه، و لكن جهاز الأمن أعاد إعتقاله خارج المحكمة بعد دقائق، ضاربا بسيادة القانون عرض الحائط.
يمكن القول أن عدم التنسيق وعدم وجود هيئة مركزية قيادية من أعظم القيود على المظاهرات السودانية. وقد أعاقت الحملة الأمنية المشددة الجهود الرامية لتشكيل قيادة شبابية مركزية لإدارة الحركة. في حين أن عدم وجود مركزية سمحت للنشطاء العمل تحت رادار جهاز الأمن الوطني، لا تزال هناك تساؤلات عن مدى نجاح تيار الثورة من غير تنسيق. و قد تكون القيادة المركزية الطريق الوحيد القابل لتطبيق تحدي قوي ضد حزب المؤتمر الوطني.
أحزاب المعارضة السودانية
أحزاب المعارضة السودانية زادت المسائل تعقيدا. بينما في العادة هذه الأحزاب يجب أن تكون لعبت دورا أساسيا في تنظيم الإحتجاجات، باتت جماعات المعارضة في السودان ضعيفة ومجزأة. في4 يوليو۲۰۱۲، وقعت هذه المجموعات ميثاق البديل الديمقراطي، وثيقة تدعم فيه تغيير النظام وتحدد الكيفية التي ينبغي أن تحكم البلاد بعد إطاحة الحكومة. ومع ذلك، تصرفات هذه الجماعات المعارضة، تروي قصة مختلفة.
غير متأكدة من إحتمالات النجاح، إختارت الأطراف عدم إتخاذ موقفا نهائيا على التمرد وإختارت بدلا من ذلك أن تبقى على الحياد حتى وضوح نتائج هذه الأحداث. ومن المفهوم أن هذا الموقف و المنهج أغضب المتظاهرين. أحزاب المعارضة التي تمتعت تاريخيا بأكبر دعم، وهما حزب الأمة القومي والإتحادي الديمقراطي (الحزب الإتحادي الديمقراطي) يخشين أن المشهد السياسي قد تغير و لديهم عدم الثقة كفاية أن أتباعهم متوحدين للإحتشاد وراء حركة الإحتجاج. وبالإضافة إلى ذلك، وضعت كلتا المجموعتين علاقات مفيدة مع النظام و يبدو عليهما عدم الرغبة في المخاطرة- الحزب الإتحادي الديمقراطي هو عضو الأقلية للحكومة الحالية. وكان رئيس حزب الأمة، الصادق المهدي، و إبنه الأكبر هو مساعد للرئيس البشير، إنتقد النظام علنا ولكنه دعا للإصلاح بدلا من المواجهة، خوفا من إحتمال سفك الدماء مثل سوريا وعدم الإستقرار.
عدم فعالية المعارضات الظاهر هو في جزء كبير بسبب جهود النظام لتقسيم هذه الأحزاب والجماعات المنظمة الأخرى التي ينظر إليها على أنها تهديدات سياسية. ونتيجة لذلك، تتميز المعارضة السودانية بأطراف قديمة ومجموعات شبابية لديها قليل من الميول السياسي أو الخبرة. مع المعونة من آلة الدعاية للنظام، فقد أتى العديد لنقطة التشكيك في مصداقية المعارضة. المعارضة الداخلية ضد هذه الأحزاب وهيمنتها منذ عقود طويلة من الأجيال الأكبر سنا، ربما إرتفعت الآن إلى السطح. وقد إختارالعديد من أعضاء أحزاب المعارضة، خاصة في أوساط الشباب، المشاركة في الثورة و في نفس الحين توبيخ عدم الدعم من أحزابهم.
فك الإرتباط بالمعارضة يمكن أن يكون مفيدا للحركة في نهاية المطاف، نظرا لعدم الثقة في قادته. في حين أن معظم الناس يترددون في النزول إلى الشوارع لأسباب تتعلق بالسلامة، مع هؤلاء القادة في الإعتبار، فقد برر العديد ترددهم في الإنضمام إلى الحركة بسؤال واحد:من هو البديل؟
البدائل
في السودان، ليس “من” ولكن “ما” البديل هو السؤال الذي يجب طرحه. التغيير الديمقراطي ليس مجرد مسألة تبديل دكتاتور بآخر، ولكنها تتطلب تغيير نظام الحكم بأكمله. إنه ليس عمر البشير الذي جلب السودان إلى ما هي عليه الآن، وإنما سلسلة من الإخفاقات والسياسات الإحتيالية من حكومة سيئة في إدارة البلاد. إنه النظام الذي جلب السودان ۳ حروب جديدة، وإقتصاد مفلس وتعليم ونظام صحي سيئ، و معتقلين سياسيين، وناس مشردين داخليا، وعلاقات متوترة مع بلاد مجاورة.
لا ينبغي أن يخشى الناس البدائل لهذا النظام لأنها لن تستطيع جلب ما هو أسوأ من العواقب الحالية في البلاد. يجب على الشعب السوداني التفكير خارج نطاقه الحالي، وتفهم أنه كما تم إشعال حركة من أجل التغيير من قبل الشعب، يمكن لنفس الشعب تقديم الحل كذلك.
لقد أنعم الله على السودان بنخبة متميزة من سياسيين محايدين لديهم المهارات اللازمة لخلق نظام بديل خلال حكومة إنتقالية. خلال هذه الفترة، على الحكومة الإنتقالية خدمة و توفير إحتياجات البلاد والمثابرة على وضع الأساس لمستقبل البلاد الديمقراطي. كما أرانا التاريخ السوداني، فإن الفترات الإنتقالية هي سمة ثابتة من الثورات.
التغطية الإعلامية
للأسف يظل السودان خارج دائرة الضوء إعلاميا مما يزيد من صعوبة المهمة في التواصل مع المجتمع، ويفسح المجال أيضا للنظام القائم بإرتكاب جرائمة دون محاسبة أو ضغط . فالإهتمام الإعلامي بالإنتفاضة في السودان كان أقل بكثير من حاجة وتوقعات النشطاء و المشاركين بها. الإعلام الغربي لا يزال محافظ على الصورة الظاهرية أن السودانيين من غير ساكني دارفور و المناطق الحدودية والمهمشة ،هم من مؤيدي النظام الحاكم ، و هم في الواقع ضحاياه كغيرهم من بقية الشعب السوداني. وفي الإعلام العربى إختلفت ردة الفعل من مؤسسة إلى أخرى.
إنتهاكات الحكومة السودانية لحقوق الصحفيين أيضا لم تساعد ، مع إعتقال العديد من الصحفيين والمراسلين من الوكالات العالمية لمنع التغطية، كمثال الصحفية المصرية سلمى الورداني التى تعمل بوكالة بلومبيرج. تم اعتقال سلمى وترحيلها في ما بعد، و أعتقل غيرها من الصحفيين.
وفي ضوء هذه الإجراءات العقابية و الخوف من الإنتقام لم يقم النشطاء بالتواصل الكافي مع وسائل الإعلام بالخارج. وبينما الإعلام الداخلي خاضع لرقابة صارمة من أجهزة الأمن ، قامت العديد من القنوات الإخبارية بتقديم تغطية متميزة للأحداث كشبكة البي بي سي العربية ، وسكاي للأخبار وقناة العربية. إلا أن أي منهم ليس بقوة قناة الجزيرة التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية داخل السودان و التي تحفظت في نقل الإنتفاضة في أيامها الأولى، ومن ثم قامت بالتغطية السلبية فيما بعد. أثار ذلك العديد من التساؤلات حول تحيزات القناة ومهنيتها ،ونظرا للعلاقات المتميزة التى تربط دولة قطر المالكة للقناة و النظام الحاكم بالخرطوم فالإعتقاد الغالب أن تغطيتها للأحداث كانت خاضعة للضغوط السياسية.
وفي محاولة من النشطاء لتعويض غياب التغطية الإعلامية إتجهوا الى إستخدام شبكات التواصل الإجتماعي، وعلى الرغم من أن تاثيرها في السودان للحشد لا يزال غير واضح مقارنة بدول شهدت حراك مماثل كمصر وتونس. حيث أن 46،5% من تعداد الشعب السوداني تحت خط الفقر، وعدد مستخدمي الإنترنت يتراوح بين ۱۰-۲5% حسب أقصى التقديرات. وبالتالي يظل من الصعب إستخدام الإنترنت للتواصل مع جموع الشعب السوداني التي تحتاجها الحركة لتحقيق أهدافها.
هذه الشبكات الإجتماعية أثبتت انها وسيط ناجح لنقل أخبار التظاهرات و توثيقها، كما غرد أحد المدونين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “إلى وسائل الاعلام ، كما سنسقط نظام البشير بأنفسنا، سنقوم بتغطية أخبار إنتفاضتنا بأنفسنا ، لا حاجة لنا لكم”.
وهنا قامت الجالية السودانية بالخارج بدور كبير عبر مواقع تويتر و الفايسبوك و المدونات الشخصية في نشر الأخبار. ونجحت بالفعل في حياز اهتمام شبكات الأخبار العالمية. فهولاء خارج السودان لديهم مساحات أكبر من الحرية لممارسة العمل السياسي على الإنترنت مقارنة بأقرانهم داخل السودان، الذين يواجهون حصار الحكومة السودانية في حجب المواقع و المنتديات السياسية. بالاضافة إلى إستخدام اللجان الإلكترونية لحزب المؤتمر الوطني، الذين يجمعون المعلومات الشخصية لمعارضي النظام من الشبكة الإلكترونية وبالفعل تم اعتقال الكثير منهم من منازلهم لمجرد إبداء أرئهم على الإنترنت.
توقعات المستقبل
على الرغم من أن الحركة نجحت في جمع شرائح مختلفة من الشعب إلا أنها تظل في أغلبيتها حركة نخبوية في ظل غياب القطاع الأوسع والأفقر من الشعب. بالإضافة لعدم القدرة على التواصل معهم بسب التضييق الإعلامي والأمني. إلا أن العديد من الحركات الشبابية إستطاعت أن تأخذ خطوات جيدة نحو توحيد الجهود لتصبح أكثر فاعلية. وبدأ تأسيس العديد من النقابات المهنية المستقلة (الأطباء ، المحامين ، الصحفيين وعمال النقل) . هذه الهيئات المحترفة قد تلعب دور كبير في تنظيم وتنسيق الإضرابات و الإحتجاجات وغيرها من سبل المقاومة المدنية . ولكن لتستطيع الحركة أن تحصل على العزم الكافي لتحقيق أهدافها ، يجب على كل الأطراف المشاركة أن توافق على دعم التغيير السلمي ، والعمل على تكوين رؤية موحدة لحكومة تكنوقراطية مؤقنة قادرة على إدارة البلاد في الفترة الإنتقالية. خطوة كهذه كفيلة بإزالة الكثير من المخاوف والشكوك عند جموع غفيرة من الشعب السوداني، الذي لا يزال قلق من فكرة التغيير. وستمهد الطريق إلى إزالة النظام الحالي مع زيادة الضغط الإعلامي في وجود حكومة بديلة.
الأمر الواضح بعد مرور شهرين من الحركة هو أنه لا يوجد حل سحري للثلاث و عشرون عام من الظلم و القمع. ولكن أن التغيير لا مفر منه ،و التوقعات لمستقبل السودان الإقتصادي تبدو مروعة في ظل التطورات السياسية والإقتصادية التي تزيد من تدهور الموقف بصفة مستمرة . إجراءات التقشف الأخيرة أدت إلى زيادة أسعار الوقود ، السكر ، الضرائب على القيمة المضافة و الضرائب على مبيعات البضائع المحلية، مما أدى الى إنخفاض قيمة الجنية السوداني 6۳% وفي شهر يوليو إرتفعت قيمة إستهلاك الكهرباء إلى ما يقارب الثلاث اضعاف۳۰۰%.
التضخم في شهر يونيو تضاعف مقارنة بنفس الشهر من العام السابق و وصل إلى ۲, ۳7% . أسعار الغذاء إرتفعت بما يقارب 4۱,4% عن سابق أسعارها منذ عام سابق. بالإضافة إلى اللحوم المحلية التي إرتفع سعرها ۱5۰% . كيلو اللحمة يصل اليوم إلى 5۰ جنيه ( ۱۱,4 دولار أمريكي طبقا للأسعار الرسمية) مقارنة ب ۲۰جنية العام السابق . وطبقا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء فإن التضخم في شهر يوليو وصل إلى 4۱,6% وهذا مؤشر على سوء الوضع الإقتصادي لهذ العام .
وبينما تم التوصل أخيرا إلى إتفاق بين حكومتي السودان و جنوب السودان لإعادة تصدير النفط، مما قد يؤدى إلى تحسن طفيف ويقلل الضغط على حكومة السودان، إلا أن شروط هذه الإتفاقية لا تزال غير واضحة. و سيأخذ تفعيل الإتفاقية بعض الوقت إلى أن يعود تصدير النفط عبر الأنابيب في الشمال إلى البحر الأحمر من مصادره في الجنوب الذي أوقفت حكومته التصدير منذ بداية العام الحالي .الإتفاقية أيضا تنص على أنه قبل بدء التصدير يجب على الطرفين التوصل إلى إتفاق في الأمن يشمل الحدود و الأراضي المتنازع عليها، مما قد يستغرق وقت طويل من المفاوضات .
حاليا حكومة السودان لا تمتلك رفاهية الوقت ، في هذه الأثناء يجب أن يظل الحراك الشعبي مستمرا و بالكثير من التنظيم و التعاون يمكن أن يتحول هذا الحراك إلى ثورة شعبية تقي البلاد شر ثورة جياع أو تغيير فوضوي عنيف يؤدى إلى أضرار غير مسبوقة تفوق غيرها من دول الجوار، التى شهدت تغييرات مماثلة كمصر و ليبيا أو حتى سوريا . وفي ما يبدو كتمهيد مسبق لرد فعل النظام في محاولة تغييره ، تصدى جهاز الأمن في ۱۳ يوليو لمظاهرات طلابية بمدينة نيالا في إقليم دارفور المضطرب، مما أدى إلى مقتل ۱۲شخص بالرصاص الحي وإصابة ما يقرب من ۸۰ آخرين . هذه الجرائم لن تؤدي إلا إلى عودة السودان إلى دائرة العنف المستمرة وبالتالي إستمرار المعاناة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.