جرت أمس أحداث عنف استهدف سفارات ألمانياوالولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا بالخرطوم راح ضحيتها ثلاثة مواطنين وتم حرق السفارة الألمانية بالخرطوم جزئيا، تحت سمع وبصر السلطات. وكان متطرفون إسلامويون أحرقوا السفارة الألمانية بالخرطوم بعد صلاة الجمعة أمس، واقتحم المحتجون، وغالبيتهم ينتمون إلى جماعات عبد الحي يوسف ومحمد عبد الكريم القريبة لتنظيم القاعدة الإرهابي، اقتحموا مقر السفارة وأنزلوا العلم الألماني ووضعوا علم تنظيم القاعدة المعروف باللون الأسود ويحمل الشهادتين فوقه، وأكد شهود عيان أن شرطة البشير ومليشياته الأمنية كانت تقف موقف المتفرج ساعات الإقتحام الأولى، وتقع السفارة الألمانية بشارع البلدية قلب العاصمة الخرطوم، كما توجه محتجون نحو السفارة الأمريكية في ضاحية سوبا، ونحو السفارة البريطانية بوسط الخرطوم. وأصدرت السفارة البريطانية بيانا مساء أمس يعبر عن قلقلها على أمن رعاياها بالسودان. وقال شاهد عيان ل(حريات) (رأيت أكثر من (15) عربة محملة بقوات من الشرطة والأمن متوقفة تحت الأشجار بشارع البلدية ، كانت القوات الأمنية تراقب عملية حرق السفارة)، وقال: رأيت ضابطا وهو يشاهد عملية إنزال العلم الألماني ورفع علم تنظيم القاعدة الإرهابي من على مبنى السفارة وهو يضحك! ولم تتدخل الأجهزة الأمنية المعروف عنها بطشها بالمتظاهرين وعدم تسامحها في التظاهرات إلا بعد ان تم إحراق السفارة بشكل جزئي! وكانت (حريات) نشرت أمس بعض تفاصيل الأحداث المؤسفة والتي تنبأت بها قبل وقوعها إذ نشرت في أخبار الخميس دعوة ما يسمى بالهيئة الشعبية لنصرة النبي (ص) لطرد السفير الألماني ونقلت على لسان محلل سياسي استطلعته قوله إن هذه الهيئة: (لا تعدو كونها مطية لهؤلاء الإرهابيين تؤشر لهم بإصبعها لحيث الهجوم القادم). وذهب مراقبون إلى إن الأحداث تشكل نوعا من العنف الرسمي إذ استفاد منها النظام المعزول شعبيا، لتحويل شحنات الغضب ضده إلى أمريكا والغرب عموما بواسطة حلفائه في جماعات السلفية الحربية، واعتبروها مشهدا فاضحا من أفلام التطرف الديني المنظم الذي ظلت البلاد تعيشه تحت حكم الإنقاذ، وأشاروا للتواطؤ الواضح للنظام في الأحداث بعد أن تمت الدعوة للمظاهرات عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية بواسطة جماعات الإسلام السياسي والسلفية الحربية. ويرى المراقبون أن الغرض الأساسي لذلك هو تحويل الأحداث إلى صالح النظام سياسياً بتفريغ شحنات الغضب ضده، وتحويل أنظار السودانيين من قضايا داخلية إلى قضايا خارجية وفق نظرية المؤامرة. وكانت احتجاجات عديدة اندلعت في النصف الثاني من أغسطس داخل ألمانيا وفي القاهرة من أمام مبنى السفارة الألمانية بسبب تكريم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لصاحب الرسوم المسيئة للرسول (ص) وتوجيه وزير الداخلية الألماني للصحف بإعادة نشر الرسوم باعتبارها جزءا من الحريات. واتصلت الاحتجاجات في سبتمبر بسبب نشر فيلم أخرجه أمريكي يهودي يسيء للرسول (ص) ولكل المسلمين بشكل مستفز إذ صوره كابن سفاح وإباحي وشاذ وكاذب في دعواه التي تجعل كل متبع لها إرهابي وشهواني بالضرورة. وقام متطرفون محتجون على الفيلم بمقتل السفير الأمريكي وثلاثة من طاقم القنصلية الأمريكية في بنغازي في 12 سبتمبر، وحرق القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية، وقتل أربعة أشخاص أمس الخميس خلال هجمات على السفارة الأمريكية في صنعاء ، كما أصيب أكثر من 220 شخصا في محيط السفارة الأمريكية بالعاصمة المصرية القاهرة في نفس اليوم في إطار الاحتجاجات على الفيلم المسيء للرسول (ص). واعتبر محلل سياسي ل” حريات” أن الأحداث تؤكد تورط السلطة وأذرعها النظامية والسلفية الحربية، لا سيما أن شخصيات إسلامية سودانية متطرفة تحظى برعاية حكومة عمر البشير وتتبع لما يسمى بالجهادية الحربية – فرع تنظيم القاعدة السوداني – من أمثال كمال رزق وعبد الحي يوسف ومحمد عبد الكريم دعوا للتظاهرات وطالبوا بطرد السفارات الألمانية والبريطانية والامريكية من الخرطوم ” وأضاف ” كان يمكن أن تتم المظاهرات بطريقة سلمية، تعبر عن مواقف رافضة لللإساءة للرسول “ص” وهو أمر مطلوب، لأن المسلمين لا يرضون الإساءة إلى رموزهم الدينية ناهيك عن النبي (ص) ذاته”، إلا أن جماعات القاعدة حولت الموقف الشعبي الرافض للفيلم ، حتى بدون أن يشاهد، أو معرفة تفاصيله ، إلى غضب ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي تحترم في داخلها حق التعبير، ولا يمكن أن تحاسب بلد بأكملها بجريرة فرد واحد، أو حتى مجموعة من الموتورين والعنصريين الذين أنتجوا الفيلم”. وفي ذات السياق أدان السيد الصادق المهدي في بيان نشرته (حريات) أمس الفيلم الذي وصفه باللعين، وفيما طالب بمحاكمة الذين قاموا بسب المقدسات وزرع الفتنة وبإصدار (قوانين صارمة تؤكد أن الحرية لا تعني حرية الإساءة للمقدسات)، طالب المسلمين بالتعبير (عن سخطنا) مع عدم الاعتداء على الأمريكيين (لأن في مثل هذه التصرفات تنفيذا لأغراض زراع الفتنة ولأن ديننا يلزمنا ب (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). وحول الموقف الأمريكي الرسمي من الفيلم قال المحلل السياسي: “لقد عبرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن رفض واشنطن الإساءة إلى المعتقدات الدينية ورموزها، إلا أن جماعات ” القاعدة في السودان اغتمنت الفرصة لتصفية حسابتها مع واشنطن، ولو بقتل أبرياء مثلما حصل في الحادي عشر من سبتمبر 2001″. وواصل المحلل السياسي: “إن أصابع الخرطوم واضحة في الفوضى التي حصلت أمس الجمعة، ويبدأ ذلك من الإعلان للمظاهرات عبر الصحف اليومية، والقنوات الحكومية مثل قناة النيل الأزرق المملوكة للحكومة”، وأضاف ” نعلم تعامل الشرطة غير القانوني وغير الأخلاقي مع أي تجمع جماهيري، ودليلنا على ذلك العنف المفرط الذي واجهت به شرطة البشير وأجهزته الأمنية مظاهرات يونيو/ يوليو الماضية”،. ونوه المحلل السياسي إلى أن الأحداث تزامنت مع بروز التيارات الإسلامية عبر ثورات الربيع العربي، وهو ما يؤكد تورط الأنظمة السياسية في الأحداث ” وقال “هذا رد عملي للسياسة الأمريكية المتواطئة مع جماعات الإسلام السياسي بغرض السيطرة عليها وعلي المنطقة والتعاون معها في محاربة الإرهاب، إلا أن صناع القرار الأمريكي أسقطوا عن حساباتهم أن الحكومة المتطرفة ولو تعاونت مع المجتمع الدولي إلا أنها تقوم بتهئة المناخ المساعد للإرهاب ونموه بدعم من السلطة إضافةً إلى أن نظام البشير يقيم حلفاً مع الجماعات المتطرفة ، وسبق أن قتل متطرفون الدبلوماسي الأمريكي في الخرطوم جون قرانفيل في بداية عام 2008، ورغم أن القضاء أصدر أحكاماً بإعدام المتهمين الأربعة إلا أنهم تمكنوا من الفرار من سجن كوبر العتيق، وكان الهروب عبارة عن مسرحية سيئة الإخراج والتمثيل” وسرت تقارير عن فرار المحكومين إلى الصومال بعلم المخابرات الأمريكية في سياق تعاون أمني بين جهاز “السي آي إيه” ونظام البشير”. وقال المحلل السياسي “على واشنطن مراجعة مواقفها المترددة إزاء حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية في المنطقة العربية والإسلامية ، وتواطؤها مع إسلامويي المنطقة”. يذكر أن إدارة الرئيس أوباما تتمسك ببقاء نظام البشير في السلطة وترفض تغييره ، لكنها تسعى إلى تطويره ببقاء الإسلاميين في الحكم وذهاب البشير في عملية هبوط آمن. http://www.hurriyatsudan.com/?p=77981 http://www.hurriyatsudan.com/