عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    اهلي جدة الاهلي السعودي الأهلي    أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور فيصل عوض يودع الهيئة العربية برسالة قوية لرئيسها الفاسد الشرهان
نشر في حريات يوم 21 - 09 - 2012


إليكم يا أهل الهيئة العربية للاستثمار
كتب جميع من سبقوني من الزملاء الذين ظلمهم السيد/علي بن سعيد الشرهان رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، وأنهى خدماتهم دون أي مُبرِّراتٍ أو أسبابٍ مهنية وقانونية وأخلاقية، رسائل وداع عند مُغادرتهم مواقعهم الوظيفية بالهيئة، مع تذييل تلك الرسائل بعناوينٍ للتواصُل (أرقام هواتف، عناوين بريد إلكتروني وغيره)، وتركَّزت مضامين تلك الرسائل على شكر ووداع وأماني إلى غير ذلك من العبارات التي باتت محفوظة ومعروفة لدينا.
وللحقيقة وقفتُ مع نفسي كثيراً قبل أن أخُطَّ رسالتي هذه، رُبَّما لاختلافها شكلاً ومضموناً عن الرسائل التقليدية التي ألفتموها واعتدتُم عليها من السابقين، ورُبَّما للمُلابسات التي استصحبت انتهاء خدمتي أو المُواجهات التي جرت بيني وبين إدارة الهيئة العُليا، ورُبَّما لأسبابٍ أُخرى تُضاف لهذه أو تتداخل معها. وسواء كان هذا أو ذاك، وقبل الدخول في قلب ومضمون الرسالة، أودُّ التأكيد على أنَّ جوانباً إيجابية عديدة وجدتها خلال فترتي الخدمية التي قضيتها هنا، فقد اكتسبتُ من الرزق ما ساهم في سترتي وتغطية احتياجاتي، ونهلتُ من المعين المعرفي لنُخبة مُتميِّزة من العُلماء الذين كانوا بهذه الهيئة وافتقدهم بشدَّة الآن، كما حباني المولى جلَّ وعلا ببعض ممن أحملُ لهم وُداً واحتراماً كبيرين. وبصفةٍ عامَّة، تنقسم رسالتي لقسمين أساسيين: أوَّلهما مُوجَّه لمُنتسبي الهيئة بنحوٍ عام، وثانيهما مُوجَّه لإدارتها العُليا مُمثَّلة في شخص رئيسها تحديداً، أما أحبَّتي وخاصَّتي فمودَّتي معهم ستظل مُتَّصلة ما حييت، ورسائلي لهم ستحملها محبَّتنا الصادقة والمُجرَّدة ومشاعرنا النبيلة والسامية لبعضنا البعض.
بالنسبة لأهل الهيئة ومُنتسبيها أقول: جميعكم تشعرون بالضيق والخوف مما يقوم به الشرهان ومن معه، ومنكم من بذلك يُجاهر لخاصَّته، ومنكم من يفعل على استحياء، وبالطبع فإنَّ الصدق والجُرأة والشجاعة والعزم تختلف من شخصٍ لآخر، وهذا معلومٌ ومفروغٌ منه. وهي بالأساس قناعات وتربية وسلوكيات، ينشأ عليها المرءُ ويرضعها كحليب أمِّه منذ مهده، ويلحظها في والديه وأهله، ولا يُمكن تلقينها أو تعليمها لأياً من كان أو حثِّه عليها بعد بلوغه أشُدَّه مهما اجتهدنا في ذلك!
يقولُ تعالى في مُحكَم تنزيله (لا يُغيِّر الله ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنْفُسهمْ)، وهي آية ذات دلالات ومُؤشِّرات عظيمة، تُؤكِّد على أنَّ المولى جلَّ وعلا بكمال عدله وحكمته لا يُغيِّر الخير لشر والرخاء لشدَّة والعكس إلا بعدما يتغيَّر الناس. فإذا كان الناسُ في صلاحٍ واستقامة، فإنَّ الله يحولُ بينهم وبين الشدائد والذُل والمهانة والخوف والجَزَعْ جزاءً وفاقاً (وما رَبُّك بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ)، وقد يكون الناسُ في شرٍ وبلاء ومعاصي، ثم يتوبوا فيُغيِّرُ المولى جلَّ وعلا ما بهم من بؤسٍ وشدَّة وخوفٍ وذُل إلى عِزَّةٍ وأمنٍ ورخاءٍ ونعمة (ذَلك بأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا على قَومٍ حتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ). وإنْ أردتُّم يا أهل ومُنتسبي الهيئة تغيير أوضاعكم السيئة وظروفكم – بالغة التعقيد – التي تحيونها الآن تحت ظل هذه الإدارة، عليكم بالتدقيق في هذه الآيات والعمل بمضامينها، مع تعزيز هممكم وحشد طاقاتكم في الحق وللحق فقط وليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
أما حديثي لرئيس الهيئة فابتدره ببعض ما ورد في القرآن الكريم لعلَّ بصيرته تتفتَّح، ويعي مدى القاع الذي بلغه، ويُحاوِل إدراك نفسه قبل مُقابلة الذي لا يُجدي معه كذب أو خداع أو مُراوغة.. فيومذاك لا تنفع المُذكِّرات المضروبة ولا الإعلانات الوهمية ولا الندوات المُترفة أو الولائم المُتخَمة.. لن ينفعك أيها الشرهان إلا العمل.. والعمل الصالح فقط.. يقول العزيز الجليل في كتابه الطاهر المُطهَّر (فَوَيلٌ للذِينَ ظَلَمُوا مِن عَذَابِ يَومٍ أَلِيمٍ) و(وَسَيَعلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) و(فَبُعدًا للقَوْمِ الظَّالِمِينَ) و(أَلاَ لَعنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) و(وَقَد خَابَ مَن حَمَلَ ظُلْمًا) و(ولَو يَرى الذين ظلموا إذْ يَرَونَ العذابَ أنَّ القوةَ لله جميعاً وأنَّ اللهَ شديدُ العذاب).. وهناك قوله عليه أفضلُ الصلواتِ وأتمَّ التسليم لمُعاذٍ حينما ابتعثه لليمن (اتَّقِ دعوة المظلوم فإنَّه ليس بينها وبين الله حجاب) وأردفه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائلاً: (إنَّ الله ليُملي للظالمِ حتى إذا أخذه لم يُفلته، وقرأ قوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)..!
تأمَّل سيد/الشرهان (ولو لمرَّة في عُمرك) معاني ومضامين هذه الآيات، فإنْ كنتَ حقاً تُؤمن بوجود الله، وأنَّ هُناك حساب آت فاتق الله، وأنقذ نفسك ورقبتك، وتدارَك مظالمك تجاه الآخرين، وسارع إلى التوبة لله وإعطي كل ذي حقٍ حقه. وإنْ كنت لا تُؤمِن بوجود الله وأنَّك لن تُلاقيه في يوم الزلزلة، فاصنع ما شئت واستمر فيما أنت فيه من غفلات وعثرات، حتَّى أصبحت أُضحوكة وأُلعوبة في يد الغير ومصدر سُخرية وتندُّر لأندادك من قيادات المُؤسَّسات النظيرة، ومبعث حرجٍ لدولتك المُحترمة (الإمارات) التي لم تأخذها في اعتبارك وأنت تفعل ما تفعل. ولتعلم أيها الشرهان أنَّ المُتحلِّقين حولك الآن سيتركونك بمُجرَّد تركك لهذا المنصب، ليُعيدوا التحلُّق مع صاحب المنفعة الجديد، فقد فعلوها مع من سبقوك ولا دائم إلا وجه الله تعالى.
إنَّنا ذاهبون (أنا وأنت وغيرنا) شئنا أم أبينا فنحنُ ذاهبون، سواء من هذه الهيئة بفعل العُمر أو المرض أو أي سببٍ آخر، وسنذهب من الدنيا بأكملها بالموت وهو الحقيقة الواقعة لكل المخلوقات لا محالة، ويستلزمك أن تعي هذه الحقيقة وتتأمَّلها بتدبُّر وتتخيَّلها بينك وبين نفسك. مُشكلتك الأساسية أنَّك لم تسمع ممَّن حولك إلا عبارات النفاق التي يمطرونك بها وإعجابهم الكاذب بأفكارك الكارثية وأفعالك الشيطانية، وهم يفعلون ذلك ويتمادون فيه لمعرفتهم الأكيدة بحُبِّك وولعك بمثل هذه الأقاويل والأفعال، بينما أنت في الواقع لا تُشكِّل لهم غير ضرعٍ يمتصُّون عبره الأموال والامتيازات بالباطل والإثم وهم عارفون. ومُشكلتك الثانية أنَّك تُصدِّق أحاديثهم فعلاً بأنَّك عبقري زمانك وعشت على هذا الوهم الكبير وتماديت فيما أنت فيه دون أن تقف مع نفسك وتُقارن بينها وبين من سبقوك (اللي ما بيشوف من الغُربال يبقى أعمى)! ولا أدري حقيقة إنْ كنت تعرف معاني ومضامين الصدق والصادقون، والطُهْر والطاهرون! يتحتَّم عليك تذكُّر وتصديق وجود النهاية مهما امتدت المسافة المحدودة (بلا شك) بينك وبينها واستطال بك الأجل، وأنَّ هناك هادم للذَّاتك وتيهك الذي لا ينتهي! وأنَّك ستبقى وحيداً في مساحة لا تتجاوز – في عرضها – الشبر الواحد في ظُلمةٍ لُجِّية لا يُضيئها إلا عملك الصالح، وإحسانك لذاتك قبل الآخرين! بخلاف ما ينتظرك في الآخرة وما أدراك ما الآخرة (يَومَ يَفِرُّ الْمَرءُ مِن أَخِيهِ وأُمِّهِ وأَبِيهِ وصاحبَتِهِ وبَنِيهِ لكُلِّ امرِئٍ منهم يَومَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ). كل المُحيطين بك الآن لديهم ما يشغلهم يومها وسيتفرَّقُ الجمعُ من حولك، وينفضَّ السامر ويتلاشى النفاق والتطبيل الأجوف والثناء المُبطَّن بالسخرية والمدفوع بالطمع! حينها ماذا ستقول لله في ظُلمك السافر الذي مارسته على الذين استُؤمنتَ عليهم فتسبَّبت في إيذائهم دون أن يرفَّ لك جفن، ثم جلست تأكل وتشرب دون حياءٍ أو خوفٍ من ربك؟ فكِّر ولو قليلاً عن تبريرات حقيقية ومنطقية لمُواجهة الرصد الإلهي الدقيق لكل حركاتك وسكناتك بما فيها أنفاسك (حقاً أنت مُثير للشفقة)!! لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم أفتح بصائرنا وأجعل خشيتك هي الأكبر في قلوبنا.
في الواقع، أراك خائناً لأمانة الولاية على العاملين بالهيئة والتي خُنتها ولم تُراع فيهم إلاً ولا ذمَّة، وفعلت أفعالك ظاناً بأنك ستُفلِت من عقاب ومُحاسبة الله كما تفعل في حياتك الدنيا الآن عبر التصريحات الكاذبة التي تُدلي بها لكل من تخشاه من البشر دون أن تُفكِّر في الأحق بالخشية وهو الله! بكل تأكيد أنت واهم وهيهات أن تفلت بأفعالك ومظالمك وتجاوُزاتك من يدي العزيز الجبار.. هيهات أيُّها الشرهان أن تنجو من العادل، فجميع هذه الأعمال مُسجَّلة ومحفوظة في كتابٍ لا يترك صغيرة أو كبيرة، ويحصي كل شاردة واردة سواء رضيت أم أبيت، حتَّى ولو زيَّن لك من حولك غير ذلك! وسنرى انعكاس أفعالك المأفونة فيك وفيمن سار على نهجك وأيَّدك عاجلاً أم آجل.. فتلك وربُّ البيت وعود القدير وهو لا يُخلفُ الميعاد، وأنا أثقُ في صدقه وإيفائه بوعده مهما طال الزمن ولا أحسبه سيطول لأنَّه لا يقبل باستمرار الظُلم وإنْ مدَّ للظالم فلأنه يرغب في أن يتوب أو يعقل ونحنُ لا نرى لك توبة أو رجعة لذلك فإنَّ غضبة الله فيك قد دنا أجلها، ولعلي بدأت أرى نُذُر وعده تقتربُ منك وممن معك رويداً رويداً، ولتنظر لحالك البائس والمُتدهور الذي بات يدعو للشفقة والرثاء، أُنظُر للتراجع الذي تحياه أنت أُنظر لنفسك، ومع ذلك لم تتعظ أو تقف مع ذاتك ولو قليلاً ولا زلت مُكابراً ومُستكبر! ولكن ماذا نقول إذا عَميَتْ البصائر وغابت العقول خلف الأوهام والأكاذيب، حتى على ذاتك المرعوبة والمُرتابة في كلٍ شئٍ حولها!!
في يومٍ ما، سنقفُ جميعاً أمام الله مُتخاصمين وحينها لن أترك لك حقوقي وسأطالبك بها كما طالبتك هنا في الدنيا وواجهتُك بنزاهة لا أحسبُك عرفتها في حياتك، فأفعالك التي فعلتُها معنا تتقاطع ولا تتماشى مع القيم والمُثُل والأخلاق النبيلة. ولن أحتاجَ – يومئذٍ – لوزيرٍ أو صهرٍ أو عضوٍ مُجلس في مجلس مُساهمين وإدارة، أو شهودٍ مُنافقين كشهودك، أو أدلَّةٍ وبراهين كاذبة كالتي تستند عليها الآن (يَومَ تَجِدُ كُلُّ نَفسٍ مَا عَمِلَت مِن خَيرٍ مُحضَرًا وَمَا عَمِلَت من سُوءٍ تَوَدُّ لَو أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفسَه واللَّهُ رَءُوفٌ بِالعبَاد)!
أقول ما أقوله لك دون مُواربة وليس كما يفعلُ العديدون معك (من خلفك يتهامسون وفي وجهك هم باسمون)، فأنا لم أنشأ على الخوف والانكسار والغدر والخيانة والطعن من الخلف، وما هكذا كانت تربيتي وقناعاتي. فقد نشأنا وترعرعنا على قول الحق وجهاً لوجه وعدم الخوف إلا من الخالق جلَّ شأنه، ولقد فعلتُها معك أنت شخصياً مراراً وتكراراً (والملف المرفق يُثبتُ أنَّني واجهتك بما في داخلي بقوة وشفافية قبل عامٍ مضى ولو كان فيك عقل أو دراية لاستحيت من نفسك ولأدركت بأنَّ من هم حولك قد أوردوك في دركٍ سحيق ووضعوك في قاعٍ ما بعده قاع ولكنك فعلاً لا تُدرك ولا تدري أنك لا تُدرك).. خاطبتُك قبل عام مُستعرضاً تجاوُزاتك ومُبدياً عن رفضي لها، يدفعُني إيماني الكبير والراسخ بقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنَّ أعظم الجهاد قول الحق في وجه إمامٍ – وفي رواية حاكم جائر) هذا إذا اعتبرتك إماماً. لقد رميتني أيها الشرهان ببعض سهامك المسمومة، ولكنك لم تُصبني (أثق تماماً بأنك لن تفهم هذه الجُزئية أو هذه العبارة فهي تفوق قدراتك الذهنية بكثير وتحتاجُ لمن يشرحها لك وبالطبع ليس فيمن حولك من يفهم أيضاً)! هذه الروح الأبية تعلَّمناها من جدودنا وأصبحت إرثاً سودانياً أصيلاً وراسخاً، حيث قال قائدنا عبد الرحمن النجومي قبل استشهاده في معركة توشكي في آخر رسائله للخليفة عبد الله التعايشي: لقد سقطت على قدمي قذيفة ولم تُصِبْنا بفضل الله! وحينها كانت القذيفة قد بترت قدمه! والإصابة هنا إنَّما قصد بها الفزع والجَزَع وانتقاص العزم واهتزاز القناعات!.
هكذا كان أسلافنا السودانيون الحقيقيون.. رجولة ومُواجهة في الحق وثبات على المواقف، ومُعلِّمين للعالم كل جميلٍ وأصيل ورفيع، ولطالما سعينا جاهدين لرعاية وترسيخ هذه المعاني وتطبيقها في حياتنا وسنظل نرعى هذا النهج ما بقينا.. وواهمٌ أنت ومسكينٌ ومُثيرٌ للشفقة لو اعتقدت مُجرَّد اعتقاد أنَّك عرفت كل أصناف السودانيين قياساً بالذين عايشتهم حولك ورأيتهم سواء في الهيئة أو خارجها..! فمن رأيتهم وعايشتهم في مُحيطك الضيق هذا لا يُمثِّلون عُشر السودانيين بأطيافهم المُتعدِّدة، وعليك أن تحمد الله كثيراً أنَّك لم تر الشرفاء ذوي البأس الشديد منهم لكنت نسياً منسياً الآن! فأهلي السودانيين الحقيقيين لا يُنافقون ولا يتهادنون أو يتراجعون إلا في الحق، وهم – وإنْ جَارَ عليهم الزمن وكُثرَتْ عليهم النكبات – لا يسقطون ولا ينكسرون ولا ينحنون ليلتقطوا ما سقط من أعينهم، وهذا ما قلته لكم قبل عامٍ مضى، ولكنك لم تع أو تفهم ورُبَّما لا تذكر هذا الحديث من أساسه، فهكذا ألفتُك مذ رأيتُك مُشتَّت الفكر ضعيف التركيز خالي الذهن لا تعي ولا تتدبَّر!!
أراك أيضاً أيها الشرهان خائناً لأمانة التكليف التي وضعتها بين يديك دولتك (الإمارات العربية المتحدة) وحُكَّامها الكرام ومن بعدهم الدول العربية الأعضاء حينما رشَّحوك لهذا المنصب الهام، حيث انتقصت من مكارمهم بأفعالك الطائشة والقبيحة وعدم إحساسك بالمسئولية وتقدير أمانة الولاية، وشوَّهت كثير من جماليات أهل الإمارات التي ظلَّت خالدة في أذهان العديد من شعوب العالم، بعدما غرسها نفرٌ كريم من أبنائها الأفاضل بأعمالهم الجليلة وأخلاقهم الرفيعة. فلقد قاد هذه الهيئة اثنان من أبناء الإمارات وحقَّقوا إنجازاتٍ ضخمة ونجاحاتٍ مُشرِّفة، تُضاف لما أنجزه من سبقوهم على مدى أربعة عقود من الزمان، وجئت أنت وهدمت هذا البناء الكبير في ثلاث سنوات!! ولا نملك إلا أن نقول إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون!
تذكَّر أيها الشرهان بأنَّ لكل ظالمٍ نهاية، والخالق جلَّ وعلا وعد الظالمين بالخزي والعذاب في الدنيا والآخرة، وهي باتت أكثر وضوحاً في مظهرك وشكلك العام ومع ذلك لم تتَّعظ!! ويتجلى وعد الخالق الجبَّار عبر مراحل التاريخ الإنساني الذي يُوضِّح النهايات المأساوية لكل الظالمين والمُستبدِّين، ولتنظر في عالمنا العربي القريب خلال العامين الأخيرين وتعلَّم وأفهم! وأختم قولي لك أيها الشرهان بدعاء المجاهد سعيد بن جُبير على الحجاج بن يُوسُف: أسأل الله ألا يُسلِّطك على أحدٍ بعدي.
وأقولُ لمن تبقَّى من مُنتسبي الهيئة: إيَّاكم واسترضاء أي مخلوق في معصية الخالق، وراعوا لعزَّتكم وكرامتكم وأخلاقكم وإلا ستظلُّون في حالكم البائس هذا، وسيذهب شرهان ويأتيكم آخر غيره ليلفظكم كما يفعل هذا (ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفرْ).. فإن رغبتم في الخروج من حُفرتكم هذه، فلا سبيل أمامكم غير تطهير قلوبكم والسمو بأنفسكم وتزكيتها والتمسُّك بالأخلاق والقيم والمُثُل النبيلة وليس بالنفاق والانكسار والحسد والنميمة ونقل القول بين هذا وذاك ولا سبيل أمامكم غير ذلك.. والله المُستعان.
مع فائق تقديري وموفور احترامي ونراكم على خير
الدكتور/ فيصل عوض حسن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.