…………… لن نمل الحديث والكتابة عن الدستور الذى يجب أن تُحكم به بلادنا. ونعلم علم اليقين أنّ الصراع يدور بين مشروعين للدستور، أحدهما يُبشّر به حزب المؤتمر الوطنى الحاكم ، وقد أعدّه بالفعل تحت الشعار والمُسمّى الواسع والفضفاص ( الدستور الإسلامى ) ويسعى لفرضه عبر ذات الآليات المُجرّبة فى ” الدغمسة ” و ” الخم ” و التركيز على إبتزاز بعض القوى السياسيّة وإرهابها فكريّاً لتمريره أو إجبارها على الإصطفاف معه فى نهاية المطاف. وفى المُقابل هناك مشروع دستور يقى البلاد شرور الدكتاتوريّة والحُكم الشمولى ، ألا وهو مشروع (الدستور المدنى الديمقراطى ) .وليس سرّاً أنً حزب المؤتمر ومن والاه يسرعون الخُطى لتمرير دستورهم ، رغم الإدّعاء الكاذب بالرغبة الصادقة فى إشراك ومُشاركة الآخرين. وهذا يقع تحت باب ” بيع الكلام ” أو ” الكلام الساكت ” الذى هو ” ليس بقروش ” كما فى دارجة أهل السودان الفضل !. قلنا مراراً وتكراراً (( راجع مقالنا بعنوان : الدستور القادم – الشعب يريد توحيد الجهود – سبتمبر 2011)) قلنا – يومها – ونُعيد التذكير بأساسيّات : (( و قد بقيت مسألة الهويّة السودانية فى قلب و مركز كل النقاشات ، لأهميتها فى الوصول للدستور المنشود .دستور يحترم و يستوعب و يدير التنوّع الموجود فى المجتمع السودانى .و يكرّس لوحدة البلاد ، و يحميها من شرور وآفات النزاعات المسلّحة والحروب و التشرزم و العنف . و يغلق الباب – نهائياً – أمام إستمرار إجترار حالات الحلقة الشريرة ، المتمثّلة فى الإنقلابات العسكرية و المدنية على النظام الديمقراطى )). و قلنا ومازلنا نرى أنّ أى دستور قادم ينبغى أن يستوعب خصائص دولة المُواطنة والديمقراطيّة وإحترام وتعزيز حقوق الإنسان .وأشرنا ونشيىر – مرّة أُخرى – لدُرًة الدساتير السودانيّة (( وثيقة الحقوق )) الواردة فى الدستور الإنتقالى لعام 2005. وسنظل نُبشّر بالمفهوم الجديد ( جندرة الدستور ) ، بكل ما تحمل العبارة من معانى وقيم ، مُضافاً إلى مدنيّته وديمقراطيته . نثق تماماً فى المُجتمع المدنى الحديث ، وقُدراته الفكريّة فى رفد الساحة بمشروع دستور بديل لمشروع المؤتمر الوطنى وحلفائه .وهذا يتطلّب المزيد من رص الصفوف و ” فرز الكيمان ” وإعلاء رايات التنسيق والعمل المُشترك ، بين مُكوًنات القوى ذات المصلحة الحقيقيّة فى الدستور المنشود .ولا بُدّ من مُخاطبة القضايا بالوضوح النظرى والفكرى المطلوب . نقول : إن كان المؤتمر الوطنى يرغب صادقاً وجادّاً فى شراكة فعليّة فى ( صناعة الدستور )، عليه طرح مشروعه للتداول العام، وفتح الباب والطريق للآخرين لعرض مشروعاتهم، على قدم المساواة ، عبر الميديا وبخاصّة الأجهزة المرئيّة والمسموعة المملوكة للدولة ،ولكنّها فى الواقع ناطقة بإسم الحزب ومُسبّحة بسلطانه فقط . وهذا يتطلّب – قبل كل شىء – رفع الرقابة الأمنيّة عن الصحف والصحفيين وعن المواقع الإلكترونيّة . وإتاحة الفُرص المتكافئة والمتساوية للجميع فى وسائط الإعلام المملوكة للدولة. وفتح الساحات للندوات العامّة للأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى ( الحق فى التنظيم والتعبير ) . نقول هذا ،وفى ذات الوقت ندعو كافّة القوى المُناصرة للديمقراطيّة والسلام، للمزيد من النضال لإنتزاع الحقوق، فالحقوق تُؤخذ عُنوة واقتدارا ، ولا تُنتظر أن تُعطى( بالمجّان). وهذه معركة جديدة ينبغى خوضها بكل مسئوليّة وإقدام !. فيصل الباقر [email protected]