بقلم مبارك عبدالرحمن اردول يشهد العالم الشرق اوسطي حركة جماهيرية واسعة يحتسبها المراقب من الوهلة الاولي انها تحرك طبيعي من جماهير تواقة للحرية والديمقراطية وحركة طبيعية وعفوية ضد انظمة دكتاتورية قمعية ظلت تتحكم على الجماهير لمدة عقود تتراوح من دولة الي اخري اقلها نظام الرئيس عمر البشير المسمى بالانقاذ في السودان. وخلال هذه الحركة الجماهيرية الرافضة تصطحبها تغطية اعلامية غير مسبوقة من قبل مؤسسات اعلامية معروفة بانحيازيها للاسلامين تاريخيا، كمؤسسة الجزيرة ومن خلفها قنواتها المختلفة والمتخصصة ، تستغل هذه القناة مبداء حرية الاعلام والتعبير لتبث سمومها الاسلاموية للعالم وتقوم بتحريض الاسلاميين ورعاية الارهابيين، دعوني انحرف قليلا للحديث عن هذه القناة على سبيل المثال والتي كانت تجد عناية خاصة وسبق صحفي فريد وقت الحرب على نظام الملالي في افغانستان، تمثل ذلك من خلال الاشرطة التي كانت ترسل من قبل تنظيم القاعدة حاملين رسالاتهم الارهابية الي العالم والمقابلات التي يجريها مراسليهم مع قيادات تنظيم القاعدة. حيث كانت ومازالت تلكم الجماعات هدفا عسكريا شرسا لقوات الناتو التي تحارب الارهاب في تلكم المنطقة، لاحظ الظروف العسكرية الصعبة في حالات الحروب ان تكون لقناة تلفزيونية وسائل تفوق تلكم القوات للوصول الي مخابئ تلكم الجماعات، مما جعل الغرب يستعمل اسلوب العنف المرن ضد موظفيها كلفتا للنظر. هنالك احداث تجعلك تتابع بعيون شاخصة لما يدور داخل الاروقة التحريرية للقناة من سياسة تحريرية واخبارية وتغطية برامجية، الحادثة الاولي في بداية هذا العقد بداءت القناة بعرض فيلم او مسلسل سياسي يتعارض مع اتجاهات الاسلام السياسي وهو فليم الطريق الي كابول ولكن لم تواصل القناة في اكمال حلقاته حيث اوقفته بحجج غير مفهومة ومبررة لجمهور المشاهدين، كانت تدور احداث هذا المسلسل حول التحريض ضد تلكم الجماعات التي تتخذ الديانة طريقا للتسلق للسلطة باعتبارها اساءة الي الديانة. اما الحادث الثاني والذي مازال مستمرا هو تركيز القناة الي مسالة الحريات بشتى انواعها خاصة اذا كانت الجماعة التي تقع عليها عملية القمع والاستبداد هي جماعة اسلامية ولاتكترث بل تتجاهل القيام بنفس الدور اذا كان العكس وكانها مخصصة لهم حصريا وانظر ايضا تغطيتها الي انتهاكات ضابط الحكومة النيجيرية ضد جماعة بوكو حرام في عام 2010 والتي استمرت تغطيتها الي فترة مملة عارضة فيها كل تفاصيل الحادثة دون اكتراث لنفسية المشاهدين من مشاهدة هذه البشاعة في القتل. نجد ان الاحداث التي تدور في السودان دائما تقوم القناة بصرف النظر عن تغطيته بل تتجاهله او تصغره وكانه غير موجود اصلا، واذا قامت اعتراضات ضد تلكم السلوك تقوم القناة بتغطية الحدث من وجهة نظر وعيون الاسلاميين الحاكميين السودان، في الذي حدث في دارفور وما يحدث حاليا في جنوب كردفان والنيل الازرق لا يمكن ان تكون احداثا عادية ولايمكن ان لا تمثل اولوية اخبارية وتغطوية للقناة، بل حتي المظاهرات التي اجتاحت شمال افريقيا والشرق الاوسط لم تجد المظاهرات ضد النظام الاسلامي في السودان حظها من التغطية المماثلة فاي حرية تعبير واعلام مستقل تتدعيه هذه القناة. لقد قامت القناة في ليبيا ومصر وتونس وبعد البلدان بتوزيع كاميرات تصوير ووسائل اتصال للناشطين المحتجين ضد تلكم حكومات بلدانهم مما يؤكد التدخل السافر في شئون تلكم الدول(ساتحدث لاحقا عن دور قطر في هذه العملية) ، والابعد من ذلك تقوم القناة مرات كثيرة بعرض وبث تقارير الناشطين دون التحقق من صحتها او الاتصال باطراف محايدة كما تطلب من الاخرين القيام بذلك بحجة المهنية الصحفية. كاتب هذا المقال له تجربة مع قناة الجزيرة العربية في تغطية احداث انتهاكات حقوق الانسان في جبال النوبة، لقد قدمنا لهم كل التسهيلات للحضور الي تلكم المنطقة ولكنهم دائما يتعللون بانتظار السماح من الدوحة الذي لم يصل حتي انقضى عام كامل من الاحداث فهذه القناة في الخرطوم هي جزء من اجهزة النظام ووسائله وحتي اذا ارسلنا لهم تقارير موثقة بالصور يكون مصيرها الادراج واذا سالناهم يتعللون بحجة انها تعتبر من اطراف غير محايدة، سالتهم ذات مرة لماذا اذن تعرضون تقارير الناشطين في سوريا قالوا انها سياسة الدوحة انظروا الى التناقض التي تفعله هذه الدوحة. المعلوم ان مقر هذه القناة هي دولة قطر والمعروف طموحها وصراعها لاحتلال موقع قيادي علي حساب دول الشرق الاوسط الكبيرة مستغلة بذلك تركيبة الحكم الغير ديمقراطية في دول المنطقة. فحكومة قطر تستغل هذه الرغبة الجماهيرية الي الحرية لتنصب لهم جماعات الاسلام السياسي، وكان قطر هذه دولة للحقوق والديمقراطية والعدل والحريات، فحكومة قطر هذه تشبه الغلفاء التي تأخذ الموس لتخن الاخريات، هذا النظام القطري يستغل القوى الاكثر تنظيما في زمن الدكتاتوريات وهم الاسلاميين لتلاقي المصالح وتتطابق الايدلوجيات معهم، ومعروف شغف هذه الاحزاب العقائدية المطلق للسلطة وانه يمكنها ان تعيش في اصعب الظروف وتمارس انشطتها بحجج اقامة الفرائض الدينية، ولانها لا تستطيع ان تغري اللبراليين بتمثيل هذا الدور. تلهي هذه الدولة حلفائها في الغرب بتمكينهم من اقامة قواعد عسكرية ومبيعات نفطية واخرى وبذلك يتغاضى الغرب عن الدور القزر التي تقوم به هذه الدولة فانها تقول لهم اعطكم برميلا فاعطوني نظاما يكون تابعا لي. لا يمكن ان تحلم هذه الدويلة ان تكون مثل امريكا او روسيا او الصين مثلا ولكنها تطمح ان تكون في موقع لا يمكن تجاوزه وخاصة في الوطن العربي. الشي الذي يحاول ان يتجاهله الغرب وخاصة امريكا وتغمض عيونها منه هو ان هذه التنظيمات وان سكتت وتجمل وتحسن وجهها في هذه المرحلة فانها تعتبر امريكا والغرب هم العدو الايديولوجي الاول بالنسبة لهم ولديانتهم ولثقافتهم ولبقائهم، متى توفرت الفرصة المناسبة للنيل من الغرب وتجاوزوا مرحلة بناء العضلات هذه فانهم أي الاسلاميين لن بفوتوا الفرصة ابدا. وكانً امريكا والغرب لهم مشكلة جوهرية في الذكراة، ففي السابق قام الامريكان بدعم المجاهدين الافغان في حربهم ضد الاتحاد السوفيتي ومولتهم بالاسلحة خاصة الصواريخ المضادة للطائرات(صواريخ ستينغر) والتي استخدمت موخرا ضد الطائرات الامريكية نفسها نتمني ان لا يحصدوا نتائج تجاملاتهم لحلفائهم في الخليج قريبا. نجد ان السياسة الخارجية للغرب كانت مرتبكة في هذه الفترة خاصة بعد انتها الفترة المنصرمة التي شهدت حروبات شرسة قادها الغرب ضد الانظمة الارهابية والتي يمثل المسلمين والعرب العقل المدبر لهم، فكانت هذه الفترة هي فترة المجاملة مع العرب والمسلمين لتحسين صورة الغرب في اذهانهم، وشهدت هذه المرحلة ايضا تخفيف الجرعة علي الاسلاميين لا سيما بعد الازمة الاقتصادية العالمية حيث تحول كل انظار الحكومات الغربية في الامور الداخلية واصلاح اقتصاديات بلدانهم، هذه الفترة قامت التيارات المعارضة والاسلامية ومن خلفهما قطر بتكثيف الضغوط على حكومات بلدانهم باحتجاجات سلمية واسعة تهدف الي تغيير الانظمة، عكس البرنامج الذي تفاجاة به الغرب حيث كانو يدعون الي اجراء بعض الاصلاحات يسمح بمشاركة الاخرين في الحكم مع بقاء هذه الانظمة متحكمة علي مقاليد الحكم كاقل خسارة. فمع اشتداد الضغط خاصة الاعلامية والتي تبنته القناة المملوكة للحكومة القطرية وجدت الحكومات الغربية نفسها مضطرة للانسياق خلف مطالب المحتجين دون ان يكونوا جزاءا من اللعبة وطرفا في ترتيب البدائل التي تتماشي ايدلوجيا مع مصالح المنطقة ومصالحها، فما كان لهم سوا القبول بالبدائل المطبوخة في قطر على مضض، بمبداء احترام ارادة الشعوب والتي كانت مغلفة بتيارات الاسلام السياسي. فالمعلوم سياسيا ان قيام اي عملية تغيير لنظام بطريقة سلمية او عسكرية لابد من ان تكون هنالك فترة انتقالية كافية تسمح لكل الاحزاب ببناء نفسها وترتيب اوضاعها والتعافي من المرحلة الشمولية التي قد تكون انهكت ودمرت قواعد والمؤسسات الديمقراطية، كما نجد انه من المهم جدا من دول المنطقة والعالم والامم المتحدة دعم تلكم الاحزاب ماديا ومعنويا والمساعدة ايضا في قيام اجهزة الديمقراطية ومؤسسات الحكم الراشد واالقضاة وبقية المنظومات الحكومية منها والطوعية، ليتعلم الشعوب معاني الديمقراطية الحقيقية، ليست الديمقراطية المختزلة في حقوق التصوت والاقتراع. فرضت المجموعة الاسلاموية والقطرية على الجميع قبول هؤلا الاسلاميين بديلا انتخابيا في اغلب بلدان الربيع العربي وذلك بالدعم السخي لتلكم المجموعات وتفوقها ماديا على الاخرين فقط للظفر بكراسي السلطة في انتخابات تمت في عجلة غير مهضومة اربكت حسابات حتي التنظيمات اللبرالية التي شاركت في اسقاط الدكتاتوريات، فالاسلاميين والتنظيمات الكوميونالية (الدينية الطائفية) اكثر النتظيمات غير تحمسا للديمقراطية ولكن يمكن ان تتخذها وسيلة للتسلق للسلطة، فالاستعجال للانتخابات كان دائما تحت غطاء حماية مكتسبات الثورة وازالة فلول النظام السابق. لايمكن ان تكون هذه الاحداث في منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط مصادفة وبدون ترتيب ودراسة، فمن مصر الي تونس وتشكيل الاسلاميين قوة كبيرة في ليبيا واليمن واطالتها لعمر النظام في الخرطوم لتكون منصة للاسلاميين ليتوجهوا الي ارتريا والصومال وتشاد وايضا اثيوبيا ذلكم البركان الصامت، وقيام تنظيم القاعدة في مالي باعلان دولة بنفس التوجهات والتنازعات في سورية حاليا، كل هذه التفاعلات عندما تكتمل الصورة تكون هنالك معركة شرسة مصحوب بعنف ايديولوجي خطير ضد التنظيمات اللبرالية في المنطقة وتهديد مباشر لمصالح ودور الغرب والامرييكين المحوري الذي ظلوا يلعبوه للحفاظ علي التوازنات في المنطقة، فقطر تستغل دورها للتربع على القيادة ويتجاهلها الغرب بحجة المصالح وتخفيف حدة العداء علي نفسها واسباب اخرى والكل مستخدم من قبل الاسلاميين فهم صامتون الان للوصول والتمكن في عروش الدول لينقلبوا علي الجميع في معركتهم المقدسة.