ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان المصريون …بين تركيا وأمريكا..وطالبان!
نشر في حريات يوم 04 - 10 - 2012


الفاضل عباس محمد علي
سعي النظام المصري الجديد، برئاسة الدكتور محمد مرسي، لإقامة رباعية تتصدى للأزمة السورية…من كل من مصر وتركيا والسعودية وإيران،… وحيث أنها لا تختلف عن خلطة السمك / لبن / تمرهندي، وعن تطابق الخصم والحكم، فقد خرجت منها السعودية بعد أن اعترفت إيران بوجود قوات من الحرس الثوري الإيراني داخل سوريا منذ وقت مبكر…والغةً فى دماء الشعب السوري…ولكن دعنا نفترض حسن النية فى الإخوان المصريين..أي أنهم يسعون للتحالف مع القوى الخيّرة بالمنطقة..لأهداف خيّرة…طالما هم فى الجانب الصحيح من المأساة السورية.
كما سعي الإخوان المسلمون المصريون سعياً حثيثاً…أو هكذا بدا لنا… للخروج من عباءة الأصولية الشرق أوسطية المعادية للآخر والرافضة لحقوق الإنسان باعتبارها بدعة وفتنة…وللديمقراطية الليبرالية باعتبارها نبتاً غربياً لا يصلح للبيئة العربية الإسلامية…ومن علامات هذا السعي إعطاء إسم (الحرية والعدالة) لتنظيمهم…تأسياً ب”العدالة والتنمية” التركي…بالإضافة لتبنّيهم لشعارات ليبرالية معتدلة… (رغم أنها فضفاضة وحمالة أوجه ويشوبها الغموض)…أثناء الحملات الإنتخابية اللاحقة للإنتفاضة المصرية العام المنصرم…وآخر مظهر من مظاهر هذا التماهي مع التجربة الأردوقانية التركية هو حضور الرئيس مرسي لمؤتمر حزب العدالة والتنمية بالأسبوع الماضي..وإلقاء خطاب طويل تحدث فيه عن القواسم والقضايا المشتركة.
ومن ناحية أخرى، كان الرئيس المصري كذلك بالولايات المتحدة فى الأيام القليلة الفائتة لمخاطبة الجمعية العمومية للأمم المتحدة…وللتواصل مع الحكومة الأمريكية…(على طريقة حجة وتجرة)…بغرض طمأنة إدارة أوباما فيما يختص بإتفاقية السلام (سارية المفعول) مع إسرائيل…. وبغرض التأكد من استمرار الاستحقاقات المرتبطة بها، وبالتحديد الإعانة السنوية لمصر التى تبلغ بليوني دولار، والتى يشكل القمح الأمريكي عمودها الفقري..وكانت إحدى المكافآت على تلك الزيارة هي إعفاء جزءٍ مقدرٍ من الأرباح على القروض الأمريكية المتراكمة علي مصر.
وهكذا، فإن تنظيم الإخوان المسلمين المصريين الذى وجد نفسه فى سدة الحكم على إثر إنتفاضة يناير 2011 الشعبية…وجد نفسه مكبّاً على طريق شائكة من التوازنات الدقيقة..بين أشواق الشعب المصري المنتفض من أجل حرية الرأي والتنمية والتحول الإجتماعي وفرص العمل للشباب والإنطلاق نحو آفاق الدولة العصرية الناجحة (مثل تركيا)… وتثوير التجارة والزراعة والصناعة والسياحة…ورفع معدلات النمو الإقتصادي بمثلما فعلت الهند والصين والبرازيل وتركيا………….وبين الإلتزام بالآيدولوجية الإخوانية المرتكزة على أفكار سيد قطب وأبو الأعلى المودودي وحسن البنا…التى تهتم بالتمكين وتثبيت أركان النظام الإسلامي وتحويله إلى خلافة لا فكاك منها بعد ذلك، لأنها تجسيد لإرادة المولي عز وجل على الأرض…ولأن حاكمها هو أمير المؤمنين الذى يحكم بإسم الحق لا إله إلا هو… ومن يخرج عليه فهو زنديق يقاتل ويقتل…وباختصار، تلك التى تهتم بالتشريع وليس التعمير….رضوخاً لإملاءات تنظيم الإخوان المسلمين العالمي.
ولقد سارت الأمور فى مصر حتى كتابة هذه السطور فى خط الإعتدال والتأسّي بالتجربة التركية التى مزجت بين العلمانية ذات الجذور الضاربة منذ تأسيس الدولة الحديثة علي يد كمال أتاتورك بعد الحرب الكونية الأولي….. وبين المحافظة على الموروث الثقافي الإسلامي لدرجة السماح لحزب إسلامي (العدالة والتنمية) بتسنّم السلطة…طالما أتت به صناديق الإقتراع…وطالما هو ملتزم باللعبة الديمقراطية……..ولم يخرج الإخوان المصريون ذيلهم ولم يكشروا عن أنيابهم بعد…رغم أنهم أبدوا ضيقاً بالرأي الآخر فى تكوين لجنة الدستور…وفى محاولتهم لإعادة هيكلة الصحف وأجهزة الإعلام………(كما فعل إخوانهم التوانسة الذين سيواجهون إضراباً للصحفيين يوم 17 الجاري)…..وعموماً، فإن مساحات المناورة أو الارتداد على الأعقاب ليست متوفرة تماماً فى تركيا…فالجيش التركي الذى أسسه أتاتورك عام 1925 ما زال ملتزماً مائه بالمائة بعلمانية الدولة…وهو الحارس اليقظ للدستور… ولن يسمح بإدخال نصوص جديدة يتوق لها الإخوان المسلمون كثيراً…تتحول بموجبها الدولة إلى كيان ثيوقراطي آحادي…ويتحول من جرائه كل من ينتمى إلى أقليات غير مسلمة…إلى أهل ذمة أو آبق أو مرتد…أي: إلى مواطن من الدرجة الثانية………..وكذا الحال فى مصر، إلى حد ما، فالجيش حارس لمبادئ ثورة يناير 2011 لأنه شارك فيها بامتناعه عن ضرب الجماهير… وبإجباره حسنى مبارك علي التنحي….ومعظم ضباط الجيش تلقوا تدريباتهم ودراساتهم العليا بالولايات المتحدة والدول الغربية…و لا بد أنها زودتهم بأفكار فلاسفة الديمقراطية الليبرالية الذين مهدوا للثورة الفرنسية…والتى بني عليها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة دستور بلادهم عام 1789….ونفس الشيء ينطبق على الكوادر الإخوانية القيادية التى تلقت دراساتها العليا بالغرب، والرئيس مرسي تحديداً حصل على الدكتوراة من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1982.. وفضل أن يبقى هناك لبضع سنوات أستاذاً بالجامعة.
وبالإضافة للجيش، فإن الحركة السياسية المصرية، رغم الإنهاك والموات الذى عانته أيام حسنى مبارك،….ما زالت تستطيع أن تلم الشعث وتتحرك باتجاه حماية مكتسبات الشعب المندرجة من انتفاضة العام المنصرم…وتدل كثير من الشواهد على ثمة يقظة فى هذا الإتجاه…فقد حملت أخبار الأسبوع الماضي نية أحزاب المعارضة الوطنية والليبرالية والقومية والناصرية…والشخصيات الليبرالية البارزة كالبرادعي وعمرو موسى …فى توحيد أمرها وجمع صفوفها بحيث تحمى بلادها من تغوّل الإتجاهات الأصولية التى تحاول أن تضع دستوراً مفصلاً عليها فقط…لا يسمح بالتداول السلمي السلس للسلطة…و لا يسمح بالقدر الكافي من حقوق الإنسان …مثل حرية التعبير والتنظيم…إلخ.
وبقدرما تنجح الأحزاب المعارضة المصرية فى كبح جماح الإخوان المسلمين…وفى فرض الدولة العلمانية عليهم…بقدرما سيستمر الربيع العربي بشمسه المشرقة وهوائه العليل، ولا يتحول إلى شتاء طويل ذى برد قارس كالذى يصطلي به أهل السودان وهم يرزحون تحت حكم الإخوان المسلمين منذ عام 1989….فلربما جاء الإخوان المصريون كنسخة أخرى محسنة…بفضل سنين القهر التى عاشوها أيام حسني مبارك..وبفضل احتكاكهم بالمجتمع الأكاديمي الغربي….أو لعلهم محكومون بتوازن القوى الإقليمي والدولي…الذى يجعلهم منجذبين نحو مركز القوى الإقليمي الذى تحاول أن تتزعمه تركيا…ومنصاعين لمركز القوى الدولي الذى تقوده الولايات المتحدة بلا منازع.
ومهما يكن من أمر، ورغم دواعي التفاؤل، فإن بعض المحاذير لا مفر منها:
حتى هذه اللحظة، لم يفصح الإخوان المصريون عن نوعية الدولة التى يتوقون لبنائها فى مصر، من حيث الفصل بين الدين والدولة وحقوق الأقليات، وبالتحديد وضع الأقباط ..ووضع المرأة… والفلسفة الهادية للتنمية الإقتصادية…والحريات الديمقراطية..إلخ…….إن الإخوان دائماً يهتفون: (الإسلام هو الحل!)….ولكنهم لا يخوضون فى تفاصيل ذلك الحل (ولا يرمون بآخر كروتهم علي الطاولة).
هنالك ميل زائد عن اللزوم للتعاون مع إيران رغم الدور العجيب الذى تقوم به فى سوريا، وذلك ما يتناقض مع موقف النظام المصري المنحاز للشعب السوري وليس لنظام الأسد….ولقد رحبت إيران باعتلاء الإخوان للسلطة فى مصر، مثلما فعلت مع نظام الإنقاذ عندما سطا على الحكم بالسودان فى 30 يونيو 1989، وكل مراقب للشأن السوداني يذكر تماماً أن ذلك الترحيب أعقبه تعاون مكثف… بدءاً بزيارة الرئيس رفسنجاني الذى جاءت معه وفود من الفنيين ورجال الأعمال والكوادر الأمنية على متن سبع طائرات ركاب ضخمة، وانتهاءاً ببناء الصناعات العسكرية والكيميائية وبدعم الجيش فى حربه الجهادية بالجنوب… بالطائرات والطيارين والأسلحة العنقودية الفتاكة..وبغاز الخردل…مما عمق الجراحات الجنوبية..وأدى فى نهاية الأمر لفصل ذلك الجزء العزيز من الوطن….وللأسف، لم يكن ذلك التعاون فى مجال تطوير الزراعة أو الصناعة أو ما ينفع الناس.
لم يوضح الإخوان المصريون رأيهم فى التجربة الإخوانية السودانية…ولم يفتح الله عليهم حتى بمثل الآراء التى عبر عنها الأستاذ فهمي هويدى مؤخراً فى برنامج بقناة الجزيرة، رداً على ضيف البرنامج الشيخ حسن الترابي: (قال هويدي إن له ثلاثة مآخذ على التجربة السودانية: (1). كونها جاءت للسلطة من أعلا، أي بإنقلاب عسكري، ولم تنبع من إرادة الجماهير الحرة. (2). كونها ركّزت على تطبيق الحدود التى كان ضحيتها الأقلية المسحوقة من المهمشين، أما اللصوص والفاسدون فهم فى نعيم. (3). وكونها تسببت فى فصل الجنوب). أما الحكومة المصرية الجديدة فقد غرقت لشوشتها منذ أول يوم فى الاتفاقات الثنائية مع حكومة السودان…رغم أنها لن تكون غير مجرد حبر على ورق…فحكومة الإنقاذ بارعة جداً فى إلجام الآخرين بالإتفاقيات والمواثيق…أما التطبيق فذلك شيئ آخر..ولكل حدث حديث….وفى هذه الأثناء، سكت النظام المصري عن الحديث المباح، ولم يعلق على تعذيب المعتقلين السياسيين بطريقة نظام حسنى مبارك التى مارسها النظام السوداني ضد خصومه على مدى عقدين من الزمان، أو علي تقتيل المسلمين الدارفوريين والنوبة وإغتصاب نسائهم وتهجيرهم من قراهم وحرق بيوتهم، أو على جريمة فصل الجنوب….والسير نحو فصل جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفور…كما هو ماثل للعيان الآن.
ولم يعلق الإخوان المصريون على ما يفعله أصدقاؤهم جماعة القاعدة فى الصحراء الكبرى، منذ أن سطوا على السلطة بإنقلاب عسكري وسيطروا على تمبكتو بشمال مالي، وأعملوا هدماً فى أضرحة فقهاء المسلمين وتنفيذاً لحدود الجلد وقطع الأطراف بحق سكان تلك المنطقة…(ألا تذكرك تلك البقاع بالحجاز فى عام الرمادة التى عطل فيها الحدود سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟)….كما لم يأتوا بإدانة واضحة المعالم لما قامت وتقوم به القاعدة فى الولايات المتحدة (9/11) وأفغانستان وباكستان والهند والعراق والشيشان واليمن والصحراء الكبرى وبنغازي بليبيا من هجومات انتحارية ومن قتل للنفس كنوع من الجهاد.. واختطاف وحبس للرهائن المدنيين….ومن زعزعة لإستقرار الدول ومن تكتيكات نضالية ليست من الإسلام فى شيء….. (رغم أنها لاقت مباركة من الشيخ القرضاوي).
وعموماً، فإنك إذا أبصرت أذني جحش من نافذتك…. فإنك لا تحتاج لأن تخرج من الغرفة لتنظر إلي باقى الجحش ..لتتأكد من أنه جحش بالفعل. وإنك لا تحتاج لأن تنتظر حتى يشكل الإخوان لجنة الدستور لترى أي نوع من الدساتير ستخرج به….ولكنك تحتاج لأن تناضل وتستميت فى النضال حتى تكون تلك اللجنة ممثلة لجميع وجهات النظر…إذ أن تجربة الإخوان فى الحكم، كما تشهد الساحة السودانية، هي الإعتماد على الأغلبية الميكانيكية لتمرير الأجندة التى يفضلونها…وهم دائماً يشركون الآخرين فى لجانهم ومجالسهم، ولكن بالقدر الذى لا يربك حساباتهم النهائية…….ودائماً يستدرجون الآخرين للإشتراك فى مؤسساتهم وبرلماناتهم…..ولكن بعد أن يوسعوهم تقسيماً وتفتيتاًً… ويرشون زعاماتهم…ويدخلونهم فى لعبة الاستطعام من ريع الدولة وغنائمها ورشاواها وكمشناتها…ويحيلونهم إلى زومبيات تابعة ومطأطئة الرؤوس.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية راضية عن الوضع الراهن فى مصر باعتباره نتيجة لانتخابات ديمقراطية لا بأس بها، كما قالت المسز كلنتون مؤخراً، فليس ذلك ضمان لالتزام النظام المصري الجديد بشروط اللعبة الديمقراطية لآخر المشوار….وذلك أمر لا يهم الأمريكان من قريب أو بعيد، إذ أن المسألة بالنسبة لهم مسألة مصالح بالدرجة الأولى، وعلى رأس تلك المصالح يأتي بقاء إسرائيل سالمة غير منقوصة، ويأتي توازن القوى بالمنطقة الذى هو لصالح إسرائيل فى الوقت الراهن، وسيظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، كما يرى الأمريكان وأصدقاؤهم الصهاينة. ويرى المفكرون الأمريكان ومن شايعهم أن التعامل مع الأنظمة الإخوانية التى ورثت الإنتفاضات بالشرق الأوسط لن يكون مختلفاً عما كان عليه الحال أيام الأتوقراطيات السابقة، فأمريكا فى الواقع لها إرث قديم وراسخ من التعاون مع كافة أنواع الدكتاتوريات – من أيام فرانكو بإسبانيا وسلازار بالبرتغال وباتستا بكوبا وبينوشيه بشيلي ومبوتو بزائير وسوهارتو بإندونيسيا – وعندما تثور الشعوب وتضع حداً لتلك الدكتاتوريات فإن الدوائر الأمريكية ذات الصلة تبدل جلدها بسرعة البرق وتستأنف التعامل مع النظام الجديد.
لقد كتب فؤاد عجمي مقالاً مطولاً بعدد نيوزويك الأخير، ص 12-13، بعنوان (مرسي وأوباما وبداية صداقة حميمة) شجع فيه الإدارة الأمريكية على الإنفتاح نحو النظام المصري الجديد، إذ أنه رغم المخاوف المحيطة به….محكوم بحقائق أزلية:
إن الحداثة والتأثر بالفكر الليبرالي الغربي أبعد غوراً فى وجدان المصريين من ظاهرة الإخوان التى جاءت كرد فعل رجعي علي تلك الحداثة، علي يد معلم من الإسماعيلية إسمه حسن البنا، عام 1928، استفزه التأثر بالغرب وحسبه جاهلية جديدة.
مصر لن تنسي دورها كحلقة وصل بين الشرق والغرب بحكم موقعها الإستراتيجي، وبحكم ارتباطها بالغرب الذى بدأ منذ فجر التاريخ.
لقد دشنت حملة نابليون عام 1798 احتكاك مصر بأوروبا ما بعد الثورة الفرنسية، وقد جاء نابليون بالمطبعة وعلماء الآثار والزراعة الذين صنفوا سلسلة مجلدات ضخمة بعنوان (توصيف مصر) عرّفت المستثمرين الأوروبيين بمصر وإمكانياتها ومواردها، وأعقب ذلك عهد محمد على باشا المنفتح على الغرب والذى أوفد المبعوثين للسوربون ليعودوا ويساهموا فى تحديث مصر وفى إلحاقها بركب الحضارة الغربية.
إن الغرب الذى يصب الإسلاميون جام سخطهم عليه، فى الظاهر، هو الذى موّل وحفر قناة السويس، ولك أن تتصور حال مصر لو لم تكن بها هذه القناة منذ منتصف القرن التاسع عشر.
إن مصر اليوم تعتمد إعتماداً هائلاً على القمح الأمريكي، ومهما يفعل الحكام المصريون فإنهم لا يستطيعون المساس برغيف الخبز و لا يرغبون فى استثارة ثورة الجياع….
طلبت الحكومة الحالية قرضاً من صندوق النقد الدولي مقداره 4.8 مليار دولار، وهل هذه المؤسسة بعيدة عن صناع القرار بالإدارة الأمريكية؟
إذاً، فمن كان ينتظر الغرب والولايات المتحدة لينقذوه من هذا النظام المتسلط أو ذاك، فإن انتظاره سيطول. والحركة السياسية المصرية لا تحتاج لأوصياء يرشدونها كيف تحتاط ضد النزعات الدكتاتورية لدى الإخوان المسلمين، فهي فى سجال مع الإتجاهات الدينية الرجعية منذ بداية القرن العشرين. بيد أن الأمور كانت أفضل بكثير فى ذلك الزمن السحيق، والأجواء كانت أكثر رحابة وديمقراطية…..إذ أصدر الشيخ علي عبد الرازق مثلاً كتاباً عام 1925 فنّد فيه الدولة الدينية وقال فيها ما لم يقله مالك فى الخمر…ولم يحدث له أي شيء سوى فصله من وظيفته بالقضاء الشرعي….ومن المفارقات التى تدل على الأثر السلبي للإخوان المسلمين والإسلام السياسي فى مصر…أن فرج فودة الذى ظهر بعد ستين عاماً من الشيخ عبد الرازق، وكتب شيئاً بسيطاً بالقياس مع ما سطره بنان ذلك الشيخ….تم اغتياله بواسطة جماعات الهوس الديني المتفرعة من تنظيم الإخوان المسلمين….كما تمت محاولة إغتيال نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب …وتم تكفير نصر حامد أبوزيد…إلخ…وهنالك العديد من النماذج التى تشير لضيق الإخوان بالآخر عندما كانوا خارج السلطة…فكيف بهم وقد دانت لهم الأمور وأصبحت لهم الأغلبية فى البرلمان…وجاء رئيس الجمهورية من صفوفهم؟
لم يوضح الإخوان المسلمون المصريون كيف أن تجربتهم فى الحكم ستكون مختلفة عن نظام طالبان الذى حكم أفغانستان بالعقد المنصرم..و لا عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية…ولم يجتهدوا مثلما فعل الأستاذ محمود محمد طه مؤسس ورئيس الحزب الجمهوري االسوداني (الذى قتله الرئيس نميري شنقاً عام 1985 بتحريض من الإخوان المسلمين السودانيين ومباركة من قبل التنظيم العالمي للإخوان)….وكان إجتهاد محمود…. كم جاء فى (الرسالة الثانية للإسلام) ومئات الكتيبات والإصدارات منذ عام 1945….يركز علي ضرورة استنباط قوانين شرعية جديدة تناسب العصر الحديث وتعقيداته، وتلبي طموحات الإنسان الجديد الذى يتوق للحرية والمساواة والعيش الكريم….وتلك قيم موجودة فى أصل الدين الإسلامي… ظلت تنتظر الوقت المناسب لكي يجلوها المثقفون الإسلاميون الثوريون. والمعروف عن الإخوان المسلمين ، منذ عهد البنا وسيد قطب، أنهم ضد البحث والإجتهاد…وأنهم يريدون تطبيق الحدود أولاً…ثم تأتي بعد ذلك استحقاقات التنمية الإقتصادية وتحقيق الرفاهية الهلامية التى لا يفصلون كنهها و لا كيفية بلوغها.
والحالة هذه، فإن الإخوان المسلمين مطالبون بتوضيح هويتهم بجلاء شديد…قبل أن تتورط معهم الشعوب العربية أكثر من ذلك.
أ لا هل بلغت…اللهم فاشهد!
والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.